۱۵۸۵مشاهدات
رمز الخبر: ۴۳۷۰۴
تأريخ النشر: 21 January 2020

رغم انه في عقد السبعين الا ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب مازال يتصرف كمراهق غِر، وزاد من اندفاعة رعونته غرور القوة التي يرى فيها العنصر الاول والاخير لتحقيق اهداف امريكا في العالم، الامر الذي جعله العوبة بيد اصحاب النفوذ من صهاينة، وبيد اصحاب المال من سعوديين واماراتيين.

منذ دخوله البيت الابيض كان واضحا تاثير اللوبي الصهيوني والدولار النفطي السعودي الاماراتي على قرارات ترامب بدءا من خروجه من الاتفاق النووي ومرورا بنقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة والاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال وضم الجولان المحتل للكيان وانتهاء بجريمة الاغتيال الجبانة للقائدين الشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، فلا اثر لمصلحة امريكية في اي من هذه القرارات، لذلك جاءت اكثر الانتقادات حدة لهذه القرارات من داخل امريكا وليس فقط من الحزب الديمقراطي بل حتى من الجمهوريين وحتى من العديد من اعضاء ادارته الذين قدموا استقالاتهم او تم اقالتهم وهم بالعشرات.

المعترضون على ترامب راوا في تصرفاته اهانة لمكانة ودور امريكا في العالم بعد ان حول الجيش الامريكي الى جيش مرتزق يعمل لدى من يدفع اكثر، كما اعتبروا قرارته المذكورة تهديدا للامن القومي الامريكي، خاصة فيما يخص خروجه من الاتفاق النووي، الذي وافقت عليه امريكا والقوى الخمس الكبرى في العالم.

بعد خروج ترامب من الاتفاق النووي، لم يترك فرصة الا واستخدمها للضغط على اوروبا للحاق بموقفه من الاتفاق النووي، حتى وصل الامر الى تهديد اوروبا بفرض رسوم جمركية على صادرات السيارات الاوروبية الى امريكا بنسبة 25 بالمائة، في حال لم تتهم اوروبا ايران بانتهاكها الاتفاق النووي، وهو ما حصل للاسف الشديد عندما اعلنت المانيا وبريطانيا وفرنسا عن تفعيل الية فض النزاع النووي مع ايران، وهو ما يعني اعادة فرض العقوبات الاممية على ايران في حال احيل الملف النووي الايراني الى مجلس الامن الدولي.

كما قلنا، صحيح ان ترامب اكل من عمر الزمن اكثر من سبعين عاما الا انه مازال طفلا يحبو في تعامله مع ايران والشعب الايراني، فكان يعتقد ان ممارسة سياسات التهديد والوعيد والضغوط القصوى وفرض حصار على ايران غير مسبوق، وكذلك دفع الاوروبيين الى اتخاذ نفس نهجه العبثي ازاء ايران ، سيضطر ايران في النهاية الى تقديم فروض الطاعة له والتفاوض معه وفقا لشروطه، الا ان الرد الايراني جاء على النقيض مما توقعه ترامب والاوروبيون، فقد جاء صاعقا ماحقا لا تردد فيه ولا ضعف، وهو رد سوف يجعل ترامب يندم اضعاف ندم الاوروبيين، وسيلعن اليوم الذي اصغى فيه الى المتهصينين في ادارته والمتخلفين من الرجعية العربية، عندما حرضوه على الانسحاب من الاتفاق النووي.

فلم يمر يوم او يومان على تفعيل اوروبا الية فض النزاع، حتى اعلن رئيس مجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني ان ايران ستتخذ قرارا جادا في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية اذا لجأت اوروبا الى المادة 37 من الاتفاق النووي.

وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف فذهب الى ابعد مما ذهب اليه لاريجاني، عندما اعلن وبالضرس القاطع إن طهران ستنسحب من معاهدة منع الانتشار النووي بالكامل إذا واصل الأوروبيون سلوكهم غير اللائق أو أحالوا ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي.

العالم كله بات واثقا من ايران لا تهدد عندما تعلن انها ستنسحب من معاهدة الانتشار النووي في حال اخطأ الاوروبيون حساباتهم، فإيران ان قالت شيئا تفعله من دون اي تردد، وعندها سنرى ما الذي يمكن ان يفعله الثرثار ترامب والجشعون من الاوروبيين ،وجوقة الاذيال في منطقتنا؟!

يبدو ان رسالة ايران وصلت سريعا الى الاوروبيين الذين اعتقدوا ان الاعلان عن تفعيل الية فض النزاع النووي، او مماشاة ترامب في سياسته الحمقاء ضد ايران، سيعجل من تراجع ايران واستسلامها، فهذا وزير خاريجة المانيا هايكو ماس، يتهم صراحة ترامب بالإخفاق في النزاع مع إيران، وقال في حديث مع صحيفة "بيلد أم زونتاغ" الألمانية ان لغة التهديدات والأعمال العسكرية لم تحقق أياً من أهدافها، وان بلاده تدعو إلى الالتزام بالنهج الأوروبي لحل الأزمة، وهو نهج يعوّل على الدبلوماسية بدلاً من التصعيد، وكذلك بالتمسك بالاتفاق النووي.

نتمنى ان تكون تصريحات ماس نابعة من عقلية مسؤولة، لا كعقلية ترامب، والا فان اللاهاث وراء روعونة ترامب لن تنفع اوروبا والعالم، فصبيانيته جلبت من المشاكل للامريكيين قبل غيرهم، ما لا يعد ولا يحصى، ويكفي القاء نظرة سريعة الى ما يجري في كواليس الكونغرس الامريكي هذه الايام ليقف الاوروبيون على حصيلة سياسة هذا الغر خلال ثلاث سنوات من ولايته فقط.

رایکم