۱۱۷۵مشاهدات
رمز الخبر: ۵۷۹
تأريخ النشر: 24 August 2010
شبکة تابناک الأخبارية - خليل الفائزي: و أخيرا بعد 3 عقود من التأخير أعلنت كل من طهران و موسكو البدء بضخ الوقود النووي في محطة بوشهر الواقعة في أقصى جنوب ايران و هذا يعني قرب تشغيل هذه المحطة عمليا ودخول إيران رسمياً فيما يسمى النادي النووي الدولي مما سيمكن طهران من التفاوض مع الغرب او مجموعة (5+1) من موقف قوي، حسب قول العديد من المسئولين الإيرانيين.

و ستحصل إيران لاول مرة في تاريخها على طاقة كهرباء من مفاعل نووي بقدرة الف ميغاواط في وقت لا تزال فيه الأنباء تتناقض بشأن قطع الكهرباء المكرر عن مدن إيرانية بشكل يومي و بين ادعاء الحكومة الإيرانية عن تصدير و بيع الكهرباء للعراق و لدول في آسيا الوسطى.

في عام 1975 بدأ العمل بدأ العمل لتأسيس أول مفاعل لإيران في بوشهر في عهد الشاه السابق و قامت شركة زيمنس الألمانية بوضع المباني و الأجهزة النووية لانتاج طاقة كهرباء تصل في مراحل لاحقة الى 2000 ميغاواط، و في العام 1979 كانت زيمنس قد أتمت تأسيس 75% من هذا المفاعل لكنها خرجت من إيران بعد بدء انتفاضة الشعب الإيراني ضد نظام الشاه و تدمير جزء من المباني و الأجهزة في المفاعل جراء الهجمات الجوية للنظام العراقي السابق.

و توقف إكمال و العمل هذا المفاعل طيلة الحرب الإيرانية العراقية و في عام 1992 و بعد زيارة قام بها الرئيس الإيراني الأسبق الشيخ رفسنجاني الى موسكو وقعت إيران مع روسيا اتفاقية لاعادة بناء و تشغيل مفاعل بوشهر ، و تم في العام 1996 التوقيع على اتفاقية اخرى لرفع طاقة المفاعل الى اكثر من الفي ميغاواط ليكون مفاعل بوشهر جاهزاً للعمل في عام 2000 و ذكر في تلك الفترة ان قيمة العقد بين ايران و روسيا تخطت رقم مليار و 500 مليون دولار.

و منذ تلك الفترة أشرفت الوكالة الدولية للطاقة النووية على هذه الاتفاقية و تقرر ان تمد روسيا إيران بالوقود النووي وان تعاد النفايات النووية مجدداً الى روسيا منعاً للاستفادة منها لأغراض غير سلمية.
و نظراً لاطالة انجاز مفاعل بوشهر فان روسيا كانت تضيف بين فترة و اخرى10% من قيمة العقد و تحاول فرض شروطها السياسية و المالية للحصول على اموال طائلة بالإضافة الى مئات ملايين دولار قيمة الوقود النووي لاعوام مقبلة.
 
و بالرغم من ان روسيا كانت قد حصلت على اكثر من مليار دولار من إيران لإنجاز المفاعل في موعده المقرر الا إنها نقضت وعودها و أخرّت الإنجاز لاكثر من عقد من الزمن بذريعة ضغوط أمريكية عليها و عدم موافقة إسرائيل حصول إيران على اي مفاعل نووي قد يدفعها او يحرضها لانتاج أسلحة دمار شامل سوف تستخدم لدمار إسرائيل خاصة و ان قادة في إيران أكدوا على عزمهم إزالة إسرائيل من الوجود و محوها من خريطة الشرق الأوسط.
 
و ترفض طهران الإفصاح عن قيمة الأموال التي تم تسديدها لروسيا لاكمال و تشغيل مفاعل بوشهر بعد كل سنوات التأخير و انعتاق روسيا من القيود الإسرائيلية و الضغوط الأمريكية الا ان تقرير الوكالة الطاقة الذرية الإيرانية أشار في وقت سابق لدفع إيران 30 مليون دولار شهرياً لحوالي الفي خبير و مستشار و مهندس من الروس الذين ساهموا ببناء مفاعل بوشهر النووي، و قبل عامين هددت طهران من انها سوف تكمل بناء هذا المفاعل بنفسها اذا رفضت روسيا إنجازه بالكامل و حتى انها كشفت عن قدرتها لانتاج الوقود النووي اللازم لمفاعل بوشهر من خلال تنشيط عمل 5 آلاف جهاز طرد مركزي في منشأة "نطنز" و رفع نسبة التخصيب الى 20%، و لهذا السبب تم إجبار روسيا لاتمام المراحل النهائية لتشغيل المفاعل و وافقت الوكالة الدولية الإشراف الكامل على عمل و نشاط المفاعل الذي ترفض إسرائيل تشغيله و تطالب واشنطن بدورها طهران بوقف كافة نشاطها النووي في المنشآت الأخرى بعد زعمها انها أعطت لموسكو الضوء الأخضر و موافقتها لإرسال الوقود النووي لإيران.

