۹۰۷مشاهدات
رمز الخبر: ۳۸۳۷۶
تأريخ النشر: 22 May 2018

شبکة تابناک الاخبارية: وافق مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الخميس الموافق 17 مايو ( أيار) 2018 على تعيين جينا هاسبل في منصب مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)»؛ حيث حصلت جينا، التي رشحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على موافقة أغلبية أعضاء المجلس.

نحن الآن أمام أول امرأة تتولى إدارة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ولكن المثير أيضًا في الأمر هو الجدل المثار حول جينا، وتاريخها الذي وصل لأكثر من 33 عامًا في الاستخبارات المركزية، شهدت خلالهم الفترة الأسوأ في تاريخ الوكالة، مع اتهاماتٍ عديدة بالتورط في قضايا تعذيب معتقلين سياسيين وغيرها. فمن هي جينا هاسبل؟

أول من يجيد الروسية في الاستخبارات الأمريكية

ولدت جينا هاسبل عام 1956 في ولاية كنتاكي: أي أنها تبلغ من العمر 61 عامًا. وكان والدها ضابطًا في القوات الجوية الأمريكية. انضمت إلى وكالة الاستخبارات عام 1985. وعملت في سنواتها الخمسة عشر الأولى في روسيا؛ مما جعلها متخصصة في الشأن الروسي. ويقول مؤيدوها: إنها تتمتع بخبرة أكثر من المدراء الجدد، وربما هي أول من يتحدث اللغة الروسية بطلاقة في «وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)». الجدير بالذكر أن أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 وما تلاها كان الفرصة المناسبة لجينا حتى تتمكن من إثبات نفسها في فترة عملها بوكالة الاستخبارات المركزية.

وكان ترامب قد رشَّح جينا في مارس (آذار) الماضي، ومن أجل خلافة مدير الوكالة السابق، مايك بومبيو، والذي قرر «ترامب» تعيينه وزيرًا للخارجية. ومن الجدير بالذكر أن جينا حينها كانت نائبة لبومبيو.

ووافقت لجنة الاستخبارات في جلسة مغلقة بأغلبية 10 أعضاء مقابل خمسة على تعيين هاسبل، وهو ما كان متوقعًا بعد أن قرر اثنان من الديمقراطيين الانضمام للجمهوريين؛ مما أعطي الأفضلية والغلبة للفئة الأخيرة؛ حيث قال اثنان من الأعضاء الديمقراطيين السبعة باللجنة؛ وهما نائب رئيس اللجنة، مارك وارنر، والعضو جو مانشين، إنهما سينضمان للأعضاء الجمهوريين الثمانية في تأييد جينا.

وعلى مستوى المجلس نفسه، ومن أجل التصديق على تعيين جينا، فإنها احتاجت تأييد غالبية الأصوات في مجلس الشيوخ الذي يضم 100 عضو، والذي يسيطر الجمهوريون على 51 مقعدًا منه، في مقابل 49 مقعدًا للديمقراطيين، وبالفعل حصلت على التأييد في المجلس، ولكن بنسبة متقاربة للغاية؛ مما عني أنه ليس هناك توافق عليها؛ حيث حصلت على أغلبية عددها 54 صوتًا فقط، في مقابل 45 صوت رفضوا التصديق على تعيينها، في الوقت الذي غاب فيه السيناتور جون ماكين عن التصويت؛ بسبب خضوعه لعلاج سرطان الدماغ.

الجمهوريون يؤيدون

وفي ظل الاتهامات العديدة الموجهة إلى جينا، فإن هناك انقسامات في الداخل الأمريكي، بل في خارج الولايات المتحدة أيضًا؛ بسبب اختيار ترامب لـجينا لتتولى مثل هذا المنصب الحسَّاس.

من جانبه، أكد ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، أن اختيار ترامب لجينا لقيادة «وكالة الاستخبارات المركزية» يمثِّل «المرأة المناسبة في الوقت المناسب»، مشيرًا إلى أنها تتميَّز بالصراحة والنزاهة؛ مما أكسبها الاحترام والهدوء والإعجاب لدى الجميع.

