۵۷۶۶مشاهدات
رمز الخبر: ۳۷۶۷۶
تأريخ النشر: 13 February 2018

شبکة تابناک الاخبارية - شفقنا: غزارة الإنتاج السمة الأولى التي تلفت النظر في مشواره في الترجمة من الفارسية إلى العربية، وهو مشوار يمتد لنحو خمسة وعشرين عاماً. يعزو هو هذا الجانب ـ بقيد الظن ـ إلى إنه متفرغ للترجمة تقريباً منذ سنين. وهي غزارة لم تأت على حساب الجودة، الأمر الذي يمكن اعتباره السمة الثانية في رحلته مع الترجمة. أما السمة الثالثة فهي أهمية معظم الكتب التي قام بترجمتها وانتماء غالبيتها لصنف الكتب المنهجية العلمية. ترجم لكثير من المفكرين الإيرانيين المعروفين ممن يعدون من الطبقات الأولى في المشهد الثقافي الإيراني خلال العقود الأخيرة. التقيناه بعد مشاركته مؤخراً في مؤتمر «الترجمة وإشكالات المثاقفة» الرابع في الدوحة لنرافقه ببعض الأسئلة في رحلته الترجمية المديدة وأعماله الأخيرة، فكان هذا الحوار:

س: صدرت لك مؤخراً ثلاثة كتب منهجية ترجمتها من الفارسية إلى العربية كان آخرها «كيف يمكن قيام ميتافيزيقا؟» حدثنا عن هذه الأعمال.

ج: الكتاب الأخير هو «كيف يمكن قيام ميتافيزيقا؟» للدكتور مهدي قوام صفري أستاذ جامعة طهران، ينقد آراء الفيلسوف الألماني كانط حول الميتافيزيقا، ويتبنى في ذلك منهجاً أرسطياً ـ سينوياً. ومن المعروف أن كانط يرفض إمكانية الميتافيزيقا كعلم، ليثبت وجود الله والروح والحرية لا بالطرائق والبراهين النظرية بل بالعقل الأخلاقي العملي.

س: ما هي الصعوبات التي واجهتها في ترجمة هذا الكتاب؟

ج: مقارنة بكتب ذات نصوص أيسر منه، يمكن القول إن ترجمة مثل هذه الكتب الفلسفية الصرفة بعباراتها الانتزاعية المطوّلة ودقائقها الحدّيّة عملية تتطلب القدرة على التغلب على صعابها، ففهم العبارة فيها ليس بسهولة فهم العبارة في كتب سياسية أو فكرية أخرى. ثم يأتي الدور نقل العبارة إلى العربية بصورة صحيحة مع المحافظة على جزالة النص. المفاهيم التي يروم المؤلف التعبير عنها معقدة ودقيقة وغير ملموسة وتتطلب جملاً طويلة تعقد الفهم والنقل وتضاعف الجهد المبذول لجعل النص المترجم سلساً.

كذلك تضمّن هذا الكتاب الكثير من النصوص العربية المنقولة عن كتب عربية مترجمة للفارسية بوفرة يندر مشاهدة نظير لها في كتاب آخر، مما يستدعي مراجعة تلك المصادر للعثور على أصل النصوص العربية، وقد قمت باستخراج أغلب هذه النصوص من مصادرها العربية وإدراجها في مواضعها وراجعت الكتاب وصحّحته مرتين كما هي طريقتي غالباً في ترجمة الكتب. والحق أن هذا الكتاب كان يستحق هذا الجهد والتدقيق لأن المؤلف بذل مسعى مميزاً فيه من حيث سعة الاستقاء ومراجعة المصادر لسرد آراء كبار الفلاسفة وعلماء الفلسفة المسلمين والغربيين ومنح القضايا المطروحة حقها من المناقشة والتمحيص. مع ذلك لا أعتقد أن هذه صعوبات معيقة، إنما هي بالتالي طبيعية في ترجمة النصوص الفلسفية والفكرية العميقة، وكل ما في الأمر أن ترجمة مثل هذه الكتب تتطلب جهداً ذهنياً وفكرياً ومعارفياً أكبر من كثير من الكتب الأخرى.

س: ما هو حجم الكتاب؟

ج: قرابة 400 صفحة.

