۴۹۳مشاهدات
رمز الخبر: ۲۹۱۳۲
تأريخ النشر: 18 August 2015

شبكة تابناك الإخبارية : دون شك أن المرحلة الجديدة من عمليات الجيش السوري والعراقي بمساندة القوى الشعبية فرضت واقعا جديدا على مسارح المواجهات. إذ تمكن الجيشان من بلوغ الانسجام النسبي بعد مراحل من التضعضع والتباين في العمليات، وقاما بتوجيه ضربات قاصمة لهيكلية تنظيم "داعش"، على نحو هزّت مكانة التنظيم المسلح في سوريا والعراق، وأحبطت معنويات اعضائه. فـ"داعش" الذي تلاعب بخرائط الشرق الاوسط، وضع سيادة البلدان التي خسرت اراضيها لصالحه على المحك، وقوّض من نفوذها على رقعة الجغرافيا، صار يدرك الكلفة الباهظة المترتبة من التلاعب بالجغرافيا "الشيعية" بجانب استلزام امتلاك القدرة الكافية لتحقيق ذلك. فامراء "داعش" بمختلف مناطق سوريا والعراق اقتنعوا بحاجتهم القصوى للخروج من هذا التقهقر ورفع معنويات مقاتليهم عبر ايجاد مناخ جديد يعيد للتنظيم بريقه. ففتح جبهة جديدة يفرض واقعا سياسيا حديثا ويحفز دافعية انصاره بجانب انه يسرع وتيرة تجنيد الاعضاء الجدد. ولكن ماهي الوجهة المثلى لفتح مثل تلك الجبهة ونقل المعارك والسيطرة عليها؟

وبافتراض أن جميع دول الشرق الاوسط سيما الضعيفة منها ليست بمنأى عن خطر "داعش"، فان الاردن قد يكون الوجهة الجديدة لهجومه الخاطف المعهود، ولكن لماذا الاردن؟ غالبية قادة "داعش" طرحوا عدة نقاط تبرر استهداف الاردن لخّصتها اجهزة المخابرات الاقليمية على النحو التالي:

1-  تعاطف اغلبية الشباب الاردني مع "داعش" يخلق حاضنة مواتية له في هذا البلد، حيث أن تعاظم منسوب تذمر الطبقة الشبابية من سلوكيات القيادة السياسية تشكل حافزا لنشاط التنظيم بين هذه الشريحة.

2- الازمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وحجم ديون البلاد، فضلا عن إتساع الهوة بين الاغنياء والفقراء والاوضاع الداخلية، دفعت الى حد ما الرأي العام الاردني للتعاطف مع "داعش" ومهدت لان يجد له حاضنة.

3- سهولة امكانية فتح التنظيم عدّة جبهات مع الاردن وهي تعتبر ميزة لداعش مقارنة بباقي الدول المستهدفة.

4- ثمة دوافع كافية لعناصر التنظيم لمقاتلة الحكومة الاردنية والثأر منها، حيث انها قتلت اكثرمن سبعة الاف مقاتل منه عبر الغارات الجوية التي أثرت على قدرات داعش ايضا، فيما لم يتورع التنظيم عن توعد الاردن بتحويله الى ركام عبرالافلام المسجلة التي يبثها والتي أظهرت ايضا رفع رايته السوداء بمحافظة معان كبرى محافظات البلاد. وتتحدث مصادر استخباراتية عن أن ابوبكر البغدادي قائد التنظيم المتشدد اوعز لانصاره بالاعداد الى هجوم واسع على الاردن والاطاحة بالملك عبدالله الثاني، ومن غير المستبعد حدوث ذلك على المدى القريب.

5- طبيعة وجغرافيا الاردن التي تشكل الصحاري والأودية معظمهما، تعتبر ميزة لداعش لكونها تتيح له التمدد السريع في البلاد.

6- يأتي الاردن في المرتبة الثانية بحسب الاحصائيات، من حيث التحاق مواطنيه بـ"داعش"، وهذا بحد ذاته يمثل نقطة ضعف للمملكة امام التنظيم. فتوظيف "داعش" لهذه الورقة يسمح له بتوجيه ضربة قاضية  للاردن من الداخل والتهيئة للهجوم من الخارج.

