۱۰۵۲مشاهدات
رمز الخبر: ۴۵۳۷۲
تأريخ النشر: 06 May 2020

تداولت بعض وسائل الاعلام العراقية ومعظم وسائل التواصل الاجتماعي رسالة منسوبة الى السفير الاميركي في العراق ماثيو تلر تضمنت تهديدا شديد اللهجة الى الكتل السياسية المعارضة للتصويت على رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي.

وتمارس الرسالة التي وزعت باللغتين العربية والانكليزية، التهديد والوعيد بحق العراق بعد الاعلان عن تأجيل جلسة مجلس النواب العراقي المقررة انعقادها يوم الثلاثاء الى مساء الاربعاء حسبما اعلن ذلك مكتب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

وجاء في نص الرسالة المنسوبة لتولر التي كشفت عنها وسائل الاعلام إنه "تولي الولايات المتحدة حاجة ملحة للغاية وكبيرة لتشكيل حكومة السيد مصطفى الكاظمي. يجب أن يتم تجاهل أي نقاط ضعف أو تنازلات في اختيار الوزراء عند موازنتها مع التوقعات الرهيبة للبلاد".

ووصف السفير الاميركي حكومة تصريف الأعمال للسيد عادل عبد المهدي بـ"المشلولة"، وتوعد بأن "العواقب على العراق كدولة وعلى الشعب العراقي ستكون مدمرة إذا لم تتم الموافقة على حكومة الكاظمي"، بحسب الرسالة.

رغم ان الرسالة لم تؤكد مصادر مستقلة صحتها حتى اللحظة، لكن هناك سببان رئيسيان يدعمان عدم استبعاد صدور مثل هذه الرسائل من المسؤولين الاميركيين ليس في العراق فحسب وانما في العديد من المناطق والملفات، السبب الأول هو أن واشنطن والسفارة الأميركية لم تنف حتى الآن توجيهها هذه الرسالة للكتل العراقية.

أما السبب الثاني فهو ان غطرسة المسؤولين الاميركييين بلغت حدا يعتقدون معه ان من حقهم فعل أي شيء، ولا يحق لأحد الاعتراض عليهم ومحاسبتهم، وكل تصرفات الحكومات الأميركية وخاصة الحكومة الحالية تصب في هذا الاطار، ألم تلغ الحكومة الحالية الكثير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية سواء الثنائية أو متعددة الأطراف؟ الى جانب ذلك فان الحكومة الحالية تحشر أنفها في كل شيء ولا ترى أن ذلك يتعارض مع القوانين الدولية وفي مقدمتها قانون انتهاك سيادة واستقلال سائر دول العالم.

غير أن واشنطن نسيت أن العراق ليس كأي دولة عربية أخرى تهدده فيستسلم أمامها، أو تفرض عليه عقوبات فيأتيها طائعا، العراق اليوم فيه أبطال يضحون بكل ما يملكون من أجل ان يبقى شامخا، فيه أناس ربما يتسامحون بكل شيء الا كرامتهم وعزتهم، وهذا ما شاهدناه ولمسناه على مر السنوات السابقة، فعندما قررت واشنطن ضم جزء من العراق الى ما يسمى "دولة العراق والشام"، فشمر العراقيون عن سواعدهم وأحبطوا المؤامرة الاميركية ولم يسمحوا ببقاء شبر من الأراضي العراقي تحت سيطرة "داعش" التي يعرف القاصي والداني انها من صنيعة اميركية.

ولذلك نرى أن الرد العراقي جاء سريعا على رسالة السفير الاميركي، وكان من بين الذين ردوا على رسالته رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، فقال في تغريدة على تويتر: وصلتني رسالة من جهة تدعي انها محسوبة على السفير الاميركي فاذا كانت مزورة فاعتبرها مهملة، وان كانت صحيحة فالعراق له رجال يقدرون مصلحته ومصلحة شعبه ولا نقبل بالتدخل بشؤوننا الداخلية، وليس هذا من مهام السفير الدبلوماسية.

بدوره علّق رئيس المجلس السياسي لحركة النجباء علي الأسدي على الرسالة المنسوبة للسفير الأمريكي، وقال في تغريدة: "العجب العجب حين نرى سفير أمريكا الشر يبعث رسالة الى الزعامات السياسية اشبه ما تكون بالتهديدات". وأضاف: "أين الشرفاء والغيارى وأصحاب المبدأ الذي عرفوا بمواقفهم الشجاعة لإظهار الحق والرد على الباطل"، متسائلا "لماذا الصمت والخنوع.. النجباءأصحوا أيها السياسيون من نومكم العميق".

كما كتب السياسي العراقي عزت الشابندر، في تغريدة: "بعد التهديد المذل الذي ورد في رسالة السفير الامريكي وبعد ان نَفَضنا أيدينا من غالبية القادة السياسيين وزعماء الكتل، عارٌ على كل نائب يملك شرف العراق وتاريخه ان يرضخ لذلك التهديد ويبيع آخرته بدنياه".

العراق اليوم بأمس الحاجة الى الاستقرار واستتباب أمنه، واذا كان البعض يراهن على شق صفوفه واثارة الخلافات بين مكوناته أو احزابه، واثارة التوتر فيه؛ فانه ربما يحقق بعض النتائج ولكنها بالتأكيد ستكون آنية، فالعراق يضم بين صفوفه من الحكماء ومن الواعين الذين يستطيعون التمييز بين ما يصلح بلدهم وما يفسده، كما أن المرجعية الدينية لن تسمح لأحد بالتلاعب بمصير العراق والعراقيين كما يشاء ويحلو له.

العراقيون ينظرون الى التدخل في شؤونهم الداخلية مساسا لكرامتهم واستقلالهم، وقضية تشكيل الحكومة وتصويت البرلمان عليها ليست قضية هينة وبسيطة ليسمح العراقيون لمن هب ودب للتدخل فيها وتحديد مساراتها، كأن يستخدم الفيتو ضد بعض المرشحين للحقائب الوزارية أو يوجه الضوء الأخضر لأخرى، لذلك اذا ارادت واشنطن أن تحافظ على مصالحها في العراق فمن الأفضل أن لا تتدخل في شؤونه، وتترك العراقيين وشأنهم، فهم قادرون على تحديد ما يضرهم وينفعهم.

ومما لا شك فيه ان هذه الرسالة (فيما لو كانت قد صدرت من السفير الاميركي) فانها تسيء للمكلف مصطفى الكاظمي أكثر من غيره، فقد اقترن اسم اميركا بكل ما هو سيء في العراق من احتلاله وحتى الممارسات اللاخلاقية ومرورا بالجرائم الجبانة الغادرة التي ارتكبها جنود اميركا في العراق وآخرها استهداف مواقع الحشد الشعبي والاعتداء على سيادة العراق باغتيال القائدين الشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ورفاقهما، مما دفع العراقيين الى جانب البرلمان والحكومة للمطالبة بخروج القوات الاميركية من العراق.

رایکم
آخرالاخبار