س: وماذا عن الكتابين السابقين؟

ج: الكتاب الذي سبق «كيف يمكن قيام ميتافيزيقا؟» هو «فلسفة الدين عند ديفيد هيوم»، وقد ترجمته لنفس الجهة أي المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية في العراق. وهو من تأليف الدكتور محمد فتح علي خاني، يتناول فيه مشروع هذا الفيلسوف الاستكلندي المؤثر حول الدين بمختلف ملابساته وتفاصيله، وبطريقة ناقدة تستعرض آراء فلاسفة ومفكرين ناقشوا آراءه حول الدين. ومن المعلوم أن هيوم يشكك في المنهجية والقضايا الدينية لاعتماده منهجاً تجربياً في محاكمة القضايا إلى درجة يمكن اعتباره معها من آباء الفلسفة الوضعية.

س: هل واجهتكم الصعوبات نفسها التي تحدثتم عنها بالنسبة لترجمة كتاب «كيف يمكن قيام ميتافيزيقا؟»

ج: يمكن القول إن ترجمة هذا الكتاب كانت أسهل بعض الشيء من كتاب «كيف يمكن قيام ميتافيزيقا؟» لأن الأخير أكثر انتزاعية وتجريداً منه.

س: حدثنا عن الكتاب الثالث «نظريات العدالة.. دراسة ونقد».

ج: أظن إنه كان أسهل ترجمة من الكتابين السابقين لأن قضية العدالة بالتالي قضية اجتماعية ملموسة أوضح في الذهن من الموضوعات الفلسفية المحضة. الكتاب من تأليف الدكتور أحمد واعظي وقد استعرض فيه ضمن حوالي 400 صفحة معظم النظريات العالمية المهمة حول العدالة وهي قضية خلافية صعبة المعالجة طبعاً حيّرت أرباب الفكر لقرون من الزمان ولا تزال، بحيث ربما أمكن وصفها بـ «مفارقة العدالة». ومن بين هذه النظريات التي سلط عليها المؤلف أضواء النقد والتقييم تبرز أكثر من غيرها نظرية الفيلسوف البريطاني جان راولز الذي تخصص في هذه الإشكالية إلى درجة عرف معها بـ «فيلسوف العدالة». مضافاً إلى محاولات أخرى من أبرزها نظريات نوزيك، وهايك، ووالتزر، ومك إنتاير. للأسف يمكن القول إن الفكر الإسلامي والعربي، والمعاصر منه بخاصة، نزر البضاعة فيما يتعلق بهذه القضية الإنسانية الهامة. 

س: تكثر في مثل هذه الكتب المصطلحات التخصصية فكيف تعاملتم معها؟

ج: يفترض بالمترجم أن يعرف المعادلات العربية للمصطلحات العلمية التي ترد في مثل هذه الكتب، الخطوة الأولى في الترجمة هي فهم النص في اللغة الأصلية فهماً دقيقاً، ومن شروط الترجمة الناجحة طبعاً اطلاع المترجم على الحقل أو الحقول العلمية التي يترجم فيها. بيد أن هذه المصطلحات تتوالد وتكثر بمرور الزمن لذلك على المترجم متابعتها، وقد ينحت المؤلف تعابير جديدة خاصة به، هنا ينبغي على المترجم هو الآخر ابتداع معادلات مناسبة لها. وهذه أيضاً من المهارات التي ينبغي التحلي بها في ترجمة الكتب المنهجية. ثبت لدي بالتجربة أن المترجم يجب أن يضيف إلى اللغة التي يترجم لها تعابير لم تكن فيها، لأن المؤلف الذي ينتمي للغة أخرى وثقافة أخرى يطرح مفاهيم غير موجودة بالضرورة في اللغة والثقافة المترجم لها. وقد يفضل المترجم حسب تمرّسه وتقديره أن يبقي أحياناً على هذه التعابير كما هي في اللغة المترجم منها دون نحت معادلات لها في اللغة الثانية.

