۸۲۶مشاهدات
ان ايران تمثل قطب الرحى في حماية أمن الخليج الفارسي والطرف الأكثر حرصاً على سيادة الاستقرار والهدوء في هذه المنطقة.
رمز الخبر: ۷۰۳۹
تأريخ النشر: 25 January 2012
شبکة تابناک الأخبارية - حميد حلمي زاد‌‌‌ة: ثمة مجموعة من العوامل تجعل الجمهورية الاسلامية اكثر قدرة وتأثيراً على ترويض المعادلة الغربية – الصهيونية، واجهاض أية توجهات او سلوكيات عدوانية يمكن أن تهدد الامن القومي الايراني فضلاً عن الامن الاسلامي على مستويي الخليج الفارسي والعالم العربي. ومن أهم هذه العوامل، حيوية النظام الاسلامي وقيادتة الحكيمة والحضور الشعبي الخلاق في المفاصل المصيرية للبلاد والامة على حد سواء.

لقد برهنت طهران حتى الان على أنها الممسكة بزمام المبادرة في الكثير من الاحداث والتطورات والمواقف. فالجمهورية الاسلامية على سبيل المثال لا الحصر كانت اول من دعا الى اقامة شرق اوسط خال من الاسلحة النووية، وها نحن اولاء نشهد متابعات الامم المتحدة لعقد مؤتمر دولي في فنلندا بهذا الصدد خلال العام الجاري 2012. كما ان ايران اكدت مرارا وتكرارا على صيانة  الامن والاستقرار وسلاسة حركة الملاحة البحرية الاقتصادية والتجارية في الخليج الفارسي، معتبرة ان حماية هذا الامن هو مسؤولية بلدان هذه المنطقة، رافضة في نفس الوقت التواجد العسكري الاستفزازي للدول الغربية فيها، علما منها بأن هذا التواجد كان وما يزال باعثاً على تلغيم الاجواء وتوتيرها في هذه المياه الاقليمية الدولية، ومحرضا على الفرقة والتنابذ بين بلدانها، ايران وجيرانها العرب.

الى جانب هذا وذاك عملت الجمهورية الاسلامية بدافع المسؤولية الشرعية والاخلاقية والانسانية على مساندة قضايا التحرر ومكافحة الاحتلال الغاشم وفي طليعة ذلك دعم الشعب الفلسطيني المظلوم في نضاله العادل لتطهير بلاده من دنس القتلة الصهاينة، شذاد الآفاق الذين نبذتهم اوروبا وروسيا والبلقان وغيرها من بلدانهم، لكنهم لم يتورعوا عن الالقاء بهم في ارض فلسطين، ليتحولوا بعدها ومنذ اكثر من 80 عاما الى وحوش كاسرة تنهش في أجساد اهل الديار الاصليين وتولغ في دمائهم وتغتصب البيوت و الاراضي ومزارع  الزيتون دون وجه حق لتقيم فوقها المستوطنات الصهيونية المسلحة، وتلعب على جميع القوانين المحلية والاسلامية والدولية لبلوغ غايتها الحاقدة لتهويد كامل التراب الفلسطيني وهدم المسجد الاقصى والمقدسات الدينية الاسلامية والمسيحية الاخرى، وكل ذلك على مرآى ومسمع ادعياء الشرعية الدولية وحاملي لواء الديمقراطية وحقوق الانسان في الشرق الاوسط و العالم العربي كله.

وهناك عوامل اخرى لايسع الاشارة اليها في هذا المقال، بيد انها في المحصلة تحكي تشامخ الطود الاسلامي الايراني يوما بعد آخر وانشداد جماهير الثوار والمجاهدين والاحرار الى التماسك المهيب للمواقف الايرانية في مواجهة العربدة الصهيونية المحمية بالاستكبار الاميركي – الاوروبي، الامر الذي جعل شعوب العالم ينظرون باستصغار واحتقار شديدين الى "اسرائيل" ودورها الوظيفي الوضيع في العالم الاسلامي، لاسيما بعدما اخذت تعتمد كليا على اسلوب الحرب  الخفية (الناعمة) كالاغتيالات و الاعمال الارهابية و التخريبية، في محاربة الثورة الاسلامية المظفرة، بسبب عدم جرأتها على المساس  بالامن القومي الايراني عسكرياً نظرا لمعرفة تل ابيب التامة بأنها أتفه من ان تدخل في صراع ميداني مباشر مع طهران.

