۳۴۲مشاهدات
سنة عجفاء، ليست الأخيرة التي ستمر على الجماعات التكفيرية في سوريا والعراق، بعدما تعرى فكرها الهدام، وبات أمر محاصرتها مطلباً لكل أبناء الأمة الإسلامية، بعدما استفحلت توحشاً، ولم تراع الحرمات ولا المقدسات.
رمز الخبر: ۲۴۹۰۲
تأريخ النشر: 31 December 2014
شبكة تابناك الإخبارية : تنظيم داعش ابن حالة تنظيم القاعدة التكفيرية، برز إلى الواجهة الإعلامية والميدانية هذا العام، حيث تجاوز جميع الخطوط، في انتهاكه حرمة الإسلام، وفي تكفيره حتى لبعض الجماعات التي تحمل فكرا قريبا له، من جبهة النصرة في سوريا وغيرها من الجماعات، إضافة إلى مجموعات القاعدة المنتشرة في أفغانستان وفي القوقاز وفي الوطن العربي.
وبإعلانه خلافته المزعومة في حزيران العام الحالي، خرج أبو بكر البغدادي من عباءة تنظيم القاعدة، وشكل هذا الإعلان محطة أساسية في ما بات يسمى "الفتنة الجهادية" بين التكفيريين، ودق إسفيناً جديداً في نعش هذا الفكر، الذي يمارس الإنتحار اليومي، على مذبح السلطة والنفوذ، رغم ما يشيعه من إجرام ورعب، قد يبدو للوهلة الأولى ناجم عن قوة.
تكفيريو العالم ومنظروهم شنوا حرباً دينية مقدسة ضد الخلافة المزعومة، ليس لما تمارسه من فظاعات بحق المسلمين، بل لأن البغدادي لم يشاورهم بالأمر، فيما ممارسات هذه الخلافة وانتهاكاتها، تبقى محل نظر، كونها في الأساس انعكاس لمبادئ التكفير والنكاية والتمكين، الذي يحمله كل عناصر هذا الفكر.
وانتقلت عدوى الخلافات إلى ساحل بحر قزوين، وبالتحديد إلى ما يسمى "إمارة القوقاز"، بعد إنشقاق أمير داغستان المدعو "أبو محمد القاداري"، ومبايعته زعيم داعش المدعو ابراهيم البدري، بينما لملمت حركة طالبان الشقاق داخل بنيتها القيادية، والذي طفا إلى السطح، بعد انضمام المتحدث بإسمها شهيد الله شهيد إلى تنظيم أبو بكر البغدادي في تشرين أول من العام نفسه.
وبعد إعلان قيام "الخلافة"، و"كسر الحدود" بين العراق وسوريا، غابت خطابات زعيم القاعدة أيمن الظواهري المتعلقة بأحداث المنطقة، وأعلن عن إقامة فرع لتنظيمه في شبه الجزيرة الهندية، بهدف دعم "إمارة أفغانستان"، وفق المعلن من البيان.
وشهد هذا العام تفككاً على صعيد البنية الفكرية للجماعات التكفيرية، بدءأ من مسألة "البيعة" التي باتت "أضحوكة"، وفق ما روت مصادر متابعة لموقع المنار، وأوضحت أن نقض ما يسمى "بيعة الأمير" كان من المحرمات قبل معارك داعش والنصرة، حيث كانت البيعة تعطى للأمير حتى الموت، فيما وبعد حرب البغدادي - الجولاني، أصبحت البيعة ونقضها، أسهل من شربة ماء لدى العناصر التكفيرية، ومرتبطة بمسألة النفوذ والسيطرة والمال.
"المهاجرون" كان لهم نصيب من نيران التقاتل، بل النصيب الأوفر، بعدما كانوا من المُكرمين قبل "الفتنة الجهادية". ويقصد بـ "المهاجرين" الأجانب الذين قدموا من بلدان أخرى، ليقاتلوا في أرض ليست لهم، بهدف "إعلاء كلمة الإسلام" بحسب أدبياتهم، وكان عدم المس بهم من المقدسات.