الجدير بالذكر أنه ليس الجمهوريين فقط من يدعمون جينا، بل إن هناك عددًا من الديمقراطيين أيضًا الذين يدعمون تعيينها في المنصب؛ حيث إن هناك ستة أعضاء ديمقراطيين انضموا للأغلبية الجمهورية (التي بلغت 50 شخصًا بعد غياب جون ماكين)؛ ليصبح عددهم 54 مؤيدًا لتعيين جينا، وذلك بعد تصويت عضوين جمهوريين ضد جينا، وانضمامهما إلى معسكر الديمقراطيين.

الديمقراطيون الستة الذين أيدوا تعيين جينا في منصبها الجديد هم في غالب الأمر أولئك المرشحون لإعادة الانتخاب في الفترة المقبلة، والذي يمثلون ولايات يحظى فيها ترامب بشعبية كبيرة، وبالتالي فإن تأييدهم لجينا في هذه الحالة قد يكون من منطلق الدعاية الانتخابية، طمعًا في الحصول على أصوات مؤيدي ترامب في ولاياتهم؛ وهي ولايات: وست فيرجينيا، ونورث داكوتا، وإنديانا، وفلوريدا، وفيرجينيا، ونيو هامشير.

للمعارضين رأيٌ آخر

لكن المعارضين لجينا لهم منطلق آخر، وهو الدور الخفي الذي كلفه جورج دبليو بوش لجينا بعد أحداث 11 من سبتمبر 2001؛ والتي تتعلق بغياب حقوق المشتبه بهم، إمَّا باستخدام وسائل تعذيب مختلفة، أو حتى بالاستجواب بالتعذيب، أو بالإيهام بالغرق في مواقع سرية بعيدة وغير معلومة.

ومن بين المعتقلين الذين مورست عليهم وسائل الاستجواب العنيفة تحت مسؤولية جينا السعوديان: عبد الرحيم الناشري، الذي يعتبر العقل المدبر للاعتداء على ناقلة النفط «ليمبورج» عام 2002، والهجوم على المدمرة الأمريكية «كول» عام 2000، وأبو زبيدة، أول مسؤول مهم في شبكة «القاعدة» يلقى القبض عليه بواسطة الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001.

ويرى المعارضون لتعيين جينا أنه ليس من الصواب الترويج لشخص أشرف على التعذيب والتحقيقات في أماكن مجهولة، وليست تحت ظروف إنسانية مناسبة، خاصةً في تايلاند؛ حيث أدارت سجنًا سريًا هناك، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى إغلاق هذا «الكتاب الأسود» إلى الأبد، وذلك فيما عُرف باسم برنامج التعذيب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

وذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي قالوا: «إن جينا لم تكن مستعدة للرد على الأسئلة التي وُجهت لها حول دورها في برامج التعذيب، أو حول أيٍّ من القضايا المهمة والمؤثرة التي كانت هي جزءًا منها خلال الأعوام السابقة».

من جانبه، تساءل عضو مجلس الشيوخ، رون وايدن مستنكرًا: «كيف يمكن للمجلس أن يأخذ التعذيب على محمل الجد، عندما يتعلق الأمر بجينا؟» كما أكد دوج جونز، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما، أنه من الصعب التغاضي عن قضية مهمة مثل التعذيب.

كما أدان مسؤول الاستخبارات الأمريكية السابق، إدوارد سنودن، تعيين جينا هاسبل، ونشر عبر حسابه الشخصي على «تويتر» عددًا من الروابط الخاصة باتهامات وُجهت من قبل لجينا، وهي الإعلانات التي احتوت على أدلة بخصوص ارتباطها ببرامج التعذيب.

