۷۹۹مشاهدات
والكارثة الكبرى الثالثة أن كل هذا العار يتم باسم حماية الإسلام السني الصحيح ، من الإسلام الشيعي الباطل حسب زعمهم ، بمعنى كل هذا من اجل كسب ثواب رب العالمين عند قتل الشيعة .
رمز الخبر: ۴۱۷۱
تأريخ النشر: 08 May 2011
شبکة تابناک الأخبارية: كتبت صحيفة الوطن الجزائرية إن من المتعارف عليه أن أنظمة الطغيان التي تحكم الوطن العربي يقوم وجودها على مجموعة من التوازنات ، التي تسعى إلى خلقها واستعمالها عند الحاجة.

هذه التوازنات كانت في الماضي قبل سقوط الاتحاد السوفييتي تقوم على مبادئ إيديولوجية محضة ، وذلك من خلال تأجيج الصراع الموجود بين اليمين واليسار مثلا ، لتكون الشبهة في الغالب هي الخطر الشيوعي مثلا ، أو الخطر الإمبريالي ، وغيرها من الأخطار ، لكن مع زوال المعسكر الشرقي بسقوط الاتحاد السوفييتي ، كان لزاما على أنظمة القهر العربي أن تبتدع ثنائيات جديدة تبني عليها توازناتها ،وفق مبادئ جديدة كانت هذه المرة بصبغة دينية ، فتم اختراع الإسلاموفوبيا ليكون البعبع الذي تُحذر منه الشعوب ، ومع ثنائية الإسلامي والعلماني ، أو الديمقراطي والظلامي ، أ تعزز سلطان أنظمة القهر وتوطدت أركانه ، لكن نجاح الثورة الإسلامية في إيران ، وماتلاها من مد في جميع الدول العربية ، بات يُحتم على أنظمة الطغيان خلق ثنائيات جديدة ، وإيجاد أرضية جديدة لتوازناتها ، فكان هذه المرة المبدأ الطائفي ، فتم تأجيج الصراع بين الشيعة والسنة ، حتى بلغ ذروته ، خاصة في دول الريع البترولي بالخليج العربي ، والمفارقة الكبرى أن يتحول الطغاة المجرمون إلى حماة للدين الإسلامي سواء في ثوبه السني أو في ثوبه الشيعي ، وذلك حسب نظام الأقلية والأكثرية ، ففي إيران مثلا والعراق ، والتي يمثل فيها السنة النسبة الأقل رغم أنها تظاهي ثُلث السكان أو ربعهم فإن الطغاة يتبنون حماية الإسلام في ثوبه الشيعي من منطلق أنه الإسلام الصحيح ، وما عداه من إسلام السنة فهو يكاد يكون باطلا ، وأهله على ظلال ، ولذلك فلا ضير في أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية ، فيحرمون من كثير الحقوق التي يتمتع بها الشيعة .أما في السعودية مثلا والتي يزيد فيها تعداد الشيعة عن 03 ملايين نسمة ، فإن آل سعود يتبنون حماية الإسلام السني الوهابي المقدس ، ضد الشيعة الذين لا فرق بينهم وبين اليهود أو المجوس أو ربما كان خطرهم أشد من وجهة نظر السلفية الوهابية تستبيح دماء هؤلاء .

