۳۶۰مشاهدات
العقبات الاساسية التي ستواجهها القيادة الايرانية في تسويق الالتزام باي اتفاق لا يؤدي الى تفكيك نظام العقوبات خلال اشهر معدودة.
رمز الخبر: ۲۴۵۲۸
تأريخ النشر: 24 December 2014
شبكة تابناك الإخبارية : لم يكن فشل الدول الخمس زائد واحد وايران في التوصل الى اتفاق شامل حول الملف النووي الايراني في 24 تشرين الثاني مفاجئاً للمراقبين، خصوصاً بعد ظهور عقبتين اساسيتين في المفاوضات التي استمرت لعام كامل وهما: عدد وحدات الطرد المركزي التي يسمح لايران بتشغيلها، ورفع العقوبات المفروضة على ايران فور التوصل الى اتفاق.

وافق الطرفان الدولي والايراني على تمديد المفاوضات لمدة سبعة اشهر على ان يتم التوافق سياسياً على الاتفاق - الاطار في مطلع اذار 2015، واستكمال وضع اتفاق شامل في نهاية حزيران 2015.

ويتطلب النجاح في تحقيق الهدف المرسوم ابداء الطرفين الدولي والايراني المرونة اللازمة، لتجاوز خلافاتهما، وهذا امر ممكن تحقيقه، في ظل اجواء التفاهم السياسي والحوار الجدّي، التي سادت المفاوضات الاخيرة.

هناك فجوة كبيرة ما زالت قائمة بين الطرفين، وهي تتعلق بمضمون وبمفهوم الاتفاق وخصوصاً آلية تنفيذه: فالاتفاق الشامل المطلوب يرسم بتوافق الطرفين حدود برنامج التخصيب، مع التزام ايران بأعلى درجات الشفافية، من اجل تأكيد الطابع السلمي للبرنامج النووي. ومن المفترض ان يجري تنفيذ هذا الاتفاق خطوة خطوة، بحيث يترافق ذلك مع رفع تدريجي للعقوبات الدولية والاميركية والاوروبية المفروضة على ايران ضدها، وليس تعليقها بانتظار ان تثبت ايران صدقيتها في الالتزام بتنفيذ كل ما هو مطلوب منها حتى الخطوة الاخيرة. في المقابل يخشى الطرف الدولي أن تلجأ ايران الى ابطاء العمل في بعض اجزاء برنامجها النووي، وان تعدّل في بعض نشاطاتها النووية في الوقت الذي يجري فيه توسيع نشاطات اخرى. ولقد عبّر مسؤول اميركي عن ذلك بقوله اذا كانت ايران موافقة على وقف برنامجها، فنحن جاهرون لوقف العقوبات مقابل ذلك. ولكن بما انهم لن يقوموا بتفكيك برنامجهم النووي فعليهم ان لا يتوقعوا تفكيك نظام العقوبات فوراً».

تبدو امكانية التوصل الى مفهوم موحّد لحل هذه الاشكالية الكبيرة بين التوصل الى اتفاق ورفع العقوبات المفروضة على ايران، معقدة جداً الامر الذي سيتطلب وضع خارطة طريق، تربط بين ما هو مطلوب من ايران تنفيذه بشفافية كاملة وبين مراحل تفكيك نظام العقوبات الدولي والاوروبي والاميركي. ويقترح بعض مراكز الدراسات المتابعة للمفاوضات اعتماد خارطة طريق على ثلاث مراحل، وان يرتبط تنفيذ كل مرحلة بقدرات الوكالة الدولية الذرية على القيام بكل الخطوات اللازمة للتأكد من التزام ايران بالتنفيذ الكامل لمندرجات الاتفاق. ويبدو ان تنفيذ المراحل الثلاث قد يتطلب فترة زمنية تتراوح ما بين خمس وسبع سنوات.

تبرز هنا العقبات الاساسية التي ستواجهها القيادة الايرانية في تسويق الالتزام باي اتفاق لا يؤدي الى تفكيك نظام العقوبات خلال اشهر معدودة، من المؤكد أن الرئيس حسن روحاني سيواجه مشكلة سياسية كبيرة، في حال القبول بتعليق العقوبات بدل الغائها، وإلى حين الانتهاء من مرحلة خارطة الطريق الاولى والتي قد تتعدى مدة سنتين، وهو يدرك تماماً أن كل الاستثمارات التي تتوقع ايران تدفقها لن تبدأ قبل الانتهاء من المرحلة الاولى، في الوقت الذي لم يعد في امكان طهران الصمود طويلاً من اجل تفادي حصول انهيار اقتصادي ومالي، خصوصاً في ظل تراجع اسعار النفط بصورة دراماتيكية.

اعطت بالفعل السوق المالية وسعر تداول النقد الايراني «الريال»، في الاسابيع الماضية، والتي تلت تمديد المفاوضات النووية لمدة سبعة اشهر، مؤشرات واضحة على مدى خيبة الامل التي شعرت بها الاسواق الايرانية، والتي ادّت الى تراجع مؤشر السوق المالية بنسبة ثمانية في المائة، بالاضافة الى التراجع الذي حدث خلال عام 2014 والذي زاد على نسبة عشرين في المائة. هذا في الوقت الذي تراجعت اسعار صرف الريال بنسبة عشرة في المائة في رد فعل مباشر على تأجيل المفاوضات.

