۶۶۲مشاهدات
رمز الخبر: ۲۲۵۴۱
تأريخ النشر: 28 October 2014
برؤية بعيدة كل البعد عن الضبابية وبوضوح تام وبنظرة واقعية يرى الإمام الخميني /قدس سره/ أن ثورة الامام الحسين عليه السلام في عاشوراء كربلاء هي التي صانت وأبقت الاسلام المحمدي حياً حتى وصل إلينا، وهذا ما يوجب على التابعين والسائرين على هذا النهج التضحوي والفدوي أن يفهم المعاني والعبر بكل ما للكلمة من معانٍ كي تبقى هذه الانجازات الرفيعة التي بلغتنا  بتضحيات ثلة مؤمنة قليلة مستمرة ومتواصلة ومنبراً وضاءاً ومناراً ساطعاً ينير درب المجاهدين والمقاومين والمطالبين بالحرية والعدالة والمساواة في أرجاء المعمورة.

إن ما حفظ هذه الأمة وصانها هو إقامة المآتم الحسينية التي أول من أقامها وبدأها الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وأوصى بإقامتها جميع أئمة الهداية السماوية وضرورة المحافظة عليها مشتعلة متّقدة؛ حيث أن جميع الانجازات والانتصار التي يحققها المجاهدون المسلمون في سوح القتال مع الاعداء ما هي إلا من بركة هذه المجالس والمآتم وحرقة ذلك البكاء الذي ساهم ويساهم في صيانة نهضة الإمام الحسين سلام الله عليه - كما يعبر عنه ذلك الإمام الخميني /قدس سره/.

وما المعارضة لاقامة المجالس الحسينية عبر الزمن من قبل الحكّام والطواغيت إلا خوفاً وفزعاً على سلطتهم الفرعونية وطغيانهم التكفيري القبلي الجاهلي ما دفعهم الى إعداد العدة ورصد الأموال الطائلة وزرع بذور الفتنة الطائفية بين صفوف الأمة بغية أطفاء نور هذه الشعلة الوهاجة المنيرة لدرب الاحرار، حيث استخدموا وحتى يومنا هذا شتى الأساليب ومختلف الامكانيات لإبعاد الناس عن مجالس ومآتم الامام الحسين (عليه السلام) فمنعوا المسيرات والمآتم، وضيقوا عليها الخناق، وشنوا حروبهم الاعلامية الموّجهة، واستباحوا دماء الزائرين والمشاركين في مجالس العزاء فقطعوا الأوصال ودمروا الحسينيات ومراكزا إقامة المجالس الحسينية بكل عنف وقوة وقساوة .

لكن جميع هذه الأمور زادت محبي أهل بيت النبوة والامامة حباً وتعلقاً وتمسكاً باقامة هذه المآتم والمراثي حتى صار البكاء فقط، مرعباً للطغاة، ومن هنا نرى الامام الخميني /قدس سره/ ومن خلال خطبه وبياناته يؤكد على ضرورة حضور المؤمنين في المجالس الحسينية الثورية والتي أضحت مرعبة للظالمين وأعوانهم في كل مكان ويخاطب الشباب في كل زمان ومكان بأنهم سيقدّمون خدمة كبيرة للطواغيت بتركهم هذه المآتم والمجالس وعدم المشاركة فيها.

ومن هنا نرى بحمد الله تعالى أن مجالس عاشوراء المتجددة منتشرة وتزداد انتشاراً في جميع ربوع العالم رغم طغيان الطغاة وجبروت الجبابرة وفرعنة الفراعنة، كل سنة عن السنة التي سبقتها وما ذلك إلا ببركة الامام الحسين (عليه السلام) ووعي الناس وتمسكهم بهذه الشعيرة المباركة.

وهنا نقدم إليكم بعضاً من أفكار الامام الخميني /قدس سره/ ورؤيته حول عاشوراء ومفاهيمها مساهمة منا بالتأكيد على ما جاء فيه من ثائر حسيني أشعل أهم ثورة في هذا العصر.

الامام الخميني /قدس سره/ وامتثالاً للأمر الصادر عن أهل البيت (عليهم السلام) بجعل كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء، رأى أن عاشوراء في الحقيقة منهج وأسلوب عمل سياسي يفترض أن لا تقف دونها الحدود والأزمنة. وحيث يكون الظلم والجور وأن يتحول ذلك المكان الى كربلاء. وفي الزمان الذي ترتكب فيه الجرائم ويضطهد فيه الناس لزمن عاشوراء، والاحرار والمجاهدين الى انصار أباة يسيرون على نهج انصار الامام الحسين (ع) في ظهر عاشوراء عام 61 للهجرة بأرض الطف.

إن تأثير شهادة الامام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه الميامين المنتجبين الاخيار وتضحياتهم لا زالت تفعل فعلها بكل أرض وكل زمن مهما اختلفت الألسن والألوان والأعراق وحتى الأديان. لذا فإن النهضة الحسينية في عاشوراء إلهية بكل تفاصيلها، وإنسانية بمحض شمول مفاعيلها وتأثيراتها لكل حرّ. وعن ذلك يقول الامام الخميني: "ينبغي لنا أن ندرك أبعاد هذه الشهادة ونعي عمقها وتأثيرها في العالم ونلتفت إلى أن تأثيرها ما زال مشهوداً اليوم أيضاً".

