۵۹۴مشاهدات
رمز الخبر: ۳۹۱۶۰
تأريخ النشر: 13 September 2018

شبکة تابناک الاخبارية - شفقنا: اكتفت إسرائيل بمراقبة ما يجري عندما كانت الانتفاضة السورية مشتعلة. وحافظت على علاقة محدودة مع المعارضين في منطقة القنيطرة؛ للتأكد من أن الحرب لن تصل إلى مرتفعات الجولان.

قال جوناثان سباير في مقال له على موقع مجلة «فورين بوليسي»: إن إسرائيل قد انخرطت بكل ثقلها في الحرب الأهلية السورية للتصدي لإيران، بيد أنه ليس من الواضح إذا ما كان يمكنها تحقيق أهدافها هناك أم لا.

ويرى سباير أنه اتضح مؤخرًا أن إسرائيل تشن حربًا سرية ضد إيران في سوريا. والأداة الرئيسية لهذه الحرب هي القوة الجوية، ومن المفترض أنها تتم بناءً على معلومات استخبارية لتزويد طياري البلاد بالأهداف المحددة؛ وتشير بعض الأدلة إلى أن الاغتيالات هي من بين تكتيكات إسرائيل في سوريا. الهدف من هذه الحملة، كما قال بوضوح كبار المسؤولين، مثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع أفيجدور ليبرمان، هو إجبار إيران ووكلائها على الانسحاب الكامل من سوريا.

ولكن بالنظر إلى استراتيجية الحكومة –يستدرك سباير– فمن غير المحتمل تحقيق هذا الهدف. لكن هدف تعطيل جهود طهران لترسيخ نفسها في سوريا في متناول اليد.

تشن إسرائيل بين حين وآخر قصفًا ضد النظام السوري وأهداف لحزب الله، منذ اشتعال الحرب الأهلية في البلاد. ولكن ابتداءً من هذا العام، حدثت زيادة حادة في وتيرة هذه الهجمات، وبدأ الاستهداف المباشر للمرافق الإيرانية والموظفين الإيرانيين. والسبب في ذلك –وفقًا لسباير– هو أن شعلة الانتفاضة السورية على وشك أن تنطفئ.

اكتفت إسرائيل بمراقبة ما يجري عندما كانت الانتفاضة مشتعلة. وحافظت الحكومة الإسرائيلية على علاقة محدودة مع المعارضين في منطقة القنيطرة؛ للتأكد من أن الحرب لن تصل إلى مرتفعات الجولان، وتدخلت تدخلًا متقطعًا لتعطيل إمدادات الأسلحة إلى حزب الله في لبنان. ولكن بخلاف ذلك، كانت إسرائيل سعيدة بمشاهدة نظام بشار الأسد وإيران والإسلاميين السنة وهم يتقاتلون في ما بينهم.

لكن هذا العام، أصبح من الواضح أن الانتفاضة، بفضل التدخل الإيراني والروسي، ستنهزم. لذا لم تعد إسرائيل قادرة على تحمل ترف التراخي النسبي، إذا رغبت في منع ترسيخ بنية تحتية مستقلة للحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية، على غرار قواعده الموجودة في لبنان والعراق. لقد بدأت إسرائيل بالاستهداف المباشر لهذه البنية التحتية الوليدة سريعًا.

بشار الأسد خلال استقباله مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف.

إن من الصعب تتبع الخطوط الدقيقة لهذه الحملة –يشير سباير– بالنظر إلى تحفظ إسرائيل على إعلان المسؤولية عن الهجمات. ومن مصلحة إيران والأسد في بعض الأحيان تجنب إعلان الضربات الإسرائيلية.

كان أكبر اشتباك بين الجانبين قد وقع في 10 مايو (أيار) الماضي –ينوه سباير–، عندما ردت القوات الإيرانية على قصف إسرائيلي بإطلاق 20 صاروخ جراد وصواريخ فجر 5 باتجاه المواقع الإسرائيلية في هضبة الجولان، ثم شنت إسرائيل عملية جوية واسعة النطاق، استهدفت البنية التحتية الإيرانية في كل مكان في سوريا. شاركت في هذه العملية 28 طائرة، وجرى إطلاق 70 صاروخًا، وفقًا لأرقام وزارة الدفاع الروسية.

وشملت الأهداف مجموعة متنوعة من المرافق التي يحتفظ بها الحرس الثوري الإيراني في سوريا: مجمع عسكري ومجمع لوجيستيات يديره فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في الكسوة، وهو معسكر للجيش الإيراني شمال دمشق، ومواقع تخزين الأسلحة التابعة لفيلق القدس في مطار دمشق الدولي، ونظم الاستخبارات والمنشآت المرتبطة به.

وقد تعهد نتنياهو مؤخرًا بمواصلة الحملة –يؤكد سباير–، إذ قال أمام حشد من الجمهور في بلدة ديمونا بجنوب إسرائيل في 29 أغسطس (آب): «إن قوات الدفاع الإسرائيلية ستواصل التصرف بكل حزم وقوة ضد محاولات إيران إبقاء القوات وأنظمة الأسلحة المتقدمة في سوريا».

