۲۶۴مشاهدات
تقرير مكتب واشنطن بالتعاون مع مركز الدراسات الأميركية والعربية يرصد ارتباك واخفاقات أجهزة الأمن الأميركية حتى ما قبل تداعيات هجمات باريس ، مما شكّل حافزاً لصناع القرار السياسي بالتوجه لتشديد مزيد من القيود على الحريات العامة، ويتحدث عن استغلال الرئيس اوباما تلك الأجواء أفضل استغلال لتعزيز قبضة الأجهزة والدولة الأمنية، قبل إلقاء الخطاب الرئيسي "الموجه للأمة" الأسبوع المقبل.
رمز الخبر: ۲۵۷۳۹
تأريخ النشر: 18 January 2015
شبكة تابناك الإخبارية : ارتباك واخفاقات الأجهزة الأمنية الأميركية حفزت صناع القرار السياسي على النظر بتشديد مزيد من القيود على الحريات العامة، ليس لتداعيات هجمات باريس فحسب بل بعد افصاح القيادة الوسطى للقوات العسكرية الاميركية عن اختراق قراصنة "الخلافة الإلكترونية" لحساباتها الخاصة على وسائط التواصل الاجتماعي، واجهزة رسمية اخرى. يذكر ان تداعيات وثائق ادوارد سنودن حول تجاوزات وكالة الأمن القومي مهدت المناخ السياسي ورفعت سقف المطالب الشعبية، لبعض الوقت، لحشد الجهود لكبح نشاطاتها التجسسية على المواطنين الأميركيين.
وما لبثت الدوائر "المعنية" ان اقرت تدريجياً باختراق اجهزة الكترونية لعدد من الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، مثل متاجر "تارغيت" و "هوم ديبو" وشركة سوني للانتاج التلفزيوني وآخرين، مما اعاد وتيرة النقاش الى المربع الأمني المتشدد.    
وأستغل الرئيس اوباما تلك الاجواء افضل استغلال لتعزيز قبضة الأجهزة والدولة الأمنية. دشنها بزيارات متعددة لمناطق أميركية عدة للترويج لمشروعه السابق الذي طالب فيه الكونغرس العام الماضي اصدار سلسلة قوانين وتشريعات "تضبط" النشاط الالكتروني للجميع، وتخصيص الموارد المالية اللازمة لخوض سباق غير مسبوق ضد عدو مبهم في أفضل الأحوال. وغطى أهدافه الحقيقية بسياسة الجزرة زاعما أنه يشجع تطوير وسائل الاتصالات العامة لأفضل واحدث ما تنتجه التقنية.
لقاءه المشترك مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في البيت الأبيض، ايضا كرس توجه الطرفين لتشديد المراقبة الأمنية.
الأولوية للدولة الأمنية        
ردد اوباما هدف خطته الإلكترونية الجديدة بأنها ترمي "لتشجيع شركات القطاع الخاص المشاركة وتبادل معلوماتها الإلكترونية على اجهزتها المركزية والخاصة مع وزارة الأمن القومي"، وجهازها المستحدث "مركز توحيد الاتصالات والأمن الالكتروني القومي".
واوضح في حملته الاعلامية امام الهيئة الناظمة للاتصالات، مفوضية التجارة الفيدرالية، تلازم الاتصالات بجهود الحماية.كذلك استغل اوباما لقاء البيت الابيض مع كاميرون للاعلان عن عدد من الإتفاقيات من ضمنها "تعزيز التعاون الثنائي في الفضاء الالكتروني". 
وجاء في البيان الرسمي الأميركي أن الطرفين يعتبران "تهديد القرصنة الإلكترونية أحد التحديات الخطيرة للإقتصاد والأمن القومي" للبلدين، مما يستدعي "توطيد جهود الأبحاث الإلكترونية وعلى أعلى المستويات الاكاديمية .. لتدعيم الدفاعات الالكترونية".
