۱۱۷۵مشاهدات
رمز الخبر: ۴۴۹۳۴
تأريخ النشر: 09 April 2020

في وقت ینشغل فيه العالم بمكافحة وباء كورونا، يرى البعض ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ربما حصل على فرصة مثالية لتعزيز قبضته على السلطة عبر فرض حظر التجول بحجة منع تفشي العدوى، وتكثيف عمليات القمع ضد معارضيه تمهيدا لتوليه العرش بعد الاعلان عن تنحي والده الملك سلمان بن عبد العزيز عن السلطة.

تمديد فترة حظر التجول في السعودية لساعات اضافية، في مسعي لاحتواء وباء كورونا حسب السلطات، ينبئ عن تفاقم الوضع في البلاد، فبعد أن كان حظر التجول يقتصر على الساعات المتأخرة من الليل وحتى الفجر، اتخذت السلطات المعنية قرارا بمد ساعات حظر التجول لتبدأ من الظهر وحتى الفجر، مما يعزز فكرة أن المملكة ماضية في منع التجول بالكامل، ومع ان بعض المناطق منع التجول فيها بالكامل الا أن المحافظات والمدن الرئيسية لا تزال تطبق حظر التجول الجزئي.

شئنا أم أبينا فان اجراء حظر التجول لا تتخذه الحكومات في الانظمة الاستبدادية، الا نتيجة الوضع الطارئ الذي تشهده البلاد، وبالتالي فان حظر التجول والاحكام العرفية التصقت في الاذهان بوقوع شيء سيء في البلاد، وانتقال السعودية من الحظر الجزئي للتجول الى الحظر الكلي شيئا فشيئا، يثير في الاذهان العديد من التساؤلات وعلامات التعجب.

لو كانت الظروف طبيعية، ولم يزح ابن سلمان ابن عمه الامير محمد بن نايف عن ولاية العهد، ليتربع هو على المنصب لما اثيرت علامات الاستفهام هذه، لأن جائحة كورونا تتفشى بشكل سريع ومرعب، ومن الطبيعي أن تتخذ السلطات في كل بلدان العالم اجراءات مشددة للوقاية من الفايروس، وفي مقدمة هذه الاجراءات ارغام المواطنين على البقاء في المنزل، ولكن الوضع السياسي في السعودية ليس طبيعيا وعلى مايرام، لنقول أن فرض حظر التجول أمر طبيعي، بل أن كل قرار تتخذه السلطات الحاكمة حتى لو لم تكن هناك كورونا، فانه سيفسر بتفسيرات أخرى نتيجة الوضع غير الطبيعي في البلاد.

ابن سلمان لم يكتف بازاحة ابن نايف عن ولاية العهد وحسب بل قام باحتجاز كبار المسؤولين السعوديين والعديد من أمراء الأسرة الحاكمة في فندق الريتز كارلتون، وفي الآونة الأخيرة قام بتنحية أبناء آخرين لنايف وبعض أحفاده من مناصبهم، مما يشير الى وجود أزمة حقيقية واعتراضات شديدة بين كبار المسؤولين والأمراء على تولي ابن سلمان لولاية العهد، وبالتالي لن يدعوا الأمور تستتب له، ان لم يكن لتوليهم للسلطة، فلانتقام لهيبتهم وكرامتهم التي حطمها باحتجازهم في الفندق وارغامهم على التخلي عن أموالهم.

ويرى بعض المراقبين ان هناك سببين رئيسيين يجعلان ابن سلمان يعتقد أن الفرصة مؤاتية لتوليه العرش هما:

أولا: وجود والده على قيد الحياة، فلو توفي والده، سيكون من الصعب توليه العرش، لأنه في الأساس خرق وانتهك ميثاق الأسرة الحاكمة بتوليه ولاية العهد، واذا كانت ولاية عهده غير شرعية فهل سيكون توليه العرش شرعيا؟ ولكن وجود والده منحه الدعم الكامل في الحصول على منصب ولاية العهد وقمع الخصوم، لذلك اذا تم الاعلان عن تنحي سلمان السلطة وتعيين ابنه ملكا للسعودية، فانه سيكسب نوعا من الشرعية أمام الامراء المترددين والذين لم يحسموا موقفهم منه، خاصة اذا ظهر سلمان في وسائل الاعلام وأعلن انه قرر التنحي عن السلطة وعين نجله خلفا له.

ولكن اذا توفي والده أو لم يظهر في وسائل الاعلام ليعلن تنحيه عن السلطة فان الأمور ستتعقد، ومن المؤكد أنه سيواجه معارضة أوسع من الحالة الأولى، وفي كلتي الحالتين فان حظر التجول والاجراءات الأمنية المشددة بذريعة مكافحة كورونا توفر له الأرضية الخصبة للاعلان عن توليه العرش، وللقيام بحملة قمع واسعة ضد كل من يرفض ذلك.

ثانيا: وجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السلطة، فالجميع يعرف مدى العلاقة الوثيقة بين ترامب وابن سلمان، ومع الأخذ بنظر الاعتبار ان الانتخابات الرئاسية الاميركية ستجرى في غضون خمسة أشهر قادمة واحتمال هزيمة ترامب فيها، فيتعين على ابن سلمان حسم أمر توليه العرش خلال هذه الفترة، ليحصل على الدعم الأميركي الكامل على خطوته.

أكثر من خبير بالشأن السعودي يعتقد أن الأيام والأشهر القادمة حاسمة جدا، وفي نفس الوقت محفوفة بالمخاطر، وتحدد مصير السعودية، فاذا أعلن ابن سلمان عن توليه العرش ومضت الأمور بشكل روتيني وعادي، وأخذ بزمام الأمور واستطاع فرض نفسه على اسرة آل سعود طواعية أو كرها، فان السعودية ستشهد تحولا كبيرا في الحقبة القادمة، واما اذا "جرت الرياح بما لا تشتهي السفن" وأزيح ابن سلمان عن منصبه ولم يسمح له بتولي العرش، فمن المتوقع أن تعود المملكة الى ممارسة دورها التقليدي.

رایکم