۲۶۰مشاهدات
رمز الخبر: ۲۵۱۲۱
تأريخ النشر: 05 January 2015
شبكة تابناك الإخبارية : مازال التحالف الدولي يشن غاراته على مواقع تنظيم "داعش" الإرهابي، من دون نتيجة تذكر. وبدأ التحالف الذي تقوده الولایات المتحدة قبل نحو خمسة اشهر، و تحدیدا في یوم الثلاثاء 23 ایلول / سبتمر 2014، بشن غارات جویة ضد مواقع داعش في العراق وسوریا، بعد قیام هذا التنظیم التكفیری بإحتلال محافظة الموصل وصلاح الدین واجزاء من محافظة الانبار، في حزیران / یونیو من نفس العام، الا ان نتائج هذا القصف، لم تكن بحجم الضجة التي اثارتها وسائل الاعلام الغربیة والعربیة، حول هذه الغارات.

 والغارات الامریكیة علی مواقع داعش فی العراق وسوریا مازالت متواصلة حتی الیوم، الا انها وباعتراف الخبراء العسكریین، لم تنجح فی احداث اختراق فی المیدان العسكری، لصالح الجیش العراقی، او لصالح قوی المعارضة 'المعتدلة' فی سوریا، كما ترید امریكا، وهو ما تؤكده المعارك علی الارض، حیث تمكنت  داعش  فی سوریا من السیطرة علی المزید من الاراضی ومازالت تهدد مدینة عین العرب 'كوبانی' الكوردیة علی الحدود السوریة مع تركیا، ولم تنجح الغارات الامریكیة ودول التحالف فی كسر الحصار المفروض علی المدینة، اما فی العراق، فكل الانتصارات التی تم تحقیقها ضد داعش یعود الفضل فیها الی مشاركة الحشد الشعبي في المعارك الی جانب الجیش العراقي، ولم یكن هناك ای دور یذكر للقوات الامریكیة.

ويقول سامح مظهر في موقع الوقت في تقرير تنشره "المسلة" بتصرف، ان هناك من یری ان الغارات الامریكیة علی مواقع داعش وخاصة فی سوریا تأتي بنتائج عكسیة بسبب الضحایا الابریاء الذین یسقطون جراء هذه الغارات، نظرا لتواجد داعش بین الاهالی، ولا یمكن بالتالی التمییز بین الداعشی وغیره، وهو ما یولد حالة من الاستیاء والغضب بین الاهالي، تستغلها داعش لتعزیز تواجدها في المناطق المستهدفة.

ان استخدام القوة العسكریة المجردة فی صراع مع تنظیمات ایدیولوجیة متطرفة مثل تنظیم داعش، یعتبر ضروریا الا انه لیس كافیا، فقد اثبتت تجربة الحرب الامریكیة ضد طالبان في افغانستان، وبشكل واضح فشل هذه الاستراتیجیة، فبعد مضي اكثر من عقد من الزمن علی احتلال افغانستان بشكل كامل من قبل القوات الامریكیة والناتو، الا ان طالبان مازالت موجودة ومازالت تستقطب الانصار والمؤیدین لها هناك.

ان تجربة استخدام القوة العسكریة مع طالبان فی افغانستان وباكستان، ومن قبل مع القاعدة، والیوم مع داعش و النصرة وباقی التنظیمات التكفیریة التی تحمل الفكر الوهابی كعقیدة، تؤكد ان القوة الصلبة او الحرب الصلبة مع هذه التنظیمات التكفیریة المسلحة، لیست كافیة، بل ان استخدام مثل هذه القوة،بالشكل الذی تستخدمه امریكا ضد هذه التنظیمات، تثیر فی بعض الاحیان حالات من التعاطف لدی البعض ازاء هذه التنظیمات، كما انها لن تؤدی في اغلب الاحیان الی القضاء علی الفكر والعقیدة، مهما كان فساد هذا الفكر او هذه العقیدة، فالفكرة مهما كانت طبیعتها لا یمكن القضاء علیها الابفكرة تقابلها، لذلك لابد ان تتزامن القوة الصلبة او الحرب الصلبة بقوة ناعمة او حرب ناعمة، بل ان القوة الناعمة اشد الحاحا وضرورة من القوة الصلبة، فی الحروب التی تستهدف التنظیمات التكفیریة المتطرفة.