و يختلف السياسيون في إيران بشأن مبررات و أهداف بناء هذا المفاعل حيث جرت مساع في عهد حكومة خاتمي السابقة لإلغاء صفقة مفاعل بوشهر و مطالبة روسيا بدفع تعويضات مالية لانه حتى وان تم إنتاج الف او الفين ميغاواط من طاقة الكهرباء بواسطة مفاعل بوشهر فان هذه النسبة تشكل 5% فقط من حاجة البلاد للطاقة وان الأموال التي أنفقت لبناء مفاعل بوشهر كان من الممكن من خلالها بناء 10 محطات لانتاج طاقة الكهرباء و بأضعاف مضاعفة بطرق غير المفاعل النووية.
 
لكن حكومة احمدي نجاد و خلافاً لحكومة خاتمي أصرت و لاسباب سياسية ربما على إكمال مفاعل بوشهر بل و أعلنت ان لديها النية لبناء 10 مفاعل نووية أخرى تم تحديد مواقعها و رصد ميزانية هائلة لإنجازها و تشغيلها خلال الخطة الخمسية الإنمائية القادمة.

و قدمت إيران الكثير من التطمينات لدول المنطقة و مجموعة (5+1) من انها لن تستفيد من مفاعلها النووي لأغراض عسكرية و اعتبرت اي هجوم عسكري عليه بهدف تدميره سيكون بمثابة إعلان حرب على إيران و انها سوف تستفيد من كافة أسلحتها للرد على العدوان حتى وان تطلب الامر إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل و جعل القواعد العسكرية الأمريكية في دول المنطقة اهدافاً حتمية لها.

و مع ان روسيا هي المشرف الأساسي على مفاعل بوشهر النووي الا ان مسئولين روس و منهم الرئيس ديميتري مدوديف ادعوا قبل اشهر من ان لدى إيران القدرة على إنتاج القنبلة النووية وانها ماضية في هذا المسير بسرعة قصوى!.

إسرائيل و أمريكا و دول أوروبية لديها هذا الموقف ايضاً و على هذا الأساس تحاول مجموعة (5+1) التفاوض مع ايران للاطمئنان انها لن تقدم على إنتاج أسلحة دمار شامل و على هذا الأساس تحاول هذه المجموعة الإمساك بملف إيران النووي و الإشراف الكامل على مواقعها بالرغم من ان القيادة الإيرانية أكدت "حرمة" إنتاج الأسلحة النووية و أعلنت استعدادها لتقديم كافة الإثباتات للعالم من انها لا تخطط لانتاج أسلحة دمار شامل و ليس لديها اي مواقع سرية تعمل في الخفاء لغرض إنتاج القنبلة النووية.
 
قطعاً ان مفاعل بوشهر النووي لن يكون مكاناً لانتاج اسلحة دمار شامل كما تزعم إسرائيل و أمريكا في حالته و نشاطه الراهن و لكن تدمير هذا المفاعل دون مبرر قانوني او قرارا دولي سيدفع إيران لانتاج أسلحة دفاعية لا حدود لها تمكن إيران كما هو الحال لكوريا الشمالية للدفاع عن نفسها في حالة بقاء حادثة تدمير مفاعل بوشهر في حدودها و نطاقها الجغرافي و عدم اندلاع حرب واسعة النطاق بين إيران و الأطراف المعادية و المشاركة في العدوان.
 
و الحقيقة ان أمريكا و إسرائيل و دول غربية هي الان في مأزق سياسي شديد فهي من جهة تدرك مخاطر تدمير مفاعل بوشهر و ما ينجم عنه من اتساع رقعة الحرب و تهديد مصالح الغرب في المنطقة، و من جهة أخرى لا يريد الغرب ان يرى إيران تتحول الى دولة نووية و ربما تبادر ـ حسب الادعاء الغرب ـ بإنتاج أسلحة دمار شامل تهدد أمن إسرائيل و تجبر أمريكا سحب قواتها العسكرية من دول المنطقة.

و يرى مراقبون مستقلون ان افضل أسلوب للتعامل مع التطورات الراهنة هو سماح كافة أطراف هذه الأزمة للوكالة الدولية باعتبارها موقع و محل ثقة و مكان دولي قانوني للتفاوض و إبداء الآراء من جانب إيران و الغرب بالإشراف الكامل على نشاط مفاعل بوشهر النووي و كذلك الإشراف على المواقف النووية الأخرى في إيران بهدف نزع فتيل ذرائع إسرائيل وأمريكا الزاعمة من ان إيران تنوي إنتاج أسلحة دمار شامل بدلا من طاقة الكهرباء، و كذلك إعطاء إيران فرصة كافية لاثبات صحة أقوالها من انها تستفيد من الطاقة النووية لانتاج الكهرباء فقط و ان ليس لديها نية او خطة لانتاج أسلحة دمار شامل سرا او علانية، الأمر الذي سيجنب المنطقة قطعاً كوارث الحرب و دمارها و يدفع دولها و شعوبها للتعاون و التآخي و التواصل من اجل ازدهار المنطقة و رقيها بدلاً من فرض الحرب و القتال و تحميل الدمار والمآسي والتخلف على شعوب المنطقة.
رایکم
آخرالاخبار