۲۳۲مشاهدات
لا شيء يوحي بدوران عجلات الحراك السياسي للحرب السورية إلّا الحاجة الدولية لإبقاء سكة «سالكة» لمسار سلمي للأزمة الراهنة. معطيات الجبهات السورية لا تشي بأي انعكاسات على طاولات تجمع أطراف الصراع، أو حتى المعارضين أنفسهم.
رمز الخبر: ۲۵۶۳۸
تأريخ النشر: 15 January 2015
شبكة تابناك الإخبارية : معارضو الفنادق انحسروا حتى ضاقت بهم الفنادق نفسها لكثرة خلافاتهم وولاءاتهم، وتحكم أراضيهم «المحررة» المفترضة «داعش» و«النصرة» مروراً بـ«الجبهة الإسلامية». هذه التنظيمات لا تعرف سوى لغة الميدان، ووجودها يعني انتصارها أو هزيمتها.

في العواصم القريبة والبعيدة، تحاول مجموعة دول إبراز دورها كلاعب في الحرب السورية.

موسكو، مثلاً، بحاجة لإنجاز سياسي. تريد أن تؤكد لـ«شركائها الغربيين» أنّها تستطيع أن تؤدي دوراً في حوار السوريين، وتحديداً في جمع أركان الدولة مع معارضين من مختلف الأطياف. قبل موسكو، تتّجه الأنظار نحو القاهرة حيث يحاول الحكم الجديد تظهير رؤية مخالفة لفترة حكم «الإخوان المسلمين». تحاول القاهرة أداء دور مختلف مضاف إلى واقعية مفترضة عند بعض أطراف المعارضة بعد فشل إسقاط النظام السوري بالقوة، إضافة إلى تأكيد الغرب استحالة أي تدخل عسكري مباشر.

في 22 من الجاري، وفي الذكرى الأولى لانعقاد مؤتمر «جنيف 2»، تجمع العاصمة المصرية مجموعات معارضة سورية، على رأسها «الائتلاف» و«هيئة التنسيق» بحثاً عن الخروج بوثيقة سياسية وخريطة طريق تتوافق عليها أطياف المعارضة (خريطة طريق تتحدث عن هيئة انتقالية، وتوكل إلى المجتمع الدولي مهمة طرد المتطرفين الذين يقاتلون الى جانب المعارضة والنظام على حد سواء).

هذا يمثل جزءاً من عمل القاهرة، لكن على صعيد أوسع، تؤكد مصادر مطلعة أن الجهود المصرية نحو حل سوري بلغت مراحل تتجاوز بكثير ما ينشر في الإعلام. وتضيف أن الأطراف المعنية بحراك القاهرة تجاوزت معضلة تنحّي الرئيس السوري بشار الأسد، والنقاش الحالي يدور حول توزيع الصلاحيات بين الرئيس ورئيس حكومته في المرحلة المقبلة.

الأجواء في دمشق تبدو إيجابية، إذ يؤكد مسؤولون «ارتياحهم حيال الجهود المصرية»، ويعربون عن أملهم في المزيد من التقارب السياسي بين البلدين، يحاكي مستوى العلاقات على الجانب الأمني. ومعروف أن الجهد المصري يجري بشراكة مع دولة الإمارات، وتحت أعين السعودية.

ويقول متابعون إن الدفع في اتجاه تسوية للوضع السوري من قبل هذه الأطراف يعكس أمرين: الأول، رغبة حثيثة في سحب هذا الملف من أيدي تركيا وقطر، والثاني يعود إلى تبدل الأولويات في المنطقة واختلاف المقاربة لمصدر التهديدات من قبل هذه الدول. إلا أن المتابعين أنفسهم يختلفون في تقويمهم لهذه الجهود بالمقارنة مع الجهود الروسية، إذ يرى البعض أنها ممهدة لها، بمعنى أن نجاح الجهود المصرية سيعزز فرص «موسكو 1»، فيما يرى البعض الآخر أنها تستهدف ضرب مبادرة موسكو عبر نقل جهود الحل إلى الإطار العربي، خصوصاً أن مصر تتولى في آذار المقبل رئاسة القمة العربية التي يراهن كثر على أنها ستشهد تطورات بالغة الأهمية ربطاً بالملف السوري، بينها عودة دمشق إلى كرسيها في جامعة الدول العربية.

وكان قد سبق لقاء المعارضة السورية في القاهرة عَقد لجان تحضير في جنيف والعاصمة المصرية. عضو الهيئة التنفيذية لـ«الهيئة» صفوان عكاش وإلى جانبه ممثل الهيئة في مصر فايز حسين ومحمد حجازي (رئيس فرع الوطن العربي في الهيئة) التقوا عضوي «الائتلاف» فايز سارة وأنس العبدة، بينما لا تزال مشاركة أطراف أخرى غير محسومة، كالرئيس السابق للائتلاف أحمد معاذ الخطيب، و«مجموعة قرطبة».