المفارقة الكبرى تصنعها دولة البحرين ، ودولة البحرين هذه دولة تكاد تكون استثنائية في العالم كله انطلاقا من تاريخها الضارب في أعماق التاريخ ومرورا بموقعها وطبيعة تضاريسها وصغر مساحتها وانتهاء بتركيبتها السكانية ، التي يُشكل فيها الشيعة النسبة الأكبر والتي تتجاوز 70 في المائة من تعداد السكان ، وهو ما كان يُفترض فيه أن يكون الحكم لصالح الشيعة ، لأن الأكثرية هي من تحكم الأقلية ، ولكن العكس هذه المرة هو الذي يفرض نفسه ، فالأقلية السنية في البحرين هي التي تحكم الأكثرية الشيعة ، وقد كانت تكفي هذه المفارقة لتحتم على الحكام السنة أن يكونوا أكثر عدلا في التعامل مع الأكثرية الشيعية ، حرصا على عدم تمردها وثورتها على المنطق المقلوب ، لكن ما يحدث في البحرين قد يكون أسوأ مما يحدث في السعودية ، فالشيعة في البحرين تصدق ضدهم كل الأوصاف المشينة ، وربما كانوا سبب اتساع ثقب طبقة الأوزون أيضا ، أو سبب التسونامي الذي يهلك البشر ، ولذلك فإن سلطات آل خليفة ، وعوض أن تدفعهم للتعاطي برفق مع الأكثرية الشيعية ، فإنها تدفعهم إلى محاولة إبادتهم ، حتى يتضاءل عددهم ، وبالمقابل تقوية صفوف السنة بالمجنسين ، من مختلف الأشكال والأجناس بداية بالبنغاليين والباكستانيين ، مرورا بالمصريين والمغاربة والموريتانيين وانتهاء بالهنود والأفارقة والزنوج ، والكارثة الكبر أنه بعد تجنيس هؤلاء مباشرة ، تصبح لهم حقوق أفضل من حقوق الشيعة البحرينيين أبا عن جد ، فقد لا يتردد بنغالي في طعن شيعي في السوق لمجرد سوء تفاهم بسيط ،وقد لا يطال العقاب المتجنس القاتل وربما اكتفت المحكمة بإدانته بغرامة مالية ، مثله مثل قاتل أي مخلوق غير عاقل .

والكارثة الكبرى أن الشيعة في البحرين هم المنتجون ، في جميع المجالات الاقتصادية والثقافية وحتى الرياضية ، ومع ذلك فإن آل خليفة يتمنون لو أغمضوا عيونهم وفتحوها على جثث جميع الشيعة في البلد حتى يطمئنوا على عرشهم .

الكارثة الكبرى الثانية ، هي أن الشيعة لم يثوروا ضد أوضاعهم ، وقد انتظروا بداية الانتفاضات العربية ليطالبوا ببعض حقوقهم المشروعة ، والتي لاتصل في جميع الحالات إلى المطالبة بزوال الملكية المطلقة. ومحاكمة الملك الطاغية وعشيرته ، ومع ذلك فإن دول الخليج العربي كلها متآزرة متعاونة في إبادة الشيعة البحرينيين ، ذلك لأن هذه الدول المارقة تتخذ من البحرين علبة ليلية للترفيه عن مواطنيها بمباركة وتأييد من حكام آل خليفة ، ولذلك فلا غرابة أن تسعى إلى إخماد ثورة واحتجاجات الأحرار حتى وإن كانت سلمية ، وذلك بالانتقام منهم في بيوتهم ، وفي أماكن عملهم ، وفي الطرقات والشوارع ، وحتى في دور العبادة ، وفي المستشفيات ، نعم لقد تم الانتقام حتى من الجرحى ، بمن في ذلك الذين تم بتر أرجلهم أو أياديهم ، وهذا منتهى ما يمكن أن تصل إليه الحيوانية ، لأنه وفي جميع الحالات لا يمكن معاقبة شخص ينزف حتى وإن كان مجرما ، فكيف إذا كان بريئا .

والكارثة الكبرى الثالثة أن كل هذا العار يتم باسم حماية الإسلام السني الصحيح ، من الإسلام الشيعي الباطل حسب زعمهم ، بمعنى كل هذا من اجل كسب ثواب رب العالمين عند قتل الشيعة .

ـ في الجزائر ، لا يوجد شيعة ، وإن كانوا موجودين فبنسب قليلة وبحالات فردية لا جماعية ، لأنه وحسب معلوماتي لا يوجد للسنة أي مكان خاص بهم لممارسة الشعائر الدينية ، ومع ذلك فإنني على يقين لو أن مواطنا جزائريا جهر بشيعيته ، فإنه لا أحد يعبأ به ، لأن ثمة من جهر بنصرانيته ولا أحد قال له دونك الجنة أو دونك النار ، اللهم إلا بعض حراس العقيدة من المتأثرين بالوهابية السلفية السعودية الذين ربما كان لهم رأي آخر ، أما بقية الشعب الجزائري فلا أظنه سيبالي كثيرا بوجود شيعة أو بعدم وجودهم ، كما لم يكن مباليا بوجود سلفيين وهابيين متشددين ، ولذلك فإن الشارع الجزائري يتعاطف اليوم مع الثورة في البحرين حتى وإن حاول البعض وصمها بالطابع الشيعي ، لأنه من واجبنا أن نصبح جميعا شيعة حين يصبح للطغيان مذهب وعقيدة .
رایکم
آخرالاخبار