۳۰۵۹مشاهدات
رمز الخبر: ۳۸۴۹۹
تأريخ النشر: 02 June 2018

شبکة تابناک الاخبارية: يرى الصحافي الشهير ستيفين إيه. كوك، في مقاله الذي نشر مؤخرًا في مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أن حلفاء أمريكا من العرب طالما كانوا يسعون لشراء صلاحيات مباشرة للتدخل في السياسة الخارجية الأمريكية، والآن أخيرًا وجدوا من يبيع لهم.

يعود الكاتب في بداية مقاله إلى 20 عامًا مضت ويقول: «حينها كنت طالبًا حديث التخرج أعيش في القاهرة، ونشرت مقالًا في صحيفة مقرها واشنطن اسمها ميدل إيست إنسايت. كانت المجلة ذات سمعة قوية، وتميزت بانفراداتها في حوارات مع شخصيات مهمة. في العدد نفسه الذي نشر فيه مقالي بعنوان (جيل مصر القادم) نشرت مقابلة مع جمال مبارك نجل الرئيس ذي فترة الحكم الأطول والذي كان بدأ لتوه في الصعود –الذي لم نشهد سقوطه النهائي بعد- على أنه وليًا للعهد».

يضيف كوك أن بعد ذلك بسنوات قليلة اختفت تلك المجلة: «عندما سمعت الخبر اكتشفت أن المجلة كانت متخصصة جدًا في بيئة إعلامية تتسع باستمرار، فهززت كتفي ومضيت».

يقول الكاتب أن مجلة «ميدل إيست إنسايت» لم تخطر على باله منذ ذلك الحين، حتى سمع عن اسم ناشرها الوحيد جورج نادر، الذي تصدر الأخبار مؤخرًا على أنه رجل دولي يلفه الغموض في وسط محاولة جلية للتأثير بشكل خفي في نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة. يبدو أن الرجل الذي كان قبل أقل من عقدين يدير مجلة سياسية صغيرة وغير مربحة على الأغلب، لكنها مؤثرة، تحول ليصبح قناة مباشرة بين محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، ومحمد بن سلمان ولي عهد السعودية وبين أقرب دائرة لدونالد ترامب، وكان ذلك قبل وبعد انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة.

يعتبر كوك قصة نادر هي مثال آخر على الفساد والطمع واستغلال النفوذ وهي أشياء يبدو أنها أصبحت عادية في واشنطن في حقبة ترامب. لكنها أيضًا تعطي نظرة أعمق في مشكلة استثنائية وغير مسبوقة: أن تقرر مجموعة من أقرب حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط أن تسخر مواردها المالية في قضية مشتركة باستخدام مجموعة من «الحمقى» للتأثير في السياسة الخارجية الأمريكية. وهي المشكلة التي يمكن إرجاعها -بطرق غير مفهومة عمومًا بعد- إلى صهر ترامب وكبير المستشارين جاريد كوشنر.

من وجهة نظر قادة كل من السعودية والإمارات وإسرائيل (هناك زاوية إسرائيلية في قصة جورج نادر لكنها لم تتضح بالكامل بعد) ومصر؛ كان هناك سبب منطقي للغاية لدى هؤلاء لدعم رئاسة ترامب لمحاولة التأثير على منهجه تجاه الشرق الأوسط، ويكمل الكاتب: «إنهم لم يكونوا راضين عن سياسة الرئيس السابق باراك أوباما تجاه الشرق الأوسط». وبينما كانوا على الأغلب يفهمون أن المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون كانت أكثر تشددًا من الرئيس الذي خدمت في مدته وزيرة للخارجية؛ فإن السعوديين والإماراتيين والإسرائيليين كانوا قلقين من أنها ستلتزم بالاتفاق النووي الإيراني، وبالتالي بسياسة أوباما تجاه إيران.

يرى كوك أن هؤلاء القادة في الشرق الأوسط يعتقدون أن كلينتون ستكون متساهلة أكثر مع الإسلاميين. إن الأمر محل إيمان في مصر بأنها هي من مكنت صعود الإخوان المسلمين ومحمد مرسي في 2011 و2012. بالنسبة لدول الخليج تعتبر مصر هي العمق الاستراتيجي، و«خسارتها» لصالح الإخوان المسلمين كانت كارثة جيوبولوتيكية كبيرة – بحسب تعبير الكاتب. أما الإسرائيليون فإنهم ولأسباب واضحة، كانوا قلقين للغاية من القوة السياسية المتصاعدة للإسلاميين في دولة الجوار، وألقوا باللوم على إدارة أوباما لما اعتبروه تخليًا عن حسني مبارك وبالتالي وضع أمن إسرائيل في خطر كبير.

ومع وجود ترامب –يستطرد الكاتب- فإن حلفاء واشنطن أصبح لديهم مرشح ورئيس أشار إلى اتفاق إيران النووي بأنه «أسوأ اتفاق على الإطلاق»، وأحاط نفسه بأشخاص إما لا يفرقون بين القاعدة والإخوان المسلمين أو أنهم ببساطة وبشكل معلن «إسلاموفوبيا»، كما أنه أعلن بصراحة أن الولايات المتحدة تدعم أصدقاءها في حربهم ضد الإرهاب. نقطة. لا محاذير أو مخاوف فيما يتعلق بحقوق الإنسان والحاجة إلى إصلاح سياسي. ويضيف كوك: «بالنسبة لهم بدا الأمر أفضل كثيرًا من تقدير الفوارق البسيطة والتعقيد اللذين كانا سمة مميزة لإدارة أوباما».

