۵۶۷مشاهدات
وفي 2015 توج منصور بجائزة «مارتين إينالز» السويسرية المرموقة، والتي تمنح للمدافعين عن حقوق الإنسان، تكريمًا لنشاطه الحقوقي في بلاده، لكنه لم يتمكن من السفر لاستلامها.
رمز الخبر: ۳۸۵۲۰
تأريخ النشر: 07 June 2018

شبکة تابناک الاخبارية: في زنازين معتمة، ضيقة وربما باردة، في بعض «مدن الملح» بحسب التعبير الشهير الذي استخدمه عبد الرحمن منيف في سلسته الروائية الشهيرة عن الخليج العربي؛ يقبع بعض النشطاء والحقوقيون الذين نادوا بالإصلاح، وآمنوا بالحق في التعبير عن الرأي بأريحية تامة بعيدًا عن التحيز لرأي الدولة أو المجتمع، وسعوا بدأب حثيث من أجل حصول المواطنين رجالاً ونساءً، على حدٍ سواء، على كامل حقوقهم دون اجتزاء، وقرروا نزع رداء الخوف وعبروا عن آرائهم التصادمية، ونقد الجالسين فوق كراسي الحكم، على أمل إحداث حراك إصلاحي قادر على انتزاع الحقوق وإشاعة حرية الرأي؛ لكن هذه المطالب والتحركات الإصلاحية، قوبلت بالقمع والتنكيل والتعذيب أحيانًا، والاتهام بالخيانة والعمالة و«الإعابة»، وانتهت بالتشهير والجلد والسجن والحبس المهين، الذي يتعارض مع حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية.

إصلاحيو جدة.. وثيقة الإصلاح السياسي التي رفعوها للملك كانت تذكرتهم للسجن

لم يخطر ببال بعض الأكاديميين والحقوقيين الذين اجتمعوا لمناقشة مشروع إنشاء جمعية لحقوق الإنسان تهتم بنشر الوعي الحقوقي للمواطن وكتابة وثيقة إصلاح سياسية في المملكة العربية السعودية، أن يكون جزاء ذلك السجن لمدة يصل مجموعها 228 عامًا.

ففي فبراير (شباط) عام 2007، أثناء اجتماع بعض الأكاديميين والحقوقيين، ذوي المطالب الإصلاحية، في استراحة خاصة بالمحامي عصام بصراوي بمدينة جدة، من أجل كتابة وثيقة إصلاح سياسية، تُرفع لمقام الملك، ومناقشة مشروع إنشاء جمعية «التجمع الوطني السلمي العلني»، ومعرفة الخطوات المطلوب اتخاذها كي تُعتمد جمعية رسمية، لها نشاطات معلنة تحت مظلة الدولة، داهمت جهات أمنية الاستراحة، وألقت القبض على تسعة سعوديين، على رأسهم القاضي الإصلاحي سليمان الرشودي وسعود الهاشمي، وموسى القرني والمحامي عصام البصراوي، ثم عادت بعد أشهر وألقت القبض على سبعة آخرين، ليُضموا للقضية ذاتها.

وتناقلت وسائل الإعلام السعودية آنذاك خبر القبض على ما أسمته «خلية الاستراحة»، واصفة إياهم بأنهم مشبوهين، متهمين بتأسيس تنظيم هدفه إشاعة الفوضى والوصول إلى السلطة بالاستعانة بأطراف خارجية، وبعد البدء في التحقيقات، أعلن مصدر أمني من وزارة الداخلية أن هذه الخلية تنظيم سري ضمَّ عددًا من الأكاديميين، بهدف إشاعة الفوضى، والوصول إلى الحكم في البلاد، بالتعاون مع تنظيم القاعدة التي باركت الخلية -بحسب التصريح- أنشطته داخل المملكة، بالإضافة إلى صلة هذه الخلية بأجهزة استخبارات أجنبية.

وكان سعود الهاشمي، المعروف بجهوده الإغاثية في كل من العراق وفلسطين، قد قام وبصورة علنية تحت مرأى ومسمع الدولة، بجمع تبرعات من أجل الشعب العراقي إبان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، مما دفع وزير الإعلام السعودي فؤاد بن عبد السلام الفارسي آنذاك، وبتوصية من الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود وزير الداخلية، إلى إرسال برقية شكر له على جهوده في جمع التبرعات، تلك الجهود التي صارت لاحقًا ضمن التُهم الموجهة إليه هو وسبعة من الموقوفين في قضية إصلاحيي جدة.

وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد نددت في بيان لها، بالقبض على هؤلاء الإصلاحيين، مؤكدة أن: «الرجال جميعًا على صلةٍ بالدعوة إلى الإصلاح؛ كما أن السرية التي تحيط باعتقالهم واحتجازهم بموجب مزاعم غامضة حول تمويل الإرهاب في العراق توحي بأن للاعتقال بواعث سياسية».

وظلت هذه المجموعة قيد الاعتقال لسنوات طويلة، وسرى الحديث عن انتهاكات قانونية في اعتقالهم وعن حالات تعذيب قاسية وانتهاكات تعرضوا لها من أجل انتزاع اعترافاتهم، وصرّح عبد الله بن أحمد بن فتحي الجندي الرفاعي (المتهم الحادي عشر في قضية إصلاحيي جدة) بعد الإفراج المؤقت عنه، عن نزع اعترافاته بالتعذيب الذي شمل التهديد بالاغتصاب والضرب المبرح وقلع الأضافر والمساومة على إسقاط التهم مقابل أن يتحول إلى جاسوس.

وفي نهاية عام 2011، أو ما يُعرف بعام الربيع العربي، أصدر القضاء السعودي، أقسى حكم في تاريخه، وصل مجموعه 228 سنة سجنًا، بالإضافة إلى غرامات مالية ضخمة، وسنوات منع من السفر بعد انقضاء المحكومية، بدعوى قيام المتهمين بالخروج على ولي الأمر، ونزع يد الطاعة من خلال الاشتراك بتأسيس تنظيم سري، يهدف إلى إشاعة الفوضى، والوصول إلى السلطة، وعقد الاجتماعات السرية لوضع الخطط الاستراتيجية لهذا التنظيم، وانتهاج منهج الخوارج في تكفير ولي الأمر والطعن في ديانته، وغسيل الأموال من خلال جمع التبرعات والتحريض على ذلك.

وعقّبت منظمة العفو الدولية على هذه الأحكام بالقول: «في الوقت الذي يبدو فيه أن بعض هذه التهم خطير للغاية، فإن من المعروف أنَّ للسلطات السعودية سجلاً في معاقبة الأشخاص الذين يدعون إلى التغيير السياسي السلمي واحترام حقوق الإنسان ليس إلا، وتصنفهم بأنهم يشكلون تهديداً أمنياً ، ونظراً لأن إجراءات المحاكمة في هذه القضية كانت جائرة بشكل صارخ، وأن العديد من الاتهامات الموجَّهة إلى أولئك الأشخاص تتصل بممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير والاشتراك في الجمعيات، فإن من المرجح أن يكون بعض هؤلاء المحكومين، على الأقل، من سجناء الرأي».

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وبعد الإفراج عن أحد إصلاحيي جدة؛ عبدالرحمن صديق (71 عامًا)، والذي كان يُعد أكبر معتقل سياسي في البلاد، بعدما سبق الإفراج عن المحامي سليمان الرشودي (80 عامًا)، غرد الكاتب السعودي جمال خاشقجي، عبر حسابه الموثق على تويتر، قائلًا: «كنت في مكتبي بالسفارة بواشنطن عندما تلقيت خبر اعتقال صديقي موسى القرني وزملائه من #إصلاحي_جدة ومن بينهم عبدالرحمن صديق، ثم بمكتبي بالوطن عندما جرت محاكمتهم، شعرت بالخجل كلا المرتين، أنني لم أستطيع قول كلمة أنصرهم بها، شعور مهين أريد أن أتحرر منه ما حييت».

