۳۵۴مشاهدات
لكنّ المسألة التي تغيب عن أجندة المؤتمر هي دور مملكة البحرين في إثارة المشاكل نفسها التي تستنكرها. لذا، تلبيةً لمصلحة الأمن الوطني.
رمز الخبر: ۲۴۱۲۳
تأريخ النشر: 08 December 2014
شبكة تابناك الإخبارية : تستضيف البحرين هذا الأسبوع مؤتمرً دوليًّا حول الأمن، وهو ما يسمى بحوار المنامة السنوي العاشر. بحضور مسؤولين من الولايات المتحدة الأمريكية، قال ولي العهد، سلمان بن حمد آل خليفة، الوريث المنتظر لعرش البحرين، إنّ دول الخليج والشرق الأوسط، وأوروبا، وآسيا ستناقش كيفية "إيقاف مد الجماعات الإرهابية الناشطة في المنطقة واجتثاث التّطرّف".

ولكنّ المسألة التي تغيب عن أجندة المؤتمر هي دور مملكة البحرين في إثارة المشاكل نفسها التي تستنكرها. لذا، تلبيةً لمصلحة الأمن الوطني، على مسؤولي وزارة الدفاع وغيرهم من المسؤولين في حكومة أوباما الذين سيحضرون المؤتمر، إدانة النظام البحريني صراحةً على انتهاكاته لحقوق الإنسان، التي تذكي نار الطّائفية، والتطرّف وعدم الاستقرار.

وهنا يكمن التناقض في الائتلاف الذي شكّلته الولايات المتّحدة لمكافحة داعش، إذ أنّه يشمل أنظمة تساهم كثيرًا في تعظيم المشكلة. نعم، إنّها تدعم الائتلاف بالطائرات الحربية ولكن إذا أرادت حقًّا دول الخليج هذه إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية، وما يسمّى أيضًا بـ "داعش"، فإنّها تستطيع أن تناصر الديمقراطية وحقوق الإنسان. فالإرهاب يهدّد هذه الأنظمة غير أنّه يخدم غاية أخرى، إذ يسمح لهم بتبرير السياسات القمعية والتمتّع بالمزيد من القوّة.

ويبرّر المسؤولون الأمريكيون ذلك بطريقتهم الخاصة. إذ يزعمون أنّهم لا يستطيعون توجيه انتقاداتٍ لاذعة لهؤلاء الحلفاء فضلًا عن الضغط عليهم مادّيًّا ودبلوماسيًّا ليحدثوا تغييرًا، لأنّهم بحاجة إلى تعاونهم العسكري. ولكن ما جدوى التّعاون إن كانوا يحبطون هذا الجهد من خلال التحريض على الطّائفية في الداخل؟

وأمّا بالنسبة إلى البحرين، فقد شدّدت المملكة قمعها للمعارضة والحركة المطلبية السلمية عام 2011، عندما انطلقت احتجاجات حاشدة للمطالبة بالديمقراطية، ولم تخمد إلى اليوم. وقد اعتقل النّظام الآلاف، بما فيهم قادة المعارضة، ومارس أعمال التّعذيب على الكثير منهم لإجبارهم على التفوّه باعترافاتٍ كاذبة من أجل استخدامها في محاكماتهم المزيفة. وقد قتل عشرات الناشطين السلميين خلال التّظاهرات أو في السجون.

وبالحصانة التي تتمتّع بها المملكة من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين التي تسمح لها بإسكات صوت المعارضة، ازداد النظام جسارةً. ففي هذا العام، اعتقل النظام الناشط البارز، على المستوى الدولي، نبيل رجب، وطرد المسؤول في الخارجية الأمريكية توم مالينوسكي عقب اجتماعه بجمعية معارضة، ومنع النائب الأمريكي جيم ماكغفرن من الدخول إلى البلاد، وهو أحد المسؤولين الأمريكيين القلّة الذين يركّزون على سجل حقوق الإنسان المرّوع في البحرين. ولم تساهم الانتخابات البرلمانية الأخيرة، التي قاطعتها التيّارات المعارضة الأساسية، إلّا في إدامة هذه الأزمة التي تغلي على نار هادئة.

ومنذ البداية، كان يتّسم القمع بالطّائفية. إذ أنّ السنّة، وهم الأقليّة في البحرين، يسيطرون على مقاليد الحكم في الحكومة والجهاز الأمني، ويصوّر النّظام الدعوة إلى تحقيق إصلاحٍ ديمقراطي على أنّها نهضة شيعية مدعومة من إيران. اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي سلّمت تقريرها للملك منذ ثلاث سنوات، عن تحقيقها في رد الحكومة على المظاهرات الأولى، ألقت الضوء على التحريض الطّائفي على وسائل الإعلام التابعة للدولة.

يحاكم الناشط البارز رجب بسبب تغريدة نشرها على موقع تويتر تفيد بأنّ أعضاءً من قوى الأمن انضمّوا إلى تنظيم داعش، واصفًا مؤسّسات الحكومة بأنّها "حاضنة لفكر" هذا التنظيم. ويقدّر أنّ 100 بحريني انضمّوا إلى صفوف مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، بما فيهم ضابط سابق في جهاز الشرطة الذي ظهر في فيديو وهو يحث أعضاء قوى الأمن على الانضمام إليه.

لذلك، تدعم طائفية النظام خطط داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، التي تسعى إلى إشعال فتيل الحرب بين السنّة والشيعة. وفي الوقت نفسه، تساعد السياسات القمعية والفساد في الحكومة البحرينية وحكومات أخرى في الخليج الجماعات الإرهابية على كسب المزيد من المؤيّدين لها والمتعاطفين معها ضمن دائرة السنّة المبعدين.

فبينما تزداد التوترات الطائفية، يزداد أيضًا احتمال انتشار الاضطراب وأعمال العنف في المملكة التي تستضيف الأسطول البحري الخامس للولايات المتّحدة الأميركية وقوّات المارينز المنتشرة على الخطوط الأمامية تحت إمرة القيادة المركزية، مباشرة على الخليج مقابل إيران.

وعلى الرغم من ذلك، تستمر الحركة الاحتجاجية المناضلة. إذ كان من المفترض أن تبرهن الانتفاضات العربية للولايات المتحدة أنّ تحقيق "الاستقرار" من خلال القمع الممارس من قبل النظام الملكي البحريني مجرّد وهم.

إنّ الأزمة في البحرين تهدّد أمن الولايات المتحدة على مستويات عدّة، ولكن إذا كان هذا الأمر يقلق القادة السياسيين، فإنّهم لا يعترفون بذلك. فكل الذي قدّمته واشنطن الانتقاد الصامت لحليفتها ولم تظهر إلّا القليل من الاستعداد لاستخدام نفوذها في الضغط على البحرين لتحقيق إصلاحات. فالمؤتمر في المنامة يمنح لها فرصة لتغيير مسارها. وعليهم اغتنامها.

التاريخ: 4 ديسمبر/كانون الأول
رایکم
آخرالاخبار