۶۴۷مشاهدات
رمز الخبر: ۴۷۲۱۳
تأريخ النشر: 23 September 2020

كما كان متوقعا جاء خطاب الرئيس الايراني حسن روحاني وخطاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب امام الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للامم المتحدة، متقابلان بكل ما تحمل كلمة التقابل من معنى، فخطاب الرئيس روحاني كان عبارة عن "نعم" كبيرة للسلام والامن والاستقلال والاستقرار والامتثال للقانون والتعددية والقيادة الجماعية، و"لا" كبيرة للهيمنة والغطرسة والبلطجة والاستفراد، بينما كان خطاب ترامب "نعم" كبيرة للهيمنة والغطرسة والبطجة والاستفراد، و"لا" كبيرة للسلام والامن والاستقلال والاستقرار والامتثال للقانون والتعددية والقيادة الجماعية.

خطاب ترامب امس كان خطابا انتخابيا بإمتياز، فقد خلى فقط من ذكر اسم منافسه الديمقرطي جو بايدن، وإلا فإنه كان موجها من الفه الى يائه الى أنصاره من اليمين العنصري المتطرف في امريكا . فهو بدلا من ان يدعو الى السلام والحد من سباق التسلح على مستوى العالم، إفتخر وبكل صلافه بانه انفق خلال 3 سنوات فقط 205 تريليون دولار على الجيش الامريكي الذي وصفه بالاقوى في العالم، وانه يمتلك اسلحة فتاكة "يصلي لله" كي لا يضطر الى استخدامها!، وهدد وبشكل غير مباشر منظمة الامم المتحدة بأن تتبع سياسته ازاء القضايا الدولية، واشار الى "انجازاته"!!، في التصدي لوباء كورونا في امريكا، وان الفيروس يلفظ انفاسه الاخيرة وان اللقاح بات جاهزا وان الوباء اصبح تحت السيطرة، في الوقت الذي يواجه انتقادات واسعة بسبب أسلوب تعامله مع الوباء الذي تسبب في تحول امريكا الى الدولة الأولى عالميا من حيث عدد الإصابات (نحو 7 ملايين) وعدد الوفيات ( 200 ألف).

اللافت انه مر مرور الكرام من امام هزيمته الثلاثية الكبرى في الامم المتحدة، بعد ان رفض العالم منطق البلطجة الامريكية ازاء ايران، وصب جام غضبه بالمقابل على الصين، وحملها مسؤولية انتشار فيروس كورونا، الذي اشار اليه باسم "الفيروس الصيني" اكثر من مرة، داعيا العالم الى محاسبة الصين، وهو هجوم جاء على النقيض تماما من دعوة الامين العالم للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي دعا الى القيام بكل ما يمكن لتجنب حرب باردة بين امريكا والصين!!.

ترامب وفي ذات الخطاب "الانتخابي" كرر تهديداته لكوبا وفنزويلا ونيكاراغوا، وانه سيعمل من اجل نشر الحرية والديمقراطية في هذه البلدان!!، نظرا للمسؤولية التي تتحملها بلاده بوصفها ترفع لواء حقوق الانسان!!، وهي تهديدات جاءت ايضا متناقضة مع دعوة الامين العام للامم المتحدة غوتيريش الذي دعا الى وقف عالمي لاطلاق النار ووضع حدا للصراعات في العالم من اجل مواجهة وباء كورونا.

امام هذا الخطاب الانتخابي والاستعلائي والاستفزازي والمتغطرس والاسقاطي لترامب، جاء خطاب الرئيس روحاني الذي اكد فيه انه آن الاوان ليقول العالم "لا" للغطرسة والبلطجة، فعهد الهيمنة والتسلط بلغ نهايته ، وان شعوبنا وابناءنا يستحقون عالما افضل واكثر امنا والتزاما بالقانون، فاليوم هو يوم اتخاذ القرار الصحيح والصائب.

وردا على بلطجة ترامب وسياسة "العقوبات القصوى" وكذلك تهديداته الفارغة ضد الشعب الايراني، اكد الرئيس روحاني ان اميركا لا يمكنها ان تفرض علينا، لا التفاوض ولا الحرب، وحتى لو كانت الحياة مع الحظر صعبة لكن الاصعب من ذلك هو الحياة بلا استقلال.

