۵۸۶مشاهدات
رمز الخبر: ۴۶۹۸۳
تأريخ النشر: 09 September 2020

حين يتعلق الامر بالاديان والمقدسات الخاصة باتباع هذا الدين او ذاك، هناك خداع ذكي تقوم به معظم الحكومات والمنظمات والاحزاب والمجموعات التي تقف وراء استهداف هذه الاديان من خلال التلطي خلف مقولة حرية التعبير، لكن هذه الحرية ليست الا مطية لاستهداف الدين او احدى مقدساته.

في العام 2009 طرد رسام الكاريكاتير والصحفي في مجلة شارلي هيبدو "موريس سينيه" من عمله عبر اجباره على تقديم استقالته. السبب كان رسما كاريكاتيريا انتقد فيه زواج "جان ساركوزي" ابن الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولا ساركوزي من اليهودية "جسيكا دارتي" وريثة عائلة دارتي الثرية وتحوله الى اليهودية بدافع المال.

انتقاد "سينيه" لم يكن ضد الدين اليهودي ولم يكن مسيئا له بأي شكل. لكن مجرد الاشارة الى اليهود كان كافيا لاتهامه بمعاداة السامية (التهمة الحاضرة دوما) وتحويله للمحاكمة وطرده من عمله. حينها لم تدافع المجلة عن موظفها ولم تتبجح بكذبة حرية التعبير لتبرير عمله.

في وقت لاحق نشرت المجلة نفسها رسما مسيئا للرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله).. حينها غضب المسلمون على مساحة العالم، المجلة بررت رسمها بانه حرية تعبير. منذ ايام اعادت المجلة نشر رسما مسيئا اخر للرسول الاكرم رابطة بينه وبين الهجمات التي تعرضت لها على خلفية الرسم الاول.

ما بين المشهدين فارق كبير، فبين تملق ونفاق امام ارباب الثروات والاعمال والممسكين بوسائل الاعلام المقروء والمسموع اي اليهود وبين الاستهداف المتعمد لمقدسات الاسلام تضيع مقولة حرية التعبير وتتكشف حقيقة حرية واحدة يعرفها هؤلاء.. حرية شيطنة الاخر.

هذه الاساءة لمقدسات الاسلام لا يمكن فهمها خارج سياق استهداف المسلمين واظهارهم دائما في هذا الشكل لاهداف باتت معروفة واشار اليها بكل وضوح قائد الثورة الاسلامية في ايران اية الله السيد علي خامنئي الذي اضاء بشكل مباشر على تبجح المسؤولين الفرنسيين والغربيين بحرية التعبير لعدم ادانة اساءة شارلي هيبدو للاسلام والمسلمين.

ما تقوم به شارلي هيبدو والمجلات والمنظمات والاطراف المشابهة لها ضد الاسلام وضد كل ما ليس خاضعا لسيطرة اللوبيات الصهيونية وتحديدا في الغرب، ليس تعبيرا عن الرأي ولا ينبع من ايمان بحرية التعبير بل هو انعكاس لغياب الايمان بحق الاخر في الوجود وغياب الايمان بفضيلة تقبل الاخر والاخطر هو انعكاس لغياب التفكير.

قال الفيلسوف الدنماركي "روسين كيركغاد".. ( الناس تطالب بحرية التعبير للتعويض عن حرية التفكير التي نادرا ما يستخدمونها). شارلي هيبدو ليست كيانا يفكر على المستوى الانساني ولا على المستوى الاخلاقي والاجتماعي ومثلها كثيرون، لذلك تلجا للتبجح بحرية التعبير مثل الكثير من الحكومات والمسؤولين الغربيين لتبرير انتهاكاتها لحقوق الاخرين.

حين قامت الدنيا ولم تقعد على "موريس سينيه" بعد انتقاده لعائلة يهودية وليس للدين اليهودي.. ولم تقم ضد الذين انتقدوا سينيه، ظهرت حقيقة النفاق الفكري والسياسي والانساني. وحين قامت الدنيا ولم تقعد ضد المسلمين حين غضبوا بسبب الرسوم المسيئة للرسول (بغض النظر عن عدم صوابية بعض اساليب هذا الغضب) ولم تقم ضد الذين رسموا هذه الرسوم المسيئة كما في حالة "سينيه" ظهرت عملية الاستهداف المتعمد المبني على نظرية شيطنة المسلمين والمرتبطة بمساعي نشر الاسلاموفوبيا على مساحة العالم الغربي.

هناك قاعدة ذهبية في علم القانون تقول (تنتهي حرية الفرد حين تبدا حرية الفرد الاخر). حين تعتبر شارلي هيبدو ومن تمثلهم من حكومات واطراف ومنظمات ان حريتها لا حدود لها، تكون قد خرجت تماما من دائرة الصواب ودخلت دائرة الاجرام حيث تبيح لنفسها انتهاك حقوق ومقدسات الاخرين، تماما كما حصل مع كيان الاحتلال الاسرائيلي الذي اقيم على نفس المبدأ.. ومن يقف خلف الاثنين واحد..

العالم

رایکم
آخرالاخبار