۲۶۷مشاهدات
بالنسبة إلى كثير من الشباب الحالم، فإن السلاح هو العصا السحرية التي تغير الحقائق على الأرض، وتحولهم من كائنات متسائلة معطلة أو مقيدة إلى شركاء في تغيير العالم.
رمز الخبر: ۲۵۱۳۹
تأريخ النشر: 05 January 2015
شبكة تابناك الاخبارية: كتب الأستاذ توفيق السيف في مقال له: ثمة حولنا ما يمكن وصفه بجيش أممي يتألف من آلاف الشبان المستعدين للهجرة من أوطانهم إلى ساحة القتال. من أفغانستان إلى لبنان ومن أواسط آسيا إلى تشاد والبلقان. إنه جيش غير منظم وغير منضبط، لا يسعى رجاله وراء الرواتب والرتب العسكرية، مقصدهم الوحيد مكان يتيح لهم المشاركة في الحرب.

عرفنا رجالا من الخليج قاتلوا في الشيشان والبوسنة، وجزائريين قاتلوا في أفغانستان، وتونسيين ذهبوا إلى العراق وسوريا، وهكذا.

شهد العالم ظاهرة شبيهة في أربعينات القرن المنصرم حين تنادى الشيوعيون للمشاركة في الحرب الأهلية الإسبانية «1936 - 1939» نصرة للجمهوريين بقيادة «الجبهة الشعبية» اليسارية. كذلك الحال في السبعينات حين انضم عشرات من الناس من دول مختلفة إلى المقاومة الفلسطينية، لكن هذه مثل تلك كانت أضيق نطاقا من الحشد الأممي الذي نشهده اليوم.

أظن أن آلاف الشبان الذين تسللوا من بلدانهم للالتحاق بالجماعات المقاتلة منذ أوائل الثمانينات كانوا يسعون وراء تحقيق ذواتهم من خلال القيام بعمل، قدروا أنه يسهم في تغيير العالم.

آلاف مثلهم حاولوا تحقيق ذواتهم من خلال التجارة أو العلم أو الدعوة الدينية أو حتى من خلال المشاركة في الصراعات السياسية السلمية، أو غيرها من الحقول، لكن أولئك الشبان على وجه التحديد رأوا في الحرب ظرفا وحيدا لتحقيق الذات.

والمثير في الأمر أن هؤلاء أشد ميلا إلى الجماعات الأكثر تطرفا، أي الأكثر استعمالا للعنف. ثمة عشرات من الجماعات المسلحة التي توصف أحيانا بأنها معتدلة، لكنّ المهاجرين للحرب يتجهون عادة للجماعات المشهورة بالتطرف.

هذا يكشف ربما أن العامل المحرك لهم ليس الجهاد كموضوع ديني ولا التحرير كموضوع سياسي، بل الحرب ذاتها كأداة للتغيير. السلاح هو عباءة سوبرمان التي يرتديها الإنسان العادي فيمسي قادرا على قهر الغير وإلزامه بمشيئة المسلح أو الجماعة التي ينتمي إليها.

من يستمع لأحاديث الشباب الذين تضيق نفوسهم بأساليب الدعوة البطيئة والحوارات الطويلة المملة والأساليب البيروقراطية التي تتبعها الحكومات، فسوف يكتشف من دون عناء أنهم يبحثون عن عصا سحرية، يهزونها في وجه المشكلة فيولد الحل.

بالنسبة إلى كثير من الشباب الحالم، فإن السلاح هو العصا السحرية التي تغير الحقائق على الأرض، وتحولهم من كائنات متسائلة معطلة أو مقيدة إلى شركاء في تغيير العالم.

بحث الشباب عن ذاتهم، بحثهم عن دور في تغيير الواقع، ليس السبب الوحيد الذي حرك آلاف المهاجرين نحو ساحات الحرب المتنقلة. لكنه - كما أظن - عامل يستحق التأمل. لو درسناه كواحد من الاحتمالات فلربما ساعدنا في كشف نقاط ضعف في نظامنا الاجتماعي أو في سياساتنا أو في نظامنا القانوني، تشكل في مجموعها الثقب الأسود الذي يتساقط فيه هؤلاء الشباب، فيتحولون من قوة بناء إلى مكينة قتل وتدمير في هذا البلد أو ذاك.

النهاية
رایکم
آخرالاخبار