۹۶۴مشاهدات
رمز الخبر: ۳۷۲۵۹
تأريخ النشر: 01 January 2018

شبکة تابناک الاخبارية: بعد هدر الفرص وإرتكاب ما لا يحصى من الخطايا، ها هي السياسة الخارجية للسعودية تأتي بنتائج عكسية في كل أرجاء المنطقة وما هذه إلا البداية فقط. علامات كثيرة في 2017 أشارت إلى تراجع قدرة الرياض على إحكام قبضتها على جوارها، إنها سنة الفشل السعودية الأمريكية في مواجهة خط المقاومة وعلى رأسها الجمهورية الاسلامية في ايران.

دخلت السعودية في مواجهة مع جبهة المقاومة والممانعة لقوى الإستكبار لتكون رأس الحربة في المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.

تدخلت السعودية في شؤون الدول فدعمت الفتن والاضطرابات في العراق ولعبت دورا عن طريق أجهزتها الاستخبارتية والدبلوماسية، مما سبب أزمة دبلوماسية حدّت بالسلطات العراقية الى مطالبة السعودية باستبدال سفيرها السبهان لتجاوزه لمهامه الدبلوماسية حيث لعب دورا واضحا في تحريك خيوط الفتنة والتحريض على الحشد الشعبي الذي كان حينها يحقق بطولات في مواجهة داعش.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد تجاوزت السعودية كل الإعتبارات بدعمها للمجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا، لكن النتيجة كانت بغيرما توقعته، حيث فشلت تلك الجماعات في تحقيق المطلوب منها بفضل المقاومة الباسلة التي قام بها الجيش العربي السوري والقوات الرديفة المدعومة من ايران والتي عملت على تطهير كل الأراضي من الإرهابيين وعملائهم. إضافة إلى ذلك خسرت السعودية في لبنان منصتها السياسية والإقليمية الهامة، بعد محاولة فاشلة لتقويض الحكومة اللبنانية باحتجازها لرئيسها سعد الحريري في خطوة عُدّت تدخلا سافرا في شؤون الدول وانتهاكا للقوانين الدولية مما شكّل قاعدة ضغط دولي عليها وضعها في موقف حرج ومضطرب. وتساءل الكثيرون عن الأهداف السعودية من وراء زعزعة الاستقرار السياسي في لبنان ليتبين أنها كانت محاولة لمحاصرة حزب الله اللبناني الذي شكّل درعا ومثالا حقيقيا للمقاومة في المنطقة والذي عملت السعودية بكل قوتها لإستصدار قرار في الجامعة العربية لوصفه بالإرهاب وشرعنة محاربته اقليميا.

فشلت السعودية في اليمن، ولعل نظام آل سعود أدرك مؤخرا أن دخول الحرب سهل ولكن الخروج منها صعب، فلقد ضخّت السعودية ملايين الدولارات النفطية في هذه الحرب على الشعب اليمني بداعي إعادة ما سمته “بالشرعية” إلى سدة السلطة، وبالنتيجة سقط نظام الإجرام السعودي في الخندق اليمني وها هو الغرب يدعو المجتمع الدولي لتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان باليمن إضافة إلى مؤسسات ومكونات دولية أخرى ذات العلاقة بحقوق الإنسان التي من شأنها أن تشكل ضغطا سياسيا ومعنويا على هذا النظام المتطرف، ولعل فشل السعودية في تحقيق نتيجة أو انتصار في اليمن يؤكد أن هذه المحمية الصهيونية تتصرف بعقول الصغار وتفشل في التعامل مع الشعوب وتبذر أموال خزائنها النفطية في تنفيذ المؤامرات الفاشلة.

استنفذت القوات السعودية المشاركة في عاصفة الحزم السعودية ترسانتها المليئة بالأسلحة الأمريكية الصهيونية البريطانية، مما اضطرها إلى إبرام صفقات تسليح عاجلة لدعم قواتها المسلحة. وإلى الآن لم تستطع السعودية تركيز نظام الرئيس المخلوع عبدربه منصور ولا إعادة الطمأنينة الأمنية داخل اليمن، وكل ما أنجزته القوات السعودية هو تدمير للبنية التحتية اليمنية وقتل الآلاف من الأطفال والنساء في مذبحة مريعة استنفرت المجتمع الدولي وجعلته يتحرك للاستقصاء والبحث. في حين لا تزال المقاومة الشعبية اليمنية تدك القواعد والحدود السعودية بنيران الصواريخ وترفض رفع الرايات البيضاء رغم المجاعة والضيق الاقتصادي وندرة السلاح.

