۲۸۴۷مشاهدات
رمز الخبر: ۳۸۳۹۹
تأريخ النشر: 26 May 2018

شبکة تابناک الاخبارية - شفقنا: فيما تسعى إسرائيل إلى تدعيم تحالفها مع الهند، والسير نحو مزيد من التعاون الاستراتيجي مع نيودلهي، لا تبدو الحكومة الإسرائيلية مرتاحةً لهذا المشوار، بسبب علاقات الهند مع «عدوها اللدود» إيران. وفيما تصر الهند على تطوير علاقتها التاريخية مع طهران، يظهر لمتابع الشأن الإسرائيلي ممارسة ضغوط من تل أبيب على الهند للحد من هذه العلاقة، لكن الحقيقة أنه من الصعب أن تتخلى الهند عن إيران، فالروابط بينهما جعلت العلاقات السياسية والاقتصادية تشهد تقاربًا كبيرًا يتوقع المراقبون ألا يقتصر على مصلحة استيراد النفط؛ بل تدفعه أمور أخرى كحرص نيودلهي على تعميق نفوذها في آسيا الوسطى عبر إيران وحلفائها.

دوافع التقارب الهندي الإيراني

اضطرت الهند للانفصال عن إيران بشكل خاص، وعن آسيا الوسطى بشكل عام، بعد آلاف السنين من الاتصال، وذلك بفعل ظهور «العدو التاريخي» لها، وهي دولة باكستان التي سيطرت على الجزء الشمالي من كشمير، والمتصل بأفغانستان وطاجيكستان.

لكن فيما بعد أدركت الهند عدم نجاعة البعد عن إيران، وتحديدًا منذ إسقاط «حكم الشاه» في عام 1978، فقد استوعبت الهند أن إيران هي البوابة الوحيدة لها من أجل الوصول إلى جيرانها التاريخيين في تلك المنطقة، كما أن إيران كانت أداة الهند لمواجهة الانعزال الذي تعانيه في الإقليم، وهي سبيلها لتحسين صورتها السلبية في العالم الإسلامي نتيجة علاقاتها العسكرية مع إسرائيل، كذلك دفعت حاجة الهند المتزايدة لمصادر الطاقة من النفط والغاز إلى مزيد من العلاقات مع إيران، إضافة إلى حاجتها للمعدات العسكرية المتطورة.

على الجهة الأخرى، وجدت إيران في التحالف مع الهند فرصةً جيدةً لمجابهة ضغوط الولايات المتحدة عليها، كما دفع القلق المشترك بين الدولتين من ما يسمى بـ«التشدد الإسلامي السني» في باكستان كلًّا من طهران ونيودلهي نحو مزيد من التعاون الوثيق بينهما، وفي المحصلة أدارت طهران ظهرها لحليفها السابق باكستان، واستجابت لرغبة الهندية في التقارب معها.

يذكر أن المصادر الهندية تؤكد أن بلادهم تضم ثاني أكبر تجمع شيعي في العالم، فحسب مركز «بوي» يتراوح عدد المسلمين الشيعة في الهند بين 16- 24 مليونًا، وهم جزء من النسيج السياسي في الهند، ولهم حضور في القوى الأمنية الهندية، فنائب الرئيس الهندي «حميد الأنصاري» الذي شغل في السابق منصب سفير الهند في إيران، هو شيعي المذهب.

الدافع الأكبر.. النفوذ في آسيا الوسطى

بالرغم من أن إيران أكدت لإسرائيل أنها تعارض التحركات الإيرانية لـ«إيذاء إسرائيل»، إلا أن «تل أبيب» تشعر بقلق وانزعاج كبيرين من التقارب الهندي مع إيران، ولا تخفي وسائل الإعلام الإسرائيلية أن حكومتهم تمارس ضغوطًا قويةً على نيودلهي، بعد التقارب الذي شهدته العلاقات الهندية الإيرانية مؤخرًا، ويقتنع الإسرائيليون أن العلاقات التاريخية الوطيدة بين طهران ونيودلهي، ستؤثر سلبًا في المساعي الإسرائيلية للتحالف القوي مع الهند.

ويرجع الإسرائيليون تمسك الهند بالعلاقات مع إيران إلى ما هو أبعد من النفط والطاقة؛ حسب تقرير صحفية «هآرتس» الإسرائيلية فإن: «الدافع الحقيقي وراء العلاقة مع إيران هو طموح الهند العظيم لتوسيع نفوذها في آسيا الوسطى وما وراءها».

ويستدل الإسرائيليون على هذا الطموح بتطوير نيودلهي ميناء «تشابهار» في إقليم بلوشستان السُّني جنوب شرقي إيران، وهو أقرب مواني المياه الدافئة إلى منطقة آسيا الوسطى، إذ يهدف هذا التطوير إلى تسهيل وصول البضائع الهندية إلى أفغانستان، وإلى آسيا الوسطى الغنية بالغاز، وقد عُد هذا الميناء أهم مشروع اقتصادي مشترك بين البلدين، إذ ستدشن فيه الهند منطقة تجارة حرة تستثمر فيها 16 مليار دولار مستقبلًا في المدينة، وممرًا اقتصاديًّا وتجاريًّا منطلقًا من الميناء وصولًا إلى أفغانستان، بما يشمله ذلك من تطوير البنية التحتية، وبناء طرق جديدة وسكك حديدية ناحية الحدود الأفغانية الإيرانية.

