۵۲۷مشاهدات
رمز الخبر: ۲۴۰۰۶
تأريخ النشر: 07 December 2014
شبکة تابناک الاخبارية: مائدة طعام امتدت لمئات الکیلومترات من البصرة فی اقصى الجنوب العراقی الى مدینة کربلاء المقدسة وهناک تفریعات لها تصل الى بغداد والحلة والکوت وهی تطعم فی الیوم واللیلة اکثر من سبعة عشر ملیون انسان لثلاث وجبات ، السؤال هو من یقیم هذه المائدة؟

لو قلنا ان الذی یقیم هذه المائدة  شخص استشهد قبل الف واربعمائة وستة وثلاثین عاماً هل هناک احد سیصدق ذلک؟

العقل عاجز عن ادراک ذلک، فالعقل یمکن ان یفهم أن ملیونیراً أوقف مقداراً من ماله وخصصها لجائزة دولیة تمنح للاشخاص الذین تمکنوا من تحقیق انجاز طبی أو علمی أو ادبی، تدفع لعدد من الاشخاص کل عام لکننا لم نسمع حتى الآن فی التاریخ کله أن کریماً مد مائدة من الطعام بطول مدینة أو بلد! لکن مائدة الحسین علیه السلام ممتدة على طول بلد بطوله وعرضه وهی تقدم أفخم انواع الطعام لکل الناس من الفقراء والاغنیاء والمسیحیین والمسلمین والایزدیین والصابئة والمقیمین والنازحین والموالین والغرباء، لیس هذا فقط بل من یقف على تقدیم هذه الخدمة یلتمسون الیک ان تتکرم علیهم وتجلس على مائدة "زاد ابو علی".

ولکی نوضح ضخامة مایحصل نقول انه لاتستطیع ایة قوة عظمى فی العالم ان تطعم هذا العدد الهائل من البشر او تقدم لهم الخدمات على مدى اسابیع هی فترة الزیارة الاربعینیة التی یقوم بها الشیعة مواساةً لأهل بیت النبوة الذین ذاقوا العذاب والالم وهم یعودون الى کربلاء بعد مصرع رجالهم وشبابهم فی یوم الطف بالغاضریة.

لیست المواساة وحدها التی تدفع هؤلاء الملایین للمجیئ الى کربلاء بل هدفهم ایضاً هو نصرة قضیة الامام الحسین علیه السلام فلازالت هذه القضیة مجهولة من قبل المسلمین فمابالک بأتباع الدیانات الاخرى ، ولازال هناک بعض المسلمین یعتقد ببراءة یزید بن معاویة من دم سید شباب اهل الجنة ،وهذا بحاجة الى التفهیم والتوضیح بمجریات ماوقع فی ذلک الزمان لکی یصحح اعتقاداته عن تلک الحادثة المصیریة فی التاریخ الاسلامی.

ولیس الطعام وحده هو مایقدمه الحسین الشهید لزواره بل یقدم لهم کل الاغذیة والاطعمة الروحیة فزیارة الاربعین والمشی فی طریق کربلاء فیها الکثیر من دروس التربیة والتعلیم ولااستطیع هنا ان اوضحها لأنه لایستطیع فهمها الا من حضر تلک الزیارة ورأى بأم عینه ارقى انواع الاخلاق الفاضلة ،واسمى انواع التواضع ، وافخم صورة للکرم ، واجمل صورة للمواساة ، واعظم صورة للعطاء ، واکبر نموذج للفداء والتضحیة ،فالانسان فی هذا الطریق سیقدم اعلى مایملک وسیحصل على اعلى شیئ وسیرى فی طریق الزیارة کل شیئ راقی وعالی المستوى ولذا یمکن تسمیة طریق الحسین بأنه طریق الجنة وهو ارقى مستوى یمکن ان تصل الیه البشریة ولم تجربه من ذی قبل ونشک باستطاعة ای مذهب او دیانة تنظیم مایشبه هذه المسیرة.

مسیرة الاربعین هی دورة تدریبیة لکل الناس الحاضرین بأن یربوا انفسهم على ارقى الاشیاء وان یرفعوا بمستوى اخلاقهم الى اعلى مستوى، هذه هی الدرجة المطلوبة والمیزان الحقیقی من الاخلاق التی یجب ان یکون علیها المجتمع الذی سیکون مؤهلاً لاستقبال الامام المهدی عجل الله تعالى فرجه الشریف.

فالامام المهدی سیظهر فی مجتمع ذی سمات وخصال مختلفة عن باقی الامم والشعوب وهی السمات التی تؤهله لفهم واستیعاب وتطبیق الاحکام التی سیأتی بها الامام ، فنحن بحاجة الى ان نقدم النموذج الاعلى عالمیاً من جمیع الجهات الانسانیة والثقافیة والاجتماعیة والحضاریة .

وللاسف فإن سیاسیینا الشیعة قدموا مثلاً سیئاً فی الحکم وفشلوا فی تحویل التجربة الثقافیة الشیعیة المفعمة بالحیویة والتحضر الى تجربة حیة مع ان الثقافة الشیعیة هی مؤهلة لضرب اروع الامثلة فی الحکم والقیادة والعدل فی الامة.

