۱۵۹۶مشاهدات
د. غدير جمال
رمز الخبر: ۳۷۳۹۳
تأريخ النشر: 10 January 2018

شبکة تابناک الاخبارية: السلام كلمة طالما حيرت شعوب العالم على مر العصور، حيث تتوق النفس البشرية للسلم والسلام حتى جاء خطاب الله عزوجل ليبشر عباده المؤمنين بأن أهم ميزات النعيم في الجنة هو السلام حيث قوله عز وجل: {لهم دار السلام عند ربهم} (الأنعام: 127). وفي سورة مريم الآية 63 يقول عزوجل: (لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما).

إذن غاية حياة الانسان هي العيش بسلام بعيدا عن المشاكل والمنغصات وكل أمر غير سليم يعتبر خارجا عن مفهوم السلام الرباني الذي نبع منه الدين الإسلامي الحنيف وفُطرت عليه طبيعة البشر، وما جاء الإسلام إلا ليقوّم البشرية نحو تحقيق السلام الذي من أهم مقوّماته العدالة. إلا أن تحقيق السلام وبالتالي العدالة المنشودة للبشرية جمعاء لا يتحقق بالشرائع الوضعية التي خطتها عقول البشر القاصرة، ولا يتحقق بالأحكام الوضعية والقوانين التي ابتدعها أشخاص لا يمتّون للكمال بصلة، ولأن العدالة التامة وبالتالي السلام التام لا يتحققان إلا بطريق واحد وهو الوصول للكمال، قد لا يكون الكمال مطلقا ولكن من يقود هذه الأمة نحو العدالة والسلام لا بد وأن تنطبق عليه صفة الكمال وذلك ما نجده في الأنبياء والرسل وعلى رأسهم سيد البشرية وقائد السلام رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

بعيدا عن النظرية الدينية وإذا ما أردنا أن نقيّم واقع البشرية اليوم في ظل معطيات العصر الراهن نجد أن البشرية بعد أن عاشت في العصور الوسطى بشريعة الغاب وبعد قرون من توالي المملكات وتوالي الجبابرة والطواغيت على هذه الأرض وفي استقراء سريع للماضي والحاضر نجد أننا وصلنا إلى زمن تتسارع فيه وتيرة اللا سلم وتتفاقم فيه ظواهر العنف بشكل لم يسبق له نظير في تاريخ البشرية مقارنة بالحضارة والنضج الفكري الذي وصلت إليه المجتمعات.

إن كل المبادئ والمواثيق الدولية بل كل القوانين والسياسات الدولية تقوم علي مبدأ السلم والأمن العالمي، كما أن كافة البيانات الختامية بالمؤتمرات الدولية وحتى العلاقات الثنائية بين الدول لا تخلوا في بياناتها من تأكيد مقولة السلم والأمن العالمي باعتبارها من المبادئ والشعارات التي تخدم البشرية لتحقيق استقرار وأمن الدول وتفسح المجال للمزيد من الحرية في تأسيس مجتمع بشري سوّيٍ قائم على مقومات النهضة والازدهار، إلا أننا نجد أن كل تلك الدعوات والمؤتمرات والمباديء والمواثيق والقوانين لا تمت للواقع بصلة بل جميعها لا تعدو كونها حبرا على ورق بل ستارا يخفي حقيقة بشعة تدور حول مافيا سياسية تلعبها جماعة قذرة تهيمن على مقدرات العالم وثرواته ووصلت إلى مراحل متطورة من الهيمنة والاستبداد بحيث أصبحت تدير العالم وفقا لمصالحها التي تهدف إلى الهيمنة الكاملة على العالم وسيطرتها عليه بالقوة، وهذه الهيمنة نابعة من الاستعلاء والاستكبار.

كل عام تحتفل منظمة الأمم المتحدة باليوم العالمي للسلام في 21 من أيلول (سبتمبر) بينما إذا بحثنا عن أصول هذه المنظمة الدولية سنجد بأنها منظمة مسيسة تحكمها علاقات ومصالح مع أفعى الصهيونية في العالم والتي كرست خططها لتزرع منظمة عالمية تتشدق بتحقيق السلام والوصول إليه بينما تقوم بكل مشين يكرس العنف لتحقيق مصالح استكباراتية تهدم المجتمعات الحرة والتي تخالف كل ظلم.

منذ أن تمّ الاحتفال لأول مرة باليوم العالمي للسلام عام 1982، إلى اليوم الذي تم التصويت على هذا اليوم لجعله يوماً عالمياً لإيقاف العنف وإطلاق النار في عام 2001م نجد أن في كثير من دول المنطقة لا تطبق الاتفاقات والشعارات الجوفاء للأمم المتحدة.

لقد كان أوّل شعارات اليوم العالمي للسلام هي: “إنّ السلام هو أسمى دعوة للأمم المتحدة”، إلا أن الواقع المرير يرينا كم تم التلاعب بالعديد من المبادي والشعارات الدولية، خصوصا في مفهوم السلم والأمن العالمي وضرورة تحققه، التجربة والواقع العملي يرينا صورة مغايرة لهذه الشعارات الزائفة، ففي مرئي من المجتمع الدولي يتم انتهاك دائم لكافة المواثيق والاعراف الدولية فيما يتعلق بالمنطقة العربية وكل مايسمي أمن إسرائيل المحتلة، في ظل الصمت الامريكي، والغطاء الدائم لمنظمة الأمم المتحدة.

الإرهاب والذي يتعارض مع السلم والأمن العالمي تمت صناعته بمعرفة أجهزة محددة استخبراتية لتنفيذ مخططات استكباراتية لضرب مبدأ السلم والأمن العالمي في جذوره، بعد أن انفلتت الأمور وأصبحت قوى الشر والظلام تتحرك والبعض منها يهرب من مواقع الضغط العسكري ليجد له مستقرا داخل بعض الدول الأوروبية! وهذا ما حدث في فرنسا وألمانيا وبلجيكا وتركيا وغيرها من الدول.

التجربة السياسية الدولية أثبتت أن لا سلام في ظل الأنظمة القائمة على الشر المتمثلة بالهيمنة والاستكبار العالمي، والمستقبل يحمل الكثير من التأكيدات للبشرية أن لا سلام بعيدا عن شريعة الله عزوجل التي فطر الناس عليها والتي بموجبها فقط تتحقق العدالة والسلام المنشودين.

رایکم