س: ماذا عن مشاركتكم مؤخراً في مؤتمر «الترجمة وإشكالات المثاقفة» في الدوحة؟

ج: كانت هذه هي الدورة الرابعة من هذا المؤتمر الذي يقيمه مركز العلاقات العربية والعالمية، وقد أقيمت منه في السابق ثلاث دورات خلال الأعوام الثلاثة السابقة. والواقع أنه يقام بمستوى نوعي ممتاز، ويدعى له ثلة من خيرة المترجمين إلى العربية ومنها في العالم وبلغات كثيرة. وقد توزعت أعماله واجتماعاته المكثفة على عدة محاور مهمة في عالم الترجمة منها الترجمة الفلسفية، والترجمة الأدبية، و… وحتى الترجمة الآنية، والترجمة الإعلامية. وقد أضيفت هذا العام لأول مرة اللغات الشرقية الفارسية، والصينية، والأردية، والمالاوية، واليابانية. 

س: هل يمكن لمثل هكذا نشاطات أن تساعد في تطوير العمل الترجمي؟

ج: بلا أدنى ريب. اعتقد أن هذه النشاطات حالياً قليلة جداً في الوقت الحاضر وينبغي الإكثار منها وعقد مؤاتمرات وندوات أكثر في إيران والعالم العربي لمناقشة قضايا الترجمة وتسليط الأضواء على الأعمال المترجمة ومناقشة نوعية ترجمتها ونقدها. ففي ذلك نوع من الترويج للأعمال وترجماتها وتعضيد للتواصل الثقافي بين الشعوب.

س: ما العمل الذي تقوم بترجمته حالياً؟

ج: نه كتاب آخر للدكتور أحمد واعظي ترجمة عنوانه «نظرية تفسير النص» أو «نظرية التفسير»، ويقع في 400 صفحة، أنجزت نصفه لحد الآن وسيصدر عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي في بيروت.

س: ما الموضوع الذي يتناوله هذا الكتاب؟

ج: إنه يعالج ـ كما هو واضح من عنوانه ـ واحدة من أهم القضايا الفكرية الراهنة في العالم العربي والإسلامي مما انتقل الاهتمام به من العالم الغربي (وإن قيل إن أهميتها راحت تنحسر في العالم الغربي إلى حد ما)، إلا وهي قضية التفسير وكيفية اكتشاف معنى النص أو صناعته. والكتاب يناقش وينقد الكثير بل أغلب النظريات التفسيرية المتأخرة كالهرمنوطيقا والبنيوية والتفكيكية بكثير من تشعباتها وفروعها، ويقدم المؤلف نظريته التفسيرية المتبناة التي يسميها «القصدية التفسيرية». الخلاف الرئيسي حول النظريات الحديثة في التفسير هو باختصار دور مؤلف النص في فرض المعنى على القارئ. ويمكن القول إنها إشكالية مثلت تحدّ للفكر الديني المعتمد في جزء كبير منه على النصوص. بعض هذه الاتجاهات ينكر هذا الدور بالكامل ويبسط يد القارئ لخلع ما يطيب له من معان على النص بكل حرية، وهذا ما يرفضه مؤلف الكتاب، فمراده من القصدية التفسيرية تأثير قصد صاحب النص في تكوين معنى النص.

س: كيف تقيّم واقع الترجمة الراهن بين إيران والعالم الإسلامي؟

ج: يرتهن هذا الواقع لكثير من المؤثرات، فالعلاقات السياسية لها تأثيرها على العلاقات الثقافية بالتأكيد وعلى سياقات الترجمة بالتالي. وسوق الكتاب ورواجه له تأثيره الحاسم هو الآخر، وهو سوق لا يتسم حالياً بالازدهار. وهنا يمكن الإشارة إلى تحد معوماتي يتمثل في تعاظم دور شبكات التواصل الاجتماعي كبديل غير كفوء للكتاب. وهناك قضية وجود مترجمين أكفاء وهي الأخرى لا تشهد وضعاً محموداً، فالمترجمين الجيدين بين هاتين اللغتين قلة جداً، وهناك مترجمين تركوا الترجمة ربما لقلّة جدواها المادية ولصعوبتها. غير أن من الأسباب الأخرى المهمة في رأيي هو ضعف الإبداع، فالإبداع الفكري والأدبي هو الأساس الذي تنهض عليه العملية الترجمية، وعندما يكون ثمة إبداع لافت وتآليف بمستويات تفرض نفسها سيدفع ذلك عجلة الترجمة تلقائياً إلى الأمام لأهمية الكتب الصادرة ومؤلفيها وأفكارهم. كل هذه المؤثرات تجعل من واقع الترجمة بين الفارسية والعربية غير مرض وفيه متسع كبير للتطوير النوعي والكمّي.