وتعود التحركات الهندية الإيرانية تجاه هذا الميناء إلى عام 2016، حين افتتحت إيران مرفأً سيكون في النهاية تمديدًا لميناء تشابهار بقيمة مليار دولار، وهو الميناء الوحيد ذو المياه العميقة لديها، ويقع على بعد 116 كيلومترًا من شبه جزيرة جيواني.

وتنظر الهند المعنية بالتصدي لتعزيز النفوذ الصيني بالمحيط الهندي إلى هذا المحيط بوصفه «البحيرة الخاصة بها» داخل منطقة نفوذها في جنوب آسيا، إذ تمر أكثر من 80% من إجمالي شحنات النفط العالمية عبر المحيط، كما تمر عبره 70% من حركة الشاحنات من وإلى الدول الصناعية الآسيوية وباقي دول العالم.

الهند لا تنصاع لإسرائيل وتواصل التقارب مع إيران

«ليس هدفنا إلحاق الأذى بالشعب الإيراني، أو التدخل في النشاط التجاري القانوني الذي يجري بينها وبين أوروبا أو الهند، أو الاتفاقيات التي تعزز النشاط الاقتصادي بينهما»، فيما نُسب هذا الكلام لوزير الخارجية الأمريكي «ريكس تيلرسون» تعقيبًا على علاقات الهند الوثيقة مع إيران، فإن لدى الإسرائيليين الكثير من الاعتراض على هذه العلاقة.

رغم أن علاقة الهند بطهران ألقت بظلالها على الولايات المتحدة وإسرائيل، إلا أن مصلحة الطرفين التقت مع توجه الولايات المتحدة في بعض الأحيان، كدعمها لتحالف الشمال الأفغاني بعد أن فشلت واشنطن في التفاوض مع طالبان لتلبية مطالبها في أفغانستان، فيما تبقى إسرائيل التي تصر على عزل إيران، تقابل إصرارًا هنديًّا على استمرار العلاقات التجارية القوية مع طهران، خاصةً في مجال النفط، فالعلاقات التجارية التي يصعب أن تتخلى عنها الهند تصل إلى أكثر من 7.2 مليار دولار سنويًّا بين طهران ونيودلهي.

وتصر الهند على العلاقة الاستراتيجية الوطيدة مع إيران، وتجمعها مع طهران مصالح استراتيجية مشتركة مثل احتواء باكستان، كذلك ورغم تعميق الهند لعلاقاتها الرسمية مع إسرائيل، والاستفادة عسكريًّا وتكنولوجيًّا منها، إلا أنها كانت حريصة على إحداث توازن مع كافة الأطراف، ومنها الدول العربية والإسلامية، فقد أبدت الحكومة الهندية درجة من الالتزام والتوافق مع بعض المواقف العربية التقليدية المعارضة لإسرائيل؛ لأنها تدرك فداحة خسارة صداقات مهمة مع دول آسيا المسلمة، وبعض دول الخليج في حال إصرار ها على التحالف مع إسرائيل فقط.

وبالرغم من علاقة المودة بين الهند وإسرائيل التي تدعمها المشاريع العسكرية والتكنولوجية، إلا أن الواقع هو كون هذه العلاقة أكثر تعقيدًا مما يتحدث عنه مسئولو الطرفين، فالعلاقات الاستراتيجية يعيقها رغبة في اتخاذ موقف –خاصة من إسرائيل- ضد أعداء بعضهم البعض، ويرى المراقبون أن العلاقة مع طهران لا يحتمل أن تتخلى عنها الهند بسهولة، إذ يحرص رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي» ألا ينظر له في النهاية بوصفه «حليفًا إسرائيليًّا»، فهو معني بكسب أصوات المسلمين في الداخل وفي الخارج؛ بل يذهب المتابعون إلى توقع المزيد من التجارة، أو تطوير علاقة استراتيجية أوثق بين الطرفين الإيراني والهندي.

الهند وإيران.. إلى أي حد وصلت الصداقة بينهما؟

لقد كانت الهند من أوائل الدول التي لم تنصع لمنظومة العقوبات الأمريكية والغربية على إيران، إذ حافظت على علاقات اقتصادية متينة مع طهران إلى جانب دول أخرى كالصين وروسيا وتركيا.

وقد تطورت العلاقة الاقتصادية بين طهران ونيودلهي، وكذلك الصفقات العسكرية التي وصلت إلى حد الحقّ في استخدام القواعد العسكرية لبعضهما البعض في حالة الحرب، وفي فبراير (شباط) من هذا العام، صدر بيان حول رغبة الطرفين في تكثيف التعاون في مجال الدفاع الجوي.

أما في مجال الطاقة، فوصل حجم التعاون إلى ما يناهز 25 مليار دولار، وأصبحت طهران أكبر مورد نفط إلى نيودلهي في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، حين قفزت واردات النفط الهندية من إيران في هذا العام إلى أعلى مستوياتها بعد رفع تلك العقوبات في يناير (كانون الثاني)، وفي أكتوبر من العام نفسه وصلت إلى أكثر من ثلاثة أمثالها.

كما تعمل الهند على المساعدة في تطوير مرافق المواني الإيرانية، وفي بناء الطرق والسكك الحديدية في إيران، وتناقش الدولتان مع روسيا بناء ممر نقل ثلاثي بينهم، وهو الممر الذي يمثل في النهاية طريقًا تجاريًّا كاملًا، سيمثل أهمية سياسية واستراتيجية لتلك الدول، وقد يلحق ضررًا -في نظر بعض المحللين- بالمصالح العربية والتركية والباكستانية.

رایکم
آخرالاخبار