رائف بدوي، المحكوم عليه بالسجن 10 سنوات، علاوة على ألف جلدة وغرامة مليون ريال، لاتهامه بـازدراء الدين الإسلامي، هو مدون وصحافي سعودي، أطلق في عام 2006 موقعًا إلكترونيًا يحمل اسم «الشبكة الليبرالية السعودية الحرة»، بهدف «تثقيف المجتمع بواجباته وحقوقه»، الأمر الذي لم يلقَ قبول الكثير من السعوديين،بسبب ما يطرحه من أفكار تصادمية مع المجتمع، تُشكك في التفسير السائد المتعارف عليه لأحكام الدين الإسلامي، وانتقاده طريقة علاج دعاة الدين لمشكلات المجتمع ومناقشة دور الدين في المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى عرضه تفاصيل لانتهاكات ارتكبتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ مما دفعه إلى قرار مغادرة البلاد، هربًا من المضايقات التي يتعرض لها.

لكن الأمور لم تسر وفق هواه، فقد أوقفته السلطات السعودية في مارس (آذار) 2008، في المطار، وخضع للتحقيق المكثف لمدة يومين، حول كتاباته المنشورة على الإنترنت، ثم أُطلق سراحه بعدها، ومنع من السفر، ثم توالت المضايقات دون أن يُعتقل رسميًّا، وجُمد حسابه المصرفي عام 2009.

وبعدها، بدأ رجال الدين بالتحريض عليه، ومطالبة الدولة بالأخذ على يده، وجعله عبرة لمن لا يعتبر، ثم أصدر الشيخ عبد الرحمن البراك، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقًا، فتوى بتكفير «رائف بدوي»، وأنه يجب محاكمته لأن ما يكتبه -بحسب البراك- نوعًا من الكفر؛ مُعللا فتواه بما قاله بدوي من أن المسلم واليهودي والنصراني والملحد كلهم سواء، وإظهاره التضايق من دخول شهر رمضان واتهامه للمسلمين بالنفاق، وتأكيده على أن البشرية لم تجد تفسيرًا صحيحًا لما تصير إليه بعد الموت.

إن التدوين ليس جريمة، وإن العقوبة القاسية لرائف بدوي تُظهر ازدراء السلطات السعودية الصارخ لحرية التعبير وإلى أي مدى يصل استعدادها لقمع كافة أشكال المعارضة. *سماح حديد، مديرة الحملات في مكتب بيروت الإقليمي لمنظمة العفو الدولية.

وفي يونيو (حزيران) 2012، اعتُقِل المدون السعودي، وتم اتهامه بـعقوق الوالدين، ومخالفة نظام مكافحة جرائم المعلوماتية السعودي بإنشاء موقع إلكتروني يمس النظام العام، ومساعدة الآخرين في ذلك، وفي عام 2013 تم الحكم عليه بالسجن سبع سنوات والجلد 600 جلدة، بعدما لم تثبت عليه تهمة الردة، وعندما استأنف الحكم، قامت محكمة الاستئناف في عام 2014، بزيادة العقوبة إلى 10 سنوات وألف جلدة وغرامة مليون ريال، وفي يناير (كانون الثاني) 2015 جُلد أول 50 جلدة في ساحة عامة في جدة، الأمر الذي لقي انتقادات من الحكومات الدولية وإدانة واسعة من منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش، ليتم تأجيل تنفيذ بقية الجلدات المقررة في الحكم إلى أجل غير مسمى، ولا يزال بدوي رغم كل المناشدات الدولية، يقبع في السجن المركزي بالظهران، بينما استطاعت زوجته وأبناؤه الثلاثة الفرار إلى كندا والحصول على حق اللجوء السياسي هناك.

ربما لا يعلم الكثيرون، ممن عرفوا اسم عبد الهادي الخواجة بعد متابعة التظاهرات البحرينية المتزامنة مع الربيع العربي في فبراير (شباط) 2011، أن تاريخ الخواجة قديم ويمتد إلى ثمانينيات القرن المنصرم، عندما بدأ نشاطه الحقوقي في أوروبا، إبان اضطرابات البحرين السياسية آنذاك، ليلتحق بركب الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، ويشارك في تأسيس «لجنة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في البحرين» عام 1982، التي واصل العمل فيها حتى حصوله على اللجوء السياسي في الدنمارك عام 1991؛ ثم أسس في عام 1992 بالاشتراك مع مجموعة من البحرينيين المقيمين في الخارج «المنظمة البحرينية لحقوق الإنسان»، والتي اتخذت من العاصمة الدانماركية مقرًا لها، ولعبت دورًا بارزًا في التحرك الدولي فيما يتعلق برصد انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين أثناء تسعينيات القرن الماضي، ثم عاد إلى البحرين مع بداية الإصلاحات السياسية سنة 2001، ليؤسس مركز البحرين لحقوق الإنسان.

