۲۸۰مشاهدات
ما هي الأهداف الإسرائيلية من وراء الغارات على الديماس وفي محيط مطار دمشق؟ هل صحيح أنها استهدفت شحنات أسلحة وصواريخ استراتيجية كانت متجهة لحزب الله؟ ولماذا لا ترد دمشق؟ أسئلة وغارات تأتي بالتزامن مع تحولات استثنائية تشهدها المنطقة وعلى رأسها الملف النووي الإيراني، فهل تريد إسرائيل خلط الأوراق وضرب معادلات وتسويات محتملة؟
رمز الخبر: ۲۴۱۰۸
تأريخ النشر: 08 December 2014
شبكة تابناك الإخبارية :  لا تعقيب رسمياً إسرائيلياً على الغارات التي استهدفت ريف دمشق. لكن الإعلام الإسرائيلي انشغل بمتابعة أبعادها وأهدافها.
محللون إسرائيليون وضعوها في إطار الخطوط الحمراء التي سبق أن حددها جيش الاحتلال. ذكرت القناة العاشرة أن إسرائيل مستمرة بسياستها القاضية بمنع نقل سلاح خارق للتوازن من سوريا إلى حزب الله. أسلحة أشارت على وجه التحديد إلى أنها من نوع "اس-300" المضادة للطائرات وصواريخ بر بحر متطورة من طراز ياخونت. على هذا الأساس استندت القناة الثانية من جهتها، ووضعت الغارة في سياق محاولة تهريب شحنة صواريخ متطورة إلى حزب الله عبر جبال القلمون. وادّعت أن المواقع المستهدفة تحتوي مخازن كبيرة للصواريخ والذخيرة.
لكن عددا من السياسيين داخل الكيان، لا سيما من المعارضة، خالفوا هذه التحليلات، وذهبوا إلى القول إن الغارات جرت لاعتبارات سياسية. عضو لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست حذر من نية نتنياهو بإشعال الشرق الأوسط تعويضاً عن فشله السياسي. تحذير ربما يتناغم مع ما صرح به نتنياهو بعد الغارة بأن "إسرائيل بحاجة لحكومة قادرة على اتخاذ قرارات صعبة"، وأضاف "آمل الحصول على تفويض من الشعب من أجل تشكيل حكومة قوية ومستقرة مستعدة لمهمة قيادة الدولة اليهودية".
لكن بمعزل عن الاعتبارات الإسرائيلية الداخلية تأتي الاعتداءات في ظل تحولات استثنائية تشهدها المنطقة. يخرج جو بايدن ليقول بشكل واضح قبل الغارة بساعات إنه "لم يتبق إلا القليل للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي". نائب الرئيس الأميركي يرفض في الوقت نفسه فرض عقوبات جديدة على طهران.
يلتقي نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف السيد نصرالله في بيروت. قبلها بأكثر من أسبوعين يؤكد بوغدانوف أن روسيا على استعداد للعمل مع حزب الله لصالح أمن واستقرار لبنان والمنطقة. مصادر ديبلوماسية روسية تقول في اليوم نفسه إن حزب الله حليف طبيعي لروسيا أسوة بايران.
روسيا اللاعب القوي في المنطقة يعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم في ضيافتها قبل مدة أن بلاده طلبت منها تزويدها بأسلحة نوعية بينها صواريخ أرض جو "اس- 300".
يظهر نتنياهو وسط هذه التحولات ليؤكد أن إسرائيل تتابع عن كثب التطورات في المنطقة، وأنها ستواصل التعامل مع مختلف التهديدات والتحديات بنفس القدر من المسؤولية.
من ناحيته يصرح رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يوسي كوهن بأن الوضع الأمني لإسرائيل أصبح أخطر، وأن سباق التسلح في الشرق الأوسط في ازدياد، والعمل الإسرائيلي منع اتفاقا نوويا سيئا مع إيران.
أمام هذا المشهد يرى متابعون أن الحكومة الإسرائيلية تسعى بهذه الغارات إلى خلط الأوراق، وتوجيه رسالة للقوى الدولية بضرورة أخذ مصالحها بالحسبان. فإلى أي حد يستقيم هذا المنطق؟
أربع رسائل
الخبير الاستراتيجي الدكتور أمين حطيط يضع هذه الغارات في إطار رسائل ذات طابع سياسي أرادت توجيهها إسرائيل إلى جهات مختلفة. ويرى حطيط أن من يدرس البيئة الاقليمية والميدان السوري والظروف الدولية ينتظر مثل هذا العمل "لاسيما عندما نلاحظ أن إسرائيل في الشهرين الماضيين تم تهميشها تقريباً عن الحراك الدولي وأنها تتخبط في أزمة داخلية، وترى الميدان السوري ينقلب بشكل جذري ضد الجماعات المسلحة التي تدعمها، إضافة إلى ما حصل من تحول في الداخل الأميركي على صعيد تغيير وزير الدفاع". كل ذلك كان يوحي بحسب حطيط بأن إسرائيل سوف تقدم على عمل معين يكون شكله عسكري ولكن مضمونه سياسي.