7- الحرب في العراق وسوريا باتت تستنزف "داعش" وقلصت من عملانيته وصار يدرك صعوبة النصر على البلدين. فأحد العوامل الاساسية في انتصارات "داعش"، امتلاكه عنصر المفاجأة، ومع دخول الحرب مرحلة الاستنزاف، بجانب خبرة القوات السورية والعراقية تحول عنصر المفاجأة الى معضلة للتنظيم بالتالي فان تحقيق الانتصارات اضحى يتسم بالصعوبة.

8- الاردن من الدول العشر التي اعلنت استعدادها الانخراط في الحرب على التنظيم، حيث أن هذا الامر أثار حفيظة المتعاطفين مع "داعش" في الداخل.

9- شهدت السنوات الماضية، تناميا ملحوظا للتيارات المتشددة في محافظة معان جنوبي المملكة، ووصلت الى حد رُفعت راية التنظيم السوداء في مظاهرات العام الماضي، التي اطلق المشاركون فيها شعارات تنادي بالغاء حدود سايكس بيكو، مؤيدين بذلك "داعش" فكرا وممارسة.

10- الاطاحة بنظام عبدالله الثاني تحول الى مطلب وهدف بحد ذاته للتنظيم المتطرف.

11- القوات النظامية السورية والعراقية باتت تفصلها مسافة عن حدودهما مع الاردن، والظروف أضحت اكثر تمهيدا لشن الهجوم.

12- سرقة واحراق سيارة تابعة لجهاز المخابرات الاردنية بمحافظة معان، نموذج عملي لنفوذ داعش في المملكة.

13- توقيف 600 شخص من  مؤيدي التيارات السلفية ومحاكمة 150 منهم، يظهر نموذجا اخر لنفوذ التيارات المتطرفة في البلاد.

14- النقطة الاساسية تكمن في أن تمدد حدود "داعش" الى كيان الاحتلال الاسرائيلي يضمن أمن مايسمى "الدولة الاسلامية"، فمجاورة التنظيم للحدود الاسرائيلية يتيح له استهداف المصالح الغربية بما فيها "اسرائيل" ذاتها اذا ما تعرض لهجوم من الدول الغربية، ليحقق بذلك قوة ردع امام الغارات الجوية الغربية.

15- اصطدام "داعش" في سوريا والعراق بحاجز "القوى الشعبية" وتعرضه لضغوط قوية في الجبهتين الشيعية والكردية، ونظرا لأن الاردن أقل من العراق وسوريا من حيث النسبة السكانية، فذلك يتيح للمنظّمة الارهابيّة المناورة فضلا عن أن مقاومة القوى الشعبية ستكون اقل زخما فيه.

16- "داعش" استهدف الاردن عقائديا وايديولوجيا وصار له مناصروه شرقي المملكة وأن هذا السيناريو يسهل عملية الهجوم المحتمل.

17- سيطرة "داعش" على الانبار في العراق وتدمر في سوريا، وفرت الظروف الملائمة للهجوم على الاردن.

18- ثمة دافع قوي لاجتياح "داعش" محافظة معان، لامتلاكها قابلية تجنيد التيارات السلفية فيها، وهذا ماورد في تأكيدات للمجموعات "الجهادية" التي عبرت عن تلك المنطقة بانها معقل لاستقطاب التيارات السلفية.

19- استيلاء "داعش" على معدات للجيش العراقي ومنها 6 دبابات و100 عربة مدرعة في الرمادي، بجانب تلقيه اسلحة من تركيا في اعقاب انسحاب الجيش السوري من تدمر، أهّل التنظيم لخوض الحرب مع المملكة الهاشمية.

وعلى ضوء ما ذكر، فان المعطيات الناجمة عن ضغوطات قوى المقاومة الشعبية في سوريا والعراق، تدفع  "داعش" نحو البحث عن عمق استراتيجي جديد في المنطقة والتمدد بعد الانتكاسات، حيث تعتبر الاردن الخيار الامثل، ومع هجوم مباغت لـ"داعش" قد يواجه ترحيبا نسبيا لشريحة من النسيج المجتمعي للبلاد. لذا فان تجربة التنظيم المتطرف في احتلال الموصل من جهة، والضعف السكاني والعسكري والامني للاردن من جهة أخرى، بجانب الضربات التي توجهها المقاومة الشعبية في العراق وسوريا، قد تشجع "داعش" لفتح الجبهة الجديدة مع الاردن، التي ستحمل بطياتها  الحافز المطلوب لانصاره واعضائه، للتمدد من جديد.

 

النشرة: فؤاد السويدي

رایکم
آخرالاخبار