عندما أطلق الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي إلى الفضاء ، لم يكن مصطلح "قمر صناعي" مستخدمًا بعد في إيران ،ولكن منذ اليوم الذي ذهب فيه سبوتنيك 1 إلى المدار ، بدأ السباق بين بلدان العالم في تقنيات الفضاء ولا يزال مستمراً.
ملخص تاريخي لاطلاق الاقمار الصناعية
في 4 أكتوبر 1957 أطلق الاتحاد السوفيتي أول قمر صناعي في العالم من قاعدة بايكونور الفضائية حيث بلور وقوع أحد أهم الأحداث السياسية والعلمية في القرن العشرين.
إطلاق سبوتنيك 1 قلل سياسيًا من مكانة القوة الكبرى المنافسة أي الولايات المتحدة ، وفتح علميًا عصر الفضاء أمام البشرية. كان القمر الصناعي يدور حول الأرض مرة كل 92 دقيقة ، ويرسل إشارات متقطعة مفادها "أنني لازلت ناشطا في مكاني"!
وباتت قيمة "سبوتنيك 1" أكثر وضوحًا فيما بعد ؛ إطلاقه الناجح حفّز الاستثمار الدولي في العلوم والتكنولوجيا ، ويعتبر الكثيرون أن سبوتنيك 1 هو أهم عامل في التطور العلمي في تاريخ البشرية. وبعد عام ، أطلقت الولايات المتحدة قمر "Explorer 1" الى الفضاء ، وأصبح سباق الفضاء ساخنًا! منذ ذلك الحين ، وتم إطلاق أكثر من 6000 قمر صناعي للاتصالات والاستكشاف وعلم الفلك والأبحاث وعلم الأحياء والأرصاد الجوية والتجسس ، ولا يزال حوالي 1000 قمر صناعي ناشطاً في الفضاء.
ناسا توثق وأميركا تهدد!
في إيران ، لتكنولوجيا الفضاء تاريخ مشرق مفعم بالجهود والإبداع لتوطين تقنيات بناء وإطلاق الأقمار الصناعية. كان من المقرر أن ترسل إيران قمرين صناعيين إلى الفضاء بمساعدة الأميركيين في سبعينات القرن الماضي، لكن المشروع فشل ولم يبلغ مرحلة التشغيل على الإطلاق. وبعد انتصار الثورة الإسلامية وتحديدا في عام 1996 ، بات قمر "مصباح 1" نقطة الانطلاق على صعيد تقنيات الأقمار الصناعية الإيرانية. ثم جاء "سينا 1" ، وهو قمر صناعي شبه إيراني أطلقه الروس إلى الفضاء عام 2005 ، لكنه سرعان ما انقطع اتصاله عن الأرض. بعد ذلك ، لم تؤت الكثير من الجهود ثمارها حتى حدث تطور مهم في عام 2009 حيث انطلق القمر الصناعي الإيراني المصنع محلياً بالكامل "أميد" على متن حامله "سفير" ، وانتشرت أنباء هذا النجاح حول العالم. وأكدت ناسا (وكالة الفضاء الأميركية) وعدداً من المراكز الفلكية حول العالم حركة "أميد" الإيراني في مداره حول الأرض وسمي اليوم نفسه ب"اليوم الوطني لتكنولوجيا الفضاء الإيرانية".
مع تكلل جهود العلماء الايرانيين بالنجاح في إطلاق "أميد" ، باتت إيران الدولة التاسعة في العالم التي تمتلك تقنية إطلاق الأقمار الصناعية بشكل مستقل ، ومن ثم انضمت كوريا الجنوبية إلى الدول الرائدة في الفضاء بحيث أصبح نادي الأقمار الصناعية العالمي يضم 10 أعضاء. ومنذ ذلك الحين ، بدأت التهديدات الأميركية ضد برامج ايران في إطلاق الاقمار الصناعية.
كان نجاح إطلاق "أميد" يعد الاساس التي حققتها تكنولوجيا الأقمار الصناعية الإيرانية. ومن ثم أزيح الستار عن "طلوع" عام 2009 ، وتم إطلاق "رصد" و "نويد" عام 2011 ، وتم إطلاق "فجر" عام 2014 بنجاح إلى المدار ، كما تم إطلاق "بيام" و "دوستي" عام 2018.
يتمثل جزء من نجاح إطلاق الأقمار الصناعية الإيرانية في تطوير تكنولوجيا الصواريخ الحاملة. وأطلق على الأقمار الصناعية الإيرانية في البداية اسم "كاووشغر" و "سفير" ، وفي وقت لاحق تم إطلاق حاملات الأقمار الصناعية من طراز "سيمرغ" و "قاصد" و "قائم" ، والتي تتمتع بقدرات تتناسب مع تطور مشروع تقنية الفضاء الإيراني في المستقبل. يتم إنتاج هذه الأقمار الصناعية وتحسينها في إصدارات مختلفة وهي ذات تقنيات متقدمة وبعيدة المدى. والهدف الرئيسي لها يتمثل بنقل الأقمار الصناعية التي لا يقل وزنها عن 100 كغم إلى مدار يبعد 1000 كم عن سطح الأرض.
هذا هو رد إيران!
خلال كل هذه الأعوام التي كانت إيران تعمل في مشروع تطوير علوم وتقنيات الفضاء وإطلاق أقمار صناعية تستخدم في قطاعات الاتصالات والاستكشاف والجيولوجيا والبيولوجيا والأرصاد الجوية في الفضاء ، كانت الدول الغربية ، وخاصة الولايات المتحدة ، تطلق التهديدات باستمرار بضرورة إيقاف إيران. وتمثلت ذرائعهم بتطوير صواريخ طويلة المدى قادرة على حمل الأقمار الصناعية بعيدة المدى وتتمتع بتكنولوجيا متقدمة.
لم يتردد الغربيون في اتخاذ أي إجراء لإبطاء برنامج الأقمار الصناعية الإيراني ، وفي عام 2019 ، وضعت الولايات المتحدة وكالة الفضاء الإيرانية (ISA) والمؤسسات المرتبطة بالأقمار الصناعية التابعة لها على قائمة الحظر. في عام 2020 ، جعلت إيران أعين الاصدقاء والاعداء أكثر تركيزا على قدراتها في هذا المجال إذ أطلقت أول قمر صناعي عسكري لها إلى الفضاء "نور" من قاعدة بوسط صحراء إيران على متن صاروخ ثلاثي المراحل "قاصد" ليقوم هذا القمر بتغطية سطح الأرض من شرق آسيا إلى غرب أميركا وكان هذا هو رد إيران على تلك التهديدات!