سبق بيان البيت الأبيض اعلان نائب الرئيس جو بايدن عن منحة دراسية قيمتها 25 مليون دولار "لانشاء مجمع ابحاث اكاديمي مشترك لشؤون الأمن الالكتروني،" خلال زيارته لاحدى الجامعات في ولاية فيرجينيا.
ضجيج حركة البيت الابيض، بدعم قادة الكونغرس الأشد تطرفا، والعزف على وتر هاجس الأمن القومي تصدر كل الجهود والدعوات السابقة التي ما زالت تطالب بوضع قيود قانونية على اجهزة الأمن القومي، لا سيما وكالتي الاستخبارات المركزية والأمن القومي.
الرئيس الجمهوري الجديد للجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، مايك ماكول، أعلن بحزم أنه يتوقع حدوث "المزيد" من الهجمات المماثلة لهجمات باريس عبر العالم، سواء ينفذها "مقاتلين اجانب .. أو عبر استغلال امكانيات متطورة توفرها شبكة الإنترنت." وقام قادة الحزب الديموقراطي ايضا بالعزف على ذات الوتر الحساس إذّ زعمت الرئيسة السابقة للجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، دايان فاينستاين، ان هناك "خلايا نائمة، ليس في فرنسا فحسب بل في بلدان أخرى بالتأكيد، وايضا في وطننا؛" مناشدة زملاءها الجدد في الكونغرس "تخصيص الموارد المالية المطلوبة لعمل اجهزة الاستخبارات المتعددة .."وزارة الأمن الداخلي اصدرت تقريرها مؤخرا حول سبل حماية وأمن المعلومات المطبقة في الأجهزة والدوائر الحكومية زعم فيه "شيوع ضعف سبل واجراءات حماية المعلومات في عموم مرافق الدولة المركزية والتي تشكل ثغرة خطيرة قد يتم اختراقها من قبل الاعداء، مما سيفتح المجال لتهديد الأمن القومي والشعب الاميركي معا".
من جملة التفاصيل المقلقة، أتى تقرير الوزارة على ذكر اختراق شبكة تخص سلاح المهندسين في الجيش الأميركي، عام 2013، وتفاصيل "بالغة الحساسية لمفوضية الرقابة النووية تخص اجراءات الأمن المتبعة في المفاعلات النووية،" فضلا عن اختراقات وقرصنة استهدفت مراكز تتبع البيت الابيض. أما اختراقات التدابير الأمنية المشددة في المطارات الاميركية فهي تتكرر منذ عام 2001 ولا يعلن عن معظمها.
مواطن الأزمة الأمنية
قلة من المعارضين السياسيين لأوباما، من داخل الحزب الديموقراطي تحديدا، اعربت عن تشكيكها بفعالية استراتيجية تشديد الاجراءات الأمنية التي "تناقض الحريات الدستورية" المنصوص عليها، وتعتبر ان جذر الازمة يكمن في البعد السياسي والاستراتيجيات الراهنة بعيدا كل البعد عن مجرد تخصيص موارد وامكانيات اضافية لحماية اهداف ومنشآت اميركية معرضة للتهديد.
الثابت مؤخراً ان بعض الدراسات الرصينة أشارت إلى ترابط السياسات الأميركية الراهنة بالتعبيرات المتشددة والمجموعات المتطرفة "مثل الدولة الإسلامية والقاعدة ومشتقاتها في سوريا .. بل شجعتها ودعمتها،" تمويلا وتسليحا وتسهيلات.
تعبيرات الحملة الناقدة للسياسات الأميركية كانت أقل من المطلوب في المستوى الإستراتيجي، اذ تركزت على تبيان "عدم وضوح سياسة الرئيس اوباما في سورية وخلوِّها من اهداف محددة، ابعد من مجرد المطالبة بتنحي (الرئيس) الأسد." فضلا عن الجدل الذي اثارته سياسة الرئيس أوباما بتنفيذ الاغتيالات عبر طائرات "الدرونز" وارتفاع عدد الضحايا الأبرياء بشكل مضطرد.
