۳۲۷مشاهدات
مرت أربع سنوات على الأوضاع المأساوية في سورية دون بارقة أمل في الحل لتبقى الأزمة معلقة بين تضارب المصالح داخلياً وخارجياً وبين ضرورات الواقع التي تحتم إغلاق الملف على حل دائم.
رمز الخبر: ۲۵۰۳۴
تأريخ النشر: 03 January 2015
شبكة تابناك الإخبارية : كل الشواهد تؤكد أن الأيام القادمة من عمر الأزمة السورية، ستكون مليئة بالتحديات وتحمل في طياتها تداعيات مصيرية على درجة كبيرة من الخطورة، قد تؤدي الى عصف المنطقة بالكامل، وكأن هناك من يدفع الصراع في سورية بعيداً عن الحل السياسي بين الأطراف المتصارعة.
لا يخفى على أحد بأن أمريكا بدأت تقوم على إعادة إهتمامها بمنطقة الشرق الأوسط، بسبب السيطرة السريعة على الأرض لتنظيم داعش، ما يهدد حلفاؤها في سورية والعراق بشكل مباشر، خاصة الأكراد في شمال العراق، والمجموعات المسلحة في سورية، كما يشكل تهديداً على المدى الأبعد لحلفائها في دول الخليج، بالتالي بات خطراً حقيقياً يهدد النظام الجيو إستراتيحي برمته، ما يستدعي ربما هذه العجالة الروسية الأممية لحل الصراع الدائر في سورية.
عندما أبدت روسيا نيتها بتحريك الجمود في الملف السوري، وجدت مصر أنها تستطيع توظيف علاقاتها المعقولة مع المعارضة السورية وعلاقاتها السويّة مع النظام لتفعيل حل ينسجم مع ثوابت سياستها التي هجست دائماً بالمحافظة على وحدة سورية وبقائها في الحضن العربي ما يتناسب مع أهداف دمشق، في إطار ذلك تبذل مصر وروسيا جهوداً كبيرة في الفترة الحالية لتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة السورية والوصول الى أرضية مشتركة من خلال جمع أطراف الصراع على مائدة حوار واحدة، وذلك بالتشاور مع دول إقليمية وعربية للخروج من الأزمة الراهنة، إذ دعت روسيا الفصائل السورية إلى عقد مؤتمر خلال هذا الشهر للوقوف على آخر مستجدات الأزمة االراهنة والتشاور للوصول إلى حل سياسي سلمي بين النظام السوري والمعارضة، ويأتي ذلك بالتزامن مع اللقاء الذي عقده وزير الخارجية المصري سامح شكري مع رئيس إئتلاف المعارضة السورية هادي البحرة في القاهرة الأسبوع الماضي.
في سياق متصل يدرك الروس أهمية سورية في الصراع الروسي – الغربي، خاصة وأن طبيعة العدوان عليها، يأتي لتوجيه ضربة لموسكو في قلب منطقة الشرق الأوسط، وإنهاء دورها الصاعد عالمياً، من هذا المنطلق تعد روسيا من الدول الفاعلة في الأزمة إذ أفشلت ضربات أمريكية ممكنة حينما تم سحب الكيمائي بمبادرة روسية، ورفعت أربع أوراق "فيتو" لمصلحة النظام السوري، وفي الوقت نفسه تدعم مصر وإيران مبادرة روسيا في إجراء حوار سوري - سوري من أجل حل هذه الأزمة المعقدة، فهما ملتزمتان بالتمسك بالمبادئ والإستراتيجيات العامة لحل الأزمة وأهم هذه المبادئ هي الحفاظ على سيادة سورية ووحدة أراضيها وسلامة شعبها، وأن أي قرار بشأن مستقبل سورية يجب أن يتم من قبل الشعب السوري، كما أكد وزراء خارجية دول الإتحاد الأوروبي عن دعمهم الخطة التي تهدف إلى إقامة مناطق وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى هذا التحرك الرسمي المصري الذي تأتي الأزمة السورية في قلب إهتماماته، تستعد القاهرة هذه الأسابيع لإستقبال الرئيس الروسي بوتين، وهي زيارة ستدعم الحديث عن الدور الذي تلعبه مصر بالتواصل مع المعارضة السورية والنظام لصياغة مبادرة للحل، في هذا السياق هناك إتصالات تجرى خلف الكواليس بين قيادات مصرية وسعودية من جهة وأطراف الأزمة في سورية من جهة أخرى، بمعنى إن مصر تعمل مع كافة الأطراف سواء من داخل سورية أو الأطراف الدولية والإقليمية، على إيجاد وسيلة للتشجيع على هذا الحل، أما الأردن، وعلى هامش زيارة الملك عبد الله الثاني الأخيرة لواشنطن، تمكن من إقناع الإدارة الأمريكية بالعمل على تقريب وجهات النظر بين الأمريكيين وروسيا فيما يتعلق بالملف السوري، فيما تساند دولة الإمارات هذا الاتجاه بدعم من القيادة المصرية، وإنطلاقاً من ذلك فإن وجهة نظر هذه الدول في الكواليس كانت تتحدث عن ضرورة الحفاظ على النظام السوري وإستبعاد سيناريو إسقاط الأسد، وبالتالي فإن نجاح مؤتمر موسكو والمساعي الروسية المصرية مرهون برغبة الطرفين" النظام والمعارض" في حل الصراع، حتى لا يكون مصير المؤتمر مثل مصير مؤتمري "جنيف 1، وجنيف 2".
