۲۳۲۷مشاهدات
رمز الخبر: ۳۷۹۳۸
تأريخ النشر: 15 March 2018

شبکة تابناک الاخبارية: يعيش نتنياهو اليوم أصعب مراحل حياته السياسية، فالعديد من الملفات الصعبة والمعقدة وضعته أمام أزمة يقول مراقبون أنها قد تهدّد مستقبله السياسي برمته. فهو اليوم يقف أمام مستقبل مظلم، ينذر بفشل في تدارك تداعياته. فالأزمة الداخلية المستعرة، وبالرغم من وصول ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، ودعمه المفرط لنتنياهو، إلا أنّ الظروف السياسية المعقدة التي تحيط بهذا الأخير لا تبشر بإنفراج قريب.

اليوم يعيش نتنياهو المعروف بغروره وتكبره أصعب حالاته، وقد وصفه وزير الحرب السابق ايهود باراك "بأنه رجل جبان يجب أن يرحل"، مشدّدا على أن ّ«مستقبل إسرائیل وجیشها بید رئیس وزراء مضلل وجبان ویجب الإطاحة به ولیس إنقاذه». فما يعيشه نتنياهو اليوم، وبالرغم من كل المحاولات يفوق التوقعات، فهو يواجه اليوم ملفّين مهمّين، يتمثل الأول في ملف الفساد، إذ یخضع بنیامین نتنیاهو منذ نهایة 2016 لتحقیقات متواصلة بسبب ملفات فساد، حیث أخضعته الشرطة الإسرائیلیة للتحقیق أربع مرات، وعلى الأغلب هناك جولات تحقیق قادمة في ظل تعدد ملفات الفساد التی یواجهها، منها "ملف 1000" أو "الهدایا الثمینة غیر المشروعة"، و"ملف 2000" أو ما یمکن تسمیته "شراء الولاء في الإعلام"، الذي یُتهم فیه نتنیاهو بالتآمر مع "أرنون موزیس" ناشر صحیفة "یدیعوت أحرونوت" الیمینیة ضد منافستها صحیفة "یسرائیل الیوم"، و"تحمیل الدولة تکالیف مضاعفة خلال السفریات الخارجیة".

يبدو أنّ التحقیقات القضائیة مع نتنیاهو بسبب تهم الفساد لم تنتهي بعد، وهو اليوم بإنتظار الحکم القضائی المحتمل بشأن هذه الملفات. لكن الواضح أنّه دخل في أزمة أخرى لا تقلّ خطورة عن الأولى، بعد أن أصدر مراقب الکیان الصهیونی "یوسف شابیرا" تقریره عن حرب 2014 على قطاع غزة، أو ما يعرف بعملیة "الجرف الصامد"، فقد إتهم التقریر القیادة السیاسیة الإسرائیلیة المتمثلة في نتنیاهو بالفشل في مواجهة المقاومة الفلسطینیة، والملفت أنّ رئیس الوزراء الصهیونی السجین "إیهود أولمرت" عاش وضعا مماثلا، نتیجة إخفاقات إسرائیل في حربي تموز 2006 على لبنان، و2008 - 2009 على قطاع غزة.

الیوم التاریخ یعید نفسه في فلسطین المحتلة، وهذه المرة المرشح لنیل المصیر ذاته، هو أحد أکثر زعماء إسرائیل تطرفا في تاریخها، الذي تربع على السلطة عام 2009 للمرة الثانیة، بعد حملة قام بها ضد سلفه "أولمرت" لإخفاقات الأخیر في حرب تموز 2006 على لبنان، والتي وردت في تقریر لجنة فینوغراد الشهیرة، وکذلك الحرب على غزة نهایة عام 2008 وبدایة عام 2009. یوجه تقریر "شابیرا" إتهامات عدیدة وخطیرة لرئیس الوزراء الإسرائیلی بنیامین نتنیاهو وقادة الجیش الإسرائیلی، منها، الإخفاق فی الإستعداد المطلوب للحرب على غزة عام 2014، ولا سیما فیما یتعلق بمواجهة الأنفاق التی یرى التقریر أن الأفعال التی إتخذتها الحکومة والجیش لم تکن على مستوى التهدید الذي کانت تمثله هذه الأنفاق، والتقصیر في إعداد خطط عسکریة وتدریب قوات لمواجهتها. أيضا إخفاء معلومات حساسة عن بقیة أعضاء المجلس الوزاری المصغر من قبل رئیس الوزراء ووزیر حربه.

أيضا فشل هذا المجلس في تحدید أهداف إستراتیجیة للجیش الصهیونی في هذه الحرب، مما أضطره إلى تحدید هذه الأهداف بنفسه.