من ضمن المعضلات التي يواجهها الرئيس اوباما ودوائر صنع القرار تكرار عدد من المسؤولين مقولة أن "هجمات باريس تشكل تهديداً حقيقيا" للأمن القومي، مما يستدعي الإقرار بفشل سياسة مكافحة الارهاب المعلنة؛ والمفارقة الناجمة عن تصريحات الرئيس اوباما الاخيرة بأن "تنظيم القاعدة في اليمن قد تم الحاق الهزيمة به بنجاح".
بينما يمضي التنظيم باعلان مسؤوليته على الملأ عن التخطيط وتنفيذ هجمات باريس.
الخيار الأول: تشديد القيود
سارع البيت الأبيض لالتقاط اللحظة وتصدّر التغطية الإعلامية ضد الإرهاب باعلانه عن استضافة مؤتمر قمة سياسية ضد المتطرفين، يعقده يوم 18 شباط/ فبراير المقبل، بغية مناقشة سبل التصدي والكف عن جهود تجنيد الأميركيين من قبل المجموعات الإرهابية المتطرفة – "داعش" و"القاعدة".
وزير الأمن الداخلي، جيه جونسون، أيضا سعى لتطمين الأميركيين لتشديد حملة الغجراءات الأمنية، لا سيما بعد ظهوره العلني المتكرر عقب حادث اطلاق النار على مبنى البرلمان الكندي، تشرين الاول/اكتوبر الماضي.
وأكد جونسون عزم وزارته والأجهزة الأمنية الأخرى "تبادل المعلومات" الإستخبارية مع فرنسا والحلفاء الآخرين والخاصة "بتهديدات الارهابيين، الأفراد المشتبه بهم، والمقاتلين الأجانب" في سورية والعراق؛ ومشاركته في القمة الأمنية المذكورة.
يتوجس المسؤولون الأميركيون من تعرض شبكة الأنفاق والسكك الحديدية والمواصلات لخطر التهديد، ليس في البعد الأمني الصرف فحسب، بل لتقادم وتردي البنية التحتية التي كشفت بعض الحوادث الأخيرة عن مواطن ضعف حقيقية يصعب التغلب عليها في الوقت المنظور: حادث احتراق كهربائي وتصاعد دخان كثيف في شبكة انفاق واشنطن للنقل الداخلي مطلع الاسبوع، أسفر عن وفاة امرأة واصابة 84 راكبا بعوارض استنشاق الدخان؛ وحادث حريق داخل محطة القطارات المركزية في مدينة نيويورك، "بين ستيشن،" استدعى معالجته نحو 150 عنصرا من اطفاء الحرائق.حادثتي الحريق في ظرف يومين متتاليين ضاعفتا قلق المواطن الأميركي من سبل واجراءات السلامة المتبعة، وكذلك تدابير وزارة الأمن الداخلي بعيدا عن الحملات الدعائية.
التوجس له ما يبرره من مخاوف عقب الكشف عن سلسلة تهديدات موجهة لشبكة المواصلات من "عناصر ارهابية:" نيويورك – 2010؛ لندن – 2005؛ كندا – 2014؛ واخفاق الاجهزة الأمنية المخولة بالحماية، لا سيما "ادارة أمن المواصلات" المركزية، بتعزيز وثبات اجراءاتها لفحص البنى التحتية كما هو منوط بها.
في تقرير صادر عن "مكتب المحاسبة العام،" خاص بسلامة شبكات المواصلات أنّب ادارة أمن المواصلات لعدم فحص بعض البنى التحتية للسكك الحديدية لنحو 18 شهرا، عام 2012، ".. شملت عددا كبيرا من شبكات المدن الرئيسة." وزارة الأمن الداخلي "تبنت" التوصيات المذكورة في التقرير الموسع، بيد أنها لم تقم بتحديد فترة زمنية لمعالجة الثغرات المذكورة.حوادث اختراق الاجراءات الأمنية طالت ايضا قاعدة طيران للحرس القومي في ولاية ديلاوير؛ مما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتعاون مع قيادة سلاح الجو وجهاز لجنة العمل المشتركة للتصدي للارهاب البدء في التحقيق لخمسة حوادث "على الاقل" لجس نبض اجراءات حماية محيط القاعدة المذكورة، الاسبوع المنصرم وحده. نائب الرئيس جو بايدن، الذي ينحدر من ولاية ديلاوير، يستخدم القاعدة عينها للاقلاع والوصول باستمرار.