الاجتماعات المتكررة بين الطرفين لم تجد أرضية مشتركة واضحة بعد، ومجرّد فشل خروجهما بورقة مشتركة يؤكد عدم القدرة على التوافق في موسكو بغضّ النظر عن مسألة مشاركتهما من عدمها.

وكان يشاع أن اللقاء برعاية وزارة الخارجية المصرية وجامعة الدول العربية، إلّا أنّ الأمين العام للجامعة نبيل العربي، اعتذر منذ نحو شهر عن عدم رعاية المؤتمر. مصادر سورية معارضة شبّهت العربي بـ«أم العروس» التي تريد أن ترضي الجميع، لذا فضّل الاعتذار بعدما اصطدم بفيتو مصري على مشاركة عناصر «إخوانية» في «الائتلاف» في لقاءات القاهرة، مقابل الضغط القطري في مسألة وفود المعارضة والتنظيم.

«موسكو»

وبات محسوماً أن دمشق ستلبي الدعوة لمؤتمر «موسكو». لا تريد إحراج حليفتها، رغم يقينها بأفق أي مسار سياسي حالي. الإحراج قد يأتي من الطرف المقابل، في ظل رفض «الائتلاف» السوري المعارض الحضور بعد تشكيل هيئته القيادية الجديدة، ورفض الرئيس السابق للائتلاف أحمد معاذ الخطيب الحضور أيضاً، رغم زيارته الأخيرة للعاصمة الروسية.

«هيئة التنسيق»، بدورها، تحسم أمر مشاركتها خلال اجتماع مكتبها التنفيذي السبت المقبل، مع تأكيد مصادرها أنّ «حجم الاعتذارات» قد يؤثر في قرارها. وقال القيادي البارز في «الهيئة» هيثم مناع: «وجهنا إلى الخارجية الروسية عدداً من الأسئلة المتعلقة بمعايير إنجاح لقاء موسكو، وننتظر الإجابة عنها لبناء وجهة نظر مشتركة». وأضاف أن «التمثيل السوري ليس وازناً من جهة المعارضة، ويجب دعوة مجموعة أوسع من أطياف المعارضة».

أما أعضاء الائتلاف، فما زالوا يكرّرون كلام رئيسهم الجديد خالد خوجة: «لا يمكن الجلوس مع النظام إلى طاولة واحدة إلا في إطار عملية تفاوضية تحقق انتقالاً سلمياً للسلطة وتشكيلاً لهيئة انتقالية بصلاحيات كاملة». موسكو لم تدع «الائتلاف» كجسم سياسي، بل دعت شخصيات منه. وهذا ما يراه قيادي في «الائتلاف» مؤشراً على عدم جدية المؤتمر وما سيبحث فيه. وكان القنصل الروسي في إسطنبول ألكسي أرخوف، قد أرسل 5 دعوات لأعضاء في «الائتلاف» وهم رئيسه السابق هادي البحرة، وعبد الأحد أسطيفو، وبدر جاموس، وعبد الباسط سيدا وصلاح درويش، وذلك قبل انتخاب هيئة قيادية جديدة للتنظيم المعارض. وتعمل موسكو حسب مصادر متابعة على عقد اجتماعات منفصلة للمعارضين السوريين في اليومين الأولين للمؤتمر لتقريب وجهات نظرهم ومحاولة الخروج بورقة مشتركة. وسيدير لقاءات المعارضة مدير معهد الدراسات الشرقية لدى أكاديمية العلوم الروسية فيتالي نعومكين، قبل أن يجتمعوا في اليوم الثالث في «لقاء تشاوري وتبادل آراء» مع الوفد الحكومي السوري.

في السياق، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنّ ممثلي المعارضة السورية سيفقدون قدرتهم على التأثير على جهود السلام إذا امتنعوا عن حضور المحادثات المقررة في موسكو. ولفت إلى أنّه «لن أستخلص نتائج بعيدة المدى، ولن أتكهن. لنرَ من سيكون مستعداً للقدوم إلى موسكو ومن سيحضر. على أية حال، من خلال تواصلنا مع فصائل المعارضة المختلفة والدول التي تعمل هذه الفصائل على أراضيها، وفي مقدمتها سوريا بالطبع... نشعر بأن ثمة إدراكاً لأهمية مثل هذا الاجتماع وضرورته».

المصدر: صحيفة "الاخبار" اللبنانية
رایکم
آخرالاخبار