يمكن القول أنه، هناك العديد من السيناریوهات المتوقعة بعد هذه الأزمات المستفحلة التي یواجهها رئیس الوزراء الإسرائیلی، فيما یتعلق بمستقبله السیاسی خلال المرحلة المقبلة أهمها، سیناریو "البقاء والإستکمال"، أي أن تستمر الحکومة الحالیة بقیادة نتنیاهو في الحکم وتستکمل مدتها القانونیة، إلى حین إجراء إنتخابات الدورة الـ 21 للکنيست عام 2019.

لكن وإن كان هذا الإحتمال ضعيف في ظل تدفق الأزمة الحالية، لكنه غير مستبعد إلى حد كبير، خاصة وأنّ الحکومة الإسرائیلیة الحالیة وبالذات رئیسها، یحظى بدعم قوي من الإدارة الأمریکیة الجدیدة، وهنا لا ینبغي أن نغفل أن الرئیس الأمریکي الجدید "دونالد ترامب" حریص أکثر من نتنیاهو نفسه، لبقائه على رأس السلطة في "إسرائیل".

أمّا السیناریو الثانی فيتمثل في الإستقالة، فإن أحسّ نتنياهو بأن مصير التتبعات القضائية قد يؤول إلى إجباره على الإستقالة، قد يقرّر هو ذلك من تلقاء نفسه قبل أن يطاله القانون.

الواضح أنّ غالبیة الصهاینة، يؤيدون الإتهامات الموجّهة لرئیس الحکومة الإسرائیلیة، حیث نشرت صحیفة هآرتس العبریة إستطلاعا للرأي جاء فیه، أن 57% من الإسرائیلیین یعتقدون أن شبهات الفساد المحیطة بنتنیاهو صحیحة، مقابل 28% یرون بطلان هذه الإتهامات.

أما السیناریو الآخر المحتمل، فهو الدعوة إلى "إنتخابات مبکرة"، ففي ظل التحقیقات مع نتنیاهو وإنتشار تقریر "شابیرا"، بدأت ترتفع أصوات من داخل الحکومة وخارجها تطالب بالدعوة لإجراء إنتخابات مبکرة.

من الواضح أن هذا الأمر غير مستبعد في ظل الظروف الحالية، ذلك أنه غالبا ما یتم تقدیم موعد الإنتخابات البرلمانية الإسرائيلية في ظروف عادية لمجرد خلافات حزبية وعلى إثرها يتصدع الإئتلاف الحکومي، فكيف وهي تعيش اليوم أصعب الأزمات وأخطرها. كما أنّ الأحزاب المشارکة في الإئتلاف الحکومي ولأسباب بعيدة عن أزمة نتنياهو، ترغب في تفکیك هذا الإئتلاف وتقديم موعد الإنتخابات أملا في الحصول على عدد أکبر من المقاعد، منها حزب "البیت الیهودي" برئاسة وزیر التعلیم والتربیة "نفتالي بینت"، الذي یشعر الیوم بنشوة القوة بسبب نجاحه في تمریر قانون "التسویة" الذي شرعن الإستیلاء على الأراضي الفلسطینیة في الضفة الغربیة، والتي قامت علیها مستوطنات عدیدة. کما أن حزب "هناك مستقبل" بقیادة "یائیر لابید" المشارك في الإئتلاف الحکومي سیکون من المستفیدین من تفكك الإئتلاف الحاکم بعد نجاحه في بناء قاعدة حزبیة على حساب الیسار الإسرائیلي التقلیدي. إضافة لكل هذا، هناك إحتمالات الإنشقاق في حزب اللیکود بقیادة بنیامین نتنیاهو بعد إعلان وزیر الحرب السابق موشه یعلون نیته تشکیل حزب سیاسي جدید، مما یعني أنه ینوي الإنشقاق عن اللیکود.

السؤال الأبرز الذي یطرح نفسه بقوة أنه إذا ما جرت إنتخابات مبکرة في "إسرائیل" کیف سیکون مصیر رئیس الوزراء الحالي بعد الإنتخابات؟ ما یمکن قوله أنه، إذا کان سبب تنظیم الإنتخابات المبکرة هو إستقالة نتنیاهو مكرها بعد توجیه لائحة الإتهام ضده، فعلى الأرجح سینتهي الرجل سیاسیا، لکن إذا کان السبب شيء آخر، هناک إحتمال واحد لعودته للمشهد السياسي مجددا، ورغم أنه إحتمال ضعيف لکنه وارد، هذا الإحتمال يتمثل في أن یفشل منافسوه في إقناع الجمهور الإسرائيلي بقدراتهم على توفير الأمن لهم، ونجاح نتنياهو في إظهار نفسه الأقدر على ذلك، وخاصة بفضل سجله الحافل بالحروب والویلات على الشعب الفلسطیني، وتصویر نفسه على أنه الأقدر على مواجهة "الخطر الإيراني"، خاصة في ظل الدعم القوي الذي يلقاه من حليفه الأمريکي ترامب.

*باحثة سياسية

رایکم