۴۰۱۵مشاهدات
رمز الخبر: ۳۴۹۸۶
تأريخ النشر: 30 April 2017
شبکة تابناک الاخبارية: تصادف اليوم 3 شعبان المعظم ذكرى مولد سبط رسول الله (ص) وريحانته وسيد شباب اهل الجنة الامام الحسين بن علي وابن فاطمة الزهراء عليهما السلام وبهذه المناسبة نبعث التهاني لعشاق اهل البيت عليهم السلام ونعرض سطورا من حياته المعطاء.

اسمه الشريف وكنيته عليه السلام

الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ثالث أئمة أهل البيت الطاهرين وثاني السبطين سيدي شباب أهل الجنة وريحانتي المصطفى وأحد الخمسة أصحاب العبا وسيد الشهداء وأمه فاطمة بنت رسول الله عليها السلام واتفق المؤرخون والباحثون على انه ما كني بكنية غير كنية أبي عبد الله.

ألقابه

لقب عليه السلام بألقاب كثيرة وكل واحد من هذه الألقاب كان يحمل وساما يليق بعظيم شخصه صلوات الله وسلامه عليه، ومن هذه الألقاب: سبط النبي عليه السلام، وسيد شباب أهل الجنة، وريحانة رسول الله عليه السلام، ولقب أيضا بالسيد، والولي، والوفي، والمبارك، وشهيد كربلاء، وسيد الشهداء صلوات الله وسلامه عليه.

الامام (ع) من الولادة وحتى الشهادة

عاش صلوات الله وسلامه عليه ستة وخمسين عاما وتسعة أشهر وعشرة أيام. فكان مقامه عليه السلام مع جده رسول الله عليه السلام سبع سنين إلا شهرا، وأقام مع أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثين سنة إلا خمسة أشهر وأيام، ومع أخيه الحسن عليه السلام في إمامته عشر سنين إلا ستة أشهر وعشرين يوما، وإمامته بعد أخيه عشر سنين وعشرة أشهر إلا عشرة أيام.

خرج من المدينة، بعد ما جاء خبر موت معاوية في النصف من رجب سنة ستين، وخرج من مكة متوجها إلى العراق يوم الاثنين في العاشر من ذي الحجة سنة ستين، وورد كربلاء في الثاني من المحرم سنة إحدى وستين، وكان استشهاده في العاشر من المحرم من تلك السنة.

 فلسفة شبه الحسين عليه السلام برسول الله عليه السلام

كان الإمام علي عليه السلام يعلن عن ذلك الشبه ويقول: «من سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله عليه السلام ما بين عنقه وثغره، فلينظر إلى الحسن، ومن سره أن ينظر إلى أشبه الناس برسول الله عليه السلام ما بين عنقه إلى كعبه خلقا ولونا، فلينظر إلى الحسين بن علي عليهما السلام»(). (1) المعجم الكبير للطبراني: ج3، ص 95، ذكر مولده وصفته.

وقد تعارف عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم بان كلاً من الحسن والحسين عليهما السلام كانا أشبه الناس برسول الله عليه السلام وانهما كما ينقل الرواة قد: «اقتسما شبهه» (1) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج 14، ص 125.

وقد حاول بعض الباحثين ان يفسر هذا الاقتسام للشبه بقوله: «ليكون وجودهما ذكرى، وعبرة استمرارا لوجود النبي عليه السلام في العيون، مع ذكرياته في القلوب، وأثره في العقول. وعبرة للتاريخ، يتمثل فيه للقاتلين حسينا، والضاربين ثناياه، أنهم يقتلون الرسول ويضربون ثناياه، ولقد أثار ذلك الشبه خادم الرسول: أنس بن مالك لما رأى قضيب ابن زياد يعلو ثنايا أبي عبد الله الحسين عليه السلام حين أتى برأس الحسين فجعل ينكث فيه بقضيب في يده، فقال أنس: أما إنه كان أشبه الناس بالنبي عليه السلام»(2) الإمام الحسين سماته وسيرته للسيد محمد رضا الجلالي: ص 21 ــ 22.

