۹۹۶مشاهدات
رمز الخبر: ۴۸۷۸۶
تأريخ النشر: 25 January 2021

الدم المختلط يوحّد الجغرافيا حتما: الشهيدان قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس مثّلا ثورة على الماضي الذي فرض وضعا استثنائيا خاطئا بين العراق وايران زمن صدام وجعل منهما بلدين متنافرين متحاربين، وإذ بالشهيدين وبعد بضع عقود من العداوة والبغضاء يمازج دمهما بعضا ببعض ليصنعا واقعا جديدا يرتبط فيه المصير بالمصرير استدعاء واستئثارا بالماضي التليد الذي مازج شهادة الأيمة العظماء بداية من الإمام الحسين ومرورا بأبي الفضل العباس ووصولا لمحطة استشهاد ال"قاسم الايراني" و "المهندس العراقي" ليتواصل المسير والنفير مظطردا مع كوكبة الشهداء الأحياء الذين دأبوا على انتهاج طريق ذات الشوكة، وذلك إلتحاما بجغرافيا أرض كربلاء الطاهرة والمطهّرة بالدماء الزكية التي أُهرقت ظلما وعسفا على مر تاريخ التحريف والتزييف والاستبداد.

2- الدم المختلط يهزم الإستكبار حقا: إن الحقيقة التي لا مناص من إدراكها هي أن القادة العظام أمثال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس سيهزم دمهما سواء كانوا أحياء أم أمواتا الإستكبار الأمريكي الشيطاني الغاشم فحينما كانا أحياء مرّغا أنوف الأمريكان في التراب حينما كانا يطوفان الربوع شمالا وجنوبا دفاعا عن الأرواح المكلومة من جراء ظلم المستكبرين ودفاعا عن كرامة شعوب المنطقة بشكل عام . وقد ساهما في ايلام الولايات المتحدة الأمريكية وأرسلا إليها صناديق جثث جنودها المحتلين وذلك على إثر معارك كان يخوضانها كقادة مسيّرين أو كجنود مرابطين.

وحتى لما انتقلا إلى الرفيق الأعلى استمرت لعناتهم تطارد الإستكبار الأمريكي واستمرت نعوش جنودها تترى بالعودة لبلادها في صناديق مرثية محمّلة ومعبئة بالمآتم و الأحزان ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما) وسبق أن رددها الإمام الخميني حين كان يقول " اقتلونا فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر".

3- الدم المختلط يهزم التوحش والإرهاب : الشهيدان حاربا الإرهاب وهزما فكر الدوعشة فعليا وعمليا فأردياه قتيلا يتخبط في عجز تأصيله "التيمي" "الوهاب" "السلفي" المحرّف وعجزه اللوجستي المدعوم خليجيا وصهيونيا وأمريكا. وبهكذا شهادة واستشهاد للقادة العظام استطاع العراقيون والايرانيون والمقاومون استئصال شأفة الإرهاب الداعشي الذي كاد أن يمزق المنطقة كلها ويرمي بها في أتون الفتن والاقتتال البيني والطائفي اللعين،وبذلك تخلصت الأمة من الفكر الداعشي المتأصل تاريخيا في تراثها المحرّف والمنقول ليرتطم بفكر وثقافة وسلوك استشهادي أصيل يسير على منهاج حسيني رافض للزيف والكفر والنفاق والتحريف وليصطدم من جديد بثقافة قوامها التضحية بالغالي والدم والنفس والنفيس قربانا من أجل تقويم تعرّجات الطريق ونبراسا لاستواء منهج الحنيفية السمحاء.

4- الدم المختلط هو الرابط المتين والعروة الوثقى بين المقدّس وفلسطين: تشرّب الشهيد قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ثقافة قوامها وأساسها"عالميةالمشروع" ومشروعية النضال من أجله وارتباط جغرافيا المشروع بمشروع جغرافيا الأرض المقدسة(بيت المقدس وأكناف بيت المقدس) واختلط دمهما بعصارة تَعَبِهِمَا ونَصَبِهِمَا الممتدّ بين فلسطين وغزة ولبنان واليمن وايران والعراق وسوريا والسماء.