وفي عام 2004، وبسبب خطاب انتقد فيه رئيس الوزارء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، بعنوان: «من يسرق قوت الفقراء؟ من غير رئيس الوزراء؟»، ساردًا فيه انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين والتمييز الطائفي، والفساد ونهب الأموال وقمع حرية التعبير من وجهة نظره؛ ومع تحول عنوان الخطاب إلى شعار سياسي يهتف به البحرانيون الغاضبون؛ جرى اعتقال الخواجة وإغلاق المركز الحقوقي الذي أسسه.

ونشاط الخواجة الحقوقي لم يكن محصورًا داخل المملكة الخليجية فقط، بل تجاوزها وامتد إلى خارجها؛ إذ شارك في لجنة منظمة العفو الدولية لتقصي الحقائق بعد غزو العراق، و في عام 2005، أصبح عضوًا وخبيرًا في المجموعة العربية لمراقبة أداء الإعلام والتي قامت بمراقبة دور الإعلام في الانتخابات في سبع دول عربية، علاوة على كونه عضوًا بالمجلس الاستشاري لمركز دمشق لحقوق الإنسان،وجرى انتخابه في الدوحة ليكون أحد ممثلي مؤسسات المجتمع المدني العربية للمشاركة فى منتدى المستقبل في البحرين عام 2005؛ ووقع الاختيار عليه عام 2007 ليكون عضوًا في هيئة المستشارين بمركز معلومات الاقتصاد وحقوق الإنسان، والذي ترأسه «ماري روبنسون» مفوضة الأمم المتحدة السابقة لحقوق الإنسان.

وعمل الخواجة أيضًا خلال عامي 2006 و2007 مع منظمة فرونت لاين الدولية، على ترجمة الدليل الإلكتروني للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك الأدلة التدريبية المتعلقة بحماية نشطاء حقوق الإنسان، بالإضافة إلى ترجمة موقع المنظمة الإلكتروني والعديد من التقارير والوثائق الأخرى الصادرة عن المنظمة.

عبدالهادي الخواجة جرى اعتقاله على خلفية تظاهرات البحرين المتزامنة مع الربيع العربي عام 2011، وأُبرح ضربًا، لدرجة دخوله المستشفى العسكري لإجراء عملية في الوجه والفكين، وحُكم عليه في عام 2012 مع آخرين بالسجن مدى الحياة، بتهم: تنظيم وإدارة منظمة إرهابية، ومحاولة قلب نظام الحكم بالقوة بالتنسيق مع منظمة إرهابية تعمل لصالح بلد أجنبي، وجمع الأموال لصالح جماعة إرهابية، ورفضت البحرين تسليمه إلى الدنمارك بعد طلب الأخيرة ذلك، وبحسب المدافعين عنه، يعاني في السجن من أعمال انتقامية بعد احتجاجه على سوء الأوضاع والانتهاكات التي تجري هناك؛ وقد ساهم الخواجة في التوعية العامة بحقوق الإنسان عبر الندوات الجماهيرية والفعاليات الشعبية، وقام بتدريب المئات من النشطاء والمهتمين بحقوق الإنسان في البحرين، وله ابنتان تسيران على دربه الحقوقي، وتنشطان من أجل حقوق الإنسان ومعارضة النظام.

عبدالله حبيب.. الدولة لم تنس ثأرها مع معتصمي ساحة الشعب في 2011

تظاهرات 2011، كانت خطوة إلى الأمام وكسرت حاجز الخوف لدى المواطن العماني. * الكاتب والشاعر المعارض عبدالله حبيب

مع انطلاق ثورات الربيع العربي في عام 2011، ومحاولة بعض الشعوب الخليجية كسر دائرة الخوف والخروج إلى الشارع، مطالبين بحقوق وإصلاحات، لم يستطع الأديب والناقد السينمائي العماني عبدالله حبيب، إلا التماهي مع جموع الناس، والخروج معهم في تظاهرات سلمية داعية للديمقراطية، والاعتصام في ساحة الشعب أمام البرلمان العماني في العاصمة مسقط، مُطالبًا بالإصلاح وحماية حقوق الإنسان وبتحسين ظروف المعيشة في عمان.