مسیرة الاربعین تقدم فرصة للسیاسیین الشیعة انهم لو ارادوا حقاً مناصرة القضیة المهدویة فإنه یتوجب علیهم أن یطهروا انفسهم وینزلوا الى الشارع ویخدموا زوار الامام الحسین علیه السلام ، وتیقنوا بأن الامام المهدی سیقبل فی حکومته الاشخاص الذین یصلون فی مستوى التواضع الى درجة أنهم یکونون فی خدمة الزائر الحسینی بکل انواع الخدمة ابتداء بالطعام وانتهاء بتقدیم المساج، وعندما یصل المسؤول الى هذا المستوى من التواضع سیکون عضوا فاعلاً فی دولة الامام المهدی.

والامام الحسین علیه السلام سیکون الممهد الاول لظهور الامام فهذه المسیرة التی تحدث فی الاربعین ستکون متصلة بظهور الامام وهی التی ستؤهل الاشخاص المناسبین للحضور والخدمة فی دولته المنتظرة.

فالامام الحسین یقود هذا الجمع الملیونی نحو غایة واضحة المعالم ، وهدف مرسوم بالغیب ، ربما قد لایدرک الافراد الموجودین فی هذه المسیرة انهم یتعرضون للتمحیص والاختبار وان الامام الحسین یشحذ هممهم فی سبیل الاستعداد لتقدیم العطاء الاکبر فی حرکة الامام المهدی.

فالعطاء یبدأ صغیراً ثم یکبر ویکبر الى ان یکون المرء مستعداً لتقدیم نفسه فی سبیل هذه الحرکة العظیمة ،فالذین یقدمون العطاء فی مسیرة الحسین وعطاءهم یصل الى ملایین بل مئات ملایین الدولارات وهم لایکتبون سطراً واحداً لیعلنوا فی جریدة انهم تبرعوا بکل هذه الاموال فی سبیل الله ،هذا الامر لم نشاهد حصوله لا فی عالم الشرق ولافی الغرب؟

حتى اولئک الذین لایملکون الاموال هم خلایا نحل تقدم الخدمات والاعمال وتواظب على خدمة الزوار وکل ذلک یحصل دون ان یطلب الیهم انسان ان یقدموا مثل هذه الاعمال التطوعیة ، فهم اقبلوا على تقدیم هذه الأعمال بتطوع تام ومن دون طلب الاجر على ذلک.

فی مجتمع المهدویین نحن بحاجة الى اشخاص متطوعین لعمل الخیر بل ان یکون لدیهم الاستعداد الکامل لعمل الخیر دون ان یطلب منهم احد فعل ذلک وهذه خصیصة اساسیة فی المجتمع الذی سیقیم اسسه الامام المهدی، من هنا یجب ان نعلم انفسنا من خلال مسیرة الامام الحسین على فعل الخیرات والمبادرة الیها بشکل تطوعی والمسابقة على ذلک ، حتى نتاهل لأن نصبح جزءاً من جنوده أو اصحابه.

الامام الحسین علیه السلام من وراء الغیب هو یقود مسیرة الاربعیین ففی هذه المملکة هناک وزراء وهناک قادة ومسؤولین کبار یقومون بتلمیع أحذیة الزوار ویقدمون المساج لهم فی ارقى صورة من التسامی یمکن ان یصل الیها مسؤول حکومی.

ولیس الغرض من ذلک هو إهانة المسؤل بل تادیبه لان یکون متواضعاً وان یکون على استعداد للاستجابة الى اصغر المواطنین الذین یطالبونه بتقدیم الخدمات وتحقیق متطلباتهم المشروعة ولایتعامل معهم باستعلاء وتکبر، بهذا المستوى من الاخلاق هم المسؤولون فی دولة الامام المهدی.

والآن سنفکر بعمق أن دولة یدیر امورها رجل استشهد قبل 1436 عاماً وهی تدار بمیزانیة شعبیة وبأعمال شعبیة تطوعیة واما بالنسبة الى زعماء هذه الدولة فهم الاکثر تواضعاً وزهداً وعلماً ، وعندما یصل المجتمع الى هذا المستوى من الاخلاق فإننا لن نکون بحاجة الى رجال شرطة وامن وجیش لانه لن تحدث جرائم فی مثل هذا المجتمع.

وعندما ننظر الى مسیرة الاربعین سنعرف بالضبط انها هی النموذج المصغر للدولة التی سیقیمها الامام المهدی فواحدة من اهم خصائص دولة الامام المهدی انه لن یجری التعامل بالعملة لتوفیر الحاجات وهذا مایحصل بالفعل فی مسیرة الاربعین فأنت تستطیع ان تحصل على کل شیئ من المشرب والملبس والمأکل والمنام دون ان تدفع ریالاً واحداً.

حتى افخم الفنادق لاتستطیع ان تقدم لک الخدمة التی یقدمها خدام المواکب عندما تذهب الیهم  للمبیت فهم یقدمون الیک افضل مالدیهم من الاغطیة والمفروشات علاوة على خدمة المساج وصبغ الاحذیة والشای وشحن الموبایل وفوق هذا کله لن یسألوک عن هویتک هل انت سنی او مسیحی او یهودی   یعنی الخدمة مقدمة لکل ابناء البشر بلا استثناء.

النهاية
رایکم