الثابت ان (مناورات الولاية 90) الشهر الماضي حسمت الكثير من المواقف والخيارات التي ربما كان الثنائي الاميركي – الاسرائيلي يراهن عليها ابتغاء ممارسة المزيد من الضغوط والتضييقات السياسية  والعسكرية والنفسية لاسيما على مستوى ثني ايران عن مواصلة مسيرتها التنموية والعلمية والدفاعية وبخاصة تمسك طهران القوي بحقها في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية. فقد سبق ان الولايات المتحدة والكيان الصهيوني كانتا تعدان العدة للقيام بمناورات مشتركة تحت اسم (التحدي الصارم 12) في ابريل نيسان المقبل لكن وكالة اسوشيتدبرس للأنباء اعلنت يوم الاثنين الماضي نقلا عن مسؤولين في وزارة الدفاع الاسرائيلية طلبوا عدم الكشف عن اسمائهم – قولهم ان هذه المناورات لن تجري قبل النصف الثاني من العام الجاري 2012 وذلك حرصا من الادارة الاميركية على عدم تصعيد الوضع المتأزم اصلاً مع ايران في هذه المرحلة.

برأينا ان ثنائية العداء الاميركي – الاسرائيلي، ربما اخذت تغرق في خضم اخطائها المتلاحقة على مستوى استفزاز المارد الايراني الذي قدم للعالم بعض الاشارات والدلائل العملية في مضمار القوة الاسلامية الرادعة والجهوزية الدفاعية التامة لسحق أي سلوكيات تضمر الشيطنة والافعال الشريرة ليس للجمهورية الاسلامية ومنطقة الخليج الفارسي فحسب بل وايضا على مستوى  حلفاء طهران في محور المقاومة والممانعة في العالم العربي .

امن الخليج الفارسي
لقد حرصت الجمهورية الاسلامية الايرانية بإستمرار على احترام المعايير والقوانين الدولية في جميع الميادين ولاسيما في مضمار حماية الأمن الملاحي الاقتصادي في الخليج الفارسي الذي يتمتع بفضل السياسات المشتركة لجميع الدول المطلة عليه بمستوى عال من الاستقرار والثبات، الأمر الذي يضمن تدفق امدادات الطاقة (النفط والغاز) من هذه المنطقة الحيوية الى أنحاء العالم.

ويعترف المجتمع الدولي بالجهود الايرانية المخلصة في تبديد كل محاولات التأزيم والتوتير التي افتعلتها القوى الأجنبية الطارئة بغية استغلال هذه المنطقة الحيوية لتصفية حساباتها مع الجمهورية الاسلامية على خلفية تمسك طهران بثوابتها السيادية ودفاعها المشروع عن قرارها المستقل سياسياً واقتصادياً وعلمياً.

وتنطلق المواقف والتحركات الايرانية من قاعدة ثابتة، وهي أن أمن الخليج الفارسي مسؤولية استراتيجية تضطلع طهران بأكثر أعبائها بأعتبار ان الجمهورية الاسلامية لها حوالى 2025 كيلومتراً من الحدود المتاخمة للمياه الخليجية، اضافة الى اطلالتها المباشرة على مضيق هرمز، الأمر الذي مكن طهران حتى الآن من توفير اسباب الأمن والطمأنينة والاستقرار في هذه المنطقة بالتعاون مع جيرانها العرب، وهو أمر لا يختلف عليه أحد.