حتى وإن كان رئيس أمريكي يوافق أحد الحلفاء نظرته للعالم، فإنه –بالطبع- لا تتوقف الدبلوماسية. إن عمل السفراء ووزراء الخارجية وممثلي الحكومات الأجنبية هو الحفاظ على الولايات المتحدة على جانبهم. ويوضح الكاتب أن ذلك يتم –عادة- من خلال نقاشات رسمية مع المسؤولين الأمريكيين في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع، بالإضافة إلى اجتماعات مع أعضاء الكونجرس، أو من خلال كتابة مقالات رأي تنشر في وسائل إعلام مؤثرة؛ وهناك أيضًا قنوات تأثير غير رسمية، منها حفلات العشاء الاجتماعية في واشنطن، وحفلات السفارات، ومناسبات اليوم الوطني، وكل ما يشبه ذلك. ويضيف كوك: «لا شك أن الكثير من ذلك كان يتم على مدار عام ونصف من إدارة ترامب. ولكن كما نعلم الآن فإنه كانت هناك جهود أخرى كانت تجري بالتوازي للتأثير في السياسة الخارجية الأمريكية. وكان جورج نادر هو محور ذلك».

ينقل المقال عن صحيفة «نيويورك تايمز» التي قالت بأن نادر وإليوت برويدي نصبا مخططًا لحكومتي الإمارات والسعودية، استخدم فيه برويدي صلاته الواسعة في واشنطن، خصوصًا في البيت الأبيض، بغرض تشكيل سياسة الولايات المتحدة تجاه قطر، التي يتهمها كل من السعوديين والإماراتيين بدعم الإخوان المسلمين وتمويل التطرف والتقرب لإيران. يقول الكاتب إنه من الواضح أن الإماراتيين وافقوا على الاتفاق، وأضاف: «من الوضح أن إيذاء أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني هو أولوية لدى كل من ولي عهد السعودية وأبو ظبي، واللذين بلا شك لن يعتذرا عن استخدام كل طريقة ومصدر في حوزتهما لتقديم مصلحة بلادهما». ويتساءل كوك: لكن ما عذر إدارة ترامب، إذًا؟

إن هذا النوع من استغلال النفوذ الذي تورط فيه نادر وبرويدي يمكن إرجاعه إلى جاريد كوشنر. ففي 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 –إن لم يكن قبل هذا التاريخ- كان كوشنر يوزع رقم هاتفه المحمول لكل أنواع الأشخاص في واشنطن بقليل من الاهتمام للعواقب المحتملة، وبقليل من عدم الفهم للفرق بين ذوي السلطة والمدّعين.

يقول كوك أنه لا شك أن هناك أشخاصًا مهمين من دول معينة كان لديهم أرقام أعضاء بارزين في إدارة أوباما بالإضافة إلى عناوين بريدهم الإلكتروني، لكن كان هناك شيء مختلف نوعًا ما في الطريقة التي تعامل بها كوشنر. إنه كان يفتح بابًا لثقافة «ترامبية» بالأساس، حيث لا توجد آلية متبعة ولا يوجد تدقيق وفحص، كل شخص وأي شخص يمكن أن يكون ثمينًا، والولاء هو القيمة الأعظم ثم يأتي المال في المرتبة الثانية، ودائمًا هناك طريقة لتنفيذ أمر ما مهما كان هذا الأمر.

لا يعمل عالم ترامب بالطريقة نفسها التي تعمل بها الدول الحليفة لواشنطن في الشرق الأوسط، لكن هناك بعض أوجه الشبه التي تجعل قضية مثل قصة جورج نادر ممكنة. إن ميل ترامب لتجنب العمليات الرسمية الحكومية تتوافق مع الطرق غير الرسمية والأعراف غير المحددة والممارسات السابقة التي شكلت الحكم والسياسة في أماكن متنوعة مثل السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل. هذه الأنواع من المعاهد غير الرسمية موجودة في الولايات المتحدة أيضًا، الكثير من الأمور تمت في واشنطن على مر السنين بفضل شبكة «قدامى طلاب» هارفارد. لكن الشبكات غير الرسمية عمومًا لم تكن تقود السياسة الخارجية، التي تضمنت دائمًا آليات شاملة ما بين الوكالات.

إن إقدام كوشنر على توزيع أرقامه يشير إلى أن فريق ترامب كان منفتحًا لفعل أشياء مهمة بشكل مختلف عن الإدارات السابقة، ما جعل حلفاء الولايات المتحدة بما فيهم أشخاص مثل جورج نادر وبرويدي يستغلون ذلك. والنتيجة كانت عقدًا بقيمة 650 مليون دولار لشركة أمن تابعة لبرويدي بعد أن ملأ آذان الرئيس وآخرين بحديثه عن خيانة القيادة القطرية.

من وجهة نظر العواصم الشرق أوسطية، فإن وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي في «واشنطن ترامب» غير مجديين. يقول الكاتب: «فبإمكانك إيجاد مدخل لكوشنر أو أي فرد آخر من الفريق عن طريق الانخراط في بعض (الواقعية السياسية)». إن «بيزنس» التأثير كان موجودًا في واشنطن منذ وقت طويل. ويضيف الكاتب في ختام مقاله: «إن كم الأموال التي تنفقها الحكومات الخارجية على جماعات الضغط في العاصمة واشنطن مذهلة، لكن مخطط نادر – برويدي كان محاولة لبيع السياسة الخارجية الأمريكية -وهو ما سيذكر به مولر الجميع قريبًا خشية أن يكون أحد الدائرين في فلك ترامب قد نسوه- إنه أمر مختلف عن بيع وحدة عقار».

مترجم عنRiyalpolitik and the Art of Influence in Trump’s Washingtonللكاتب Steven A. Cook

رایکم