۷۹۶مشاهدات
رمز الخبر: ۴۵۹۲۷
تأريخ النشر: 21 June 2020

يشهد العالم اليوم بداية تلاشي الحلم الأمريكي على وقع سلسلة من الأزمات، في مقدمتها قضايا التمييز العنصري وعدم المساواة في الدخل ومشاكل الرعاية الاجتماعية والصحية والتعليم.

وقال الكاتب غي سورمان في مقال رأي بصحيفة “لوموند” الفرنسية إن الولايات المتحدة تأسست على فكرة حالمة مفادها أن لكل مواطن الحق في “السعي لتحقيق السعادة” على حدّ تعبير توماس جيفرسون (1743-1826)، لكن الحلم الأمريكي يوشك الآن أن يصبح جزءا من الماضي.

وحسب الكاتب، فإن فكرة الحلم الأمريكي وإمكانية ارتقاء الفرد بمجهوده الخاص إلى أعلى درجات النجاح المادي، بغض النظر عن عرقه وطبقته الاجتماعية، استقطبت الكثير من المهاجرين وشكّلت جوهر العقد الاجتماعي في البلاد وعصب اقتصاد السوق.
واعتبر الكاتب أن فكرة “السعي لتحقيق السعادة” يمكن أن تكون ذات معنى في ظل وضع اقتصادي مزدهر، حتى إن غاب العدل، لكن الحلم يتلاشى تلقائيا في ظل الأزمات الاقتصادية الحادة، والتي تظهر معها عيوب المجتمع، وأكثرها وضوحا قضية التمييز العنصري.

ويوضح الكاتب كيف أن أزمة كورونا الحالية سلطت المزيد من الضوء على الفوارق الاجتماعية والعرقية في الولايات المتحدة، حيث يقدر عدد الأمريكيين الأفارقة واللاتينيين المهاجرين حديثًا الذين يعانون من وباء كورونا بضعف عدد البيض. وليس ذلك من باب الصدفة، فهم يمثلون الفئات الأكثر فقرا في البلاد والأكثر معاناة من الأمراض المزمنة، كما أنهم لا يتمتعون بتأمين صحي خارج حالات الطوارئ.

وتشير الأرقام إلى أن نسبة البطالة وصلت إلى ما يقرب من 20 بالمائة من إجمالي السكان النشطين، والأقليات العرقية هي الأكثر تأثرا لأنها لا تتمتع بالتأمين ضد البطالة وتعتمد فقط على الإعانات والمساعدات التي تقدمها المنظمات الخيرية.

ويعود الكاتب إلى بداية الأزمة الحالية مستعرضا الحادثين اللذين اندلعت على إثرهما الاحتجاجات في مختلف المدن الأمريكية.

يبدو الأول أقل أهمية حسب قوله، لكنه يكشف عمق الأزمة. في 25 أيار/مايو الماضي، منع رجل أمن أمريكي من أصل أفريقي امرأة بيضاء من أن تطلق كلبها في سنترال بارك في مانهاتن، لأن ذلك مخالف للقانون. لم تستسغ المرأة الأمر واتصلت بالشرطة للتنديد بهذا الرجل ذي الأصول الأفريقية الذي يجرؤ على تهديدها.

في اليوم نفسه، قتل شرطي أبيض في مينيابوليس رجلا أسود يُدعى جورج فلويد، دون أي شفقة ولا رحمة.

تزامن الحادثان مع جائحة كورونا وارتفاع معدلات البطالة، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات تحوّلت إلى أعمال شغب مماثلة لتلك التي حدثت في السبعينيات، وقد ضمت الأفارقة واللاتينيين، ولم تخل من البيض والمتعاطفين مع قضايا المهمشين.

وبيّن الكاتب أن الجماعات الفوضوية التي تقوم بأعمال خارجة عن القانون على غرار حركة “أنتيفا”، تخدم مصالح دونالد ترامب وأنصاره دون قصد، إذ تصبح أحداث الشغب مبررا للتنديد بالاحتجاجات المشروعة، ويتم تجاهل الأسباب الجذرية التي تسببت في حالة اليأس، مثل حرمان الأقليات من التغطية الصحية والإحاطة الاجتماعية.

ويسعى ترامب من خلال محاولة فرض النظام وإنهاء الاحتجاجات، إلى لفت الأنظار عن قضايا العنصرية وعدم المساواة والعنف الذي تمارسه الشرطة وفشله في إدارة أزمة وباء كورونا.

ويرى الكاتب على غرار كثيرين، أن ترامب هو أسوأ رئيس يمر على الولايات المتحدة في أوقات الأزمات، فبدلاً من الدعوة إلى المصالحة والوحدة الوطنية على غرار ما قام به فرانكلين روزفلت في ثلاثينيات القرن الماضي، وباراك أوباما بعد الأمة الاقتصادية في 2008، عمد ترامب إلى إثارة الفوضى وتحشيد أنصاره من البيض.

ولم يتوان ترامب عن وصف المحتجين بالإرهابيين، وهدد بنشر الجيش في المدن لوقف المظاهرات. أما خلال أزمة كورونا، فقد ذهب للعب الغولف عندما تجاوز عدد الوفيات حاجز المئة ألف.

ويؤكد الكاتب، أنه سواء أعيد انتخاب “هذا الرئيس الغريب الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الولايات المتحدة” أو لم يعد انتخابه، فمن الواضح أن على الأمريكيين مراجعة “العقد الاجتماعي” لإنقاذ بلدهم واستعادة الحلم الأمريكي في “السعي وراء السعادة”.

ويعتقد الكاتب أن فشل الإدارة الأمريكية الحالية في توحيد الطبقة السياسية، وتردي الوضع الاقتصادي واقتراب المنظومة الصحية من الانهيار، وتواصل الاحتجاجات ذات الطابع العرقي والصراع المحتدم مع الصين، كلها عوامل تهدد الحلم الأمريكي.

لكن الكاتب يرى رغم كل ذلك أن الفرصة مازالت قائمة لإنقاذ هذا الحلم الذي طالما افتخرت به الولايات المتحدة، رغم أن البلاد تبدو “على حافة الانهيار الذاتي”.

وحسب تعبيره، فإن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون الأهم في تاريخ الولايات المتحدة منذ انتخاب أبراهام لنكولن، فهي تأتي في فترة أصبحت فيه أمريكا “رجل الغرب المريض”.

*عربي 21

رایکم