وبالعودة الى التصريحات الرسمية الايرانية في أن الأمن الاقليمي في منطقة الخليج الفارسي، هو مهمة جماعية تقع على عاتق دولها، فان الموضوعية تفرض علينا جميعاً، مراقبة وضبط أية تحركات أجنبية تسعى الى تعكير صفوه، أو تحاول إثارة العداوة والهواجس بين أبناء هذه المنطقة، بعيداً عن أية منفعة أو فائدة ترتجى لبلدان الخليج الفارسي شعوباً وحكومات.

ومما لا شك فيه، ان أي اخلال بالأمن الخليجي سيؤدي الى كارثة اقليمية ودولية في آن معاً، لأن ذلك سيعرض 25 بالمائة من امدادات الطاقة العالمية، لمخاطر عبثية ومغامرات خرقاء، لن تخدم سوى تجار الحروب والساعين الى اشعال الارض والشعوب بالفوضى والفتن والصراعات السوداء. كما ان أي اخلال بالأمن الاقتصادي لأي دولة في هذه المنطقة، دون التصدي له جماعياً، بإمكانه ان يحول الخليج الفارسي برمته الى بركان هائج لن يسلم من غضبه أحد .

في هذا المضمار يتعين التأكيد على بعض البديهيات المعترف بها اقليميا ودولياً:

1- الأمن الاقليمي في الخليج الفارسي، مسؤولية دول هذه المنطقة.
2- ان ايران تمثل قطب الرحى في حماية أمن الخليج الفارسي والطرف الأكثر حرصاً على سيادة الاستقرار والهدوء في هذه المنطقة.

3- ان الجمهورية الاسلامية لا يمكن أن تشكل تهديداً لإمدادات الطاقة العالمية، لأن لها حصة مهمة من الصادرات النفطية، لكنها لن تسمح لأي طرف كائنا من كان أن يحاربها في معترك قطع الأرزاق، فضلاً عن التواطؤ مع الضغوط الامريكية والأوروبية بشكل أو بآخر لحظر مبيعات النفط والغاز الايرانية الى دول العالم لاسيما الصديقة منها.

4- ان أمن مضيق هرمز الذي يمثل عنق الزجاجة في منطقة الخليج الفارسي هو طوع يمين الجمهورية الاسلامية شاء من شاء وأبى من أبى، وازاء ذلك فان من تخامره النوازع الشريرة لتكثيف العقوبات الاقتصادية على طهران، فان عليه أن يفكر ملياً في عواقبها ، باعتبارذلك لعباً بالنار ومخاطرة غير محمودة النتائج بالنسبة لمثيريها، علماً ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تمتلك من الخيارات والقدرات ما يجعلها عصية على الرضوخ أمام لغة الغطرسة والظلم، وجادة في الدفاع عن مصالحها الحيوية بكل حزم واقتدار.

اقتدار بلا غرور
عندما تتحدث الجمهورية الاسلامية عن جهوزيتها التامة لمجابهة أية تحركات او سلوكيات عدوانية غربية او صهيونية، فان ذلك يعود لعاملين:

الاول: مواقف التهديد والوعيد التي يطلقها زعماء اميركا واسرائيل ضد طهران بين فترة واخرى ظنا منهم بأنها يمكن ان تخلق اجواء مقلقة او متوترة في داخل البلاد جاهلين او متجاهلين بان 33 عاماً من المكاسب والابداعات والتصدي للضغوط والعقوبات المتوالية، حصنت المسيرة الايرانية قلبا وقالباً، وصنعت من الجمهورية الاسلامية جبلا اشم لن يجرؤ على مناطحته ذوو النوايا والمآرب الشريرة.