س: هل يمكن القول إن الترجمة علم؟

ج: لا على الأرجح، إنها ليست بعلم، لذلك نادراً ما نصادف تعبير «علم الترجمة». الترجمة فن أكثر منها علماً، إنها فن يشبه موهبة الشعر أو الإنشاء، و من الصعب نحت قواعد لها كما في العلوم الأخرى.

س: هل تقتصر أعمالك على ترجمة الكتب؟

ج: أترجم أيضاً دراسات تخصصية في العلوم الإنسانية أو «مقالات» كما تسمى في الفارسية، فقد ترجمت في الآونة الأخيرة ست دراسات لباحثين إيرانيين، أربعة منها عن فلسفة كانط، وإحداها عن اللاهوت اللزومي لدى الفيلسوفة الدينية الأمريكية نانسي مورفي، والأخيرة حول اتجاهات العلم الديني في إيران أو ما يعرف بأسلمة المعرفة في العالم العربي.

س: لاحظنا أيضاً صدور كتاب من ترجمتكم عن العلمانية…

ج: نعم، هذا الكتاب سبق الكتب الثلاثة التي تحدثنا عنها، فقد صدر قبل نحو ثلاث سنوات، وهو لخمسة أو لستة باحثين إيرانيين تناولوا مختلف جوانب العلمانية كمفهوم من المفاهيم الملتبسة المثيرة للجدل في الفكر الإسلامي والعربي المعاصر.

س: هل كانت هذه الكتب الأربعة أو الخمسة هي كل ما ترجمته طوال ثلاث سنين؟

ج: لا، كانت هناك أعمال أخرى. منها…

س: على فكرة، ننظر في ملفك الترجمي فنلاحظ غزارة كبيرة. كيف تهيّأت لك إمكانية ترجمة كل هذه الكتب والدراسات التي تصل إلى عشرات؟

ج: أظن أن السبب هو تفرغي للترجمة واعتمادي إياها مهنياً، وهو شيء نادراً ما يجنح له المترجمون. ثم هناك طول الفترة التي زاولت فيها الترجمة.

س: ألا تؤثر هذه الكثرة الكمية على نوعية الترجمة؟

ج: أحرص كل الحرص على أن لا تؤثر، وأستطيع القول إنها لا تؤثر، ويبقى التقييم للآخرين.

س: صدر لك أيضاً في الفترة الأخيرة كتاب «هویة بأربعین وجهاً» للمفكر الإیراني الشهیر داریوش شایغان. ماذا عن هذا الكتاب؟

ج: نعم، صدر مؤخراً في لبنان لكنني ترجمته قبل سنین طویلة، قبل زهاء 12 سنة. نصوص شایغان تخرج جزلة ورصینة جداً في الترجمة العربیة. وأفكاره لافتة تدور حول التنوع الثقافي والتأثیرات المتبادلة بین الحضارات، والحالة الثقافیة الفسيفسائية المركبة من عناصر قد تبدو متناشزة.

س: لكنه كتب كل كتبه بالفرنسیة ثم ترجمت للفارسیة، ألا یؤثر ذلك على ترجمتها العربیة؟

ج: لیست كل كتاباته بالفرنسیة، فبعضها بالفارسیة مباشرة، طبعاً القلیل منها. وحتی التی كتبها بالفرنسیة (وبعضها كتبها بالإنجلیزیة) تترجم للفارسیة ترجمات خاصة ممتازة بإشرافه و تحریره و تأتی بنص فارسي رصین لا یشعر المرء أنه مترجم، ثم إن معانيها واضحة تقريباً. الجواب لا، لا یؤثر ذلك سلباً علی ترجمتها العربیة، بل علی العكس كما ذكرتُ لكم.

