۱۰۸۰مشاهدات
رمز الخبر: ۴۵۸۸۷
تأريخ النشر: 16 June 2020

ليست جديدة لعبة الشارع في الحياة السياسية اللبنانية. فهي قديمة واوراقها متنوعة بقدر تنوع المجتمع اللبناني بتوجهاته وخلفياته وانتماءاته وولاءاته السياسية والدينية والمذهبية. لكن هذه المرة وفي ظل المرحلة الصعبة الحالية في البلاد تأخذ هذه اللعبة ابعادا اكثر خطورة على المستويين الداخلي والخارجي.

منذ تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية برئاسة حسان دياب، اعتبرها خصومها (او من خرجوا من الحكم) حكومة يتحكم فيها حزب الله وحلفاؤه مع ما يحمله ذلك من دلالات على خلق تبريرات واعذار لعدم التعامل مع هذه الحكومة. كما اعتبرتها دول واطراف خارجية (على رأسهم الولايات المتحدة وبعض حلفائها العرب حكومة حزب الله) مع ما يحمله ذلك من تمهيد لاستهداف الحكومة ومن خلفها كل لبنان اقتصاديا وماليا وايضا امنيا.

بدأت لعبة الشارع مع التظاهرات التي خرجت عن مسارها واخذت اتجاها مختلفا. حينها ظن اللبنانيون ان الامتحان الاقوى قد مر بخير. لكن ما يشهده الشارع في الايام الاخيرة تزامنا مع المعلومات والحديث عن استهدافات امنية ينذر بشيء اخطر.

بداية من المظاهر غير المعتادة في الشارع اللبناني والتخريب والنهب واستهداف القوى الامنية لاسيما الجيش بذريعة التظاهرات ضد الوضع المعيشي الصعب. هذه المظاهر لا ولم تخرج بمبادرات فردية. والتقارير تشير الى ان مجموعات مدربة ومحضرة للمشاركة في هكذا نشاطات وتحويلها الى مواجهات امنية.

الحديث في هذا السياق يتركز حول نقطتين.

الاولى

هناك دلالات على ان "بهاء الحريري" نجل رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري يوظف مجموعات للنزول الى الشارع والقيام باعمال تخريب واستهدافات للجيش والقوى الامنية. وعمل هذه المجموعات يتركز في العاصمة بيروت ومدينة طرابلس. والتركيز على هاتين المدينتين يهدف بالمقام الاول الى ايجاد موطأ قدم للحريري الابن الاكبر في مناطق نفوذ اخيه سعد الحريري رئيس الحكومة السابق. وبهاء الحريري بدأ منذ اسابيع الترويج لنفسه على انه الخيار البديل في الساحة اللبنانية عبر التصويب على كل من اخيه سعد وحزب الله في نفس الوقت.

الثانية

تشير معلومات على ان من بين المخربين ومستهدفي الجيش لاسيما في طرابلس جماعات تابعة ومدعومة من وزير العدل الاسبق "اشرف ريفي". وللمناسبة كل من ريفي وبهاء الحريري مقربان من مركز القرار في السعودية. لاسيما بعد تراجع اسهم سعد الحريري لدى الرياض وخلافاته مع ولي العهد محمد بن سلمان

من هذه النقطة يجدر الحديث عن نقطة اوسع. الاطراف الداخلية في لبنان في هذا الملف ليست الا انعكاسا محليا لاجندات خارجية باتت معروفة. فمنذ ان بدأ الضغط الاقتصادي مع اعلان الحكومة والعمل على ضرب الليرة اللبنانية وضرب الثقة بين المصارف واللبنانيين، وصولا الى العقوبات وما يعرف بقانون قيصر، لم يغب عن طاولة الاميركيين الخيار الامني.

وعليه كل المسارات تؤدي الى قناعة بان واشنطن ادركت صعوبة ضرب حزب الله والمقاومة من خلال العقوبات الاقتصادية. (الاقتصاد اللبناني لا يملك ما يخسره اصلا حتى يخاف من العقوبات). اضافة لذلك فان حزب الله يحظى بشعبية لا يمكن لأي أحد انكارها (ما عدا الأصوات الشاذة التي تطالب بترحيل حزب الله وكل جمهوره خارج لبنان وهي دعوات لا تمت للمنطق والعقل بصلة)

من هنا جاء اعلان السلطات الامنية قبل ايام القاء القبض على 4 مجموعات كانت تحضر لتنفيذ اعمال عنف خلال التظاهرات. وايضا جاء كلام مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم عن معلومات تتعلق بهجوم امني يستهدف مطار بيروت.

واستهداف المطار يؤدي مهمتين. الاولى ضرب محاولات اعادة الحياة للاقتصاد مع اعلان الحكومة اعادة فتح المطار ما يساهم في تحريك عجلة الاقتصاد وبالتالي ضرب الحكومة ضمن اسلياق الذي تحدثنا عنه. اما الثانية فهي مقدمة لهجمات اخرى قد تكون اوسع وفي مناطق عدة، مع ما يعنيه ذلك من احتمالات فتح المواجهة والعنف على نطاق واسع لا يمكن السيطرة عليه. ومن هنا جاء كلام رئيس الحكومة حسان دياب بان من يسعون للتخريب يجب ان يعاقبوا وان مكانهم السجن هم ومن يمولهم ويدعمهم. (في كلام دياب اكثر من رسالة في اكثر من اتجاه بعضها في اتجاه الاطراف التي تتداول اسماؤها بالنسبة لعمليات التخريب)

انفجار الوضع الامني في لبنان سيسمح بتنفيذ سيناريو الاغتيالات التي لعبت دورها بفعالية في فترة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وهذه المرة يراهن العديدون على عودة هذا السيناريو لاستخدام الاغتيالات مبررا لتمرير الاجندة التي يريدها البعض.. الارتهان لقرارات واشنطن ومن معها من العرب. لكن ما لا يعرفه هؤلاء ان لعبة الشارع لن تقتصر على منطقة دون غيرها وان البدائل التي يعمل على فرضها على الحياة اللبنانية لن تنجح كما لم تنجح في السابق.

رایکم