۴۰۰مشاهدات
في خريطة القوى المصوتة لمصلحة القرار تأتي في المقدمة الكتلة الاشتراكية ومعها النواب الشيوعيون والمنتمون إلى حزب "الخضر" الذين شكلوا في مجموعهم 279 صوتاً كلهم انحازوا إلى قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
رمز الخبر: ۲۴۱۵۷
تأريخ النشر: 09 December 2014
شبكة تابناك الإخبارية : صادقت الجمعية العمومية الفرنسية يوم الثلاثاء الماضي على مشروع قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد أن رأى النواب الفرنسيون في تقرير الفلسطينيين لمصيرهم حقاً ثابتاً لا يجب التعدي عليه. وقد أيد البرلمان مشروع القرار بأغلبية مهمة بواقع 339 صوتاً لمصلحة القرار، مقابل 151 ضده، وبرغم الطابع الرمزي لهذا الاعتراف الذي لن تكون له تداعيات مهمة على أرض الواقع كون الرئيس الفرنسي الوحيد المخول باتخاذ قرار الاعتراف وإلزام الدولة الفرنسية به، إلا أنه يظل مع ذلك خطوة سياسية لافتة، ولو لم يكن الأمر كذلك لما كانت تلك الجهود الحثيثة التي ظل يبذلها السفير الإسرائيلي في باريس حتى آخر لحظة لثني النواب الفرنسيين عن الخطوة دون جدوى.

وفي خريطة القوى المصوتة لمصلحة القرار تأتي في المقدمة الكتلة الاشتراكية ومعها النواب الشيوعيون والمنتمون إلى حزب "الخضر" الذين شكلوا في مجموعهم 279 صوتاً كلهم انحازوا إلى قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واللافت أن عدداً كبيراً من نواب حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» بمن فيهم رئيسه المنتخب مؤخراً، نيكولا ساركوزي، صوتوا ضد الاعتراف، وإن كانت قلة منهم أيدت القرار (9 أصوات)، فيما اختار 4 الامتناع.

والحقيقة أن هذا التصويت للبرلمان الفلسطيني يعكس مفارقة غريبة، فالحزب اليميني الذي يرأسه ساركوزي افترق على ما يبدو عن تقاليد الحزب الديجولية والتي رسخها أيضاً الرئيس شيراك المؤيدة للحقوق الفلسطينية، والتأكيد على تقرير مصيرهم بالطريقة التي يريدون، فيما الحزب الاشتراكي لم يكن معروفاً بهذا التقليد، إذ بالرجوع إلى أصوله الأولى يمكن العثور على مواقف غير مؤيدة لحق تقرير المصير، وإن كان أحد أهم رموزه، وهو الرئيس الأسبق، فرانسوا ميتران، كان قد شدد في خطاب أمام الكنيست الإسرائيلي في العام 1982 بأنه من حق الفلسطينيين امتلاك دولتهم، كما سبق له استقبال ياسر عرفات في 1988، ضد تحفظات كثيرة أبدتها الفعاليات اليهودية في فرنسا وعدد من النواب الاشتراكيين.

وعند استعراض بعض الحجج والتبريرات لعدم تأييد قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية يتضح مدى تهافتها وعدم ارتكازها على منطلقات صحيحة، فإذا كان البعض في حزب «الاتحاد من أجل حركة شعبية» قد اختار الامتناع عن التصويت بدعوى عدم التدخل في صراع مزمن فشل المجتمع الدولي في حله طيلة السنوات الماضية، فإن الامتناع عن الاعتراف بدولة فلسطينية هو في حد ذاته موقف يصطف إلى جانب المناهضين لها، ولا يمكن التعامل معه على أنه ضرب من الحياد، وهو انحياز يصب مباشرة في صالح الائتلاف الحكومي اليميني في إسرائيل الذي يضم في صفوفه أحزاباً عنصرية.

وما يُقال عن التحفظ كتقليد "ديجولي" عريق، فتلك حجة مردود عليها أيضاً، إذ معروف أن قوة دولية مثل فرنسا تحرص على صون مكانتها لا تستطيع الاحتماء بالصمت والتنصل عن مسؤوليتها، أقله في التعبير الواضح والصريح عن مواقفها السياسية، لا سيما وأن مسألة الاعتراف بفلسطين لم تعد قضية خاصة، بل سبقتنا إليها 135 دولة اعترفت بفلسطين، ناهيك عن دول أوروبية كانت سباقة في ذلك مثل السويد، ولئن كانت فرنسا تؤكد دائماً انحيازها لقضايا حقوق الإنسان حول العالم، وبالأخص حق الشعوب في تقرير مصيرها، فإن التخاذل عن مناصرة الفلسطينيين يعد تنصلاً عن القيم والمبادئ التي تدافع عنها فرنسا.

والأهم من ذلك أن التطور الإنساني والتاريخي الراهن ونحن في القرن العشرين لم يعد يسمح باستمرار الاحتلال وإخضاع الشعوب بالقوة، كما لم يعد مقبولاً ما يترتب عن الاحتلال من قمع وتنكيل بالفلسطينيين، وفيما يجادل الفريق الرافض للاعتراف بالدولة الفلسطينية بخطورة استيراد الصراع من الشرق الأوسط وإسقاطه على فرنسا، تبقى الحقيقة أن الصراع موجود على الساحة الفرنسية منذ مدة طويلة، وهي حجة الغرض منها التهجم فقط على المعارضين لوجهة نظرهم المؤيدة للفلسطينيين، ولعل ما يثير الضحك القول إن الخطوة الفرنسية والاعتراف بالدولة الفلسطينية تندرج في إطار الإجراءات الأحادية التي لم تأتِ بالتشاور مع الأطراف المعنية بالصراع.

والحال أنه إذا كان هناك من طرف تنطبق عليه هذه التهمة فهي الحكومة الإسرائيلية نفسها التي لا تكف عن الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأما القول بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية من شأنه إعاقة عملية السلام ودفع الطرف الإسرائيلي إلى المزيد من التشدد فهو يتناسى أنه لا يوجد أسوأ من الوضع الراهن في الأراضي المحتلة، كما أن تشدد إسرائيل وغطرستها آخذة في التزايد حتى من دون الاعتراف الفرنسي بالدولة الفلسطينية.

الاتحاد الاماراتية

رایکم