ولأنهما ارتبطا بقضية المسلمين العادلة (تحريرالقدس) فقد عَبَرَا القارات والقرارات والسماوات تثبيتا للإرادات وتحقيقا لوعد الله الصادق ولذلك بقيت دماؤهما مبثوثة في كل تلك الربوع ولم تُقيّدها تربة أو تراب بل انتشرت في السماء خناجر في صدور الظالمين كما انسابت نفوسا زكية تجتاح أنفاس الصادقين المقاومين المتطلعين للحرية والتحرير ، إيذانا بانبلاج الصبح القريب.(إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ).

5-الدم المختلط هو قوام توحيد عُرَى المقاومة والوحدة وعمود القوة فيها: القائد قاسم سليماني ساهم في بناء وتأسيس فصائل المقاومة منذ زهاء ثلاثين عاما سواء في فلسطين أو لبنان وأتم مهمته على أحسن وجه في سوريا والعراق واليمن وأنشأ بذلك محورا للمقاومة لا يمكن بأي حال من الأحوال هزيمته فقد بنى الشهيد هذا المحور أفقيا بقدوته وأخلاقه وقيمه الحسينية الأصيلة وجذّره عموديا كعقيدة وكمنهاج وكطريق سير يقود للانتصار وكأسلوب تغيير لا مناص منه وعنه.

وقد أكمل الشهيد إعداد هذا المحور لوجستيا وتكنولوجيا برباط خيل وبشكيمة قوية مُرْدَفَةٍ بعتاد وأجناد قادمة من جمهورية الصدق والوفاء. وبهكذا قادة عظام بَنَى القاسم وأبو مهدي المهندس سدًّا منيعا وساوى بين الصدفين وأفرغ عليه قطرا وأعدّ لهم من زبر الحديد عتادا وسلاحا وأفشل بذلك المشروع التوسعي للصهيونية العالمية وأفشل كل مخططاتها الاستفسادية في الأرض( قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض).

وقد كان الشهيدان بهكذا أسلوب مقتدين بطريق ومنهاج ذي القرنين فبَنَيَا سدّا لفك الاشتباك وعطّلا زحف الفاسدين وهيّئَا حلفا صلبا للمقاومين فكانا من القادة المصطفين الذين اصطفتهم الجمهورية الإسلامية ليقودا حلفها واصطفاهم الله ليكونا ببذلهم ودمائهم الزكية نبراسا لمواصلة المسيرة وعنوانا لقهر المعتدين.

6- الدم المختلط ناصر قيم الحرية والتحرر والانعتاق والمفاصلة: قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس مَثَّلاَ وجَسَّدَا مقولة سيد الشهداء "مثلي لا يبايع مثلك" وهي قيمة حسينية ثابتة من قيم التمايز بين الصفوف والتغاير في المنهاج والتباين في العقيدة،فقيم الحرية لا يدركها إلا أحرار الأمة وعليها يُقيمون حياتهم ويبنون منهاجهم ويسلكون طريقهم ويؤسسون لمشروعهم التحرّري الأصيل الذي يهدف لوقف مشروع البغي المسلط والاستعمار المتغلغل في صفوف الأمم ذات القابلية المضافة للإستعمار والاستحمار.

والشهيدان قادا مسيرة تزكية نفوس الافراد من أجل تحريرها من نوازع الجبن والخوف والركون واللامبالات والانجذاب لقوى الأرض والجسد من أجل ربطها بقوة الروح والسماء،وقادا في المقابل مشروع التحرير الشامل إزاء مشروع الارتهان الرسمي العربي واستطاعا قلب موازين القوة والارتكاز لصالح تحرير جغرافيا الأرض، وقذفا في النفوس والجماعات مَعْنَى وقيمة حقيقية لمفهوم الصبر والتضحية والاصطبار ومن خلالها أرسلا رسائل واثقة مؤكدة لهم بالنصر و الانتصار.

وهكذا احتل دم الشهيدين في نفوس الناس ومشيئاتهم مساحة كبرى وقيمة مضافة في مجالات التحرر من ربقة الارتباط بالأرض والجسد و الطغاة فكان الحشد وكان الحزب وكان الفيلق وكانت المقاومة وكان الانتصار وكانت المفاصلة والتمايز والتمييز بين قوى الرجعية العربية العميلة للقوى الصهيونية و الإستكبار العالمي المذل من جهة وبين القوى المقاومة والممانعة ومحورها الصامد والمدافع عن الأرض والعرض والحق إزاء كافة صنوف التطبيع والتطويع والعمالة والخيانة والردّة والانتكاس من جهة ثانية.

عضو مجلس نواب الشعب التونسي *

رایکم
آخرالاخبار