۶۰۰مشاهدات
رمز الخبر: ۲۶۳۱۲
تأريخ النشر: 17 February 2015
شبكة تابناك الاخبارية: قضية المصريين الذين اختطفتهم «داعش» في ليبيا وأظهرتهم وهم يرتدون ثياب الإعدام البرتقالية يوم الخميس الماضي (١٢/٢) تحيط بها تعقيدات كثيرة، لا تسمح بالتعجل بالتفاؤل بشأن مصيرهم.

على الأقل فذلك ما خرجت به من اتصالات أجريتها خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية مع بعض ذوي الصلة، أغلبهم من الليبيين المطلعين سواء في طرابلس العاصمة أو في مدينة سرت التي يحتجز فيها المخطوفون. حصيلة الاتصالات ألخصها فيما يلي:

عملية الاختطاف تمت على مرحلتين خارج مدينة سرت منذ نحو شهر ونصف الشهر، في الأول اختطف ١٣ شخصا وفي الثانية اختطف ثمانية. لكنهم نقلوا أخيرا إلى سرت وتم إيداعهم في مجمع «واجادوجو» الذي بني في عهد القذافي ويحمل اسم عاصمة بوركينا فاسو.

ظهور داعش في مدينة سرت كان مفاجئا للجميع، بما في ذلك سلطة المؤتمر الوطني المتمركزة في طرابلس.

إذ كان معروفا عن سرت انها معقل قبيلة القذاذفة التي انتمنى إليها الرئيس السابق. ولم تكن على ولاء للثورة، إلا أن أنصار الشريعة كان لهم نشاطهم الأبرز فيها، وكانوا يحتفظون بعلاقات طيبة مع الأهالي نظرا لاهتمامهم بالأعمال الخيرية والأنشطة الاجتماعية.

تبين أن داعش وصلت إلى سرت خلال الأسابيع الماضية واستقطبت أعدادا من شباب القذاذفة المتدينين وعناصر من عدة قبائل أخرى كما اخترقت صفوف تنظيم أنصار الشريعة وجذبت عددا من أنصارهم.

أقام التنظيم الوافد قاعدة له في المدينة، والذين تولوا أمره من أنصار «الدولة الإسلامية» لم يكونوا ليبيين، لكنهم ينتمون إلى جنسيات عربية أخرى.

وحين قام نفر منهم بالعملية الانتحارية التي استهدفت تفجير فندق «كورنثيا» الذي كان يقيم فيه أعضاء حكومة طرابلس، تبين انهم ثلاثة، أحدهما يمني والاثنان تونسيان.

(التنظيم عين «أميرا» لما سموه ولاية طرابلس اسمه أبو طلحة التونسي).

انتهزت جماعة داعش فرصة ضعف السلطة المركزية وغيابها، فاستجلبوا بعضا من أنصارهم ونسجوا علاقاتهم مع شباب القبائل في سرت وقاموا في الأسبوع الماضي بالاستيلاء على محطتين إذاعيتين وعلى بعض مؤسسات الدولة (مكتب الجوازات والضمان الاجتماعي)،

كما استولوا على فندق «المهاري»، أحد أكبر الفنادق بالمدينة. وعبر الإذاعة بثوا أناشيدهم وخطب «خليفة» الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي.

وتولى مؤيدوهم خطبة الجمعة التي دعوا الناس فيها إلى بيعة الخليفة، وإلى إعلان ما سموه بالاستتابة التي تعني إعلان الولاء للدولة المذكورة والانخراط في فكر السلفية الجهادية.

في إذاعاتهم وخطبهم هاجموا بشدة حكومة طرابلس واعتبروها مرتدة بدعوى أنها لا تطبق الشريعة الإسلامية، الأمر الذي مكن التنظيم من تجنيد أنصار جدد وتوسيع نطاق قاعدته في أوساط المتدينين.

في حين كانت حكومة طرابلس مشغولة بالاشتباك مع حكومة طبرق وجماعة اللواء حفتر، فإن تنظيم داعش كان يتمدد في سرت ويقيم علاقاته مع قبائل منطقة الوسط التي تنتشر فيها النزعة الدينية.

وفي المقدمة منها قبائل أورفلي والمقارحة فضلا عن القذاذفة، إلا أن الأمر اختلف حين ظهرت صور المصريين بثياب الإعدام وبدا أن هناك احتمالا لتنفيذ حكم الإعدام بحقهم.

يوم السبت (١٤/٢) دعا رئيس المؤتمر الوطني نور الدين بوسهمين إلى اجتماع في طرابلس لبحث الموقف في سرت، حضره مسؤولو الداخلية والأمن والمخابرات والجيش.

وتم الاتفاق فيه على تشكيل قوة مشتركة لتأمين مدينة سرت، وفرض سلطة الدولة على المرافق التي استولى عليها تنظيم داعش.

وفي الوقت ذاته قيل لي إن إحدى الكتائب ستتحرك من مصراتة قاصدة سرت لتحقيق الهدف ذاته.

من الملاحظات المهمة التي سجلها البيان الصادر عن الاجتماع ان السلطات المصرية لم تجر اتصالا مع حكومة طرابلس بخصوص موضوع المصريين المختطفين.

ولذلك فليست هناك أي معلومات عنهم، سواء تعلقت بأسمائهم أو الجهات التي كانوا يعملون فيها.

لا أعرف مدى جدية قرار تشكل قوة عسكرية لبسط سيطرة الدولة على سرت، لكن هذه الخطوة لا تخلو من خطورة، إذ ليس مستبعدا ان تقدم جماعة داعش على إعدام المصريين المحتجزين إذا أدركوا انهم بصدد مواجهة عسكرية استهدفت تخليصهم، وعلى حد تعبير أحد المصادر الليبية، فإن الجماعة ليسوا أهل تفاهم، ناهيك عن ان قرار القتل عندهم أمره سهل ولا يحتمل التردد.

هذه الخلفية تستدعي ملاحظتين، الأولى ان اصطفاف السلطة المصرية إلى جانب حكومة طبرق وجماعة حفتر وتبنيها موقف القطيعة مع حكومة طرابلس، قطع خطوط الاتصال مع الجهة التي كان يمكن ان تتعاون مع الحكومة المصرية في حل الإشكال.

وكانت النتيجة أن حكومة طرابلس ظلت خارج الموضوع طول الوقت، حتى أن أحد الأصدقاء الليبيين قال لي إنه حين تحدث صباح السبت عن قضية المصريين المختطفين مع أحد كبار المسؤولين عن المؤتمر الوطني، فإنه اكتشف أنه لا علم له بالموضوع أصلا.

الملاحظة الثانية ان التحرك المصري بدا حثيثا ونشطا بعد ظهور المصريين بثياب الإعدام في الصور التي وزعتها داعش أخيرا، وهو ما يثير أكثر من سؤال حول تفسير الصمت الذي ران على القضية طوال شهر ونصف الشهر، وما إذا كان ذلك راجعا إلى ان السلطات المصرية لم تكن تعلم بالقضية، أم أنها علمت وسكتت، أم أنها كانت تتحرك في السر ولكن تحركها لم يحالفه التوفيق.

وفي كل الأحوال فإن الرأي العام المصري ظل مغيبا عن الموضوع.

المشهد يثير أسئلة كثيرة أهمها السؤال التالي: هل كان يمكن إنقاذ المختطفين لو أن مصر تحركت مبكرا، ولم تكن طرفا في الاستقطاب الحاصل في ليبيا المليء بالتعقيدات التي لا تعرفها الحالة المصرية؟
رایکم