۲۱۵۸مشاهدات
رمز الخبر: ۳۴۹۶۱
تأريخ النشر: 27 April 2017
شبکة تابناک الاخبارية: أصطفى الله سبحانه وتعالى خيرة خلقه ليبعثهم رسلاً وأنبياءً وأوصياء ليكونوا قدوة للانسانية وهداة للبشرية، لا يتميزون عن سائر الناس إلا بالخلق الحسن ومكارم الاخلاق وحسن التعامل وطيب اللسان، ولا يميزون أنفسهم عن الآخرين لا في صغيرة ولا في كبيرة، هم القدوة الحسنة في كل ما حولهم ليرفعوا الهِمَّة وتعلى المكارم والمحاسن وتندثر المساوء والظلمة والجهالة والتمييز والنفاق والخديعة والتكبير والقبلية والوثنية؛ ويسيرون بالبشرية نحو النور والوحدانية والعلم والعدل والمساواة وحسن الخلق والتعايش السلمي الآمن .

ميز الله سبحانه وتعالى المسلمين عن سائر الأمم بأن بعث لهم خاتم رسله وخيرتهم وأحبهم اليه وأقربهم منزلة منه، حبيب أصطفاه على جميع الخليقة من الأولين وحتى الآخرين؛ أفضل أبناء آدم وسيد الأنبياء والمرسلين، القدوة العملية والأُسوة الحسنة للمؤمنين في القيادة والعبادة والتعاون والمحبة والمودة، ونصرة المظلوم على الظالم، ورفض كل أنواع الفرعنة والجبروت والتكبر وإستعلاء أنسان على آخر، ومجالسة الفقيرلا، وملاطفة اليتيم والمسكين، وتعليم الصغير والكبير، والعمل وبالتساوي مع الآخرين، والجهاد الى جانبهم ألا وهو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}- الأحزاب: 21 .

هو صلى الله عليه وآله وسلم  القدوة والمنار والمدرسة والمنهاجوالمسير القويم للقادة والدعاة والمربين لأن يكسوا قولهم بفعلهم ويدفعوا الناس نحو الهداية الربانية والوحدانية بعيداً عن طأطأة الرأس لغير الخالق المتعال، ليشير قوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} – آل عمران:164؛ فالرسول (ص) أمر بحفر الخندق وشارك أصحابه في الحفر وحمل الحجارة، وجاع كما جاعوا.. ولما خاطبوه "عنك يا رسول الله" قال (ص): "قد علمت أنّكم تكفوني ولكن أكره أن أتميّز عنكم، فإنّ الله يكره من عبده أن يراه متميّزاً عن أصحابه"- امتاع الاسماع، المقريزي، ج2، ص 188.

إن الله سبحانه وتعالى وصف نبيه صلى الله عليه وآله بأعلى وصف {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} – القلم:4، ألا وهو الخلق الحسن وكتمان الغيظ، وعدم الفظاظة والقساوة، لأن هذه كلها أوصاف لابد تتوفر في من يتصدى الى قيادة المجتمع لأن القائد، الذي من صفاته الغضب لا يصلح أن يكون قدوة أو داعية إلى خلق ودين، حيث قوله تعالى { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} – آل عمران:159.

إنَّ أهمّ قدوة للإنسانية الأنبياء الكرام عليهم السلام، فقد قال سبحانه: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} سورة الأنعام، الآية: 90، وخيرة الأنبياة والمرسلين سيدهم الصادق الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي طالما كان يخاطب المسلمين خاصة الصحابة من حوله قائلاً: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وقوله ايضاً "أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا"، وذلك ليتمم عليهم حجة مكارم الأخلاق لأهميتها للفرد والأسرة، والمجتمع والأمة:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت        فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

القدوة الحسنة هذه تعرضت مع الأسف الشديد على مرّ التاريخ الى الإساءة وحملات التشويه من أعداء الإنسانيّة خاصة اولئك الذين رفعوا راية الاسلام والاسلام منهم براء، أبناء الطلقاء وشيعتهم وأنصارهم ومحبيهم والسائرين على نهجهم حتى يومنا هذا حيث عاثوا ويعيثون في الأرض والعباد الفساد، ممزقوا الأمة رغبة في سلطانهم وجبروتهم وفرعنتهم مستغلين دعاة ووعاظ منابر الدرهم والدينار وسيلة لتزييف وتزوير وتشويه صورة الاسلام المحمدي الأصيل حتى دفعوا بالأمة والبشرية جمعاء نحو الاسلاموفوبيا تلبية لرغبة ابناء عمومتهم من بني قريضة والقنيقاع، فحكموا الشام بالأمس وهم يحكموا غالبية البلدان الاسلامية خاصة أرض الحرمين الشريفين اليوم بما لم ينزل الله لهم من سلطان وصوت هبلهم الأعلى أبو سفيان لازال يدوي في مسامعهم وهو يقول (تلاقفوها يا بني أمية تلاقف الكرة بيد الصبيان فوالذي يحلف به أبو سفيان فلا جنة ولا نار ولا معاد)، أبنه وابن آكلة الأكباد ذات الراية الحمراء معاوية وهو يقول (ما قاتلتكم لتصوموا ولا لتصلوا ولا لتحجوا وتزكوا وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم)، ليشعلوا نار الحقد والتكفير والكراهية والقتل والسبي والدمار بين أبناء الأمة الواحدة لتحرق الأخضر واليابسة في العراق وسوريا واليمن والبحرين وسائر بلاد المسلمين من شرق الأرض الى غربها ومن شمالها الى جنوبها بأنهار من دماء الأبرياء؛ حتى عاب علينا الأعداء ايضاً.