تقنين الرد الأمني
يستعد الرئيس اوباما لالقاء خطاب رئيسي موجه للأمة، الأسبوع المقبل (مساء الثلاثاء،) يتضمن قسطا كبيراً من معالجة الإختراقات الأمنية وجهود القرصنة الالكترونية – كما يعتقد؛ وتجديد اعلانه عن خطة عمل سبق وطرحها عام 2011 تطالب الكونغرس بإصدار تشريعات جديدة من شأنها معالجة ثغرات الأمن الالكتروني وتفصيل العقوبات الخاصة بالمخالفين والقراصنة. الخطة والتشريعات المقترحة "تتناقض جملة وتفصيلا" مع الحقوق المدنية شبه المقدسة لدى الأميركيين والمكرسة دستوريا، مما ينذر بجولة صدام جديدة بين الحكومة والمنظمات الحقوقية التي شارفت على خسارة زخم المطالب الشعبية بتقييد حركة المؤسسات الأمنية.
تتضمن خطة اوباما بنداً يطمئن المترددين ينص على "حماية" المستهلك من تداعيات القرصنة وانتحال شخصيته، وفرض شروط معينة على القطاع الخاص تلزمه "ازالة المعلومات الشخصية" قبل تبادلها مع الاجهزة الأمنية. المنظمات الحقوقية أيضا سارعت في جهودها للتصدي ومعارضة الخطة لاعتقادها أنها "تعزز اجراءات المراقبة الحكومية" على المواطنين، مطالبين باقرار اصلاحات تخص وكالة الأمن القومي أولا وقبل النظر في تفاصيل تبادل المعلومات، وهي "مسألة تتفادى الإدارة التطرق لها" في العام الجديد.
تجدر الإشارة إلى أن "تبادل" المعلومات مع الأجهزة الأمنية "يطبق منذ زمن،" بدافع الحد من التهديدات الأمنية. توجس المنظمات الحقوقية له ما يبرره سيما أن الرئيس اوباما "لم يفصل الثغرات القانونية الراهنة التي ينبغي صدها والتخلص منها" في مشروعه المقدم تحت عنوان "قانون التحايل واساءة استخدام الكمبيوتر".
في بعد النص القانوني الصرف، من شأن مشروع الرئيس اوباما إبطال مفعول واستبدال نصوص نحو 38 من القوانين السارية الناظمة للإختراق الإلكتروني، وانزال عقوبات أشد بالمشتبه بهم، خاصة عند الأخذ بعين الإعتبار "حاجة بعض الإخصائيين  .. شن هجمات (مقصودة) لرفض الخدمة" تستخدم ضد "نظم استبدادية وشبكات معينة".
يذكر أن قراصنة ينشطون تحت مسمى "انونيموس" طالبوا الرئيس اوباما العام المنصرم إعتبار "الهجمات المقصودة لرفض الخدمة" عمل احتجاجي يحميه القانون "شبيه باحتجاجات دعونا نحتل" وول ستريت".
في سياق صراع الاجنحة والتيارات السياسية الاميركية، برز "لوبي" اقتناء السلاح الفردي كأحد اهم المدافعين عن الحق المنصوص عليه في المادة الثانية من التعديلات الدستورية، يروج لإنتشار السلاح الفردي الذي يتم الزعم أن توفره الوفير "قد يحمي أميركا من هجوم مثيل" لهجوم باريس. 
المصدر: مكتب واشنطن
رایکم