كما أن النهضة الحسينية بالاضافة الى انها قياماً لله سبحانه وتعالى وأداء للتكليف الإلهي للاصلاح في الأمة وعودتها نحو الوحدانية والابتعاد عن الصنمية والجاهلية، لكنها أيضاً حركة سياسية كبرى بكل تفاصيلها من أول خطوة فيها حتى الشهادة وعن ذلك تحدث الامام الخميني: "إن مجيء سيد الشهداء عليه السلام إلى مكة وخروجه منها بتلك الحال يعد حركة سياسية كبيرة ففي الوقت الذي كان فيه الحجيج يدخلون مكة كان الحسين عليه السلام يغادرها وهي حركة سياسية، فكل سلوكيات الحسين عليه السلام وأعماله كانت سياسية إسلامية وهي التي قضت على بني أمية ولو لا تلك الدماء لسحق الإسلام وانتهى".

كما يقول الامام الخميني /قدس سره/ عن نهضة سيد الشهداء (ع) بانها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر كونه شهد أن الحاكم على زمام الأمة انسان فاسق فاجر شارب للخمر وذلك ما يهدد دين الله ويحرفه عن مسيرته الصحيحة فقام الامام الحسين لله جل وعلا وهذا أمر لا يختص بزمن معين إن موعظة الله دائمية وهي تكليف إلهي، حيث قال الامام الخميني: "عندما يرى سيد الشهداء عليه السلام أن حاكماً ظالماً جائراً يحكم الناس فإنه يصرّح ويقول إن من يشاهد حاكماً جائراً يحكم بين الناس ويظلمهم فيجب عليه أن يقف بوجهه ويمنعه بقدر استطاعته. إن بضعة أنفار لم يكونوا شيئاً يذكر إمام ذلك الجيش، ولكنها المسؤولية والتكليف إذ كان يجب عليه أن ينتفض، ويقدم دمه حتى يصلح هذه الأمة وحتى يقضي على راية يزيد، وهذا ما قام به فعلاً فقد قدم دمه ودم أولاده وأنفسهم، وكل ما يملك من أجل الإسلام".

وقال /قدس سره/ أنها إحياءٌ للإسلام واستنقاذه:"وقد قتل سيد الشهداء عليه السلام ولم يكن طامعاً في الثواب، فهو عليه السلام لم يعر هذا الأمر كثير الاهتمام، لقد كانت نهضته لإنقاذ الدين ولإحياء الإسلام ودفع عجلته إلى الأمام".

وقال: "محرم هو الشهر الذي أحيى فيه الإسلام على يد سيد المجاهدين والمظلومين عليه السلام وأنقذ من تآمر العناصر الفاسدة وحكم بني أمية، الذين أوصلوا الإسلام إلى حافة الهاوية".

واضاف: "في صدر الإسلام وبعد رحلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ مُرسي أُسس العدالة والحرية ـ أوشك الإسلام أن ينمحي ويتلاشى بسبب انحرافات بني أمية وكاد يسحق تحت أقدام الظالمين ويبتلع من قبل الجبابرة، فهبّ سيد الشهداء عليه السلام لتفجير نهضة عاشوراء العظيمة".

وقال كذلك: "إن سيد الشهداء عليه السلام لبى صرخة الإسلام واستجاب لاستغاثته وإنقاذه".

وقد كسر الامام الحسين عليه السلام (ع) بثورته في عاشوراء الدم عقدة الخوف التي كانت تسيطر على المجتمع الذي كان غارقاً في حالة من الرعب مستسلماً للطاغية نتيجة ممارساته الجائرة وكان على أحد أن يواجهه ليبث الشجاعة والإقدام وأن ينفخ في المؤمنين روح المقاومة للظلم والفساد، وعن ذلك يتحدث الامام الخميني /قدس سره/: "لقد علم الامام الحسين (ع) الناس أن لا يخشوا قلة العدد فالعدد ليس هو الأساس بل الأصل والمهم هو النوعية، والمهم هو كيفية التصدي للأعداء والنضال ضدهم والمقاومة بوجههم فهذا هو الموصل إلى الهدف".. "لقد أفهمونا أنه لا ينبغي للنساء ولا للرجال أن يخافوا في مقابل حكومة الجور".. "فسيد الشهداء حدد تكليفنا فلا تخشوا من قلة العدد ولا من الاستشهاد في ميدان الحرب".

واضاف: "وكان الواحد منهم يزعم أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويشرب الخمر في مجلسه ويلعب القمار!... هنا اقتضى التكليف أن ينهض عظماء الإسلام بمهمة المعارضة والمعاهدة وإزالة التشويه الذي يوشك أن يلحقه هؤلاء بسمعة ومكانة الإسلام...".

انها إذا ثورة إصلاح الأمة وتدمير حكومة الجور وعلى السائرين على نهج الامام الحسين عليه السلام التمسك بسيرته بقوله /قدس سره/: "ونحن الموالون لسيد الشهداء عليه السلام السائرون على نهجه ينبغي أن ننظر في حياته وفي قيامه الذي كان الدافع إليه النهي عن المنكر ومحوه ومن المنكر حكومة الجور وهي يجب أن تزول".

واضاف: "فما سعى اليه سيد الشهداء بجد للإطاحة بحكومة الجور وإزالتها كان التكليف يوجب على سيد الشهداء عليه السلام أن يقوم ويثور ويضحي بدمه كي يصلح هذه الأمة ويهزم راية يزيد".

النهاية
رایکم