دلالات في حياة الإمام الحسين عليه السلام
بيعة الإمام الحسين (ع) لرسول الله (ص) وهو طفل

فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عن أبيه الباقر عليه السلام قال: «إن النبي عليه السلام بايعه الحسن والحسين عليهما السلام... وهم صغار لم يبلغوا. قال: ولم يبايع صغيرا إلا منّا» (3) المعجم الكبير للطبراني: ج 3، ص 115، ذكر مولده وصفته.، والبيعة كما هو معروف تعني الالتزام بما يقع عليه عقدها، ولا تصدر إلا من الكبار، لأنها تقتضي الوعي الكامل، ومعرفة المسؤولية، والشعور بها، وتحمّل ما تستتبعه من أمور، وكل ذلك ليس للصغار قبل البلوغ فيه شأن. إلا أن النبي عليه السلام ميز كلاً من الحسنين عليهما السلام بقبول البيعة منهما، وهذا الأمر إن دل على شيء فانه يدل على ان عملهما كان بمستوى عمل الكبار، وأن قلة الأعوام في أولاد هذا البيت الطاهر، ليست مانعة عن بلوغهم سن الرشد المؤهل للأعمال الكبيرة المفروضة على الكبار، ما دام فعل الرسول المعصوم يدعم ذلك، وما دام تصرفهم يكشف عن أهليتهم وما دام الغيب والمعجز الإلهي يبين ذلك. فليس صغر سن عيسى عليه السلام مانعا من نبوته فصار يكلم الناس في المهد صبيا، كذلك الصغر في عمر الحسين عليه السلام لم يكن مانعا من أن يبايع جده الرسول عليه السلام.

بكاء الحسين يؤذي قلب الرسول الأكرم (ص)

روى ابن عساكر بسنده قال: «خرج النبي عليه السلام من بيت عائشة فمر ببيت فاطمة ــ س ــ، فسمع حسينا يبكي، فقال: ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني»(1).  تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج 14، ص 171.

وقال صلى الله عليه وآله لنسائه: «لا تبكوا هذا الصبي»(2). (2) تاريخ الإسلام للذهبي: ج 5، ص 103.

وقد تسأل بعض الأقلام: «لماذا يؤذيه (ص) بكاء هذا الطفل بالخصوص؟ وكل طفل لا بد أن يبكي، وكل إنسان رقيق العاطفة لا بد أن يتأذى من بكاء كل طفل، أي طفل كان، لكن القضية التي جاءت في الحديث لا تتحدث عن هذه العاطفة، وإنما تشير إلى معنى آخر. فبكاء الحسين، يؤذي النبي لأنه يذكره بمصيبة عظيمة يلقاها هذا الطفل، تبكي له العيون المؤمنة وتحزن له القلوب، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يتأذى من صوت بكاء هذا الطفل وهو في بيت أبويه، وإذا كانت دمعة الحسين تعز على رسول الله عليه السلام أن تجري على خده فكيف بدمه الطاهر حين يراق على الأرض؟ إن أمثال هذا الحديث رموز تشير إلى الغيب، وإلى معان أبعد من مجرد العاطفة وأرق. والأذى الذي يذكره النبي صلى الله عليه وآله، أعمق من مجرد الوجع وأدق. وللبكاء في سيرة الحسين عليه السلام منذ ولادته بل وقبلها، وحتى شهادته بل وبعدها، مكانة متميزة. فقد بكته الأنبياء كلهم حتى جده الرسول قبل أن يولد الحسين، وبكاه أهل البيت يوم الولادة، وبكاه أهله وأصحابه يوم مقتله، وبكى هو أيضا على مصابه. وبعد مقتله بكاه كل من سمع بنبأ شهادته»(3). (3) الإمام الحسين عليه السلام سماته وسيرته للجلالي: ص 45 ــ 47.

حبّ الإمام الحسين (ع) وبغضه مفتاح الإيمان والكفر

وردت النصوص الكثيرة التي أشارت بمجموعها إلى ان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان يشير إلى الحسن والحسين عليهما السلام، ويقول: «من أحبني فليحب هذين»(4).  الإرشاد للشيخ المفيد: ج 2، ص 29. تاريخ الإمام الحسين وفضله، وراجع أيضا الإصابة لابن حجر: ج 2، ص 63 وغيره.

 وفي نصوص أخرى فضلا عمّا قد سبق، قوله عليه السلام: «ومن أبغضهما فقد أبغضني» (1) الأمالي للشيخ الطوسي: ص 251. وراجع أيضا مسند احمد بن حنبل: ج 2، ص 288.