ويصف حطيط الغارات بأنها عمل سياسي بلبوس عسكري وجهت عبره إسرائيل أربع رسائل مباشرة:
- الرسالة الأولى إلى الميدان السوري لتقول للإرهابيين إنها تدعمهم بعد الانهيارات والاخفاقات التي منيوا بها أخيراً.
- الرسالة الثانية للداخل الاسرائيلي لتقول إن نتنياهو رغم مآزقه الداخلية وتخبطه لا يزال القائد الممسك بالأمور والذي يحفظ أمن إسرائيل، ومن أجل ذلك تم التسريب أو الإيحاء بأن ما جرى استهدافه هو شحنات سلاح لحزب الله، وهذه النقطة التقطتها المعارضة الداخلية.
- الرسالة الثالثة إلى المجتمع الدولي لتقول إنها موجودة بعد أن همشت تقريباً في المرحلة التي تلت تأجيل المفاوضات النووية الإيرانية.
- الرسالة الرابعة للأميركيين لتعرض خدماتها وتقول إنها في جهوزية تامة للانخراض في الاستراتيجية الأميركية التي جاء وزيرالدفاع الأميركي الجديد كارتر لتنفيذها، وهي الاحتلال الاحتيالي الناعم الذي تقوده أميركا في العراق وسوريا الآن.
ويلفت حطيط إلى أنه لو شاءت إسرائيل أن تجعل من عملها عسكريا بحتاً بمضمون عسكري لكانت استهدفت هدفا مؤثرا في الميدان، أما الأهداف التي قصفتها فليست ذات طبيعة ميدانية مأثرة.
لماذا لا ترد سوريا؟
ليست المرة الأولى التي تستهدف الطائرات الإسرائيلية العمق السوري منذ بدء الأزمة السورية. أربعة غارات جوية على الأقل شنتها إسرائيل على مواقع سورية في السنوات الأخيرة. ولكن الرد العسكري السوري لم يأت. فما أسباب هذا الإحجام؟
الكاتب والباحث الاستراتيجي ثابت محمد يشرح ذلك. يقول إن تشكيلات الجيش العربي السوري تنتشر على أكثر من 2000 موقع عسكري على كامل الجغرافيا السورية بقوام صغير عبارة عن فصائل وسرايا، وهي في حالة اشتباك دائم في مختلف المناطق السورية، والبيئة العملياتية ووضعية القوات على الأرض لا تسمح لها بإعادة تجميع وحشد باتجاه العدو الإسرائيلي الذي يدرك جيدا هذا الأمر، لذلك اختار التوقيت المناسب لعمليته. ويرى أنه في الوقت الحاضر لا تسمح البيئة الاستراتيجية بتنفيذ مثل هذه الحرب كون الجيش يخوض حربا طويلة وشرسة ضد الإرهاب على كامل الجغرافيا السورية فلا يستطيع في وقت واحد أن يخوض حربين، واحدة في الداخل وأخرى مع إسرائيل.
ويصف الغارت الإسرائيلية الأخيرة بالضربات الاستفزازية، مشيراً إلى أن الحكمة العسكرية تقول "الخطأ الاستراتيجي لا يعوض بنصر تيكتيكي". ويؤكد أن سوريا لديها في الوقت الحاضر الإمكانية أن ترد وأن تحقق بعض الانتصارات التكتيكية من خلال ضربات جوية أو صاروخية، ولكن فيما لو حصل ذلك تكون خدمت إسرائيل وحققت هدفها، لذلك الحكمة تتطلب الصبر واحتواء مثل هذه الضربات.
حطيط يوافق من جهته على هذه الرؤية ويميز بين مبدأ الرد ووجوبه وبين طريقة الرد وظروفه، ويشير إلى أن أن سوريا لا يمكن أن تنسى أنها في معركة رئيسية ذات أولوية مطلقة في الداخل، وأن أي اشتباك الآن مع إسرائيل يطور المواجهة ويشتت القوى سيؤدي بمعركتها الرئيسية في الداخل إلى اضطراب يريده الاحتلال ويريده خصوم سوريا.
لذلك من منظور استراتيجي وعسكري ميداني فإن ذهاب سوريا إلى اشتباك عسكري الآن يتطور إلى حرب لن يكون في مصلحتها.
لكن حطيط يسأل: من قال إن محور المقاومة برمته وهو معني بهذا الأمر لن يغتنم الوقت المناسب للرد؟ ويذكّر بهذا السياق بالعملية التي قام بها حزب الله في مزارع شبعا إثر العملية التي حصلت في الجولان.
المصدر: الميادين
رایکم