يؤكد مراقبون أن دخول هذا النظام الدموي الحرب على اليمن وإعدام الشيخ نمر باقر النمر ومحاولة تشويه صورة حزب الله في وجدان الشعوب العربية ومحاولة إفشال الحل السياسي في سوريا وافتعال حرب كلامية مع إيران وتعطيل انتخاب الرئيس في لبنان هي “حالة هستيريا” متصاعدة أصابت النظام الفاشل وجعلته يتصرف بعدوانية كبيرة ضد كل الجيران والأشقاء العرب، خاصة في ظلّ وجود الاتفاق النووي الايراني مع الغرب الذي يعتبر من وجهة النظر السعودية دليلا قطعيا على تغيير التوازن لصالح الجمهورية الإسلامية في إيران.

لم يسلم الاستقرار الداخلي في السعودية من التأثر كذلك. كان الأمر فيما سبق يتأسس على ميثاق في غاية البساطة: «نحن ندفع لكم (المال)، وأنتم عليكم أن تخرسوا». ولكن، بعد انهيار أسعار البترول ورفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية، بدأ السعوديون يسألون أنفسهم: إذا كانت الدولة لا تملك الإنفاق علينا، فلماذا يتوجب علينا أن نخرس؟

تعتبر المملكة نفسها قائدة في العالم العربي السني، ولكن حتى تقودي فأنتي بحاجة إلى رؤية، ليس فقط لنفسك أو لعائلتك الحاكمة، وإنما أيضًا لشعبك (ولشعوب المنطقة). لم يعد ثمة شك في أن المملكة السعودية عاجزة عن تقديم مثل هذه الرؤية. فمحمد بن سلمان إنقلب على كل الموروث، سجن الامراء والمسؤولين من أبناء عمومته، استولى على السلطة بكل أجهزتها لدعم مشاريعه وصفقاته، وأعلن التمرد على المؤسسة الدينية التي حكمت البلاد منذ تأسيسها.

يمضي بن سلمان مع كل الفشل الواضح في سياساته الى حد الآن في “تطهير المملكة” من الفساد على حد تعبيره. لكنها عملية محفوفة بالمخاطر، فسعيه لبناء مملكة جديدة قد يولد انفجارا لدى الأصولية الوهابية، التى ترى فيما يفعله مخالفا لتقاليد المملكة الوهابية، فضلا عن تقليصه صلاحيات هيئة الامر بالمعروف، فقد سعى الى خلق تنوع اقتصادي واصلاحات اجتماعية. لكن طريقة تعاطيه السياسية أقلقت المستثمرين الاجانب الذين بدؤوا يترددون في الاقدام على أي خطوة خصوصا حينما رأوا ما فعله بن سلمان بالامير والمستثمر العالمي الوليد بن طلال. هذا الخوف ساهم في هزّ مجتمع الاعمال السعودي وجعل الكثيرين منهم يعملون على سحب استثماراتهم والهروب. مما قد يشكلّ مرة اخرى سببا لانهيار مشاريع بن سلمان المستقبلية والمبنية على مواجهة ايران.

كل هذه السياسات شكّلت خطرا بالنسبة لمتداولي النفط فهم لا يرغبون في أي تحركات سياسية غير متوقعة ولهذا السبب فان ولي العهد يواجه ضغوطا دولية مستمرة بسبب فشله في الحرب على اليمن والاستراتيجية الوليدة لتحقيق استقرار في سوق النفط و أزمة قطر، مما يدعم فكرة التراجع الكبير في توقعات وكالات التصنيف الدولية الخاصة بنمو الناتج المحلي الإجمالي. ويبقى تزايد مبادرات بن سلمان الفاشلة خطرا يعرّض منصبه وحلمه بالسلطة والانفراد بها لمستقبل أسوأ. فهذه السنة انتهت دون حسم أي ملف من الملفات ونعتقد ان ما سيواجهه في السنة الجديدة لن يكون أقلّ خطورة.

رایکم