۱۰۵۱مشاهدات
رمز الخبر: ۳۷۵۳۱
تأريخ النشر: 30 January 2018

شبکة تابناک الاخبارية: بعد هزيمة داعش في العراق وسوريا، بدأت أمريكا بوضع خطة لإنتقال مقاتلي داعش إلى افغانستان، ليبدأوا الحرب من هناك، أولا للضغط على ايران من الشرق وثانيا على روسيا من الجنوب، وأيضا على الصين من الشمال الغربي، وكذلك على باكستان. مع أنّ باكستان كانت لسنوات، تظهر بمظهر الحليف لأمريكا في المنطقة، لكن خلال الأسابيع الماضية، توترت العلاقات بين الطرفين.

وعلى هذا الأساس برزت خلال الفترة الماضية تفجيرات وعمليات إرهابية في افغانستان، يقول مراقبون أنهّا وسيلة لتهيئة الأرضيّة لحضور داعش، التي أعلنت تبنيّها للعديد من هذه العمليات الإرهابية في أفغانستان.

أصبح من الضروري على الشعب الأفغاني، أن يعي هذا الأمر، وأن يوحّد صفوفه لمواجهة داعش وإسقاط المؤامرة. في خطابه الذي وجهه للقوات المسلحة، مساء يوم 21 آب 2017، شرح الرئيس الأمريكي ترامب، إستراتيجيته لأفغانستان، وهي قطع كل أشكال دعم الدولة للإرهاب. وبمعنى آخر، قطع المساعدات الباكستانية “للجهاديين”، بشكل عام، ولحركة طالبان على وجه الخصوص. نذكر أنّه، لإعطاء هوية لباكستان التي فصلها البريطانيون عن الهند، من خلال التلويح لهم بإقامة دولة هندوسية طائفية، أرسلت وكالة المخابرات المركزية آنذاك عميلها سعيد رمضان لنشر مذهب الإخوان المسلمين، ثم وبمساعدة أبو الأعلى المودودي، شكل ميليشيات الجماعة الإسلامية التي صاغت الدستور الباكستاني.

وعندما قرر مستشار الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي في عام 1978، الإطاحة بالحكومة الشيوعية في أفغانستان، إستنجد بالإخوان المسلمين، فأرسلوا له أسامة بن لادن ومجاهديه، فنظم بموازاة ذلك إنقلابا ضد ذو الفقار علي بوتو في باكستان، ووضع مكانه في قمة هرم السلطة، الجنرال محمد ضياء الحق، الذي كان عضوا في الجماعة الإسلامية، الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين. فصارت باكستان منذ ذلك الحين، وعلى الرغم من التقلبات والمنعطفات المختلفة، تشكّل العمود الفقري للجهاديين، ليس فقط لجهة عملهم في افغانستان، بل في باقي أنحاء العالم أيضا.

غير أنّ تورط الدولة الباكستانية في اللعبة الأنغلوسكسونية المزدوجة، قادها في نهاية المطاف نحو التفكك.

أطلقت الصين، ردّا على إحتمال هذا التفتت، برنامجا واسعا من المساعدات لباكستان، يرمي إلى الإستثمار في مشاريع بقيمة 50 مليار دولار، وإرسال ثلاثة آلاف عامل وفني صيني على جناح السرعة لبناء الجزء الباكستاني من “طريق الحرير”، فيما تعهدت بكين أيضا بتسليح باكستان. وهكذا بدأ النفوذ الأمريكي يشهد تراجعا حادا، على الرغم من الثلاثين مليار دولار التي إستثمرت في البلاد في عهد الرئيس بوش الإبن.

تم إستجواب رئيس الوزراء الإسلامي نواز شريف (خلف الجنرال ضياء الحق)، بعد تبدل الموقف السياسي للراعي السعودي. وقد تم عزله بقسوة بتهمة التهرب من دفع الضرائب، ووضع مكانه “مؤقتا” شهيد خاقان عباسي، صهر رئيس المخابرات الباكستانية في فترة الحرب السرية ضد الشيوعيين الأفغان. وفي أول رد فعل له على خطاب الرئيس ترامب، هرع عباسي مسرعا إلى الرياض في 23 آب، حيث إستقبله الأمير محمد بن سلمان وأعطاه التعليمات بالتعاون مع واشنطن.

