۶۸۶مشاهدات
وخلال الاحتجاجات التي وقعت الجمعة قبل الماضية، قتلت القوات الإسرائيلية ثلاثة آخرين بخلاف النجار، من بينهم صبي في الخامسة عشرة من عمره.
رمز الخبر: ۳۸۵۶۳
تأريخ النشر: 11 June 2018

شبکة تابناک الاخبارية: تناول مقال لأوليفر هولمز وحازم بلوشة لصحيفة «الجارديان» البريطانية قضية مقتل المسعفة الفلسطينية رزان النجار برصاص القوات الإسرائيلية خلال الاحتجاجات التي جرت في قطاع غزة الجمعة قبل الماضية، محاولين تسليط الضوء على عمل المسعفين في غزة وتعرضهم الدائم للمخاطر، بالإضافة للقائهم بوالدة رزان النجار في قرية خزاعة التي تنتمي لها بقطاع غزة.

من خلال خبرتهم الطويلة في العمل تحت الحصار والقصف، تمكن المسعفون في قطاع غزة من تطوير طرق وتكتيكات متطورة للعمل في هذه الظروف، دون أن تصيبهم رصاصات القناصة الإسرائيليين. من بين تلك الطرق ارتداؤهم لسترات بيضاء ذات شرائط عاكسة، يتحركون ببطء وتأن نحو الضحايا لمساعدتهم مع رفع أيديهم فوق رؤوسهم أثناء مرورهم عبر أعمدة الدخان المتصاعدة من الإطارات المحترقة والقنابل المسيلة للدموع.

لا مفر من رصاص الإسرائيليين

مع اقترابهم من السياج المعدني، في مسافة تسمح للعدو بأن يسمعهم، يبدأون في الصراخ مطالبين إياهم عدم إطلاق النار، وأن هناك مصابين. يؤمن المسعفون أنه من شبه المستحيل أن يميزهم الجنود الإسرائيلين بشكل خاطئ، ومع ذلك ينتهي بهم المطاف إلى نفس المصير المرعب.. كل تلك الاحتياطات لم تنجح في حمايتهم من رصاص الجنود الإسرائيلين، بحسب المقال.

احتلت إسرائيل قطاع غزة لمدة 38 عامًا وحتى عام 2005، وخلال ذلك الوقت فرضت حصارًا بريًا وبحريًا على القطاع. رزان النجار متطوعة في مجال الإنقاذ الطبي، بحسب إحدى زميلاتها، ولكنها قُتِلت بعد إصابتها برصاصة في الصدر الجمعة قبل الماضية. رزان البالغة من العمر 21 عامًا هي ثاني مسعف يلقى حتفه خلال 10 أسابيع من الاحتجاجات الفلسطينية، في حين أعلنت وزارة الصحة في غزة أن 25 آخرين أصيبوا بالرصاص الحي.

فارس القِدرة، والذي كان في نفس المناوبة حينما توفت رزان النجار، قال: «إنها وأربعة آخرين توجهوا لإنقاد رجل أصيب في الوجه بقنبلة مسيلة للدموع على بعد 20 مترًا من محيط عملهم. يضيف القِدرة، والبالغ من العمر 31 عامًا، والذي يعمل كمسعف أيضًا «كان الرجل يصرخ طلبًا للمساعدة»، وأن رزان النجار دائمًا ما كانت تبادر لمساعدة المصابين، حتى إذا أطلق الجنود طلقات تحذيرية»، قائلًا: «دائمًا يصرخ الجنود مطالبين إيانا بالعودة».

في ذلك اليوم، سمع القِدرة دوي ثلاث طلقات. إلتُقِطت صورة بعد ذلك بفترة وجيزة تُظهر رِجالًا يحملون جسد النجار، تظهر فيها أيديها بينما ترتدي القفازات الطبية. وأصبحت النجار رمزًا في غزة من بعد موتها، مع مئات الصورة التي انتشرت لها على الانترنت، تلك الفتاة التي ترتدي حجابًا ملونًا، في حين يبدو على وجهها تعبيرات حازمة، بحسب المقال.

طفولة تحت القصف

هناك الكثير من الصور التي التُقِطت سابقًا للنجار بالمعطف الأبيض أثناء عملها، والذي تلطخه دائمًا دماء المصابين ممن تحاول إنقاذهم، في حين تظهر في إحدى الصور بينما تحاول يائسة مساعدة شاب مصاب ينزف رأسه بقوة. في مقابلة صحافية سابقة أجرتها رزان النجار، تقول: «أنا هنا على الجبهة كدرع بشري ومنقِذة للمصابين والجرحى»، كما شكت أيضًا من أن مجتمعها غالبًا ما يحكم على النساء، قائلة: «على المجتمع أن يتقبلنا، إن لم يفعلوا ذلك باختيارهم، فسيكونون مجبرين على ذلك؛ لأن لدينا قوة تفوق أي رجل».

قضت رزان النجار سنوات مراهقتها في وسط ذلك الصراع؛ إذ كانت طفلة حين اندلعت الحرب عام 2008، في حين كانت في السادسة عشرة حين اندلعت الحرب التالية، وفي السابعة عشرة خلال حرب السبعة أسابيع عام 2014، والتي تعرضت خلالها قريتها خزاعة لدمار شديد نتيجة للقصف. تقول صابرين والدة رزان النجار، بينما تجلس بين أقاربها في حالة من الحزن على فقدان رزان: «لم ترغب رزان في رؤية أحد يعاني. لقد مررنا بالكثير من الحروب. لقد أرادت أن تكون قادرة على المساعدة».

