۹۹۲مشاهدات
رمز الخبر: ۱۲۸۴۲
تأريخ النشر: 27 May 2013
شبكة تابناك الاخبارية: في سؤال وجواب جديد، يناقش فريدريك ويري هذه الديناميكيات المتغيّرة، إضافة إلى المشكلة المزمنة المتمثّلة بتصاعد حدّة التوتّرات الطائفية، بعد الزيارة التي قام بها إلى المملكة العربية السعودية في وقت سابق من هذا العام. يقول ويري إن استراتيجية العائلة المالكة الحالية باستخدام أساليب الاستيعاب والقمع للتشبُّث بالسلطة لن تكون كافية دائماً للحدّ من دعوات الناس إلى التغيير.

مَن هي الجهات الفاعلة الأساسية المؤثّرة في حركة الاحتجاج المستمرّة في المملكة العربية السعودية؟ هل تمثّل الطائفية في السعودية مشكلة كما هو الحال في أماكن أخرى في العالم العربي؟

 مامدى قوة اقتصاد البلاد؟ هل تستطيع السعودية الاستمرار في الاعتماد على الثروة النفطية؟ ما هو الوضع الحالي لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية؟ هل هناك تهديد بحدوث اضطرابات تؤدّي إلى إسقاط النظام؟

 كيف ينظر حكام السعودية إلى التغيير الذي يتكشّف في مختلف أنحاء المنطقة؟ مَن هي الجهات الفاعلة الأساسية المؤثّرة في حركة الاحتجاج المستمرّة في المملكة العربية السعودية؟

الشباب هم الذين يضعون أجندة الحركة الاحتجاجية بصورة متزايدة، حيث ينزلون إلى الشوارع بفعالية وينظّمون أنشطتهم عبر وسائل الإعلام الاجتماعية. ويبدو هذا جليّاً خصوصاً في المنطقة الشرقية، حيث ورثت احتجاجات الشباب هناك زخم حركة الناشطين الأكبر سناً والمثقفين ورجال الدين الذين قادوها في تسعينيات القرن المنصرم.

يرى جيل الشباب أن النظام استلحق نظراءهم الأكبر سناً، وهو يدعو إلى تغيير أكثر تدرجيّة، وإلى المشاركة في الحوار الوطني والعمل من خلال النظام. غير أن بعض الشباب يشكّكون في إنجازات هذه المقاربة. ففي جميع أنحاء البلاد، وفي المنطقة الشرقية على وجه الخصوص، يختبر الشباب حدود ماهو مسموح من حيث الخطاب، ويحصلون على معلومات مفادها أن الدولة غير قادرة على تنظيم الأمور. وسيكون هؤلاء عاملاً رئيساً في تشكيل مستقبل البلاد.

ثلثا السعوديين هم تحت سنّ الثلاثين، كما أن نسبة 80 في المئة ممَّن تتراوح أعمارهم بين عشرين وأربعة وثلاثين عاماً عاطلون عن العمل. وفي حين زادت الفرص المادية ومستوى الوعي السياسي، فإن قدرة الدولة على إرضاء شريحة الشباب من السكان آخذة في التراجع.

تتفاقم هذه الديناميكية إلى حدّ كبير بزيادة فرص حصول السعوديين على التعليم العالي في الداخل والخارج. فخلال تسعينيات القرن المنصرم والعقد الأول من هذا القرن، حدثت اندفاعة لإرسال الشباب إلى الخارج في منح دراسية. وهؤلاء يعودون الآن بأفكار وتوقّعات جديدة، لكنهم يجدون أن البلاد غير قادرة على استيعابهم. كما أن الشهادات التي تُمنَح في المملكة العربية السعودية لاتسمح للخريجين بالمنافسة في القطاع الخاص أو في الاقتصاد العالمي.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: متى ستصل البلاد إلى النقطة التي يمكن أن يشكّل فيها الشباب تحدّياً حقيقياً للنظام؟ يقول نشطاء شباب إن هذا الحراك سيستغرق مابين خمس وعشر سنوات أخرى لينضج.

كما أنه ليس من الواضح في هذه المرحلة ما طبيعة التغييرات التي سيدفع الحراك الشبابي المنظم باتجاهها. فقد كانت بعض استطلاعات الرأي التي أُجريَت في السنوات الأخيرة مفاجئة ومُستغرَبَة نسبياً، حيث تبيّن أن نسبة 77 في المئة من الشباب السعودي الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية عشر وأربعة وعشرين عاماً تعتقد أن المملكة العربية السعودية تسير في الاتجاه الصحيح؛ هذا في حين كانت النسبة 56 في المئة في العام 2012.

