۳۴۹مشاهدات
تستضيف بغداد غدا السبت الدول المجاورة للعراق في قمة يشارك فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادما من وراء البحار، بينما تستعد القوات الأمريكية للانسحاب قبل حلول نهاية العام الحالي.
رمز الخبر: ۵۶۲۶۸
تأريخ النشر: 27 August 2021

موقع تابناك الإخباري_وسيعبر موكب الرئيس الفرنسي ومواكب قادة الدول أو من يمثلهم الى القمة، طريق يحمل اسم الشهيد أبو مهدي المهندس، الذي اغتالته طائرات أمريكية في بداية العام 2020 مع قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، وشكلت عملية الاغتيال التي تمت في ظلام الليل بداية العد التنازلي لخروج لا لبس فيه للولايات المتحدة الأمريكية من العراق والمنطقة.

ولا تزال أثار عملية الاغتيال على طريق مطار بغداد الدولي في مكانها تعبر عن إرادة المقاومة في كسر المشروع الاميركي. وجه الاسفلت مهشم بندوب تشكلت جراء ارتطام الصواريخ الذكية، حُفر صغيرة مبعثرة على الجدار الذي ضم أيضا صور شهداء عملية الاغتيال، وفي الناحية الواقعة منتصف الطريق السريع تم رفع بقايا هياكل السيارات المستهدفة على منصة مرتفعة كمجسم حقيقي لتخليد ذكرى رجلين انجزا في سنتين ما قالت واشنطن أنه يحتاج لثلاثين عاما: هزيمة تنظيم داعش وإنقاذ العراق وسوريا ولبنان من خريطة الشرق الأوسط الجديد.

ربما سيسأل كبار الضيوف عن مكان عملية اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وربما بعضهم لن يسأل، لكنهم يدركون أن الولايات المتحدة ستسلك الطريق الذي بات يحمل اسم أبو مهدي المهندس وهي تغادر العراق مهرولة حتى لا يدركها الوقت، وتكرر أفغنة انسحابها الذليل مرتين في عام واحد. وسيدركون أن حضورهم الى بغداد لن يكون بديلا عن التراجع الأمريكي.

بعض الذين يأتون غدا الى بغداد سيشاركون بصفتهم وكلاء عن الأمريكي وبعضهم عدو للولايات المتحدة. إنها قمة ستجمع الأعداء تحت سقف واحد، بينما سيحاول مصطفى الكاظمي صاحب الدعوة الوقوف على مسافة واحدة من الجميع. هل هذا هو دور العراق في المرحلة الحرجة من التاريخ الجديد؟

لكل دولة سياساتها. سيحاول الرئيس الفرنسي باجتماعه مع قادة دول العراق في بغداد حجز مكان له في المنطقة محل الولايات المتحدة. إنها النزعة الفرنسية للعودة إلى الاستعمار القديم بأساليب عصرية ومبتكرة مثل اظهار الدعم للمسيحيين في الشرق، ودعم الأقليات مثل الأكراد الذين يستحوذون على 60٪‏ من النفط، واحتضان الأيزيديين لمحو سنوات الاستعباد للأفارقة.

هي نفسها النزعة الطورانية لدى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في عثمنة العالم الجديد، والسيطرة على البلاد التركية والعربية، وهي ما تطمح إليه السعودية في شراء ذمم القادة والشعوب للاستحواذ على الولاءات والعقارات والاستثمارات بوهابية مقنعة تستخدم ادوات الاستعمار في قهر روافضها.

سيأتي الى بغداد غدا دول صغيرة مثل قطر يسبقها طموحها في اللعب مع الكبار، ومثلها الامارات التي تعتقد أن حدودها تصل إلى حيث تستثمر في النفط والغاز وتجارة السلاح وبرامج التجسس والحروب الأهلية، وحدها الكويت لا تريد سوى أن تبقى دولة صغيرة آمنة في حدودها تصرف مخزونها النفطي على نفسها، وإن كانت تعتقد في قرارة نفسها أن مساهماتها المالية المستترة في تغطية الحروب القديمة والجديدة لن تمنحها الامان إلى الأبد.

إنها قمة التناقضات في بغداد. إنها محاولة لإنتاج نظام إقليمي جديد لم تكتمل ملامحه بعد. المنطقة تتغير بسرعة. لم تصل إلى مرحلة إعادة التشكل، فلا يزال الأميركي رغم تراجعه يحاول أن يفرض إرادته على العراق ودول جوار العراق.

وإن كانت سوريا غابت باعتذار عراقي مسبق، فإن الرئيس السوري بشار الأسد سيكون هو الحاضر الغائب في القمة لأن الحضور بما يمثلون يدركون أن من المستحيل تشكيل المنطقة بدون سوريا.

وحدها إيران تأتي الى بغداد مستقلة تماما عن التأثير الأمريكي. هي ترى أن مصلحة دول المنطقة في أن تتعاون فيما بينها من أجل حماية سيادتها. تختلف طهران مع بغداد وأنقرة والرياض وقطر وأبو ظبي على عناوين كثيرة وبعض هذه العناوين استدعت من إيران استخدام وسائلها الدفاعية، لكنها وبالرغم من ذلك تؤمن بالتعاون وترفض مشاريع الهيمنة.

المستفيد الوحيد من قمة بغداد المتخمة بالخصوم والتناقضات، هو رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الذي أثبت أنه من هواة جمع الأضداد على الساحة العراقية المحلية ومع دول جوار بغداد. ستخرج القمة ببيان فقط ولن تصل إلى مستوى تشكيل مجموعة أقليمية بسبب غياب سوريا. وربما نتائج القمة تعزز الحاصل الانتخابي للكاظمي في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.


         

رایکم
آخرالاخبار