الثاني: حرص طهران على حماية الامن الاستقرار في الخليج الفارسي والعالم الاسلامي، فضلا عن جهودها المخلصة لصيانة الامن والسلم الدوليين، وهو ما يتطلب امتلاك الجمهورية الاسلامية اسباب القوة والمنعة والنفوذ داخلياً وخارجياً في سبيل ردع تجار الحروب الدوليين وقطع ايديهم عن محاولة العبث بمقدرات الامة الاسلامية والبشرية كافة. بالأمس القريب صرح وزير دفاع الكيان الصهيوني ايهود باراك بان "اسرائيل" ليست في وارد شن حرب على ايران، وهو موقف ان دلَّ على شيء فانه يدل على قراءة واقعية لقدرات الجمهورية الاسلامية المتنامية يوما بعد آخر، اضافة الى انه يؤكد رؤيتنا الاستراتيجية بأن "تل ابيب" ليست في موقع لوجستي او اقليمي، يمكن أن يؤهلها للاقدام على مثل هذه المجازفة الخطيرة. خاصة وان كبار المسؤولين السياسيين والقادة العسكريين الايرانيين أعلنوا مراراً بان الرد على أي عدوان اسرائيلي سيكون قاسيا و هو لن يطول سوى عدة ثوان، حينما يرى الصهاينة بام اعينهم العذاب الأليم يحيط بهم في كل مكان اغتصبوه بفلسطين المحتلة.

وبالنسبة للتهديدات الاميركية – الاوروبية المقرونة بالعقوبات الاقتصادية والضغوط السياسية والاعلامية، فانها هي الاخرى أظهرت عجزها في مؤامرة كسر الارادة الاسلامية الايرانية، اضافة الى افتضاحها أمام الرأي العام العالمي باعتبار ان السلوكيات الاستفزازية الغربية كانت وما فتئت، قائمة على اساليب التضليل والمكر والتزييف، للاساءة الى مكانة طهران الآخذة في الامتداد والاقتدار اقليمياً ودولياً، وهو ما أجبر واشنطن واوروبا على القبول والاذعان بمبدأ التفاوض والتحدث مع ايران ولا سيما في اطار مجموعة (5+1).

لقد برهنت العقود الثلاثة الماضية على ان الجمهورية الاسلامية قوة اقليمية ودولية متماسكة، ذات تأثير سياسي واقتصادي وعقائدي على مستوى المنطقة والعالم، وازاء ذلك فان العبث بأمنها القومي، لن تكون دعابة، وقد اكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مؤتمره الصحفي السنوي موخرا في موسكو ان شن أي هجوم عسكري على ايران سيشكل كارثة تؤدي الى أخطر العواقب مضيفاً في جانب اخر من تصريحاته الى "ان العقوبات المفروضة على طهران استنفدت نفسها ولاتضر الا بفرص السلام".

ويعتقد كثيرون ان الحرب النفسية الاميركية الاسرائيلية لاخافة الجمهورية الاسلامية او تخويف العالم منها، قد انعكست طردياً لفائدة تعزيز مكانة ايران في المجتمع الدولي، والدليل على ذلك أن طهران لم تحسم التجاذبات الغربية – الايرانية لصالحها فحسب، بل استطاعت ايضا تقويض مؤامرات الاستكبار العالمي لتفكيك محور قوى المقاومة والممانعة في الشرق الاوسط، من خلال رفضها للتدخل الاطلسي في شؤون سورية وتأييدها المصالحة الوطنية بين المعارضة والموالاة في هذا البلد الشقيق، ودعمها لمسيرة الاصلاحات التي اعلنها الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد.

الثابت ان هذا التوجه الاسلامي والاخلاقي الذي التزمته ايران في تعاملها مع أوضاع سورية أعطى ثماره ونتائجه الطيبة، في الوقت الذي كانت محاولات الغرب المتصهين ودول مثل تركيا والسعودية وقطر، تعكف عن تكرار السيناريو الليبي في هذا البلد الشقيق، في حين تمكنت الحكمة الايرانية والدعم الدولي لكل من روسيا والصين لمبدأ الحوار من ابعاد شبح الحرب الاهلية عن سورية وشعبها اللذين لايستحقان أبدا ان يكونا ضحية المخططات الجهنمية للاستكبار العالمي تحت ذريعة شعارات زائفة  ، اثبت الغربيون أنهم من اكثر الامم استخفافاً بها، ومن لا يصدق فلينظر ما تمارسه اسرائيل من ظلم لايطاق بحق أهلنا الفلسطينيين على مرأى ومسمع ادعياء حقوق الانسان.
رایکم
آخرالاخبار