من جانبه، يلعب النظام ورقة إيران بذكاء في المنطقة الشرقية، مدّعياً أن المحتجّين الشباب الشيعة مرتبطون بطهران وأن الاضطرابات تمثّل علامة على التدخّل الأجنبي. غير أن هذا ليس واقع الحال. فالشباب الثائرون لديهم من القواسم المشتركة مع الحشود في ميدان التحرير في مصر أو تونس أكثر مما لديهم مع الجماعات المدعومة من إيران. وهم تجاوزوا في نواح كثيرة الإيديولوجية الدينية ليركّزوا على القضايا المعيشية.

هل تمثّل الطائفية في السعودية مشكلة كما هو الحال في أماكن أخرى في العالم العربي؟

كانت وتيرة التوتّرات الطائفية تتصاعد وتنحسر، تبعاً لسياسات النظام والأحداث الإقليمية. أما في الوقت الراهن فإن الصورة مختلطة. فقد حسّن النظام جهوده للحدّ من الحملات الطائفية في وسائل الإعلام الرسمية، وتقلّصت وتيرة التطرّق إلى الطائفية في وسائل الإعلام وتصريحات رجال الدين. وسهّلت وسائل الإعلام الاجتماعية زيادة الاتصال بين الإصلاحيين الشيعة والإصلاحيين السنّة. لكن في الوقت نفسه، برزت الطائفية إلى الواجهة بسبب تصاعد الحرب الأهلية في سورية، والأحداث في العراق، والأهمّ من ذلك، بسبب التمييز الهيكلي الذي هو في صلب الدولة السعودية.

وفي ظل نظام يثبّت نفسه من خلال علاقة تكافلية مع السلفية السنّية، يشعر الشيعة بأنهم مهمّشون، ويشكون من أنهم مستبعدون من الوزارات الرئيسة وبعض المؤسّسات الدينية للدولة. وهم يصوغون مطالبهم في إطار الكرامة؛ وينادون بأن تكون المملكة العربية السعودية لجميع الناس، لا أن تكون دولة تعرّفها المصطلحات الدينية الضيّقة وفقاً للمذهب السنّي. يدرك العديد من الشيعة بأن هناك بعض التيارات في العائلة المالكة ترغب في حلّ هذه المشكلة، لكن مساعيها ارتطمت بمعارضة المؤسّسة السلفية.

كان عزل الأمير محمد بن فهد، الذي تولّى إمارة المنطقة الشرقية الغنية بالنفط لفترة طويلة، في وقت سابق هذا العام (حيث يتركّز الكثير من السكان الشيعة)، والذي كان موضع قدر كبير من العداء بين الشيعة، موضع استحسان، حيث أن هذه الخطوة فتحت نافذة للتغيير. لكن لايزال هناك قدر من التشاؤم إزاء ماسيسفر عنه نظراً إلى أن جزءاً كبيراً من السياسات التي تسبّب الإشكالات يخضع إلى سيطرة وزارة الداخلية لا إلى أمير المنطقة نفسه.

بدأت القضايا ذات الاهتمام المشترك تسهم في توحيد العديد من الأجنحة المختلفة التي تمارس النشاط السياسي من ليبراليين وسنّة وشيعة. وتتمثّل القضية المتفجّرة هنا في الاحتجاجات ضد احتجاز النظام للسجناء السياسيين. فقد باتت حتى المناطق السنّية المحافظة تصّعد الاحتجاجات ضد الحكومة لأنها تسجن الناس بسبب معارضتهم لإصلاحات الملك عبد الله.

ويمثّل ذلك مصدر اهتمام مشترك يزيد مجال الاتصال بين الإصلاحيين الشيعة والإصلاحيين السنّة في جميع أنحاء البلاد من خلال موقعي تويتر وفايسبوك. وقد بدأ أهل السنّة يدركون أن لديهم أهدافاً على صعيد الإصلاح السياسي مماثلة لما لدى الشيعة.

ما مدى قوة اقتصاد البلاد؟ هل تستطيع السعودية الاستمرار في الاعتماد على الثروة النفطية؟

منذ بداية الصحوة العربية، اختارت الحكومة مواجهة هذا التحدّي من خلال التكتيك المجرّب المتمثّل بالإعانات والمنح. وقد نجح هذا التكتيك إلى حدّ كبير حتى الآن. لكن المملكة العربية السعودية لاتفعل مايكفي لضمان أن يزدهر الاقتصاد في المستقبل.

