۲۹۰۶مشاهدات
رمز الخبر: ۳۷۸۶۸
تأريخ النشر: 08 March 2018

شبکة تابناک الاخبارية: منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران وفي سياق مواجهة الغزو الفكري، وربط الأمة بقدواتها اعتبر يوم مولد كريمة النبي محمد "ص" السيدة فاطمة الزهراء "ع" يوما للمرأة يحتفل به كل عام. ولفتني خلال إقامتي مؤخرا في الجمهورية الإسلامية شدة تعلق الشعب الإيراني بهذه السيدة المباركة، ولا يقتصر الاحتفال أو الحزن على مصائب الزهراء هنا بأهل التشيع بل ينطبق الأمر ذاته على أتباع المذاهب الأربعة الأخرى.

لكن ما يثير التساؤل والاستغراب هو تعمد منع أي اهتمام بسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين باتفاق كل المسلمين في كثير من الأوساط الإسلامية، ولا زلت أذكر قبل سنوات عندما احتفل علماء مسلمون من كل الطوائف الإسلامية بمناسبة مولد فاطمة البتول في مصر برعاية أزهرية، ومشاركة أبناء الطرق الصوفية، وكيف شن السلفيون على اختلاف مشاربهم هجومهم على تلك الفعالية، وكأن السيدة الزهراء أجنبية عن حركة التاريخ الإسلامي، والتشريع الديني، ناهيك عن أن الرسول الكريم قد أكد في نصوص متواترة النقل بين جناحي الأمة الإسلامية سنة وشيعة، على أن معيار الهدى، هو باتباع منهج أهل بيت النبوة، وعلى رأسهم فاطمة الزهراء، وهيأ أصحابه للارتباط بمنهج الأسرة المختارة من خلال التركيز على مناقبها وخصائصها، والقيام بخطوات عملية لتتوجه الأنظار من خلالها إلى دور هذه الأسرة في حركة الرسالة، ولتكون أقوال أفرادها ومواقفهم حجة على المسلمين في حياة الرسول وبعدها. ومما نقلته مصادر الفريقين دعوة رسول الله (ص) علي وفاطمة والحسن والحسين، وجللهم بكساء وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا "ومن وصاياه المتكررة المتفق عليها قوله (ص) إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما"، كما شدد في لفت نظر أمته إلى مقام فاطمة؛ لتكون آراؤها مقياسا للحكم على مواقف الآخرين في حالة التباس المفاهيم، وتأرجح المواقف، وقد جعل أذاها أذى له، اذ يروي الفريقان قوله:"فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها، ويغضبني ما أغضبها". ومن يستقرىء مجموع المواقف النبوية بحسب المصادر الروائية عند المسلمين يستخلص أن النبي الكريم (ص) أراد أن يشخّص المسلمون الرجال والمواقف، ليحكموا عليها تعديلا وتجريحا من خلال الاقتداء بفاطمة وأسرتها في مواقفهم من الأحداث التي ستجري في المستقبل.

وهنا أسئلة ملحة كإشكالات يتم تجنب الإجابة عنها، مع أنها منبثقة عن وقائع تاريخية ثابتة! فما الذي أدى بوديعة النبي وخير الناس لأن ترحل عن الدنيا غاضبة مقهورة، وهي التي يغضب الله لغضبها؟ ولماذا لا يعرف قبرها كباقي نساء عصرها، مع أنها المرأة الأولى في الكون فضلاً وتقوى وهدى؟ عجيب سر آل محمد! فزوجها علي يستشهد في محراب الصلاة، ونجلها الحسن المجتبى يستشهد مسموما، والحسين مقطعا إربا إربا على رمضاء كربلاء، هم أنفسهم أهل الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا!! والمساعي منذ ذاك الزمان وحتى أيامنا على قدم وساق لتغييب الوقائع والأحداث التي مرت بأهل ذاك البيت الصغير المتواضع الذي ضمهم، وهو مهبط الوحي، ومختلف الملائكة، والويل لمن يلفت في أحاديثه إلى سيرة آل محمد، فالإرهاب الفكري والتكفيري سيحاصره من كل جانب، وكم من شهداء ارتقت أرواحهم في سبيل بيت فاطمة خلال السنوات القليلة الماضية.

آن لعلمائنا ومؤسساتنا الفقهية أن يشهروا حقيقة أن حكم المنطق والعقل يقر للصديقة الزهراء ونهجها بالرمزية والمرجعية، وهي دعوة اليوم لهذه المؤسسات المحنطة الجامدة على الماضي، التي لازالت تحرم الاجتهاد على أهله، وتمنع استخراج الأحكام من مصادرها الأصلية، وأهم هذه المصادر تراث ومأثور بيت النبوة، وتنغلق على مذاهب علماء السياسة الأموية والعباسية والعثمانية، واتجاهات أكل عليها الدهر وشرب، ومنها مذهب ابن تيمية الحراني المعترف بمنهجه كفهم وحيد للإسلام عند آل سعود، المكفر لكل العائلات الروحية من غير المجسمة والحنابلة.

رایکم
آخرالاخبار