۳۳۷مشاهدات
أخيرًا، لا يجب أن تأخذ السعودية الترحيب اليمني بالتدخل من المسلمات. بحسب الدروس التاريخية ..
رمز الخبر: ۲۷۰۱۸
تأريخ النشر: 29 March 2015
شبكة تابناك الاخبارية: إبراهيم شرقية في مقال له نشر في موقع وطن: بوقت قياسي، استطاعت السعودية بناء تحالف متماسك من 10 بلدان للمشاركة بالحرب ضد حركة الحوثي وحليفها، الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. علاوة على ذلك، الشرعية -المطلب الأساسي للتدخل الدولي الناجح- أمنت عبر منظمتين دوليتين: جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، التي عبرت عن دعمها الواضح لـ”عاصفة الحزم” السعودية في اليمن.

بالإضافة لذلك، فإن الرئيس اليمني المنتخب عبد ربه منصور هادي طلب التدخل علانية، وهو ما استخدمته السعودية لتضفي الشرعية على التدخل العسكري هناك.

بينما يبدو أن السعودية أنهت ما عليها لإطلاق العملية، فإن عليها أن تفكر بحذر بكيفية إنهائها، وفيما إذا كانت ستفاقم عدم الاستقرار في اليمن.

منذ بدء انقلابهم على الحكومة المركزية في أيلول/ سبتمبر 2014، نجح الحوثيون بتوسيع مناطق سيطرتهم وهزيمة أعدائهم. بلا مقاومة عسكرية تقريبًا، بدأ الحوثيون من محافظة صعدة الشمالية بالتمدد وصولًا إلى العاصمة صنعاء والمناطق الجنوبية، حيث يتمتع الرئيس هادي بدعم غير محدود. سيطر الحوثيون على الموانئ الرئيسة على البحر الأحمر، وحازوا على معظم أجهزة الجيش اليمني -بما في ذلك الطائرات الحربية- ووقعوا اتفاقية "شراكة اقتصادية” مع إيران.

إلا أن الحوثيين فشلوا بشكل كبير باللعب بحسب القواعد، من خلال معاداة معظم اللاعبين الإقليميين (باستثناء إيران)؛ فقد رفضوا دعوة السعودية للمفاوضات في الرياض، ومبادرات الأمم المتحدة لمحادثات السلام في الدوحة، كما تجاهلوا كل بيانات مجلس الأمن السابقة التي دعتهم لإيقاف تمردهم والالتزام بعملية الانتقال السياسي في اليمن.

ومما أثار القلق أكثر، معاداة الحوثيين لكل الأطراف اليمنية السياسية -من الإسلاميين حتى الاشتراكيين- باستثناء تحالف غريب مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، الذي قاتلوا ضده في ست حروب سابقة خلال العقد الماضي.

بالنظر لهذه المعطيات، فإن التدخل في اليمن يقدم عددًا من الافتراضات. أولًا: التحالف داخل المنطقة يبدو أقوى وأكثر تأثيرًا بالمقارنة بالتحالف الدولي، حتى عند دعمه بقرارات لمجلس الأمن. قيادة إقليمية، مثل السعودية، وجدت دعمًا على الأرض من خلال مظاهرات كبيرة بمحافظات تعز ومأرب وعدن والحديدة دعمًا للتدخل السعودي.

هذه قطعًا ليست الحالة الشبيهة بتدخل الولايات المتحدة وقيادتها للتحالف ضد الدولة الإسلامية بالعراق وسوريا. بينما كان المتظاهرون يحملون صور الملك سلمان في اليمن، صورة الرئيس أوباما لم ترفع بأي مكان بالإقليم.

علاوة على ذلك، فإن بناء التحالف الإقليمي يكشف عن حدود التدخل الإيراني بالبلدان العربية، أو ما يدعوه القادة الإيرانيون بالسيطرة على محافظات أربع: دمشق وبغداد وبيروت وصنعاء. إيران ستوفر دعمًا غير محدود سياسيًا ودبلوماسيًا، وبلا شك زيادة دعم الأسلحة للحوثيين.

إلا أنه ليس من الوارد أن إيران ستحارب عن الحوثيين باليمن. بينما انتقد التدخل السعودي في اليمن، وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف طالب بـ”الحوار والإصلاح” هناك. من الواضح أن تأمين السعودية للدعم المتماسك للاعبين الإقليميين مثل مصر وتركيا وباكستان أرسل رسالة قوية لإيران حول المدى الذي تستطيع أن تستمر به بدعم الحوثيين.