تؤشر ردود الفعل هذه الى خيبة الامل التي اصابت القطاع الخاص الايراني بعد اعلان الفشل في التوصل الى اتفاق في 24 تشرين الثاني. توقع القطاع الخاص الايراني ان تكون المفاوضات مثمرة وان تؤدي الى اتفاق - اطار يبدد الشكوك والمخاطر التي يواجهها الاقتصاد منذ سنتين على الاقل. لكن ذلك لم يحدث، وبما يعني استمرار حالة الشك لا بل تفاقمها في ظل التراجع الحاصل في العائدات النفطية، والتي ستؤثر في المالية العامة وفي تراجع مستوى الاتفاق العام.

كان الاقتصاد الايراني قد شهد حالة من التراجع والكساد في عامي 2012 و2013، لكنه عاد وانتعش في اواخر عم 2013، وذلك كنتيجة لتوقيع الاتفاق الموقت بين ايران ومجموعة الدول خمسة زائد واحد، والذي اعطى الامل في التوصل الى اتفاق شامل في 24 تشرين الثاني الماضي. حصلت ايرن في ظل هذا الاتفاق على تحرير مليارات من الدولارات المجمدة في حساباتها، كما جرى رفع حظر جزئي عن مبيعات مليون برميل يومياً من نفطها، وهذا يعادل اقل من نصف ما كانت تصدره قبل فرض العقوبات (2.3 برميل يومياً).

ترافق هذا التعليق الجزئي للعقوبات مع التحسن الذي طرأ في ادارة الاقتصاد الايراني في ظل حكومة الرئيس حسن روحاني، وقد انعكس ذلك بسرعة على الاداء الاقتصادي العام، حيث سجل نمواً في النصف الثاني للعام (وفق السنة الفارسية لعام 2014) بلغ 4.6 في المائة.

سيؤدي تأجيل توقيع الاتفاق النووي الى مزيد من الضغوط على الاقتصاد الايراني، وسيكون التأثير الاكبر ظاهراً في القطاع الصناعي وفي مستوى البطالة. كان القطاع الصناعي قد راهن على امكانية التوصل الى اتفاق في 24 تشرين الثاني الماضي، حيث جرى توقيع اتفاقيات تجارية وعقو د استثمار كبيرة مع بعض الشركاء الدوليين، وهو يشعر بأنه مجبر على تعليق تنفيذها الى حين انتهاء فترة سبعة أشهر على الاقل. ويحذر بعض الصناعيين من امكانية ان يؤدي تجميد العقود الاستثمارية والتجارية التي وقعوها الى حالات افلاس في القطاع.

ستؤدي العقوبات المفروضة على تصدير ايران للنفط مع تراجع الاسعار بنسبة بلغت اربعين في المائة الى عجز كبير في الموازنة العامة والى تراجع الانفاق العام وخصوصاً في مجال تنفيذ المشاريع التي تساعد في تنشيط مختلف القطاع الاقتصادية. وكانت حكومة الرئيس روحاني قد تقدمت الى المجلس بمشروع موازنة يلحظ زيادة نسبة 11 في المائة في الانفاق العام، مع تحديد سقف سعر برميل النفط بـ70 دولاراً، لكن يبدو ان تراجع الاسعار مستمر دون اي سقف للسعر او في الزمن. وهنا لا بدّ من الاشارة الى ان نسبة80 في المائة من الانفاق العام تذهب كرواتب واجور، وهذا يحتّم تأجيل تنفيذ كل الانفاق على المشاريع الاساسية.

ستحاول ايران تخفيف هذه التأثيرات السلبية في اقتصادها من خلال العمل على انعاش تجارتها الخارجية مع شركائها الاساسيين كالصين وروسيا وتركيا، وتشكل الصين ثاني اكبر شريك للتبادل مع ايران بعد دولة الامارات حيث تستورد الصين 420 الف برميل من النفط يومياً، بينما تستورد الهند ما يقارب 200 الف برميل يومياً. وهناك اتفاق يقضي بأن تستثمر مبلغ 370 مليون دولار في الصناعات البتروكيمائية الايرانية، لا بد هنا من التذكير بوجود 30 مليار دولار من عائدات النفط الايراني مجمدة في البنوك الصينية، تنفيذاً لنظام العقوبات الدولي.

هناك ايضاً مجموعة من العقود الموقعة خلال عام 2014 بين ايران وروسيا، ومن المتوقع ان يبدأ تنفيذها في عام 2015، وذلك بالرغم من العقوبات المفروضة على روسيا نفسها.

وتسعى ايران الى زيادة تجارتها مع تركيا، حيث يبلغ التبادل التجاري 20 مليار دولار، وتقترح ايران ان يجري التبادل بين البلدين بالعملات المحلية لتفادي مفاعيل نظام العقوبات، ولتشجيع زيادة حجم التبادلات.

بالرغم من هذه المساعي لتنشيط تجارتها مع هؤلاء الشركاء، فان من المتوقع تراجع حجم التجارة الخارجية الايرانية بنسبة محسوسة وذلك نتيجة مباشرة لتدني اسعار النفط. في الاستنتاج العام لقد ضاقت مساحة المناورة امام القيادة الايرانية في الفترة الراهنة، وبات على المفاوض الايراني ان يسرّع المحادثات من اجل التوصل الى الاتفاق المنشود، وضمن ظروف تسرع وقف او تجميد نظام العقوبات، من اجل وقف التدهور الاقتصادي الحاصل، والذي بات ينذر بنتائج سياسية وخيمة.
رایکم
آخرالاخبار