فأن يحب الإنسان أولاده ونسله، فهذا أمر طبيعي جدا، أما أن يربط حبهم بحبه، فهو أمر آخر غير متعارف ولا مألوف، لكن الرسول عليه السلام فرض الربط بين الحبين، حب أولاده، وعترته، وحبه هو عليه السلام، والسؤال الأصعب هو فكيف يفترض وجود من يبغض الحسن والحسين عليهما السلام؟ ولماذا يريد أحد ممن ينتمي إلى دين الإسلام أن يبغض الحسن أو الحسين عليهما السلام؟ ولماذا صار مبغضهما مبغضا لجدهما عليهما السلام؟ والجواب عن كل هذه الأسئلة يتلخص في ان النبي صلى الله عليه وآله كان يعلم أن لا احد من المسلمين يتجرأ بإعلان بغضه للنبي عليه السلام، إذ انه يساوي الكفر بالرسالة ذاتها، وبالمرسل أيضا، فأراد النبي عليه السلام أن يظهر حسيكة نفاق هؤلاء بطريقة ثانية، ويكتشف بأسلوب آخر وذلك ببغض هذا المنافق للحسن والحسين عليهما السلام، فإذا ابغضهما اكتشف من بغضه هذا بغض جدهما عليه السلام لما في بغضهما من انتهاك للمثل، ونبذ للمكارم التي يحتويانها، ورفض للشرائع التي يتبعانها، وهي نفس المثل، والمكارم، والشرائع، التي عند رسول الله عليه السلام نفسه فبغضهما ليس إلا بغضا له عليه السلام ولرسالته، والعكس صحيح أيضا إذ ان حبهما كاشف عن حب جدهما عليه السلام.

الامام الحسين (ع) بين جدّه الرسول الاكرم (ص) والخليفة

لانريد إحصاء المرات التي صعد فيها الحسين عليه السلام إلى منبر النبي صلى الله عليه وآله يوم كان يخطب في الناس ويعظهم، فمصادر المسلمين تحدثت عن عشرات المرات التي حصل فيها مثل هذا الأمر وترحيب الرسول الاكرم (ص) بسبطيه الحسنين عليهما السلام وتقبيله اياهما واطلاقه الاحاديث بعظمة شأنهما وانهما سيدا شباب اهل الجنة وانهما امامان قاما او قعدا وغير ذلك كثير مما ورد في جميع مصادر الفرق الاسلامية، لكن صعود الإمام الحسين عليه السلام هذه المرة إلى منبر جده النبي (ص) كان مختلفا، فبعد أن توفي الرسول الأكرم (ص)، خرج الحسين عليه السلام ولم يبلغ العاشرة من عمره الشريف فرأى مسجد جده كئيبا مهجورا، وقد اعتلى منبر جده من لم يكن ليتجرأ أن يعتليه في يوم من الأيام لولا الخيانة التي لقيها والده الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام، ولنسمع الإمام الحسين عليه السلام يكمل لنا هذه القصة بقوله: «أتيت على فلان، وهو على المنبر، فصعدت إليه، فقلت له: انزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك فقال فلان: لم يكن لأبي منبر، وأخذني، وأجلسني معه، فجعلت أقلب حصى بيدي، فلما نزل انطلق بي إلى منزله، فقال لي: من علمك؟ قلت: ما علمنيه أحد...»(1)، والحديث إلى هنا فيه أكثر من مدلول: فصعود الحسين إلى فلان على المنبر، ملفت للأنظار، ومذكر بعهد الرسول (ص) حين كان سبطاه الحسنان يتسلقان هذه الأعواد، أما بالنسبة إلى الخليفة فلعلها المرة الأولى والأخيرة في ذلك التاريخ، أن يصعد طفل إليه، فضلا عن أن يقول له تلك المقالة، إذ لم يسجل التاريخ مثيلا لكل ذلك.

وقول الإمام الحسين عليه السلام: انزل عن منبر أبي، ليس النزول في مدلوله اللغوي الظاهر، وإنما هو الانسحاب عن موقع الخلافة. و(منبر أبي) فيها الدلالة الواضحة على ان الحسين عليه السلام كان معتقدا بخلافة أبيه بلا ريب.

وقوله: «اذهب إلى منبر أبيك» فيه الدلالة الفاضحة فالحسين وكل الحاضرين يعلمون أن فلاناً، لم يكن لأبيه منبر، بل ولا خشبة يصعد عليها، أما فلان فقد أحرجه الموقف واضطره الإمام الحسين عليه السلام وهو على المنبر أن يعترف: إنه لم يكن لأبيه منبر! والنتيجة المستلهمة من هذا الاعتراف، أن المنبر له أهل يملكونه، وأهله أحق بالصعود عليه، وتولي أموره، فما الذي أدى إلى تجاوزهم واستيلاء غيرهم عليه، واستحواذهم على أموره دونهم.

فهذا هو الحسين عليه السلام في سماته وسيرته ومواقفه التاريخية التي لا يمكن ان تحصى بهذه العجالة فهو تاريخ طويل يعود إلى أربعة عشر قرنا، وهو للآن لم تنقطع نداءاته، ولا توقفت صرخته، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي: ج 1، ص 152، وغيره.
رایکم