لكن الأمور لا تدار بهذه البساطة من وجهة نظر الباكستانين، فقد قام مورتيمر دوراند عام 1893، برسم الحدود بين افغانستان وباكستان الحالي عبر تقسيم قبائل البشتون بين البلدين.

وخلال الحرب السرية ضد الشيوعيين الأفغان، شجع الأنغلوسكسون أجهزة المخابرات الباكستانية، على الإعتماد على هذه الجماعة العرقية، التي تنحدر منها طالبان. وبالتالي، عندما حاول الهنود لعب دور في مسرح العمليات هذا، إعتمدوا على غير البشتون، وخاصة الطاجيك.

يرى ترامب أنه إذا إبتعدت باكستان عن الولايات المتحدة، فإن الهند تبتعد عن روسيا وتقترب من إسرائيل (التي أصبحت أول مورد لها بالسلاح)، لهذا لم يدّخر جهدا في مناشدة نيودلهي لممارسة ضغوطها على إسلام آباد. في نهاية المطاف، وخلافا للدعاية التي تروج لها وسائل الإعلام الغربية لايزال ترامب ملتزما بسياسته، التي أرسى قواعدها في خطابه بالرياض في شهر أيار الماضي، الرامية لمكافحة الإرهاب في كل من افغانستان، وباكستان. لكن سياسة مكافحة الإرهاب الأمريكية، جلبت داعش إلى الأراضي الأفغانية، التي أصبحت اليوم تعيش مناخا خطيرا يهدد بالإنهيار.

أفاد كل من الجنرال جيمس ماتيس (وزير الدفاع) وجوزيف دانفورد (رئيس الأركان المشتركة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ المنعقدة في 3 تشرين أول-أكتوبر 2017، أن الجيوش الأمريكية ستبقى إلى أجل غير مسمى في أفغانستان، كي لايتسنى لطالبان أن تأمل في العودة إلى السلطة. لكن هل بإمكان هذه القوات اليوم، أن تعطي ولو تفسيرا واحدا حول كيفية وصول داعش لافغانستان؟ هل ستكون البديل والذريعة للقوات الأمريكية للبقاء على الأراضي الأفغانية مدة أطول وتهديد باكستان وغيرها من دول الجوار المستهدفة أمريكيا؟

كيف ذلك؟ والمؤشرات تؤكد كل يوم أن داعش وصلت إلى افغانستان بتسهيلات أمريكية؟

لقد دخلت الولايات المتحدة وبريطانيا أساسا إلى افغانستان، بحجة أنهما ترغبان بالإطاحة بحركة الطالبان التي حمت الشخص المسؤول عن هجمات 11 ايلول أسامة بن لادن، إستنادا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بحق الدفاع عن النفس. وبعد كل هذه السنوات، يؤكد البلدان أن أسامة بن لادن قد مات منذ فترة طويلة، وأن حركة طالبان لم تعد في السلطة.

لكن الولايات المتحدة قررت البقاء من الآن فصاعدا، لمنع طالبان من العودة إلى السلطة، وهو هدف لا يتفق مع المادة 51 من الميثاق. والواقع أن خطة مكتب تحويل القوات المسلحة (البنتاغون) قد خططت لإحتلال غير محدود لافغانستان بصفة خاصة، وآسيا الوسطى بشكل عام. والأخطر تهديد دول الجوار لافغانستان، فباكستان في مرمى الخطر والمطلوب أن تكون أرضية خصبة، للوصول إلى إيران و تهديد أمنها و سلامة أراضيها، وافغانستان أرضية خصبة لتهديد روسيا والصين.

وما تدعيه أمريكا من مزاعم أنها باقية لمكافحة الإرهاب هو لذرّ الرماد في العيون ولتغطية دورها وأهدافها. فبدل من أن تتواجد لمكافحة الإرهاب هي موجودة أساسا لإدارة الإرهاب إعتمادا على وكيلتها في المنطقة داعش.

رایکم
آخرالاخبار