۸۴۹مشاهدات
رمز الخبر: ۴۷۵۹۰
تأريخ النشر: 24 October 2020

الطرف السوداني الذي وقع على قرار التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، الى جانب الرئيس الامريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو رئيس المجلس السيادي السوداني "الانتقالي" عبدالفتاح البرهان، ورئيس الحكومة السودانية "الانتقالية" عبدالله حمدوك، اي ان الرجلين لا يملكان تفويضا للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، نظرا لتناقض ذلك مع المهمة المنوطة لهما للاخذ بيد السودان للعبور من المرحلة الانتقالية التي حددتها الوثيقة الدستورية لحكم الفترة الانتقالية بعد عزل الرئيس السوداني عمر البشير.

رئيس الوزراء السوداني المؤقت حمدوك، كان قد رفض في اكثر من مرة الربط بين رفع اسم السودان من قائمة الارهاب الامريكية وبين التطبيع مع الكيان الاسرئيلي، فالامر ليس من صلاحياته ، ولكن يبدو ان الرجل رضخ لضغط شركائه العسكر في المجلس السيادي الانتقالي وعلى راسهم البرهان ورفيق دربه محمد حمدان دقلو، اللذان يعتبران من رجال الامارات، وبتعبير ادق، من رجال محمد بن زايد، في السودان.

البعض اعتبر تطبيع السلطة "الانتقالية" في السودان مع الكيان الاسرائيلي، بانه "خيار المضطر"، فالاوضاع الاقتصادية التي يمر بها السودان لم تعد تُحتمل، ولابد من مخرج لمنع انحداره الى ما هو اسوء. ولكن فات هذا البعض ان السودان قادر على تجاوز ازمته الاقتصادية بطرق مختلفة بعيدا عن ذل التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، فمشكلة السودان ليست في قلة موارده بل في الفاسدين الذين حكموه. كما ان تجربة مصر والاردن المرة مع التطبيع خير دليل على عقم هذا الخيار.

المجلس العسكري الانتقالي الذي اراد التربع على عرش الحكم في السودان بعد عزل البشير، وجد ان من الصعب الاستفراد بالحكم مع وجود قوى ثورية شعبية، التي باتت تُعرف بقوى اعلان الحرية والتغيير، مصممة على القطيعة مع حكم العسكر في السودان، فإضطر تحت ضغط الشارع لتقاسم السلطة الانتقالية مع القوى الثورية تحت صيغة "المجلس السيادي" للوصول الى حكم مدني ديمقراطي خلال 39 شهرا.

المعروف ان مهمة المجلس السيادي هو ان ينظم المرحلة الانتقالية في السودان، بحيث يستمر اقتسام السلطة بين العسكريين والقوى الثورية لمدة 39 شهراً، تتولى شخصية عسكرية رئاسة مجلس السيادة لمدة 21 شهراً، ثم تترأسه شخصية مدنية لمدة الأشهر الـ18 الباقية.

يبدو ان العسكر في المجلس السيادي، استشعروا حاجة الرئيس الامريكي الملحة لانجاز يسعفه في معركته الانتخابية التي دخلها دون انجاز يذكر، فقرروا ان يضربوا عصفورين بحجر واحد من خلال التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، الاول إرضاء اسيادهم في دبي والرياض، والثاني الانقضاض مستقبلا على الحكم وحذف شركاءهم من قوى اعلان الحرية والتغيير من المشهد السياسي، بدعم امريكي "اسرائيلي" سعودي اماراتي.

في المقابل، امريكا والكيان الاسرائيلي كانا على علم بما يدور في اذهان البرهان ورفاقه العسكر، لذلك أمرا ابن زايد وابن سلمان على تشجيع البرهان للقاء نتنياهو سرا في اوغندا في فبراير شباط الماضي، والتفاهم معه على مراحل اعلان التطبيع، بدءا بدفع السودان تعويضات لقتلى الامريكيين، ومرورا برفع اسم السودان من قائمة الارهاب الامريكية، وانتهاء بالاعلان الرسمي عن التطبيع.

من المؤكد ان البرهان والعسكر، الذين وقعوا في فخ ابن زايد و ابن سلمان، اخطأوا الحساب، فالشعب السوداني ليس بالشعب الذي يمكن ان يغير موقفه من القضية الفلسطينية، بقرارات فوقية يتخذها حاكم "مؤقت"، من بقايا البشير، ينفذ اجندة اماراتية سعودية لا مصلحة للسودان فيها، لذلك سيكون البرهان ورفاقه العسكر، خلال الايام القادمة على موعد مع الشارع السوداني الغاضب، الذي بدات الاصوات تتعالى منه منذ الان، تطالب بإصلاح مسار الثورة، وهو إصلاح يبدأ اولا برفض التطبيع وينتهي بتأديب المطبعين، وعندها فقط سيدرك البرهان، بعد فوات الاوان، انه اخطأ عندما استقوى بالاجنبي على شعبه.

العالم

رایکم