وبالرغم من أن أمريكا ما تزال متخبطة في تعاطيها مع ملف الأزمة السورية بسبب الإختلاف في وجهات النظر داخل الإدارة الأميركية، فإنها تقدِّم أولوية محاربة داعش على أولوية إسقاط نظام الأسد، لكنها في الوقت ذاته تخشى من تزايد قوة النظام، لذا فهي تحاول إتخاذ الإجراءات التي تساعد - حسب رأيها - على إضعاف النظام السوري، وإبقائه في حالة إستنزاف مستمر، إلى أن يأتي الوقت الذي تنضج فيه ظروف التسوية في منطقة الشرق الأوسط، في إطار ذلك وما أكدته في أكثر من مقال فإن الذين يراهنون على أن الإدارة الأمريكية قد تخلت عن هدف إسقاط النظام في سورية عليهم أن يراجعوا قراءتهم للمعطيات على ضوء تطورات الأحداث إنطلاقاً من الثوابت الأمريكية والإسرائيلية لأن بقاء الرئيس الأسد يعني فشل أمريكا وحلفاؤها في المنطقة.
أما السيناريو البديل في حال فشل المسعى الروسي المصري في الوصول الى حل سياسي، فان سيناريو الكارثة هو الذى سيسود والذي سيشكل تهديداً لدول الجوار والمشرق العربي، كما أن حرب الإستنزاف بالإرهاب ستستمر لسنوات طويلة لأن من يستثمرون في الإرهاب لا يتألمون ولا يشعرون بأن أمنهم وإستقرارهم في خطر.
اليوم تعلم دمشق أن أمريكا لن توقف دعمها للمليشيات المسلحة في سورية، إلا إذا قبلت بالتخلي عن ترسانتها القتالية وإخضاعها تحت سيطرتها ونفوذها، وهذا هو الثمن المطلوب لإيقاف الإرهاب في البلاد، لأن جوهر الصراع في المنطقة عنوانه إسرائيل أولا وأخيرا، وبالتالي لا حل إلا إذا أصبحت مصالح أمريكا وإسرائيل في خطر، لذلك فإن سبيل حل الأزمة السورية عند الإدارة الأمريكية أن تبقى أزمة ليتم إستخدامها في التهديدات والتحذيرات من الارهاب وبناء تحالفات سياسية جديدة وإعطاء إسرائيل الوقت الكافي لكي تختبر الحقائق على الارض، وهنا يمكنني القول، إن سياسة اللاحسم التي تمارسها واشنطن، تعكس سياسة مقصودة منها لإغراق الجميع في الوحول التي صنعتها أيدي اللاعبين الدوليين والإقليميين وغير الإقليميين داخل سورية.
واخيراً أختم مقالي بالقول إن الرهان الأخير يبقى على قدرة الجيش العربي السوري ميدانياً على تقويض أي أمل لدى الغرب وحلفاؤه بأن الدولة السورية يمكن إسقاطها عسكرياً من الداخل، وعلى قدرة روسيا وإيران ومصر على الوصول لتفاهمات مع الدول الفاعلة في الأزمة، وبإختصار شديد إن البعض لا يريد لسورية الأمن والإستقرار والخروج من الأزمة وأنما يريدونها تشتعل ناراً، لذلك فإن العاصمة دمشق هي عاصمة كل السوريين وترسيخ الأمن والإستقرار فيها واجب على الجميع تفرضه المسئولية الوطنية فالعبث بأمنها واستقرارها هو إستهتار وعبث نتحمل مسؤوليته جميعاً.
المصدر : المنار
رایکم