۳۱۷مشاهدات
إمارة قطر صنعت الكثير من الأعداء لنفسها في السنوات الأخيرة، نتيجة تدخلها في مجموعة من الصراعات الإقليمية. أما الآن، وبعد أن واجهت بعض الأعباء السياسية الضخمة، فإنها عادت لتجعل طموحاتها الكبيرة أكثر اعتدالًا.
رمز الخبر: ۲۴۷۸۶
تأريخ النشر: 29 December 2014
شبكة تابناك الإخبارية : من التوسط في لبنان والسودان، لمساعدة الثوار في ليبيا وسوريا، ودعم حركة حماس الفلسطينية، شاركت قطر تقريبًا في كل نقطة صراع في الشرق الأوسط. ولكن، وتحت ضغط من الدول المجاورة الأكبر كالسعودية والإمارات العربية، عادت هذه الدولة في الأسابيع الأخيرة لتنأى بنفسها عن الموقف التقليدي المتمثل في نصرة الحركات الإسلامية، وخاصةً جماعة الإخوان المسلمين في مصر.

وسوف يصبح من الواضح خلال الأشهر المقبلة إلى أي مدى سوف تتراجع قطر عن دورها السابق. ولكنّ الدبلوماسيين والمحللين في العاصمة القطرية، الدوحة، متفقون تقريبًا على أن الإمارة سوف تركز الآن أكثر على الأولويات المحلية. وقال عبد الله باعبود، وهو مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر: "كان القطريون قد تفاجئوا قليلًا حول مدى رد الفعل السلبي الذي تلقوه”، وأضاف: "الأحداث الأخيرة تظهر أنهم شتتوا أنفسهم. وسوف يكون عليهم الآن اختيار معاركهم، والتركيز على ما يخدم مصلحتهم الاستراتيجية”.

وعلى الرغم من ميول سياستها الخارجية، قطر نفسها ليست ثيوقراطية إسلامية. وخلافًا لما يحدث في السعودية أو الكويت، الكحول قانوني هنا، والسياح يرتدون البيكيني ويحتسون المارتيني في منتجعات الدوحة على شاطئ البحر. وبدأت الدوحة تشعر بتكاليف تدخلاتها الخارجية عندما سحبت السعودية، والإمارات والبحرين، سفراءها منها في مارس/أذار. وبعد تهديداتهم بمقاطعة قمة لدول الخليج في الدوحة هذا الشهر، نقحت قطر موقفها انطلاقًا من النقطة الحرجة للخلاف، وهي كيفية التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين والقيادة المصرية الحالية، التي أطاحت بالتنظيم الإسلامي من السلطة العام الماضي.

وبعد أن طردت العديد من القادة المصريين في جماعة الإخوان قبل القمة، أرسلت قطر مبعوثًا رفيع المستوى إلى مصر يوم 20 ديسمبر للتوصل إلى تقارب مع الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويوم الاثنين، أغلقت قطر القناة المصرية لشبكة الجزيرة التلفزيونية، والتي كانت تشكل متنفسًا لجماعة الإخوان والمعارضين الآخرين للقيادة المصرية الحالية. وقال أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني: "إن أمن مصر مهم لأمن قطر".

وعندما بدأ الربيع العربي في عام 2011، تبنت قطر بفارغ الصبر المطالبات بالتغيير. ومراهنة على أن الحركات الإسلامية مثل الإخوان المسلمين هي من ستمثل المستقبل، قامت الدوحة بدعم نشاط هذه الحركات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، رغم نفي المسؤولين القطريين الإعلان عن لعبتهم هذه. وكان هذا هو الاختلاف الحاسم بين قطر وكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تنظران إلى الإخوان كتهديد وجودي. وقال أندرياس كريج، وهو خبير في كينجز كوليدج في لندن يقدم المشورة للقوات المسلحة القطرية: "لقد اعتقد القطريون بالتأكيد بأنهم كانوا على الجانب الصحيح من التاريخ، من خلال دعم شعوب العالم العربي”. وفي ليبيا، علقت صور لأمير قطر محل صور معمر القذافي في بعض ردهات الفنادق في عام 2011، اعترافًا بالدور الحاسم الذي لعبته الدوحة في تسليح وتمويل التمرد الذي أطاح بالنظام هناك في نهاية المطاف. وفي مصر، ضخت قطر مليارات الدولارات لمساعدة حكومة الرئيس محمد مرسي، زعيم الإخوان الذي فاز بالانتخابات الرئاسية الديمقراطية الأولى في البلاد في عام 2012.

أما في سوريا، فقد تنافست قطر مع السعوديين بشأن السيطرة على المعارضة، وتمويل بعض الجماعات المتمردة الإسلامية التي انضمت في نهاية المطاف إلى جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة أو جماعة الدولة الإسلامية المتطرفة. وقال نجيب النعيمي، وهو وزير العدل السابق في البلاد الذي يعمل الآن كمحام بارز في مجال حقوق الإنسان، إنه، وعلى الرغم من لهجتها لصالح التغيير الديمقراطي في المنطقة، ظلت قطر ملكية مطلقة وقمعية مثل جيرانها. وأضاف: "إنها دولة بوليسية. لا توجد ديمقراطية في قطر. إذا فتحت فمك، سيجردوك حتى من جواز سفرك. أيدنا مباشرةً كل الانتفاضات، مع العنف والبنادق، ولكن فقط الإخوان، وليس الليبراليين”.

وتعرضت هذه السياسة لاختبار الواقع مباشرةً بعد تولي الأمير الحالي السلطة في يونيو/حزيران، عام 2013، خلفًا لوالده. وبعد أسبوع في مصر، قام السيسي بخلع الرئيس مرسي في انقلاب عسكري. ومنذ ذلك الحين، اتهم مرسي بالتجسس لصالح قطر، من بين أمور أخرى. وبمساعدة من السعوديين والإماراتيين، بدأ الجنرال السيسي حملة للقضاء على جماعة الإخوان. وإعادة فتح ملف المصالحة بين قطر والقاهرة يترك تركيا الآن بوصفها البلد الإقليمي الوحيد الذي لا يزال يشكل تحديًا لشرعية السيسي.

أما في ليبيا، فقد احتشد المجتمع الدولي وراء الحكومة التي مقرها شرق مدينة طبرق، وساعد التدخل العسكري المصري والإماراتي في تحقيق انتصارات ضد تحالف الإسلاميين المدعوم من قبل قطر. وقال كريم ميزران، وهو خبير ليبي في المجلس الأطلسي للأبحاث في واشنطن: "نظرًا للضغوط الدولية، فإن دعم قطر للإسلاميين في تضاؤل مستمر".

وفي سوريا، ابتعدت قطر عن عملائها، وانضمت إلى قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية، على الرغم من أنها، وعلى عكس السعوديين والإماراتيين، لم تنفذ أي عمليات قصف هناك. وأيضًا، جاء صعود "داعش" ليهدد حتى خطة الدوحة لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022. بعد أن وجدت نفسها معزولةً فجأة، أصبحت قطر أقل قدرة بشكل متزايد على مقاومة المطالب السعودية والإماراتية. وقال سلمان شيخ، مدير مركز بروكنجز الدوحة: "الضعف الأكبر بالنسبة لهم هو الفجوة بين طموحاتهم وقدراتهم”، وأضاف: "إنهم يطمحون للعب في البطولات الكبيرة، ولكن الفرق الكبيرة في كثير من الأحيان تضعهم في أسفل الترتيب".
المصدر : وانا
رایکم
آخرالاخبار