۲۶۵مشاهدات
للاميركي سايروس سالزبرغر هذا الرأي «لكي تكون صحيفة ما مؤثرة، لا يكفي ان تكون لديها قوة نارية هائلة، يقتضي ان تكون لديها مصادرها الهائلة»، ليستدرك «المشكلة ان الصحيفة لا تلبث ان تصبح رهينة هذه المصادر التي لديها اغراضها التكتيكية او الاستراتيجية الهائلة ايضا».
رمز الخبر: ۲۵۵۲۷
تأريخ النشر: 13 January 2015
شبكة تابناك الإخبارية : نفترض ان هذا الكلام ينطبق على مجلة «ديرشبيغل» الالمانية. قالت، وفي توقيت حساس، ان الرئيس السوري بشار الاسد يعمل سرا على بناء مجمع تحت الارض يمكنه تصنيع اسلحة نووية.
اما مكان هذا المصنع (الافتراضي) فهو منطقة جبلية وعرة المسالك في غرب البلاد على مسـافة كيلومترين من الحدود اللبنانية، واستندت في ذلك الى «وثائق حصرية» وصور التقطتها الاقمار الاصطناعية ومحادثات اعترضتها اجهزة الاستخبارات.
في هذا الوقت الذي تعاني فيه الدولة السورية ما تعانيه عسكريا واقتصاديا، تنفق مليارات الدولارات، او على الاقل مئات ملايين الدولارات، لبناء مصنع لانتاج الاسلحة النووية، وهي التي ارغمت، للتو، على تفكيك ترسانتها الكيمائية التي تظل اقل خطرا بكثير.تصوروا...
«ديرشبيغل» ليست بالصحيفة التي تطلق الكلام جزافا. الغريب ان حكومة بنيامين نتنياهو لم تفعل ما فعلته حكومة استاذه مناحيم بيغن في 7 حزيران 1981 حين دمرت المجمع النووي العراقي. هنا العملية اقل تعقيدا بكثير، والهدف اقرب بكثير، ولا ينطوي على الكثير من المجازفة..
لا بد ان تكون هناك خلفية ما للخبر. المجلة الالمانية اطلقت مرات عدة صفارات الانذار للبدء في تنفيذ سيناريو ما، فهل من عملية عسكرية دراماتيكية من اجل استباق الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران والذي يتردد في الاروقة الخلفية انه بات بحكم الجاهز، وان الاعلان عنه سيتم في غضون مائة يوم على الاكثر...
نعلم ان هناك كونسورتيوم دولي يضم، في من يضم، دولا عربية بالاضافة الى اسرائيل وفرنسا وتركيا. ومهمة الكونسورتيوم قطع الطريق على اي اتفاق من هذا القبيل وبأي ثمن...
وخلال المحادثات السابقة، اضطلع وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بدور الناطق باسم ذلك الكونسورتيوم. فاجـأ الجميع بالتشدد الفرنسي في مقابل المرونة الاميركية، دون ان تكون خلفيات الموقف خافية على احد. اللعبة كانت مكشوفة جدا، وكان الجوكر فرنسيا بامتياز.
اغتيال الاتفاق، وبالتالي ابقاء الحرائق، بفوضويتها الدموية (ودون اي افق) في المنطقة التي تحولت الى مزرعة لكل اشكال الارهابيين الذين وفدوا من كل اصقاع الارض، وشارك الكونسورتيوم إياه في استجلابهم وتمويلهم على ان يشكلوا القوة الضاربة، القوة التكتيكية فقط، لاجتثاث انظمة حليفة، بشكل او بآخر، لايران...
المشكلة ان احدا لم يأخذ العبرة من التجربة الافغانية،ولطالما كانت صارخة حتى انها ضربت العظمة الاميركية في عقر دارها. الان ضربت فرنسا في عقر دارها...
لكن فرنسا ليست اميركا التي سارعت الى احتلال كابول وطرد الملاّ عمر،ومعه حركة طالبان، منها، حتى لو ارسلت حاملة الطائرات «شارل ديغول» الى المنطقة، مع اعتبار الفارق في القامة بين رجل يدعى شارل ديغول ورجل اخر يدعى فرنسوا هولاند..
التظاهرة في بحار المنطقة اقل جدوى، واقل استعراضية، من التظاهرة في شوارع باريس وحيث كان مذهلا ان القاتل (بنيامين نتنياهو) والقتيل (محمود عباس) كانا معا في الصف الامامي...
السؤال الآن: هل ادرك لوران فابيوس ان ما حصل في بلاده، ويمكن ان يحصل في بلدان اوروبية اخرى، هو نتاج ذلك الكونسورتيوم الذي يعطي السياسات الثأرية والغرائزية الاولوية على السياسات المنطقية، والتي تستند الى توازنات صلبة ومستدامة (نظام او منظمومة اقليمية بالدرجة الاولى)...
الجميع اثبتوا انهم خاسرون في هذه اللعبة، ودون ان يقتصر الامر على فرنسا التي فاجأتنا بهشاشتها الامنية اذا ما استعدنا تفاصيل عملية «شارلي ايبدو»، فهل يصغي فابيوس الى نصائح سابقة وراهنة باقناع شركائه في الكونسورتيوم بأنه لا بد من تغيير قواعد اللعبة وقواعد الاشتباك عبر استراتيجية بديلة تتعاطى بصورة خلاقة مع اي اتفاق بين واشنطن وطهران.
اقل بكثير من ان يفكر فابيوس بونابرتياً. لماذا لا يفكر ديكارتياً؟!
المصدر : الديار
رایکم