وأوربا لم تنتصر علی النازیة والفاشیة بالقوة الصلبة وعبر الحروب العسكریة فقط، بل كانت هناك قوة ناعمة تمثلت بمئات الجامعات والمراكز البحثیة والنخب العلمیة والادبیة والفكریة والفنیة وجیوش من الاعلامیین والصحافیین، شاركوا فی الحرب الناعمة التی استهدفت الایدیولوجیتین النازیة والفاشیة، فتمكنوا من القضاء علی هذه الافكار الفاسدة وطردوها من عقول الاشخاص، ولم یقضوا علی الاشخاص انفسهم.

المطلوب الیوم من النخب الدینیة والفكریة والمراكز البحثیة فی العالمین العربی والاسلامی، والتی تعتبر من اكثر القوی الناعمة تاثیرا فی الرای العام العربی والاسلامی، ان یعلنوا الحرب الناعمة علی الفكر الفاسد الذی یحرك هؤلاء الشباب ویدفعهم للقیام بكل هذه الفظاعات التی شوهت الصورة الناصعة للاسلام لدی العالم اجمع، فمادام الشاب مقتنعا بصوابیة الفكر الذی یحمله، فانه سیتحرك بدافع من هذا الفكر، بل وسیضحی بنفسه من اجله، ومن الممكن كف شر هذا الشخص من خلال قتله او حجزه، ولكن ما هو الضمان من الا یقتنع شاب اخر بهذه الافكار ویجسدها عملیا كتفجیر نفسه او قتل الاخرین، لذا فان افضل وسیلة لوقف دائرة الموت والدمار، هی محاربة الفكر الفاسد نفسه.

ان النخب العربیة والاسلامیة لاسیما الدینیة، مدعوة الیوم الی اماطة اللثام عن الوجه الحقیقی للوهابیة التی تعتبر الام الشرعیة لكل هذه الافكار التكفیریة التی تعشعش فی ادمغة عناصر طالبان بشقیها الافغانی والباكستانی و القاعدة و 'داعش' و 'النصرة' وبوكوحرام وانصار الشریعة وانصار بیت المقدس وباقی التنظیمات الارهابیة الاخری، وبیان مدی تناقض الوهابیة مع الفطرة الانسانیة، وبعدها عن روح الاسلام وتعالیم القران وسیرة النبی (ص) وتعالیمه السمحاء، ودور الاستعمار البریطانی فی الترویج لهذه العقیدة المتخلفة الهدامة التی تنخر فی جسد الامة كما تنخر الارضة بالخشب، وكیف تصب نتائج التطبیق العملی للوهابیة علی ارض الواقع فی صالح العدو الصهیونی، كما نری هذه النتائج فی العراق وسوریا ومصر ولبنان ولیبیا والصومال وباكستان وافغانستان ومالی وتونس والجزائر.

 ان من الصعب مكافحة المرض الذی تنقله البراغیث من خلال مكافحة البراغیث ذاتها، بل لابد من ردم البرك والمستنقعات التی تتجمع فیها المیاة الآسنة، والتی تعتبر الرحم الذی یتكاثر فیه البراغیث، لذا علی علماء الدین والمفكرین والادباء والشعراء والفنانیین والاعلامیین والصحفیین، ان یستخدموا القوة الناعمة، المتمثلة بالفكر والكلمة والصورة واللوحة والقصیدة والفیلم، لردم بركة الوهابیة لانقاذ الشباب من افكارها المشوهة والكریهة، وبالتالی انقاذ المجتمعات العربیة والاسلامیة من الانهیار والتشتت، وهی حالة تعیشها للاسف بعض مجتمعاتنا العربیة والاسلامیة الیوم، فی ظل تقاعس، النخب الدینیة والفكریة والعلمیة فی هذه المجتمعات، من استخدام القوة الناعمة او الافكار فی التصدی للفكر الوهابی الظلامي الی جانب القوة الصلبة.
رایکم
آخرالاخبار