س: كيف تنظرون لدور الترجمة في العالم اليوم، وخصوصاً بين العالمين الإيراني والعربي؟

ج: اعتقد أن أهمية الترجمة بين اللغات المختلفة قد تضاعفت في العقود الأخيرة بسبب التباسات العلاقة التي نشهدها بين الحضارات والشعوب والحكومات. مبدئياً يجب تكثيف التعرف على الآخر من أجل تبديد أخطار الآخرية بالمعنى السلبي للكلمة، وهذا لا يتم من دون الترجمة (إلّا بالنسبة للذين يتقنون اللغات الأخرى ويستغنون عن الترجمة وهم قلّة قليلة) وخصوصاً الترجمات الدقيقة لأهم الكتب والإبداعات الموجودة في كل بلد ولغة. العلاقات الطيبة لا تسبق التعرف غالباً، بل يمكن القول إن ما يسبقه هو العلاقات المتوجّسة السلبية. لذلك لا بد من التعرف والتزاور وتمتين وشائج التعاون والتبادل على شتى مستوياته وبمختلف صنوفه، وهذا ما لا يتاح إلّا بأدوات الترجمة، فالترجمة هنا أشبه بالأرضية الأساسية التي تنمو عليها شجيرات التعرف والتواصل، ولا يمكن إقامة علاقات إيجابية من دونها. أنا طبعاً ربما لا أعتقد بما يمكن أن نسميه «أصالة الترجمة» في العلاقات الإيجابية بين الأمم، فهناك عوامل ومؤثرات أخرى مهمة في هذه العلاقات، والترجمة بالتالي تبقي وسيلة وتابعة لمحفزات أخرى، لكنها ذات دور وسائطي عظيم في التغيير الإيجابي إلى درجة قد تتحول معه إلى علة لهذا التغيير، ومع ذلك تبقى من مؤشرات هذا التغيير وآثاره. فهي إذن علة وأثر في الوقت ذاته. تجليات العلاقات الإيجابية ربما أمكن تشبيهها بالأسماك التي تعوم في مياه الترجمة.

س: ما هي مشاريعك المستقبلية؟

ج: في نيتي ترجمة كتاب من تأليف أحد المفكرين المشاهير في إيران لسلسلة دراسات فكرية برئاسة الدكتور حسن ناظم والصادرة عن جامعة الكوفة.

س: أي كتاب ومن هو المؤلف؟

ج: اسمح لي أن لا أعلن عن ذلك الآن فقد تتغير البرامج والقرارات.

س: هل تستطيعون الترجمة من العربية إلى الفارسية أيضاً؟

ج: نعم، لكن الترجمة من الفارسية إلى العربية أيسر عندي، فاللغة العربية لغة الأم بالنسبة لي، وهي أحضر في ذهني من الفارسية. المفردات العربية تحضر باللحظة في بالي، أما بعض المفردات الفارسية فليست كذلك ويجب أن أنفق بعض الوقت لاستحضارها. وهناك فرق كبير طبعاً، يعرفه المترجمون والكتاب، بين أن يعرف الشخص معنى الكلمة وبين أن يستحضرها لاستخدامها عند الكتابة. ولعل هذه نقطة أخرى تضاف إلى أدوات المترجم والكاتب. فمخزون الشخص من المفردات والتعابير التي يعرف معانيها لدى قراءتها غير مخزونه من التعابير التي تحضره لاستخدامها عند الكتابة أو الترجمة. وعادة ما يكون المخزون الأول أكبر من الثاني. لذلك على المترجم التنبّه لهذه النقطة ونقل المفردات من ذاكرة القراءة في ذهنه إلى ذاكرة الكتابة، وهذه ليست بالعملية السهلة على البعض.

س: ما هي الأدوات الرئيسية التي يحتاجها المترجم في عملية الترجمة؟

ج: يحتاج طبعاً معرفة عميقة باللغة التي يترجم منها، وتمكناً عال جداً من اللغة التي يترجم إليها، ومعرفة بمترادفاتها وتعابيرها بل وثقافتها وثقافة الناطقين بها. بل ربما ذهب البعض إلى أن اللغة التي يترجم إليها لا بد أن تكون لغة الأم عنده. ويخال البعض أن الإلمام باللغة المترجم منها يكفي، لكن التجربة أثبتت خلاف ذلك. يحتاج المترجم معرفة كاملة باللغة التي يترجم منها. ثم إنه بحاجة إلى القدرة والموهبة الكتابية الذاتية، فيتعين أن يكون إنشاؤه رصيناً جزلاً. ولا بد له كذلك من معرفة عميقة بالعلم أو العلوم التي يترجم فيها. وبالتالي لا بد له من ثقافة عامة تعينة في كثير من الأحيان على معرفة مقاصد المؤلف ونقلها بدقة إلى اللغة المترجم إليها.

النهایة

رایکم
آخرالاخبار