حدثت زيادات على مدى العامين الماضيين في إنفاق القطاع العام، لكن القطاع الخاص لايزال راكداً. إذ تبلغ نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص 6.5 في المئة فقط. ولاتزال البلاد تستورد العمالة الأجنبية الرخيصة، على الرغم من الجهود التي بُذِلت مؤخراً لترحيل العمال الأجانب المخالفين لتأشيرات العمل. وليس هناك سوى القليل من الحوافز التي تشجّع المواطنين أو الشركات على الابتكار.

تستهلك المملكة العربية السعودية حالياً ربع إنتاجها النفطي، ويمكن أن تصبح دولة مستوردة للنفط بحلول العام 2030. غير أن الحكومة تعتمد على ارتفاع أسعار النفط لتمويل ميزانيتها.

تحدّثت الحكومة عن تنويع مصادر الطاقة عبر زيادة الطاقة النووية، في إطار خطة طموحة لتشغيل اثني عشر مفاعلاً بحلول العام 2030. لكن وفي كل المقاييس لاتملك السعودية التكنولوجيا اللازمة لإنجاز مثل هذا العمل الفذ بسرعة.

ما هو الوضع الحالي لحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية؟

لايزال وضع حقوق الإنسان في البلاد مريراً وفقاً لأي مقياس موضوعي. لكن مع تقدّم وسائل الإعلام الاجتماعية، أصبحت الحقيقة أكثر شفافية بالنسبة إلى السعوديين. وهذا ينطبق على وجه الخصوص على وضعية السجناء السياسيين.

أصبح السعوديون يناقشون سلوك حكومتهم بشكل مطّرد، حيث يتم تجاوز القيود السابقة المفروضة على انتقاد العائلة المالكة. وهم يتساءلون عما إذا كان يجب أن تحكم المؤسّسة الدينية قبضتها على السلطة القضائية والأحكام القضائية في البلاد. يضاف إلى ذلك أن بعض الحوادث البارزة تثير الكثير من الجدل.

وقد أدى الحكم القاسي، على نحو لايصدق حتى بالمعايير السعودية، على اثنين من أبرز النشطاء السياسيين العاملين في مجال حقوق الإنسان في آذار/مارس، إلى صدور بيان كان بمثابة صاعقة مذهلة عن رجل الدين الأكثر شعبية في المملكة، سلمان العودة. إذ كسرت دعواته الصريحة إلى الإصلاح، والتي كانت موجّهة بشكل مباشر إلى العائلة المالكة، المحرّمات وكهربت السعوديين

يعتبر العودة شخصية مثيرة، حيث لديه أكثر من 2.6 مليون من المتابعين على موقع "تويتر". وينظر إليه بين بعض النشطاء الشيعة في المنطقة الشرقية بالسعودية على أنه وسيط محتمل ومشجّع لتحسين العلاقات بين المجموعات المختلفة، لأنه خفّف من حدّة خطابه الطائفي وبدأ في استخدام مصطلحات مثل الديمقراطية خلال الانتفاضة المصرية.

ويبدو هذا الأمر مثيراً لقلق النظام، لأن استراتيجيته كلها مصمّمة لبدء إصلاحات تجميلية متدرّجة إلى حدّ كبير، مع الإبقاء على المعارضة منقسمة كي تتمكّن من لعب ورقة التناقضات في مابينها.

أما بالنسبة إلى حقوق المرأة، فهناك مجال للتفاؤل الحذر. فقد تم تعيين نساء في مجلس الشورى، الهيئة الاستشارية التشريعية، للمرة الأولى في تاريخ المملكة. لكن هذه الخطوة تبقى رمزية واتخذها الملك عبد الله على الرغم من معارضة قوية من المتديّنين المحافظين.

يجري تعليم النساء بشكل متزايد، وهنّ يتواجدن على نحو متزايد في طليعة الاحتجاجات. لكنهن يعانين من ارتفاع معدّلات البطالة، ولازلنَ محرومات من حق قيادة السيارة، وكل هذا يترافق مع سلسلة كاملة من التعقيدات الاقتصادية العميقة والحادّة.

أعتقد أنه سيتم منح المرأة الحق في قيادة السيارة في نهاية المطاف. ويمكن أن يقدم النظام للمرأة عدداً من التنازلات التي لاتخلو من المخاطر تماماً، لكنها الأمور الأقل تكلفة التي يمكنه القيام بها لتنفيس صمام الضغط في المجتمع.

هل هناك تهديد بحدوث اضطرابات تؤدّي إلى إسقاط النظام؟

لا، ليس الآن. بطبيعة الحال الناس يتوقّعون سقوط آل سعود منذ بعض الوقت، لكن النظام لايزال يستخدم استراتيجيته المزدوجة في الاستلحاق والقمع بشكل فعّال.