غير أنه وعلى أرض الشام، تم إعدام التونسيين والليبيين والشيشانيين وغيرهم، ومثّل بجثثهم على أيدي من كان من المفترض أن يحميهم. ومارست جبهة النصرة وداعش وغيرهما من الجماعات ذات الفكر التكفيري هذا الإجراء من دون إستثناء، ما يكشف عن زيف ادعاءاتهم بإرتباطهم بالإسلام، ودليل على أنهم يمارسون القتل حتى على من دان بالولاء لهم، ويمثلون جزءاً أساسياً من عقيدتهم، بحسب ما تدور لعبة المصالح.
وفي سوريا، تجليات لمجمل هذا الصراع التكفيري الداخلي. وشهد هذا العام أحداثاً جساماً على صعيد تفتت التكفير، فجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، تسعى إلى إشراب جماعات الجيش الحر الكأس نفسه الذي شربته من داعش، بعد خسارتها معاقلها خصوصاً في دير الزور.
وطردت جبهة النصرة والجبهة الإسلامية وجماعات الجيش الحر هذا العام مسلحي داعش من ريفي حلب وادلب، بعد معارك عنيفية بين الجانبين، ادت إلى مقتل آلاف من الطرفين.
وكشفت جبهة النصرة عن وجهها القاعدي، (الذي حاولت أن تغطيه بإقامة تحالفات مع بعض ألوية الحر)، بعد طردها تلك الجماعات من ريف ادلب واشتباكها معها في ريفي حمص ودرعا، في إطار سعيها إلى إقامة إمارة في الشام، تحدث عنها متزعمها أبو محمد الجولاني في تسجيل صوتي مسرب في شهر تموز.
وشهدت جبهة النصرة تغييرات في بنيتها القيادية، بعد تعيين سامي محمود العريدي والملقب بـ "ابو محمد الشامي"، في منصب المفتي الشرعي العام، بدلاً من "ابو ماريا القحطاني" الذي قاد المعارك ضد داعش في المنطقة الشرقية، وخسرها، كما أنها أعلنت رسمياً عن سعيها لما تعتبره "تحكيم الشريعة" في المناطق التي تسيطر عليها، وهذا يعني إقامة إمارة.
وفي محاولة منها لتعزيز حضورها الشعبي، سعت النصرة إلى تقديم نفسها كجهة معتدلة، وحركت لهذه الغاية آلتها الدعائية، غير أن المواطنين السوريين بريف دمشق وغيرها من المناطق، تظاهروا أكثر من مرة هذا العام ضد وجود مسلحي القاعدة في بلداتهم، وسقط في هذه التحركات الشعبية عدد من القتلى والجرحى بينهم نساء بنيران مسلحي النصرة.
وشهدت دوما مواجهات مسلحة بين ما يسمى "جيش الإسلام" التابع للمدعو زهران علوش، وأهالي المدينة، نتيجة سرقة المسلحين المساعدات الإنسانية التي تقدم للشعب، وتخزينها في مخازنهم، ومنعها عن مستحقيها.
وحمل هذا العام خسارة مدوية لحركة أحرار الشام، ذات الميول التكفيرية القاعدية، بدءاً من اغتيال مؤسسها أبو خالد السوري والمعروف بـ"رفيق درب اسامة بن لادن" في الشهر الثاني في مقر الحركة في حي الهلك بمدينة حلب، وليس انتهاءً بمقتل 45 من قادتها في تفجير غامض بمنطقة رام حمدان بريف ادلب، من بينهم متزعهما المدعو حسان عبود والملقب بـ "ابو عبد الله الحموي"، إضافة قاضيها الشرعي وقائدها العسكري، وأغلب قيادييها البارزين.
وكان لافتاً هذا العام، حجم التنسيق بين جبهة النصرة وجيش العدو الإسرائيلي في القنيطرة السورية، وتوج هذا التعاون بزيارة رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتانياهو مشفى ميدانياً، كان المسلحون يعالجون فيه.
وكما كانت 2014 عاماً لـ"داعش"، مارس فيها فكره، يتوقع أن تكون الـ 2015 عاماً لـ"جبهة النصرة"، الساعية إلى التمدد في بعض المناطق السورية على حساب من تبقى من جماعات "الجيش الحر"، فيما تنظيم داعش يتراجع تدريجياً في العراق، ويستنزف في مدينة عين العرب شمال سوريا، في حربه مع "وحدات حماية الشعب" الكردية.
احمد فرحات
المصدر : المنار
رایکم