الجدير بالذكر أن جينا هاسبل تتلقى دعمًا كبيرًا من مسؤولين سابقين في الاستخبارات المركزية، ومن دبلوماسيين، وعسكريين أمريكيين من مختلف الفئات؛ فمن بين الذين أيدوا ترشيحها ستة مديرين سابقين لوكالة الاستخبارات المركزية، وثلاثة مديرين سابقين للاستخبارات القومية.

جينا هاسبل.. «الصندوق الأسود» للاستخبارات الأمريكية

وجود جينا وراء الستار، وليست على قمة الاستخبارات الأمريكية، جعل عملها أكثر سرية، كما أنه أزاح عنها دافع التصاق التهم بها، إلا أن التاريخ لا ينسى؛ فقد أُطلق عليها في بعض الأحيان لقب «رائدة التعذيب»؛ وذلك نظرًا لاتهامها بأنها شاركت، أو أشرفت بنفسها، على عمليات تعذيب في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001.

الاتهامات التي تلاحق جينا الآن تتعلَّق أيضًا ببرنامج التعذيب الخاص بالاستخبارات الأمريكية ككل؛ حيث إن هذا البرنامج هو الذي تعرضت فيه امرأة حامل بريئة للضرب في بطنها، وتعرض رجل فيه لاغتصاب جنسي، وتم تجميد السجناء المحكومين حتى الموت.

ليس هذا فقط، بل إن ارتباط اسم هاسبل بالتعدي على حقوق الإنسان ممتد ليشمل إصدارها أمرًا شخصيًا لتدمير 92 شريطًا مُصوَّرًا تحمل أدلة باستخدام «وكالة الاستخبارات المركزية» لبرامج التعذيب ضد المشتبه فيهم بالقيام بأحداث 11 سبتمبر.

«جرائم الحرب» التي ارتكبتها جينا وُثق العديد منها؛ حيث عرضت وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة صورة لها تعود إلى عام 2007 في سجن «أبوغريب» بالعراق، وذلك مع جثة عراقي قامت بتعذيبه وإحراقه بالكهرباء، بحسب وسائل الإعلام.

من جانبه، أكد مدير الاستخبارات القومية الأمريكية، دان كوتس، أنه سيتحتم على جينا هاسبل توضيح دورها في تاريخ التعذيب؛ مشيرًا إلى أنه يجب توضيح دورها في ممارسة التعذيب ضد مشتبه بصلتهم بالإرهاب داخل سجن أمريكي في تايلاند؛ وذلك انطلاقًا من مبدأ المحاسبة والشفافية، وخاصةً في ظل وجود هذا الدور من قِبل الكونجرس الأمريكي، حسب اللجان المعنية.

وأضاف كوتس أنه ينوي قدر الإمكان إلغاء السرية عن بيانات جينا، دون خلق خطر على المصادر، قائلًا: «سنبذل كل جهد ممكن لشرح دورها بشكل كامل». يأتي ذلك في الوقت الذي دعا فيه مايكل هايدن، الرئيس الأسبق لـ«وكالة الاستخبارات المركزية» إلى عدم لوم الأشخاص على تنفيذ المسؤوليات الموكلة إليهم، قائلًا: إن جينا «هاسبل مارست تعذيب المشتبه فيهم بدافع المسؤولية لا الحماس».

وكان بومبيو، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية السابق، ووزير الخارجية الأمريكي الحالي، قد قال عند ترقيتها في الوكالة قبل عامين: إن جينا «هاسبل جاسوسة مثالية ووطنية مخلصة، وهي أيضًا قيادية محنكة مع قابلية ممتازة للقيام بالمهام، ودفع من يحيطون بها».

الجدير بالذكر أن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها جينا على مدار 33 عامًا عملت فيهم في وكالة الاستخبارات الأمريكية، لم تؤثر على الداخل الأمريكي فقط، بل إن الأمر امتد ووصل إلى أوروبا؛ حيث إن جينا مهددة بالاعتقال في حال زيارتها أيًا من دول الاتحاد الأوروبي؛ على خلفية اتهامات بالتعذيب.

رایکم