۱۵۴۸مشاهدات
رمز الخبر: ۴۲۲۸۱
تأريخ النشر: 03 September 2019

منذ ان انبثقت الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ أكثر من اربعين عاما وحتى الآن، وأميركا واوروبا تشعران بصداع دائم من ايران الاسلامية، ولكن هذا الصداع يبدو يزداد حدة كلما تقدم الوقت.

فلم تفلح كل المؤامرات والضغوط حتى الآن، ليس فقط في إسقاط نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، بل حتى من إجباره على التنازل والتراجع، وعلى العكس، فكل هذه الضغوط والعقوبات والحصار جعلت ايران الاسلامية تزداد قوة يوما بعد آخر.

واليوم يبدو ان قادة اميركا واوروبا لم يشعروا بالعجز كأي يوم مضى، في فرض إملاءاتهم الاستكبارية في الصراع المستمر ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية.. فقد أخفق الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريق إدارته في تحقيق أهدافه رغم فرضه حربا اقتصادية شعواء ضد ايران، ورغم تلويحه بخيار القوة ورغم إرسال حاملات الطائرات وتوجيهها الى منطقة الخليج الفارسي.

فقد كان أحد اهداف ترامب المعلنة من وراء حربه الاقتصادية وتهديداته ضد ايران، هو دفعها الى الجلوس الى طاولة المفاوضات؛ التفاوض حسب المعايير الاميركية، والذي يرمي للحد من نفوذ ايران الاقليمي وتقليم اظافرها.

كما ان اوروبا أخفقت كذلك في جعل ايران الملتزم الوحيد بالاتفاق النووي دون ان ينفذ الجانب الاوروبي حصته من الاتفاق، إذ ان ايران صبرت لعام كامل، بعد ان انسحب ترامب من الاتفاق النووي، واستئنافه الحظر على طهران، وبعد ذلك اتخذت خطوات متتالية للتخفيف من التزاماتها في الاتفاق مع تحديد مهلة 60 يوما بين الخطوة والاخرى، الامر الذي جعل اوروبا تستنفر مبادراتها من اجل اقناع ترامب لإبداء نوع من المرونة مع إيران، او لتقديم مقترحات لطهران تتضمن بعض التلبية لمطالبها، حيث تجري حاليا مباحثات في باريس بين الخبراء الايرانيين والفرنسيين لدراسة السيناريوهات المحتملة لمبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون، إذ لم يتبق امام الخطوة الايرانية الثالثة للتخفف من التزاماتها النووية، سوى ايام قلائل، وجربت اوروبا مدى جدية إيران في هذا المجال.

وخلال مهلة الستين يوما الثانية، حدثت امور عززت نجاحات ايران وزادت من صداع اميركا واوروبا، بما في ذلك إسقاط طائرة التجسس الاميركية المسيرة المتطورة التي تعتبر الاغلى والاكثر تطورا من بين طائرات التجسس الشبح، ما شكل مفاجئة من العيار الثقيل ليس فقط لأميركا بل للعالم اجمع، وبعث رسائل متعددة الأوجه الى الاصدقاء والاعداء، طمأنة للاصدقاء وتحذير للأعداء، بأن ايران لا تخشى المواجهة ومستعدة للرد على اي عدوان.

والامر الآخر هو إفشال ايران للمؤامرة الاميركية البريطانية في احتجاز ناقلة النفط الايرانية في مضيق جبل طارق من قبل البحرية البريطانية بطلب اميركي، فقامت باحتجاز ناقلة بريطانية في مضيق هرمز، بعد ان ارتكبت عدة مخالفات، فاضطرت سلطات جبل طارق الى الافراج عن الناقلة الايرانية في حين ان الناقلة البريطانية مازالت محتجزة الى ان تأخذ الاجراءات القضائية مجراها. هذا كان من شأنه ان يفرض على الاطراف الاخرى احترام سيادة ايران وعدم التحرش بها.

هذه الامور تسببت بمزيد من الصداع لأميركا واوروبا. فأميركا وحلفاؤها لا يمكنهم شن حرب على الجمهورية الاسلامية الايرانية، لأن عواقبها لن تكون محمودة اقليميا وعالميا، ومن جهة اخرى لم يتمكن الغرب من فرض شروطه على ايران ولا تصفير صادراتها النفطية، وذلك بسبب وجود رفض من قبل الصين وروسيا ودول اخرى، حيث استفادت ايران كثيرا من الحرب الاقتصادية بين العملاقين الصيني والاميركي، ومما زاد من صداع ترامب بشأن ايران، هو إقباله على خوض منافسة انتخابية لولاية ثانية وإن اراد الفوز فيها، فهو بحاجة الى إنجاز يخدم حملته الانتخابية، إلا انه فشل في تحقيق ما كان يراهن عليه من جر ايران الى التفاوض.

أما اوروبا فقد بدأت تشعر بأن مصالحها معرضة للخطر بسبب الحرب الاقتصادية الاميركية على كل من ايران وروسيا والصين. كما ان استمرار عدم تنفيذ الجانب الاوروبي لالتزاماته بالاتفاق النووي، سيؤدي بالتالي الى ان لا تلتزم به ايران، وعندها سيكون من الصعب جدا إقناعها بالرجوع الى طاولة المفاوضات، لأن شرط طهران سيكون رفع الحظر اولا ثم الالتزام بالحد من النشاطات النووية، لأنها ذاقت نتيجة ثقتها بأوروبا والغرب بشكل عام.

وهنا جاءت المبادرة الفرنسية لتحقق اختراقا في الازمة، بحيث تفضي الى عقد لقاء بين الرئيسين الايراني حسن روحاني والاميركي دونالد ترامب، وتقوم الادارة الاميركية بشكل تدريجي برفع الحظر عن ايران كأن تبدأ ذلك بإعفاء بعض الدول من العقوبات الاميركية المفروضة على استيراد النفط الايراني الخام، يلي ذلك فتح اوروبا لقناة تبادل مالي، وفي المقابل المطلوب من ايران أن تتعهد رسميا بعدم تصنيع القنبلة النووية، ورغم ان ايران اكدت للغرب وجود فتوى من قائد الثورة بتحريم هذه القنبلة، لكن الغرب لا يفهم لغة الفتوى، ويريد وثيقة رسمية. وتمثل رد الرئيس الايراني على هذه المبادرة، بأنه مستعد لأي لقاء ولكن بشرط ان يتم قبله رفع الحظر عن ايران وأن تنفذ اوروبا التزاماتها في الاتفاق النووي.

هذا الصداع الاميركي الاوروبي المزمن امام ايران، لا حل له سوى ان يعترف الغرب بإيران كلاعب ليس فقط اقليمي بل لاعب دولي، وعودة أميركا الى الاتفاق النووي ورفع الحظر تماما، فإن تم تلبية شروط طهران فبها ونعمت وسيكون هذا نصرا قويا يضاف الى قائمة انتصارات ايران، وإن لم تتم تلبية شروطها، فالصداع مستمر، والزمن والظروف لا تخدم الغرب بل العكس فمحور المقاومة بزعامة ايران ماض في تعزيز قدراته يوما بعد آخر، فيما الغرب بزعامة أميركا آيل للأفول، وهذا ما يؤكده الكثير من المفكرين والباحثين حتى من نفس الغربيين. فهل من متعظ؟!

رایکم