۴۸۶مشاهدات
رمز الخبر: ۴۹۱۵۶
تأريخ النشر: 06 March 2021

في خطوة حملت الكثير من الدلالات ، توصلت ايران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى برنامج عمل فرق التفتيش العاملة في المنشئآت النووية الايرانية بعدما اعلنت طهران عزمها إيقاف التعامل مع البروتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي ، إبتداء من يوم 23 فبراير ، استناداً لقرار صادر من مجلس الشورى الايراني البرلمان ، احتجاجا على تلكؤ الجانب الغربي في تفعيل بنود الاتفاق النووي .

قرار البرلمان الذي دعا الى رفع نسبة تخصيب اليورانيوم الى 20 بالمئة ، أجبر الحكومة ايضاً على إيقاف التعامل مع البروتوكول الملحق الذي يُتيح لفرق التفتيش حرية أكبر داخل المنشئآت النووية ، وهو في أحد أوجهه انهيار الاتفاق النووي ، على الرغم من حرص الجانب الايراني القول بأنه سيعود عن هذه الخطوات التصعيدية حالما تُلغى العقوبات المفروضة على ايران .

ما تم إنجازه بين ايران والوكالة الدولية خطوة في غاية الأهمية ، وهي تعكس اولاً : حنكة الجانب الايراني في التعاطي مع القضايا الحساسة في الاوقات الصعبة ؛ وثانياً : الشعور بالمسؤولية حيال المجتمع الدولي لأن انهيار الاتفاق النووي المُسجّى حالياً في غرفة الإنعاش المركزة ، يعني انعكاسه سلبياً على الأمن والإستقرار في المنطقة ، وهذا ما لا يصب لا في المصلحة الايرانية ولا في مصلحة الاقليم ، كما انه لا يصب بمصلحة الدول الغربية وتحديداً الولايات المتحدة .

الاتفاق النووي نجح في الاستناد على قاعدة رابح – رابح ليحدّ من الطموحات الايرانية النووية التي تخشها الدول الغربية ؛ في الوقت الذي اعطى الجانب الايراني الحق في امتلاك الدورة الكاملة للتقنية النووية للاستخدامات السلمية . بعد سقوط الرئيس الامريكي دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الاخيرة ودخول الرئيس جو بايدن البيت الابيض ظهرت مؤشرات برغبة الادارة الجديدة العودة لمجموعة 5+1 لكن الجانب الايراني طالب بإلغاء العقوبات الذي فرضها الرئيس ترامب قبل العودة لهذه المجموعة . المشهد كان أمام عقدة من يبدأ أولاً ؟ .. الطرف الامريكي الذي يجب أن يُلغي العقوبات ام الايراني الذي يجب عليه العودة الى ما قبل التصعيد في برنامجه النووي .

يبدو ان الاتحاد الاوروبي تحمّل مسؤولية تقريب وجهات النظر واقترح عقد اجتماع « غير رسمي » للمجموعة الغربية يشارك فيه الجانب الامريكي ، على أن تتم دعوة الجانب الايراني باعتباره « ضيفاً » لمناقشة آلية إحياء الاتفاق النووي .

الجانب الامريكي وافق على هذه الدعوة ، لكن الجانب الايراني ، الذي استلم الدعوة ، قال إنه يدرسها بالتشاور مع أصدقائه في الصين و روسيا .
ايران رفضت مبدئياً الاجتماع مع الجانب الامريكي قبل إلغاء العقوبات ، لأن المرشد الايراني الاعلى قال ذات مرة إن أي اجتماع مع الامريكي قبل إلغاء العقوبات ربما يضرّ بالمصالح الايرانية ولا يخدم حلحلة التطورات في إحياء الاتفاق النووي . ولذلك فإن الايرانيين يدرسون الدعوة ، خصوصاً وأنهم الآن يحملون « ورقة قوة » اضافية ، وهي الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة الايرانية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن فرق التفتيش بعد إيقاف التعامل بالبروتوكول الملحق .

يبدو لي أن الحكومة الايرانية نجحت في إرسال مؤشرات ايجابية طالبت بها الحكومة الامريكية من خلال الاتفاق مع الوكالة الدولية . الآن ؛ المطلوب من الادارة الامريكية هو السير على السجادة التي فرشتها طهران .

يجب ان لا نتصور نقلة نوعية في الموقف الامريكي المرتبط بالعديد من الاستحقاقات ، لكن الاتفاق الايراني مع الوكالة استطاع ان يتجاوز « عقدة المنشار » ؛ وهي فرصة وضعتها طهران على طاولة الدول الغربية .

الجانب الامريكي ومعه الاوروبي يحاولان الضغط على طهران من اجل حلحلة موقفها بشأن نفوذها في المنطقة ومناقشة منظومتها الصاروخية . هذه القضية حوّلت الملف الى « زخم دبلوماسي » عابر للقارات . من واشنطن الى اوروبا ومنها لمنطقة الشرق الاوسط وانتهاءً بالصين و موسكو .

المفترض أن نشهد إنفراجات خلال الاسابيع القادمة ، بعدما تتوضح الصورة للموقف الامريكي الذي لايزال ضبابياً بشأن العقوبات لأن المعلومات المتوفرة تتحدث عن عدم الانتهاء من بلورة صورة واضحة للتصور الذي تريده الادارة الامريكية بشأن آلية التعاطي مع الملف الايراني ، بعدما كلف الرئيس بايدن مندوب وزارة الخارجية الامريكية في الشان الايراني روبرت مالي ، تشكيل لجنة تضع تصور لآلية إحياء الاتفاق النووي و التعاطي مع الملف الايراني .

البعض يعتقد أن عقدة مناقشة « التدخل الايراني في المنطقة » و « المنظومة الصاروخية » تحول دون إحياء الاتفاق النووي .. لكنني أعتقد بأن الإصرار على مناقشة هذين الملفين قبل إلغاء العقوبات قد يُحبط كافة الجهود خصوصاً في ظل قوى متشددة داخل ايران تشك بمصداقية الدول الغربية ، حيث زاد هذه الشكوك انسحاب الجانب الامريكي من الاتفاق النووي .

إن أي تلكؤ في « تقدير الموقف » لدى الدول الغربية ربما يؤجل مناقشة هذا الملف الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الايرانية ، أي الى ما بعد يونيو حزيران القادم ، وربما الى أبعد من ذلك ، وهو ما لا يخدم مصالح جميع الاطراف المعنية بهذا الملف .

رایکم
آخرالاخبار