ها هي رئيسة وزار المانيا انجيلا ميركل تعيب علينا اسلامنا، دين المحبة والمودة والرأفة والتعايش السلمي، لتقول بمليء فمها أمام رؤوساء الأنظمة العربية المجتمعين في قمة دبي العام الماضي «الهند والصين لديهم اكثر من 150 ربا و800 عقيده ومع ذلك يعيشون بسلام بينما المسلمون لهم رب واحد ونبى واحد ودين واحد وكتاب واحد لكن شوارعم تلونت بالاحمر من دمائهم القاتل يصرخ الله اكبر والمقتول يصرخ الله اكبر»، والحضور يصفق لها بوعي أو دونه !!، متجاهلة أن اللوبي الصهيوني يقف من وراء الاسلاموفوبيا ودفع المسلمين نحو التناحر والتقاتل بمال ودعم وسلاح وأفراد ودعاة وسياسة واعلام الأنظمة العربية الموروثية .

قبلها قالها الصادق الأمين خاتم المرسلين محمد (ص): "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء" - رواه مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة، والترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود، وابن ماجه عن أنس، والطبراني عن سلمان وسهل بن سعد، وابن عباس - رضي الله عنهم جميعًا- كما في الجامع الصغير؛ ثم قوله صلى الله عليه وآله وسلم "يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل" - أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الحث على المبادرة بالأعمال ومخافة المؤمن أن يحبط عمله، برقم 169 لكن لفظه، (مؤمناً) بدل (مسلماً) .

رغم كل ذلك لم ولن يستطيعوا حجب شمس الهداية الربانية والرحمة الألهية مهما حاولوا جاهدين. فنور الأنبياء عليهم السلام ونور خاتمهم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم ولن ينطفىء. ونحن ذاكرون شيئاً من قبس نوره الّذي أضاء ظلمات عصره ولا يزال يُضيء عصرنا وإن تجاهله المتجاهلون والمتعصّبون وقصّر المقصّرون.

لقد كانت البشرية قبل بعثة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم في السابع والعشرين من شهر رجب عام 13 قبل الهجرة والمصادف يوم 10 أغسطس/آب عام610ميلادي ، تعيش الضلالة والجهل والشرك والالحاد التام خاصة المجتمعات العربية التي كانت غارقة في الانحطاط ، و تحتاج الى من ينقذها وينتشلها مما هي فيه .

فكان الجهل فاشياً، والظلم جاثماً، والفوضى ضاربة بأطنابها في كل مكان، حقوق مسلوبة، وأعراض منتهكة، وحياة بغير نظام ولا قانون، ولا تشريع ولا تنظيم، والعادات والأعراف القبلية كانت تسيطر على الأوضاع ، حياة لا أمان فيها ولا استقرار ولا عدالة ولا مساواة ، واعتداء القوي على الضعيف ،كما هو الحال في عصرنا هذا حيث الاستعباد والاستحمار والظلم والطغيان والتمييز كل ذلك من أجل السلطة والحكم بما تشتهيه النفس الامارة بالسوء.

فجاءت البعثة النبوية المباركة رسالة الانسانية وكرامتها ومنشورها الألهي ودين السماحة والأخوة والعدالة والمساواة وهدى الخالق المتعال المتواصل في كل زمان ومكان ، بشموليته لكل شؤون الحياة الكريمة لتعيد للانسان كرامته وعزته ومكانته العالية التي من أجلها خلقه الله سبحانه وتعالى .

قال عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه: "إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد (ص) خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته"، وقال ابن حزمٍ الظاهري: "لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون.. من أراد خير الآخرة وحكمة الدنيا وعدل السيرة والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها واستحقاق الفضائل بأسرها فليقتد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليستعمل أخلاقه وسيره ما أمكنه أعاننا الله على الإتساء به بمنّه آمين"- في مداواة النفوس ص67 وفي الأخلاق والسير ص 91.

يقول قطب: "كانت سيرة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحياته الواقعيَّة - بكلِّ ما فيها؛ من تجارب الإنسان، ومحاولات الإنسان، وضَعف الإنسان، وقوة الإنسان - مختلطة بحقيقة الدعوة السماوية، مُرتقية بها خُطوة خطوة؛ كما يبدو في سيرة أهله وأقرب الناس إليه، فكانت هي النموذج العملي للمحاولة الناجحة، يراها ويتأثر بها مَن يريد القدوة الميسرة، العملية الواقعيَّة، التي لا تعيش في هالات ولا في خيالات"- في ظلال القرآن (7/ 253).
رایکم