۶۴۴مشاهدات
بلاشك توجد الكثير من الأسباب النفسية والاجتماعية المتداخلة مع معطيات ثقافية وظروف مادية وعوامل صحية قد تساهم في هروب الفتيات وتعريض أنفسهن وسمعة أهاليهن للانتهاك. ومن هنا، فإني آمل أن تبادر وزارة الشؤون الاجتماعية بالقيام بدراسة هذا السلوك في عدد من المناطق ومقابلة حالات متنوعة للهروب.
رمز الخبر: ۴۳۳۲
تأريخ النشر: 25 May 2011
شبکة تابناک الأخبارية: نقلت الصحف ومواقع الإنترنت في 11 أبريل 2009 خبراً عن اختفاء ثلاث فتيات شقيقات تتراوح أعمارهن ما بين 15 و23 سنة في مدينة الرياض، وذكر الخبر أن هناك شبهة بأن تكون الفتيات قد تعرّضن للاختطاف على يدي شابين من جنسية عربية. ولكن ملابسات الحادث تبيّن من خلال إفادة شقيقهن الصغير بأنّهن تزيّنّ بكامل زينتهن وكنّ على استعداد للخروج من المنزل قبل أن يصل الشابان العربيان اللذان يرتبطان بعلاقات سابقة مع الفتيات.

وتذكر التقارير أن عدد الفتيات اللاتي اختفين ممّن تتجاوز أعمارهن سن 14 عاماً، وبلّغ عنهنّ خلال عام 1428، بلغ حوالي 850 فتاة، كما تذكر تقارير أخرى بأنّ الرقم يقترب من ثلاثة آلاف حالة اختفاء أو هروب. هذا إذا علمنا أن طبيعة المجتمع لا تسمح بالتبليغ دائماً عن جميع حالات الهروب أو الاختفاء التي تحصل من الفتيات.

ولأن هذا السلوك بهذا الحجم يعتبر -إلى حدٍ ما- جديداً على المجتمع، فإنه حريّ بنا أن نضع الأمر موضع الدراسة والنقاش، للتعرّف أولا على هذا السلوك الذي يُخشى أن يشكّل ظاهرة عامة ذات أبعاد سلبية كثيرة. وتقع مسؤولية البحث والدراسة على جهات عديدة، لعل أبرزها الجهات الأكاديمية ذات الاختصاص العلمي المباشر مثل أقسام الدراسات الاجتماعية وأقسام علم النفس وغيرها من الجهات التي تملك الأدوات المنهجية لرصد هذا السلوك والتعرّف على سماته وأسبابه والعوامل العامّة المشتركة الدافعة لتلك الحالات، بما يساهم في وضع حلول أو تصوّرات تساعد الأسرة على مواجهة مثل هذا السلوك والتقليل منه قدر الإمكان.

جدير بالذكر، أن ثمة دراسات أجريت عن الهروب أو الاختطاف وما يرتبط بذلك من اغتصاب أو ابتزاز أو اعتداء بدني أو نفسي أو قتل، وهي دراسات مفيدة حتى لو كانت عن مجتمعات أخرى، فيمكن الإفادة منها على اعتبار أن ثمة قواسم مشتركة بين السلوك البشري بشكل عام. ولكن يعيب تلك الدراسات أنها تقبع في الأرفف أو في المخازن بعيدة عن متناول الناس العاديين، وهذا ما يقلل من انتشارها وبالتالي يحدّ من الاستفادة منها.

وقد ذكرت الدكتورة حنان العطاالله في زاويتها المنشورة في صحيفة الرياض في 20 فبراير الماضي أن من بين أسباب هروب الفتيات ما تعانيه الفتاة من عنف وظلم من أسرتها، إضافة إلى التقييد الذي تواجهه البنت في خروجها ودخولها مقارنة بالابن الذي يترك له الحبل على الغارب في السفر والتنقل. وقبل ثلاث سنوات تقريباً نشرت صحيفة الرياض تحقيقاً عن هروب الفتيات، نشر في 11 فبراير 2006، وفيه استعراض لعدد من حالات الهروب التي يظهر أن سببها يعود إلى العنف الذي تواجهه الفتاة من أسرتها ممثلة في الوالدين أو الأشقّاء.

ويمكن لنا أن نتكهّن حول أسباب لجوء الفتاة إلى الهرب من منزلٍ يفترض أن يكون مكاناً للأمن والاستقرار. ودون أن نُغلّب سبباً على آخر، لافتقارنا إلى الدراسات الدقيقة، فمن المرجّح أنّ الفتاة لم تلجأ إلى هذا الحلّ وهو الهروب أو الاختفاء إلا بعد أن صارت بقية الحلول الأخرى بالنسبة إليها غير ممكنة أو غير محتملة. يتساءل البعض ما الذي يجعل بعض النساء خصوصا المراهقات –ويدخل في هذا كبيرة العمر صغيرة العقل- يهربن مع وافدين قد يكون كثير منهم فقراء لا يقدرون على توفير مائدة طعام محترمة؟ وفي الحقيقة قد نقول إنه لا توجد بالفعل دراسة تشرح لنا تلك الأسباب بشكل علمي ولكن من الملاحظ أن كثيراً من الفتيات يذكرن أن فلانا وسيم ومع أنها لا تجد نفسها تجاريه بالشكل الخارجي إلا أنه يعطيها اهتمامه وهذا شئ كبير لديها. وقد نقول إن الوسامة لها معاييرها وما إلى ذلك من الكلام الفلسفي ولكن واقع الحال أن الكثير من هذه الفئة تغرم بمن يشبه النجوم السينمائيين والفنانين وغير ذلك لأنهم يعتقدون أن الفنان أو المغني المشهور هو قمة الوسامة والإثارة وحينما يأتي شاب من أي جنسية يذكرهن بممثل ما أو مغن ما أو حتى لاعب كرة ..فهذا الرجل وسيم!

وهذه مصيبة فكرية عميقة خصوصا إن تزامنت مع انعدام التربية والتوجيه من قبل الأهل الذين لم يشرحوا للمراهقة فداحة ما تفكر به وعدم واقعية مشاعرها وسطحية تصرفاتها خصوصاً أن الفتاة العربية لا تتصرف بشكل مستقل عن العائلة بل تصرفاتها تؤثر بشكل مباشر على بقية عائلتها وأخواتها. فالفتاة الأمريكية تعيش حياة مختلفة ولا تتوافق مع نمط الثقافة العربية ومحاولة محاكاة التصرفات الاجتماعية الغربية في بيئة عربية هو ضرب من الجنون وعدم النضج.

بلاشك توجد الكثير من الأسباب النفسية والاجتماعية المتداخلة مع معطيات ثقافية وظروف مادية وعوامل صحية قد تساهم في هروب الفتيات وتعريض أنفسهن وسمعة أهاليهن للانتهاك. ومن هنا، فإني آمل أن تبادر وزارة الشؤون الاجتماعية بالقيام بدراسة هذا السلوك في عدد من المناطق ومقابلة حالات متنوعة للهروب.
رایکم
آخرالاخبار