وتفنيدا لمزاعم ترامب بشأن حرصه على السلام في منطقة الشرق الاوسط ، وتحميله ايران النتائج الكارثية لسياسة امريكا في المنطقة عبر دعمها للكيان الاسرائيلي والانظمة العربية الرجعية، قال الرئيس روحاني:" انهم وببيعهم الاسلحة بمليارات الدولارات لمنطقتنا قد حولوها الى مستودع بارود لكنهم وخلافا لكل القواعد القانونية والاجماع العالمي يسعون عبثا لحرمان ايران من الحد الادنى من احتياجاتها الدفاعية ويمددون القيود التسليحية ضد ايران رغم النص الصريح للقرار 2231 (الصادر عن مجلس الامن الدولي عام 2015 بعد توقيع الاتفاق النووي والذي يقضي بانتهاء القيود التسليحية على ايران في اكتوبر القادم)"، وهو مسعى لاقى رفضا، بسبب بلطجيته، حتى من قبل حلفاء امريكا التقليدين من امثال بريطانيا وفرنسا والمانيا.

اشار الرئيس روحاني الى المساعدات التي قدمتها ايران الى شعوب المنطقة للقضاء على "فيروس داعش"، الذي خرج من مختبرات امريكا، بشهادة المسؤولين الامريكيين انفسهم، الا ان امريكا طعنت ايران من الخلف عندما اغتالت غدرا الشهيد القائد قاسم سليماني، احد اكبر قادة النصر على "داعش"، وفرضت ظلما حصارا خانقا تجويعيا على الشعب الايراني، ومنعت عنه حتى الدواء الذي هو بامس الحاجة اليه لمواجهة وباء كورونا، فهل يستحق الشعب الايراني الحظر؟، ان جواب السلام ليس الحرب، وإن مكافأة محاربة التطرف ليست الإغتيال.

أقوى صفعة وجهها الرئيس روحاني لترامب ومنطقه العليل، عندما تساءل روحاني في خطابه:" كيف يمكن ان تقوم حكومة من دون اي مبرر باسقاط نتيجة 13 عاما من المفاوضات الدولية بحضور الحكومة السابقة لها، ولا تنتهك قرار مجلس الامن الدولي فحسب، بل تقوم بفرض الحظر على الاخرين ومعاقبتهم لإلتزامهم وتنفيذهم قرار مجلس الامن!!، وتقوم بالوقت نفسه بالادعاء انها تسعى للتفاوض وعقد صفقة؟!". .

رغم محاولاته الظهور بمظهر القوي والواثق من نفسه، الا ان ضعف ترامب وهشاشة منطقه ومرارة عزلته وخيبته بان وانكشف، فكان كمن يغرد خارج السرب، فخطابه لم يكن متقابلا لخطاب الرئيس روحاني فقط ، فقد جاء متقابلا لخطابات جميع او جُل رؤساء العالم، فالرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، رفض انعزالية ترامب ومحاولته الاستفراد بالقرار الدولي عندما دعا الى دور أكبر لمنظمة الامم المتحدة في إيجاد حلول لمشاكل العالم وقال:"في وقت يغذي الوباء الخوف من الانحدار، والرواية بشأن العجز الجماعي، أريد أن أقول أمراً بوضوح تام: في مواجهة حال الطوارئ الصحية والتحدي المناخي وتراجع الحقوق، يتوجب علينا، الآن وهنا، التحرك".

من ناحيتها، حذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من أن الأمم المتحدة "أجبرت في كثير من الأحيان على التخلف عن مُثلها في وقت حالت مصالح الأفراد، مرة بعد مرة، دون أن يعمل هذا النظام كما كان مقصودا له".

وخاطبت ميركل ترامب من دون ان تسميه عندما قالت:"لكن يخطئ الذين يعتقدون أن بإمكانهم تدبير أمرهم بشكل أفضل بمفردهم. رفاهنا شيء يمكننا تشاركه، ومعاناتنا أيضا. نحن عالم واحد".

اما الرئيس الصيني، شي جين بينغ، فقد اكد أن بلاده لا تنوي الدخول في حروب مع دول أخرى، وان الصين تتمسك بسياسة حل الخلافات بالطرق السلمية وانها لا تنوي خوض حرب باردة أو ساخنة ضد أية دولة، ولن تسعى إلى التورط في لعبة محصلتها صفر.

وفي تطرقه إلى القضايا الاقتصادية، قال شي إن على العالم أن يقول “لا للأحادية والحمائية”، مضيفا أن منظمة التجارة العالمية يجب أن تبقى حجر الأساس للتجارة العالمية.

وبذلك يكون العالم صفع ترامب للمرة الرابعة خلال اشهر قليلة، ويكون قد خسر معركته مع العالم وبالذات ايران مرة اخرى بعد ان اثبت الشعب الايراني، كما قال الرئيس روحاني، انه ليس اداة مساومة للتجاذبات الداخلية والانتخابية الاميركية وان اي حكومة تنتخب في اميركا سترضخ مضطرة امام مقاومة الشعب الايراني العظيم.

العالم

رایکم
آخرالاخبار