هذا أدى ببعض المحللين السياسيين بالمنطقة بقول بأن تحالفًا شبيهًا تقوده تركيا يمكن أن يضع نهاية لمعاناة الأربع سنوات في سوريا، وأن الحل بالمنطقة، ليس بالقيادة الأمريكية. يبدو هذا افتراضًا طموحًا، بينما تملك سوريا الكثير من المتغيرات الأخرى، لكن بالحد الأدنى، فتحالف متماسك إقليمي قد يغير بلا شك الحالة القاتمة الحالية بالبلاد.

إضافة لذلك، يبدو أن القيادة السعودية الجديدة أتت بسياسة خارجية جديدة. منذ وصول الملك سلمان للسلطة، فإن التوترات مع دول الخليج الأخرى -خصوصًا قطر- قلّت بشكل واضح. حتى معاداة الإخوان المسلمين واجهة الإسلام السياسي لم تعد أولوية بالسياسة السعودية الخارجية.

من كان يتخيل قبل سنتين من الآن أن السعودية والإخوان اليمنيين سيكونون بنفس المعسكر ضد الحليف التقليدي للسعودية، صالح؟ المبادرة الخليجية في 2011 صممت على بقاء صالح وحزبه حاضرين في السياسة اليمنية لمواجهة التأثير المتنامي لحزب الإصلاح الذي يمثل الإخوان المسلمين في اليمن.

لا يجب أن تضع السعودية نجاحها ببناء تحالف إقليمي ضد الحوثيين من المسلمات. إزالة حزب من السلطة أسهل كثيرًا من إعادة بناء دولة وإعادة التصالح داخلها. أخذ الدروس من فشل أمريكا ببناء الدول في العراق وأفغانستان مساعد جدًا. لا يجب تصور عملية شبيهة بعملية "اجتثاث البعث” -التي حصلت في العراق- في اليمن إطلاقًا.

الحوثيون، برغم تصرفهم المتمرد، يظلون جزءًا أصيلًا بالسياسة اليمنية، والسعودية يجب أن تدخل بشكل جدي معهم بحل شامل لليمن. قد يبدو هذا غير مقبول للبعض، لكن السعودية تستطيع الحوار مع إيران لضمان استدامة الحلول. الحوار لا يعني بالضرورة قبول مطالب الآخر. بشكل واضح، شروط المفاوضات تغيرت والأحزاب اليمنية السياسية لا يتوقع منها أن تفاوض تحت ظل حكم الحوثيين في صنعاء.

الأحزاب اليمنية يجب أن تفاوض على موطئ قدم متساو، ويجب السماح للحوثيين بالوصول للتفاوض بالكرامة. يجب أن يكونوا شركاء بإعادة بناء اليمن لا التحكم وإقصاء الآخرين.

يجب أن تكون السعودية حذرة بعدم تدمير مؤسسات الدولة بعملية إزالة الحوثيين من السلطة. تدمير المؤسسات سيؤدي لفوضى طويلة الأمد، وليبيا خير مثال على ذلك. علاوة على ذلك، يجب أن تدخل السعودية مع الألوية الموالية لصالح في الجيش اليمني؛ إذ يدين بعضهم له في ظل غياب بدائل أفضل.

ربما كانت أحد الأخطاء التي قامت بها المبادرة الخليجية هي إبقاء صالح لاعبًا فاعلًا في السياسة اليمنية. هذا قد يكون فرصة للسعودية لتصحيح هذا الخطأ، والتأكد أن الوقت قد حان له ليستقيل. كما يقول بعض اليمنيين، فإن الحوثيين "غير ناضجين سياسيًا” وصالح -الذي وصف نفسه بـ الراقص على رؤوس الأفاعي- نظر له على أنه الرأس المدبر لكل هذه الفوضى الحالية.

أخيرًا، لا يجب أن تأخذ السعودية الترحيب اليمني بالتدخل من المسلمات. بحسب الدروس التاريخية، فإن اليمنيين حساسون بشكل عام لكل من التدخلات الخارجية بشؤونهم الخاصة، وللعلاقات السعودية مع اللاعبين المختلفين في المشهد السياسي اليمني؛ لذلك، يجب أن تضمن السعودية لليمنيين أن تدخلهم لن يستبدل السيطرة الحوثية بوصاية سعودية.

النهاية
رایکم