ولأن موجة الربيع العربي كسرت حاجز الخوف بحسب قوله، فإن الأديب البارز، لم يتوان بعدها في نقد الأحوال المعيشية في السلطنة، معلنًا بصورة واضحة انحيازه التام للعدالة والمساواة، وذلك عبر منشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي أبريل (نيسان) 2016، كتب حبيب على حسابه عبر موقع فيسبوك مطالبًا السلطات العمانية، بالكشف عن مقابر مقاتلي «جبهة التحرير الشعبية» ذات التوجهات الشيوعية، التي ناضلت في ستينيات القرن الماضي ضد الضرائب الباهظة التي فرضها السلطان سعيد بن تيمور والد السلطان قابوس، إذ كتب يقول: «الجبهة الشعبية انتهت ولم تعد تمثل تهديدًا سياسيًا أو عسكريًا للحكومة، والحكومة العمانية لديها التزام بسيط وأخلاقي، وهو الكشف عن مواقع مقابر الشهداء الذين تم إعدامهم في ذلك الوقت. نحن في انتظار قرار شجاع من الحكومة للإعلان عن ذلك، الأمر الذي سيساهم في إحداث إصلاح أو مصالحة وطنية، ولن تتحول المقابر الجماعية إلى مزارات ثورية. بل على العكس من ذلك، فإن حق الأم زيارة قبر ابنها في عيد».

تسبب هذا المنشور في اعتقاله يوم 16 أبريل، لمدة عشرين يومًا، ثم ما لبث أن اعتُقل مرة أخرى في الفترة من 11 وحتى 28 يوليو (تموز) 2016، بتهم التجديف والإساءة للنظام العام بعد منشورات أخرى كتبها، ينتقد فيها التدين الشكلي في رمضان والبذخ الغذائي المفرط خاصة في بلدان الخليج في الوقت الذي يكثر فيه عدد الجوعى في العالمَين العربي والإسلامي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، حُكِم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وغرامة 2000 ريال عماني، بتهمة انتهاك المادة 19 من قانون جرائم تقنية المعلومات وذلك بسبب: «استخدام الإنترنت في ما من شأنه المساس بالنظام العام للدولة» بالإضافة إلى تهمة «ازدراء الأديان»، وأيدت محكمة الاستئناف هذا الحكم في أبريل الماضي.

وترى منظمة هيومان رايتس ووتش، أن هذه التهم غالبًا ما يتم فرضها على المدافعين عن حقوق الإنسان بما في ذلك نشطاء الإنترنت، وأن الحكم مُسيس، ويندرج ضمن سلسلة من الإجراءات التي تتخذها الدولة العمانية، ضد الكتّاب والنشطاء والحقوقيين الذين كان لهم دور في اعتصامات عام 2011، وأن السلطنة تستهدف النشطاء السلميين، والمدونين المؤيدين للإصلاح ومنتقدي الحكومة باستخدام الاعتقالات قصيرة المدى والاحتجاز وغيرها من أشكال المضايقات.

وبالرغم من أن حبيب مسجون بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، إلا أنه يقبع في مركز الإيواء في سجن سمائل المركزي والمخصص للمتسللين غير الشرعيين إلى البلاد وكذلك المتهمين بالاتجار في وجلب المخدرات.

أحمد منصور.. السجن 10 سنوات للمعارض الذي تكلف مراقبته مليون دولار!

أحمد منصور من الأصوات النادرة التي تنتقد علنًا في دولة الإمارات العربية المتحدة. *منظمة العفو الدولية

بموجب قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية الذي أصدرته دولة الإمارات عام 2012،الذي يُجرم نشر أي معلومات مغلوطة أو شائعات على الإنترنت بهدف «السخرية أو الإضرار أو الإساءة لسمعة الدولة»، حُكِم قبل أيام على الناشط الحقوقي أحمد منصور الشحي، بالسجن 10 سنوات، وغرامة مالية قدرها مليون درهم، بالإضافة إلى خضوعه للمراقبة لمدة ثلاث سنوات بعد انتهاء مدة محكوميته، بتهم: «خدمة أجندة تنشر الكراهية والطائفية، والعمل على زعزعة الاستقرار عبر الترويج للمعلومات الكاذبة والمضللة»، وذلك بعد توقيفه قبل عام، وتحديدًا في مارس (آذار) 2017، ومنعه من الاتصال بمحامِ، واعتقاله في زنزانة انفرادية، بالإضافة إلى تعرضه لاعتداءات جسدية وتلقيه تهديدات بالقتل، بـحسب منظمة العفو الدولية.