والسؤال هو كم ستستمر هذه الاستراتيجية. إذ أن وقت شراء المعارضة من خلال المنح والإعانات ينفد. واليوم تستفيد العائلة المالكة من عدم وجود أي حركة بديلة، ومن المدى الجغرافي الهائل للبلاد، وتنوّع مشاعر السخط. وهي تروّج بصورة انتهازية للرواية التي تقول أنه في حين أن هناك تمتمة توحي بوجود معارضة، فإن البدائل المحتملة للنظام القائم أسوأ بكثير، فإما بقاء البلد إسلامياً محافظاً وإما تصدّع الدولة.

سوف يحدث تغيّر كبير في القيادة مع ظهور الجيل الثاني من الأمراء. لكن من غير المرجّح أن يؤدّي هذا إلى زعزعة الاستقرار إلى حدّ كبير. إذ يمكن أن يحصل القادة الأكثر براغماتية على مناصب تتّسم بالنفوذ والتأثير، وربما يؤدي هذا إلى انفتاح أكبر للنظام، في ظل زيادة المنافسة بين التيارات داخل الأُسَر قد يدفعها إلى تشكيل تحالفات سياسية مع الإصلاحيين.

لقد استغلّ النظام مايجري في المنطقة بمهارة من أجل ترسيخ سيطرته. وهو استخدم حرب العراق وتداعياتها لتصوير كيف أن السير في الطريق نحو الديمقراطية بسرعة كبيرة يمكن أن يخلق مشاكل كبيرة. كما أنه يفعل الشيء نفسه مع سورية الآن. فقد قال لي أحد النشطاء السعوديين إن الحرب السورية أجّلت عملياً الصحوة العربية داخل المملكة لسنة أو سنتين، لأن الناس لايريدون السير في طريق الإصلاح خشية حدوث فوضى داخلية.

كيف ينظر حكام السعودية إلى التغيير الذي يتكشّف في مختلف أنحاء المنطقة؟

لقد أفزعت الاضطرابات في المنطقة حكام السعودية. وينعكس هذا الشعور في مصطلح يستخدم للتعريف بالسنوات القليلة الماضية: المتاعب العربية بدلاً من الصحوة العربية أو الربيع العربي.

غالباً ماتنظر المملكة العربية السعودية إلى الانتفاضات من منظور علاقتها مع الولايات المتحدة. فالنظام يراقب ردود فعل وسياسات واشنطن بعناية فائقة. وقد جادل البعض بأن السعوديين يطبقون ثورة مضادة، لكن هذا التوصيف ليس دقيقاً تماماً. صحيح أن الرياض تحاول في البحرين منع وصول الربيع العربي إلى شبه الجزيرة، لكنها تنظر إلى الاضطرابات في سورية على أنها فرصة، مسترشدة بحسابات واقعية لميزان القوى.

تنظر الحكومة السعودية إلى سورية على أنها لعبة الحصيلة صفر مع إيران، وتقدّم الدعم والأسلحة للمعارضة. والسعوديون حريصون على ضمان أن يكون النظام في مرحلة مابعد الأسد مواتياً لمصالحهم، ويخشون من أن اندلاع حرب أهلية هناك قد يسمح للنفوذ الإيراني بأن ينمو ويتمدّد. كما أن جزءاً كبيراً من تورّطهم يمثّل أحد أغراض المنافسة المديدة مع قطر التي تقدّم الدعم للمعارضة.

وعدا سورية، يشعر السعوديون بالقلق من البرنامج النووي الإيراني، لكنهم في الواقع أكثر قلقاً من احتمال أن يؤدّي تقارب إيران مع الولايات المتحدة إلى تهميش الرياض. وفي حين يبدو هذا احتمالاً بعيداً في أفضل الأحوال، لاتريد المملكة العربية السعودية لطهران أن تحلّ محلّ الرياض بوصفها شريك واشنطن الرئيس في منطقة الخليج.

وهناك أيضاً مخاوف حقيقية من جماعة الإخوان المسلمين في مصر. فالسعودية ومصر غريمان تاريخيان على الزعامة العربية، كما تمثّل الحكومة التي يهيمن عليها الإسلاميون في مصر نظاماً بديلاً يختلف جذرياً عن النموذج السعودي. وقد كان يُظَنّ لفترة طويلة أن خطر الشيعة هو التهديد الكبير بالنسبة إلى لسعوديين. لكن بات يُعتقَد الآن أن التهديد الرئيس هو خطر الإخوان المسلمين.

رایکم
آخرالاخبار