۱۸۵۵مشاهدات
رمز الخبر: ۴۳۱۱۹
تأريخ النشر: 27 November 2019

تتواصل تداعيات تدخل سفير الفتنة الأمريكي جيفري فيلتمان فصولاً اختصرها اللبنانيون بحرق العلمين الأمريكي والإسرائيلي أمام السفارة اللبنانية في عوكر شمال بيروت. فيلتمان الذي اكتسب لقب سفير الفتنة إبان عمله سفيراً لواشنطن في لبنان بين العامين 2004- 2008 بسبب المؤامرات التي حاكها في تلك الفترة واعترف عن بعض عنها بعد رحيله من لبنان، عاود الكرّة في الإفصاح عن مشروع "فتنة" جديدة وذلك في رؤيته التي قدّمها حول لبنان أمام اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا والإرهاب الدولي، التابعة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي.

كلام فيلتمان لاقى ردوداً لبنانية نارية على الصعيدين السياسي والرسمي، لا بل تتحدث مصادر عن امتعاض بعض القوى المحسوبة على الطرف الأمريكي في لبنان من خطاب فيلتمان بسبب ردّات الفعل التي أوجدها في الشارع اللبناني وكشفه لخيوط تتصل بالمؤامرة الأمريكية في لبنان، لم تتوقّف الردود عند هذا الحد، بل حصّل البعض رقم هاتفه من على صفحته في معهد "بروكنز" وعمل على توزيعها على وسائل التواصل، ليتم إرسال حوالي 20 ألف رسالة لفيلتمان خلال دقائق معدودة.

ولأن هذا الموقف لا يختص بشخص فيلتمان بل يمثل نهجاً للإدارة الأمريكية في التعاطي مع الملف اللبناني، واصل اللبنانيون تعبيرهم عن امتعاضهم من التدخّلات الأمريكية عبر التظاهر في عوكر، مقر السفارة الأمريكي مطلقين شعارات بالجملة من ضمنها: "بيروت حرّة حرّة... أمريكا طلعي برا"، "هيلا هيلا هيلا هيلا هو، الغاز إلنا يا حلو"، فيلتمان أيضاً كان له نصيب من هذه الصرخات التي وصلت للموجودين داخل السفارة الأمريكية التي طوّقتها عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي وعناصر مكافحة الشغب.

لا شكّ أن الرسالة قد وصلت للإدارة الأمريكية عنوانها الأبرز: واشنطن هي رأس الفساد في لبنان، وعوكر هي مطبخ الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وثورة اللبنانيين على النهج التي كرّسته الإدارة الأمريكية منذ عقود.

وبين الرؤية التي قدّمها فيلتمان حول ساحة التنافس الاستراتيجي في لبنان واختصرها بعبارة: "لبنان مكان للمنافسة الاستراتيجية العالمية، وإذا تنازلنا عن الأرض، سيملأ الآخرون الفراغ بسعادة"، والرؤية المقابلة التي قدّمها اللبنانيون بأن لبنان للبنانيين وليس ساحة لتصفية الحساب الأمريكية، نشير إلى التالي:

أولاً: أطلق الكثير من اللبنانيين بالأمس صراخات صادقة، تلخص موقفهم تجاه واشنطن، نذكر بعضاً منها: "بوصلتنا لا تزال بخير ومصوّبة نحو مطبخ أزماتنا ومشكلاتنا وحصارنا الاقتصادي والاجتماعي"، و" أمريكا تدعم كل الفاسدين في الدولة اللبنانية منذ أكثر من عشر سنوات وهي تتحمل مسؤولية الأزمة التي وصلنا إليها تدريجياً وبشكل مباشر مع فرض العقوبات الأخيرة"، و" يتحمّل الأمريكيون مسؤولية الأزمة الطائفية والمذهبية عبر اعتمادهم سياسة التفريق بين اللبنانيين لأنها تفيد مصالحهم السياسية، الأمر الذي منعنا من تنفيذ أي إصلاحات" و "انتهينا من الوصاية الأمريكية وغيرها، نحن جماعة ثورة وحرية ونرفض التدخل بحقوقنا والتعامل معنا كالخراف"، "مع الثورة وضد التدخل في لقمة عيشنا، مع المقاومة التي هي تاج رأسنا وضد فيلتمان وما يمثله" وغيرها من العبارات المماثلة.

ثانياً: اقتصادياً يتيقّن اللبنانيون يوماً بعد آخر أن الإدارة الأمريكية هي المسؤول الرئيس عن وضعهم الاقتصادي السيّئ، هي التي تقف وراء السياسات المالية التي دمّرت الاقتصاد اللبناني، هي التي تفرض العقوبات وتمنع الكثير من الشركات الشرقية الصينية أو الروسية من الاستثمار في لبنان، هي التي تريد سرقة الغاز والنفط في لبنان، لم يخفِ الأمريكيون أطماعهم في الغاز اللبناني، سواء لناحية استثماره بثمن بخس، أم لناحية تقديم جزء كبير منه ومن الأراضي اللبنانية للكيان الإسرائيلي وهذا قد بدا واضحاً في المسار السياسي الأمريكي، وظهر في "زّلاّت" لسان فيلتمان.

ثالثاً: آخر حلقات الفتنة الأمريكية في لبنان هي ربط المساعدات التي تقدّمها الإدارة الأمريكية للجيش اللبناني بخطوات عملية ضدّ حزب الله، اليوم هناك لغط يشوب حول المساعدات التي تقدّمها أمريكا للجيش، وذلك بما يرتبط بأزمة الرئيس مع أوكرانيا، أي إن الإدارة الأمريكية تريد إثبات مشروطية المساعدات بما يخدم المصلحة الأمريكية لتبرئة ترامب، ولبنان نموذج على ذلك.

بعيداً عن هذا الأمر، دعا فيلتمان لوقف تجميد هذه الأموال ودعمها للجيش اللبناني الذي دعا بصورة غير مباشرة في خطابه لمواجهة حزب الله. في الحقيقة، لا يعدّ فيلتمان سوى أحد المروّجين لهذه الفكرة في الإدارة الأمريكية التي اعتادت تقديم المساعدات المشروطة للجيش، ومن ضمن هذه الشروط: منع تسلّح الجيش شرقاً وحصوله على أسلحة يستخدمها ضدّ الكيان الإسرائيلي.

الجزء الكبير من المساعدات الأمريكية المقدّمة للجيش تجعل منه جهازاً شبيهاً بالشرطة، بدلاً من الجيش وتجربة مخيم نهر البارد عام 2007 خير دليل على ذلك. مواجهة حزب الله عاجلاً أم آجلاً. تشير صحيفة «هآرتس» في هذا السياق إلى أن مجلس النواب الأمريكي يناقش ملف المساعدات للجيش اللبناني في سياق دراسة اقتراح قانون يسمى «مكافحة حزب الله في التشريع (القانون) العسكري الخاص بلبنان» Countering Hizballah in Lebanon’s Military Act.

باختصار، لخّص مشهد عوكر جوهر الحراك الصادق والعفوي في لبنان، البعيد عن التدخلات والأجندات السياسيّة، فاللبنانيون يتظاهرون في الشارع ضد الفساد الذي ترعاه واشنطن وتستثمر أمواله في بنوكها، وخروجهم هو في الحقيقة خروج على سياسات الإدارة الأمريكية في لبنان.

المصدر: الوقت

رایکم