حولت إسرائيل خطابها إلى أفعال بعد وقوع سلسلة من الانفجارات في نهاية الأسبوع الماضي، في مطار المزة العسكري قرب دمشق. ونسب كل من موقع «الميادين» المؤيد للنظام، والمرصد السوري لحقوق الإنسان الموالي للمتمردين الهجوم إلى إسرائيل، لكن تل أبيب صمتت في هذا الشأن. وفي وقت لاحق نفى التلفزيون السوري الرسمي ووكالة الأنباء الرسمية «سانا» وقوع أي هجوم إسرائيلي.

وبالمثل –يؤكد سباير– استهدف هجوم جوي قافلة إيرانية بالقرب من التنف في جنوب سوريا في 3 سبتمبر (أيلول)، دون أن تعلن أي جهة المسؤولية. قتل مواطن إيراني وسبعة سوريين في الهجوم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. تحتفظ قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة بقاعدة في التنف، لكن التحالف نفى أي تورط في الحادث. تقع التنف شرق معبر القنيطرة ومرتفعات الجولان. لكن مخاوف إسرائيل لا تقتصر على منطقة الحدود. إذ تشعر إسرائيل بالقلق أيضًا من البنية التحتية المادية، ومرور أفراد الميليشيات المرتبطة بإيران عبر الحدود بين العراق وسوريا.

مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي مع الرئيس السوري بشار الأسد– المصدر بلومبرج

في منتصف يونيو (حزيران)، وقعت غارة جوية على الحارة، جنوب شرقي البوكمال على الحدود السورية العراقية، استهدفت قاعدة لحزب الله؛ فقتل 22 من أعضاء الحزب. لم تعلن أي دولة مسؤوليتها عن الهجوم. ولكن نقلت رويترز عن قائد ميليشيا إيراني قوله إن الولايات المتحدة ربما تكون مسؤولة. لكن مثل هذا الإجراء سيكون مخالفًا بشكل مباشر النهج الأمريكي الذي يمكن ملاحظته عمومًا في ما يتعلق بالميليشيات الشيعية العراقية. تسعى واشنطن إلى الهزيمة السياسية للميليشيات، دون إشعال حرب بين العناصر السياسية في العراق.

وأخيرًا، فإن عمليات القتل المجهولة بحق عزيز أسبر، رئيس مركز الدراسات والبحوث العلمية السورية في مصياف، وأحمد عيسى حبيب، قائد الدائرة الفلسطينية في المخابرات العسكرية السورية، في 5 و18 أغسطس، على التوالي، أدت إلى بعض التكهنات حول المسؤولية الإسرائيلية المحتملة.

يرى سباير أن ما يحدث هو حملة مستمرة تهدف إلى تعطيل محاولة إيران لتعزيز تواجدها في سوريا. فهل ستنجح الحملة الإسرائيلية؟ من الصعب رؤية كيف يمكن لتل أبيب أن تحقق هدفها الأقصى المتمثل في الانسحاب الإيراني الكامل من سوريا. إن الاستثمار الإيراني في سوريا كبير جدًا، وطويل الأمد. لقد أنفقت طهران ما يزيد على 30 مليار دولار في سوريا على مدى السنوات السبع الماضية. والمشروع الإيراني متعدد الأوجه، ويشمل إنشاء هياكل داخل قوات الأمن الرسمية السورية، مثل قوات الدفاع الوطني، والميليشيات. لذا فمن المستبعد أن تؤدي الهجمات الجوية وعمليات الاغتيال إلى اتخاذ قرار استراتيجي من جانب إيران بالتخلي عن كل هذه الاستثمارات.

ربما يكون من الملائم أكثر النظر إلى الحملة الإسرائيلية على أنها أحد عناصر جهد أوسع نطاقًا متعدد الأطراف لاحتواء المكاسب التي حققتها إيران في السنوات الأخيرة، في جميع أنحاء المنطقة –يضيف سباير– ويشمل العقوبات الجديدة التي تفرضها الولايات المتحدة، وجهود دول إقليمية أخرى في جبهات أخرى.

ولكن بالنظر إلى عمق الاستثمارات الإيرانية في سوريا ونطاقها، والإجراءات الإسرائيلية المتقطعة نسبيًّا، يبدو من المرجح أن يكون الصراع طويل الأمد. تختلف الحملة الإسرائيلية عن سياسة البلاد نحو المناطق المضطربة الأخرى على حدودها، مثل جنوب لبنان الخاضع لسيطرة حزب الله، وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس. هذه هي الطريقة المألوفة «لقطع العشب»، والتي يتم تنفيذها على مساحة أكبر من العشب، واستخدام مجموعة أوسع وأكثر تعقيدًا من المعدات لهذا الغرض.

رایکم