أحمد منصور، أحد النشطاء القلائل الذين يقومون بانتقاد ومعارضة الحكومة الإماراتية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو في الأصل مهندس كهربائي، وناشط في مجال حرية التعبير والحقوق السياسية والمدنية في دولة الإمارات منذ عام 2006، وواجه في سعيه هذا، حملات تضييق وتخويف وصلت حد الاعتداء عليه، وسبق وأن اعتقل في أبريل عام 2011، مع أربعة نشطاء آخرين، بتهمة «إهانة قادة الدولة»، وصدر ضدهم حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات في تلك القضية، التي عُرفت إعلاميًّا باسم «النشطاء الإماراتيين الخمسة»، وذلك قبل أن يصدر عفو رئاسي عنهم في نوفمبر من العام نفسه.

وكان منصور من بين 133 موقِّعا على التماس يطالب بإجراء انتخابات عامة ومباشرة في الإمارات، وبأن يُمنح المجلس الوطني الاتحادي، سلطات تشريعية؛ وسبق وأن أدار أيضًا منتدى الحوار الإماراتي عبر شبكة الإنترنت، والذي كان ينتقد السياسات الإماراتية وقادة الإمارات.

فضحت الإمارات نفسها بأنها دولة قمعية، يهمها سجن الحقوقيين أكثر من القيام بإصلاحات فعلية. طالما يقبع منصور في السجن، لن ينفع أي مبلغ مالي أو جيش من شركات العلاقات العامة في تبييض سمعة الإمارات. *سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش

وقبل اعتقاله في مارس 2017، كان منصور قد عبر عن دعمه لمواطنه الناشط الحقوقي أسامة النجار، بعدما رفضت السلطات الإماراتية الإفراج عنه، بعد انتهاء فترة عقوبته، بعد أن أدين على خلفية تغريدات كتبها النجار على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، بشأن الانتهاكات الحقوقية في بلاده.

وكانت السلطات الإماراتية، قد وضعت منصور تحت المراقبة الإلكترونية منذ عام 2011 بعد توقيفه على خلفية دعواته للإصلاح في البلاد في خضم موجة الربيع العربي، ومنعته من السفر عن طريق سحب جواز سفره وحاولت مراقبته عبر استهدافه ببرمجيات خبيثة متطورة؛ إذ أفادت منظمة «سيتزن لاب» في أغسطس (آب) عام 2016، بأن منصور تلقى رسائل نصية مشبوهة على هاتفه الآيفون، تعده بمعلومات عن المحتجزين المُعرضين للتعذيب في سجون الإمارات وتدعوه للنقر على رابط في الرسالة؛ لكن منصور، أعاد إرسال الرسالة إلى مجموعة سيتزن لاب، والتي كشفت أن الضغط على الرابط يؤدي إلى تنصيب برمجية خبيثة متطورة من إنتاج شركة برمجيات تجسس إسرائيلية، تسمح للغير بالسيطرة على الهاتف عن بُعد، وكذا السيطرة على كاميرا الهاتف، ومراقبة تطبيقات المراسلة على الهاتف، وتعقب تحركاته أيضًا، وأعلنت سيتزن لاب أن تكلفة اختراق جهاز الآيفون بمثل هذه التقنيات التجسسية، يصل إلى مليون دولار لكل جهاز، وأطلقت على منصور لقب معارض المليون دولار.

وفي 2015 توج منصور بجائزة «مارتين إينالز» السويسرية المرموقة، والتي تمنح للمدافعين عن حقوق الإنسان، تكريمًا لنشاطه الحقوقي في بلاده، لكنه لم يتمكن من السفر لاستلامها.

رایکم