بحسب المقال، تقع المنقطة التي تسكن بها النجار بالقرب من خط المواجهة، حيث يمكن رؤية الجنود الإسرائيلين بوضوح متمركزين على بعد مئات الأمتار من منزلها، في حين وضعت جدران أسمنتيه بارتفاع أربعة أمتار في الطريق لحماية السكان من النيران القادمة. ومع عدم قدرة الأسرة على تحمل مصاريف دراستها الجامعية، وجدت رزان فرصًا مجانية لدراسة الخط والتمريض. تقول والدتها: «كنت دائمًا ما أشجعها. أنا مثلها تمامًا، شغوفة بالتعلم، وأردت أن أعطيها المساحة والحرية التي تحتاجها».

وبعد انتشار الأخبار عن مقتلها، قال عزت شتات، وهو عامل إسعاف يبلغ من العمر 23 عامًا، إنه ورزان كانا ينويات إعلان خطبتهما بعد شهر رمضان مباشرة.

إسرائيل تهاجم النجار

تتهم إسرائيل حركة حماس، والتي تحكم قطاع غزة وتدعم الاحتجاجات المناهضة للاحتلال، باستخدام تلك المظاهرات كغطاء لتنفيذ هجمات على إسرائيل، وأنهم يقومون بمحاولة إضرام النيران في الأراضي الزراعية الإسرائيل، وأن السياج الفاصل قد تضرر بسبب المتفجرات التي تستخدمها «حماس». أعلنت إسرائيل في تحقيها الأولي أنها لم توجه أي أعيرة نارية بشكل مباشر أو غير مباشر صوب النجار.

في المقابل سعى مسئولون حكوميون وعسكريون من الجانب الإسرائيلي لتشويه سمعة رزان، متهمين إياها بمساعدة من وصفوهم بالإرهابيين. ونشر المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقطع فيديو عبر موقع «تويتر»، مع تعليق يقول: «هل كانت رزان النجار مجرد مسعفة وحسب؟».

ترى والدة النجار أن ابنتها تم استهدافها، تقول ذلك بينما تحمل معطف ابنتها الأبيض، والذي تحول للون البني بسبب الدماء التي جفت عليه، وقد كُتِب عليه: «جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية»، كما يمكن رؤية الثقب الناتج عن الرصاصة التي اخترقت جسد النجار. تقول الأم، بينما تُظهر بطاقة ابنتها الطبية: «هذه هي الرصاصة التي أصابتها. وهذه هي شارتها الإرهابية».

وبينما تُخرج الضمادات التي احتفظت بها رزان في جيوبها، تقول الأم: «هذه هي المتفجرات التي كانت تحملها»، وتضيف «لقد كانت قريبة للغاية من الجنود. هل تبدو كإرهابية؟».

ردود أفعال سياسية

وقتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 120 فلسطينيًا خلال أحداث العنف الأخيرة، بحسب من أعلنه مسئولون رسميون من غزة، في حين أصيب أكثر من 3600 شخص آخرون بالطلقات الحية، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الأغلبية العظمى من بينهم من غير المسلحين، في حين لقى عدد من الصحافيين والمراهقين مصرعهم أيضًا.

وخلال الاحتجاجات التي وقعت الجمعة قبل الماضية، قتلت القوات الإسرائيلية ثلاثة آخرين بخلاف النجار، من بينهم صبي في الخامسة عشرة من عمره. تطالب الاحتجاجات في الأساس برفع الحصار الممتد لأكثر من 10 سنوات من جانب كل من مصر وإسرائيل على القطاع، كما يطالب السكان بحقهم في العودة إلى منازل أجدادهم في إسرائيل. في خزاعة، قرية رزان النجار، تمتلئ الطرقات بشارات تتعلق بالنزوج. طوال الطريق يمكنك أن ترى «مصنع العودة» و«مخبز العودة» و«قهوة العودة».

وجاء مقتل رزان النجار ليثير حالة من الغضب داخل مجتمعها؛ إذ قتلت القوات الإسرائيلية أحد أقاربها حينما حاول عبور الحاجز المعدني الاثنين الماضي. يقول أحد السكان: «لقد أراد الانتقام لرزان. خطط لإلقاء الحجارة على سيارة جيب تابعة للجيش الإسرائيلي وإضرام النار في بعض الإطارات».

وسعت الفصائل الوطنية للمشاركة في الحداد الوطني على رزان النجار. إذ تظهر صورة النجار في لوحة كبيرة بمعسكر الاحتجاج بجانب الزعيم السياسي بحركة حماس، إسماعيل هنية. تجلس والدة رزان النجار بينما تحيط بها صور ابنتها التي قامت الأحزاب السياسية والمؤسسات الطبية بطباعتها كتعبير عن تعازيهم وتختتم حديثها قائلة: «لقد ظنت أن ذلك المعطف الأبيض سيحميها. العالم بأسره يعرف ما يعنيه ذلك المعطف».

رایکم
آخرالاخبار